للشعوب العريقة أيام خالدة، وأحداث تعتبر مراحل فارقة في تاريخها ومسيرة تقدمها، والعسكرية المصرية ضاربة الجذور في التاريخ أثرها في صنع هذه الأيام وكتابة تاريخ مصر العريق؛ حيث خطّ شهداء مصر بدمائهم أروع الأمثلة من أجل أن تظل مصر حرة رايتها عالية. وإذا كان التاسع من مارس من كل عام اختير لإحياء ذكرى يوم الشهيد وهو يوم استشهاد الفريق أول عبد المنعم رياض أثناء حرب الاستنزاف عام 1969؛ إلا أن هذه الذكرى تعود لاسم وروح كل شهيد ضحى في سبيل مصرنا الغالية عبر العصور. وبمناسبة ذكرى يوم الشهيد التقينا اللواء أركان حرب نبيل الخميسي -مدير جمعية المحاربين القدماء وضحايا الحرب- الذي أكد قيمة هذا اليوم باعتباره اليوم الحاسم في الصراع العربي الإسرائيلي، ولفت النظر أيضا إلى تماسك نسيج الشعب المصري، وأشار أيضا إلى مظاهر الرعاية التي تقدّم للمحاربين القدماء، وأسر الشهداء والاحتفال بهم هذا العام.. وإلى التفاصيل: - هل اختيار يوم 9 مارس للاحتفال بيوم الشهيد يقتصر على ذكرى استشهاد الفريق عبد المنعم رياض؟ إن اختيار يوم 9 مارس كيوم للوفاء للمحاربين القدماء وكيوم للشهيد لم يتم لمجرد إحياء ذكرى للفريق عبد المنعم رياض؛ بينما تمّ اختياره لما يحويه هذا التاريخ من مغزى عميق للتضحية والفداء، فتاريخ مصر مليء بعلامات البطولة والفداء على مر التاريخ؛ لكن يوم 9 مارس من عام 1969 كان يوما حاسما في العسكرية المصرية؛ خاصة بالنسبة للصراع العربي الإسرائيلي بداية من حروب 1948 و 1956 و 1967 وحرب الاستنزاف وحتى نصر أكتوبر 1973؛ إذا أثبت للعالم أن مصر الصامدة لا تهزم أبدا، فكان الفريق عبد المنعم رياض كقائد وسط جنوده وفي الصفوف الأمامية وليس الخلفية؛ ليكون هو القائد الشامل المضحي؛ لذلك اختير هذا اليوم لتتذكر فيه مصر والقوات المسلحة من ضحّوا في سبيلها، ولا يفوتني أن أذكر أن الشعب المصري نسيج واحد، فقد استشهد أيضا في يوم 9 مارس، ولكن عام 1973 على الجبهة العميد شفيق متري سدراك -قائد أحد الألوية بالجيش الثاني الميداني- وأثبت دائما أن الشعب المصري شعب واحد يدافع عن تراب مصر، ولا فرق بين مسلم ومسيحي، فكلنا إخوة في الوطن. - نريد إلقاء الضوء على تاريخ نشأة جمعية المحاربين القدماء وضحايا الحرب؟ تأسست الجمعية في شهر إبريل عام 1951 لرعاية أسر الشهداء ومصابي حرب فلسطين عام 1948 وكان اللواء محمد نجيب أول رئيس لها، وانضمت الجمعية إلى الاتحاد العالمي في عام 1953 وفي عام 1960 تمّ تأسيس الاتحاد العربي للمحاربين القدماء، كما أصبحت عضوا في اللجنة الإفريقية الدائمة. وفي عام 1971 أعيدت تبعية الجمعية إلى وزارة الدفاع وتمّ إعادة تنظيمها ليصبح لها مقر دائم بالقاهرة و 7 أفرع خارجية في محافظات: (الإسماعيلية - الزقازيق - المنصورة - قنا - أسيوط – الإسكندرية - الفيوم)، بالإضافة إلى فرع الوفاء والأمل (جمعية الوفاء والأمل) التي انضمت إلى جمعية المحاربين القدماء وضحايا الحرب في أول شهر يناير عام 2005 بناء على تعليمات القائد العام للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي. وقد شرعت جمعية الوفاء والأمل -منذ تأسيسها عام 1972- والتي كانت تابعة لوزارة الشئون الاجتماعية بعد استقبالها لمصابي حرب أكتوبر في توسيع جهودها؛ لتشمل رعاية مصابي الشرطة، والأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين. - ماذا عن الخدمات التي تقدمها الجمعية؟ الخدمات التي تقدمها الجمعية متعددة؛ حيث تقوم بتنفيذ عدد 2 عمرة وحج سنويا لأسر الشهداء ومصابي العمليات الحربية وأعضاء الجمعية، وتقديم الرعاية الطبية الشاملة، مع الإقامة والإعاشة لمصابي العمليات الحربية خلال الحروب المختلفة أو أثناء الخدمة، بالإضافة إلى مصابي وزارة الداخلية، ومحدودي الإعاقة من المدنيين، وصرف إعانات ثابتة شهريا والمصابين من ذي المعاشات المحدودة، وصرف إعانات بدل مرافق شهريا للمصابين الذين لهم قرار طبي بأحقيتهم في المرافق، وصرف إعانات دورية في المناسبات القومية والدينية، وصرف الأجهزة التعويضية؛ مثل: سماعات الأذن، والنظارات، وقطع غيار الأجهزة المتحركة، والمرور الشهري على المصابين بالمستشفيات، وتمّ تشكيل عدد 6 فرق رياضة للمصابين على كراسي متحركة؛ مثل: (السباحة - تنس الطاولة - السلة - رفع الأثقال - ألعاب القوى - كرة الجرس). وكذلك توفر الجمعية للموهوبين فنيا من المصابين الأدوات والخامات اللازمة لممارسة مواهبهم؛ ومنها: النحت، والخزف، والمصنوعات الجلدية، وأعمال التطريز، والنقش على الزجاج، وتنظم المعارض الفنية لتسويق منتجاتهم في المناسبات المختلفة؛ وخاصة يوم الشهيد، كما يتم تنظيم مسابقات أدبية ومسابقات في الشطرنج، ويتم اختيار الأم المثالية والأب المثالي لمصابي العمليات الحربية وأسر الشهداء وأعضاء الجمعية وتكريمهم، علاوة على ذلك تمّ تخصيص مصيف دائم بالإسكندرية لأعضاء الجمعية والمصابين، كما تنظم 6 رحلات ترفيهية للأعضاء من المتقاعدين و 3 رحلات ترفيهية لأسر الشهداء والمصابين على مدار العام. - ما هي مظاهر الاحتفال بيوم الشهيد والمحارب القديم هذا العام؟ تتضمن مظاهر الاحتفال قيام المشير محمد حسين طنطاوي والفريق سامي عنان -رئيس أركان حرب القوات المسلحة- وقادة الأفرع الرئيسية، وكبار قادة القوات المسلحة، وبعض القادة السابقين، ومصابي العمليات الحربية بوضع أكاليل الزهور على قبر الجندي المجهول، إقامة بعض المباريات الودية احتفالا بهذه المناسبة، وإقامة المعارض الفنية للمحاربين القدامى من 15 إلى 21 مارس الجاري، وتنظيم زيارة لمقابر الشهداء بالسويس والإسماعيلية، وتكريم أسر الشهداء ومصابي العمليات الحربية في جميع المحافظات، وإقامة شعائر صلاة الجمعة يوم 9 مارس بمناسبة يوم الشهيد والمحارب القديم. وأيضا سوف تقام مباراة كرة قدم بين المنتخب العسكري وأحد أندية الدوري الممتاز على استاد جهاز الرياضة العسكري يوم 5 أو 14 إبريل المقبل، وأيضا إصدار العدد 43 من مجلة "الوفاء" (نصف سنوية)، والتي تصدرها جمعية المحاربين القدماء. - ماذا تقول للأجيال الجديدة عن معنى الاحتفال بيوم الشهيد؟ الأجيال الجديدة هم ثمرة المستقبل وأملنا في الغد؛ لذلك يجب أن يدركوا أنه في هذا اليوم (يوم الشهيد) نستعيد بطولات وأمجاد قواتنا المسلحة ونحيي أرواح شهدائنا الذين قدموا حياتهم هدية وفداء للوطن، ونقف تحية وإجلالا وتقديرا لجيل ذهبي من شعب مصر أبى الخضوع للنكسة والانحناء للهزيمة؛ فقدم العديد من التضحيات من أجل تحرير الأرض واستعادة الكرامة. ومن حق الأجيال القادمة أن يعرفوا بطولات محاربينا حتى لا تضيع دماؤهم هباء، ومن حقهم أيضا أن يتخذوا من تلك الكوكبة من البشر الذين عبروا بنا إلى حدود التنمية والمستقبل المثل والقدوة، وأقول لهم إن سيناء عادت بعد ملحمة من البطولات والإنجازات تواصلت مع العمل الدءوب والإصرار العظيم من جانب الشعب المصري. أما رسالتي الأخيرة التي أوجهها لشباب مصر هي أن السلام لا يأتي من فراغ ولكنه أيضا لا يستمر إلا بقوة تحميه، وأن السلام ثمن تدفعه الشعوب من دم أبطالها وأرواح شهدائها.