أنا رجل أقدّر الفن.. وأحترم الشغل الصحّ.. وأنجح تماما في الفصل بين صاحب الإبداع والبياع، ولهذا حين سألني أحد الأصدقاء عن أفضل فيلم شاهدته في حياتي قلت له دون تفكير "عصافير النيل".. بدا الصديق مندهشا؛ إذ كيف لي -بدقني دي- أن أعجب ب"عصافير النيل" رغم كل ما فيه من فجاجة وبجاحة؟ وأظنه كان يتوقع إجابة من عينة "فجر الإسلام" أو "الشيماء" أو "رابعة العدوية".. ولكني مع الأسف مش باعرف أضحك على نفسي.. الإبداع يقود خطواتك دائما إلى البحث عن المؤلف، وقراءة اسم الراحل العظيم إبراهيم أصلان في خانة مؤلف "عصافير النيل" شهادة تقر لي بحسن التذوق، فأنا كما قلت لك أحترم الفن.. لكني للحقيقة لو إنسان طبيعي لما أمكنني أن أصرّح برأيي هذا في مقال؛ إذ إن ارتباط اسمي بعبير صبري وفتحي عبد الوهاب ومشاهد قلة الأدب التي تنفجر في وجهك كل لقطتين أو ثلاث تجعلك تخجل من أن تعبّر عن رأيك، الأمر تماما كجدارية عظيمة لوّثتها ماسورة صرف صحي انفجرت بجوارها.. الشيء المهم والذي أظنك ستتفق معي فيه أن معظم هذه المشاهد الفجّة لا ترتبط بصميم العمل، قد تخدم تعريفنا بصورة أكبر بالشخصية، ولكن التضحية بها لن تؤثر على سياق العمل، وقد أثبتت مقولة "البوس في سياق الدراما" فشلها الذريع مرات ومرات بعد نجاح تجارب رائعة في التحايل على الفجاجة والتغاضي عن الوقاحة والإصرار على إخراج "فن عائلي" إذا كان مصطلح "فن نظيف" يضايق البعض.. ولا أجد هنا أفضل من الاتساق مع دعوات صديقي شريف عبد الهادي في معظم توجهاته الفنية الراقية.. أزعم صادقا أن حذف المشاهد الفجة في "عصافير النيل" سيخدم الفيلم، وسيجعل منه أروع فيلم مصري، وأؤكد أني وقتها لن أخجل من اعترافي بإعجابي الشديد ب"رسائل البحر"، و"حين ميسرة"... وغيرهما من فن رائع غلبت عليه الفجاجة، ففقد قيمته الفنية التي يستحقها؛ فالمجهود المبذول في هذه الأفلام يدفعني للسؤال: كيف لمخرج موهوب يمتلك نصا رائعا ويستخرج من فريق العمل معه أداء مبهرا أن يتخلى عن جمهور حقيقي يقدّر الفن، من أجل الحصول على رضا مجموعة من الباحثين عن السخونة اللاهثين وراء الحرارة، هواة عبارة "للكبار فقط"؟ لماذا يرفض خالد يوسف مثلا أن ينضم إلى قائمة من يحترم الفن، ويجد نفسه بين من يفهمه ويقدّره، بإصراره على وضع إيحاءات ولقطات تقرّبه من العابثين وتبعده عن الجادين، وينحاز دائما -رغم اعترافي بموهبته- إلى الجانب السطحي من الجمهور؟؟ يجب أن تغيّر الثورة وحالة الحراك العام في مصر موازين النظر إلى الأمور، ويجب أن نوفّر لأنفسنا فنا راقيا يتعالى على الابتذال ويسمو عن فجاجة الدعارة والعربدة.. يجب أن نحترم الجمهور، ونقدّم فنا يسمو به، لا أن نسقطه في قاع الرذائل والشهوانية.. ولهذا أعلن عن رغبتي في أن أشاهد فيلم "عصافير النيل" مع أسرتي.. مع أمي وأختي وزوجتي وابنتي.. أريد أن أتطهّر بفن راقٍ خال من الفجاجة.. أليس من حقي أن أطالب بحذف المشاهد الفجة من روائع السينما المصرية، وإعادة عرضها نظيفة لا تُحرج ولا تُخجل؟ نعم أدعو إلى حذف مشاهد القبلات والأحضان وغرف النوم والبلاجات ما دامت خارج سياق الدراما -ومعظمها كذلك- لصالح الفن والإبداع.. قد تتهمني بأنني ضد حرية الإبداع، ولكنني أؤكد أنني بهذا أقف تماما في صالح حرية الإبداع، بل هذا هو ما يمنح الإبداع قدرا أكبر من الحرية.. الحرية في الذيوع وفي الحصول على المشاهد الحقيقي، وفي خدمة الهدف من الإبداع، بل أزيدك من الشعر بيتا حين أقول لك إن العري والابتذال في الأعمال الفنية هو ما يقيّض حرية الإبداع حين يقرنها بقلة الأدب، ويقلل من قيمته، ويقدّمه لمن لا يستحقه، ويحرم منه بالمقابل من يقدّره ويفهمه.. أجدد دعوتي لحذف المشاهد الخادشة في السينما والتليفزيون، خدمة للفن وتقديرا للإبداع وإحقاقا لحق الموهوبين والمبدعين في الوصول إلى الجمهور الحقيقي.. إذا غضبت واعتبرت هذا ضد الديمقراطية فلماذا لا نتفاوض لنصل إلى صيغة اتفاق وسطي، بأن تتاح نسختان من كل فيلم، إحداهما مهذبة للناس المحافظين والأخرى كاملة للناس الديمقراطيين؟! وأنت رأيك إيه؟؟ نحذف المشاهد الخادشة ولا نخليها؟ ولا انت لك رأي تالت؟؟ ما رأيك في حذف المشاهد الساخنة من الأعمال الفنية عند عرضها؟ طبعا أؤيد حذفها تماما 84% (336 صوت) اللي مش عاجبه ما يتفرجش 10% (39 صوت) خايف الموضوع يزيد عن حده 6% (24 صوت) عدد الاصوات : 399