اهتمت الصحف الأمريكية برصد زيارة جون ماكين -السيناتور الجمهوري- التي بدأت يوم الإثنين وانتهت صباح يوم الثلاثاء الماضي متوجها بوفده إلى تل أبيب؛ حيث أعلن ماكين عقب لقاءه بأعضاء المجلس العسكري وممثلين لحزب الحرية والعدالة أن "السلطات المصرية تعمل بِجد لتسوية قضية المنظمات المؤيدة للديمقراطية الأمريكية بمصر"، معربا عن تفاؤله بإيجاد حل مقبول لتسوية المسألة". وكانت قد سادت خلال الأيام الماضية لهجة التهديد من قِبل إدارة أوباما والكونجرس الأمريكي بقطع المساعدات السنوية عن مصر والتي تقدر ب1.3 مليار دولار، وأعقب هذه التهديدات غضبا شعبيا مصريا، ورفض البرلمان تدخل واشنطن في الشئون الداخلية لمصر، ومحاولتها التأثير في قضية ينظرها القضاء المصري.
إلا أن الأزمة على ما يبدو بدأت في الانفراجة في محاولة لإنقاذ العلاقات المصرية-الأمريكية التي وصلت لأدنى مستوياتها خلال الثلاث عقود الماضية، لما تمثله من أهمية كبرى على استقرار الشرق الأوسط ككل؛ خاصة بعد أن لوّح حزب الحرية والعدالة -صاحب الأغلبية في مجلس الشعب- بإعادة النظر في اتفاقية كامب ديفيد؛ إذا ما قطعت واشنطن المساعدات العسكرية.
وذكرت مجلة Time الأمريكية أن "لهجة جون ماكين كانت أكثر ميلا للمصالحة في حملة مصر ضد المنظمات غير الحكومية".
ونقلت Time عن ماكين تصريحاته في المؤتمر الصحفي الذي عقد يوم الإثنين: "نشعر بالتفاؤل الحذر؛ بأننا سوف نعمل على حل هذه المشكلة في وقت قريب"، مضيفا أنه لم يأت للتفاوض لإطلاق سراح موظفي المنظمات الأمريكية؛ حيث كانت هذه الزيارة مقررة قبل وقوع الأزمة لمقابلة ممثلين عن البرلمان الجديد"، مؤكدا أنه "واثق من حل هذه القضية قريبا".
واعتبرت المجلة الأمريكية أن لهجة ماكين كانت "أكثر ليونة"؛ وهو ما يشير إلى استراتيجية جديدة في الخطاب الأمريكي حول أزمة المنظمات، وقد يدل هذا التغير -بحسب المجلة- على انتصار أولي لمصر؛ بعد تحديها للتهديدات الأمريكية بقطع المعونة؛ حيث لم تتأثر واستمرت في إجراءاتها، وحددت موعدا لمحاكمة 43 متهما من بينهم 19 أمريكيا احتموا بالسفارة الأمريكيةبالقاهرة، وعلى رأسهم سام لحود، نجل وزير النقل الأمريكي الحالي راي لحود.
من جانبها ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن تصريحات ماكين تمثل "انفراجة للأزمة وتحسن للعلاقات بين النواب الأمريكيين والإخوان المسلمين الذين يمثلون الأغلبية في البرلمان"، مضيفة: "التعليقات الدافئة لوفد الكونجرس علامة على تراجع التهديدات بقطع المساعدات الأمريكية".
ونقلت قول ماكين: "مسئولو الحكومة المصرية يعملون من أجل حل الخلافات الدبلوماسية المتصاعدة بين البلدين؛ بعد أزمة منظمات المجتمع المدني الأمريكيةبالقاهرة".
وكان الكونجرس الأمريكي قد حذّر في شهر إبريل من العام الماضي من نفوذ الإخوان المسلمين المتصاعد، مشككا في جدول أعمال الجماعة؛ إلا أن الموقف تغير وأعلن السيناتور الجمهوري ليندسي جراهام، أحد أعضاء الوفد: "بعد التحدث مع جماعة الإخوان أدهشني التزامهم بتغيير القوانين التي تنظم عمل منظمات المجتمع المدني؛ لأنهم يعتقدون أنها غير عادلة".. معتبرا الإخوان المسلمين "شريكا محتملا لمستقبل علاقات الولاياتالمتحدة مع مصر".
ونقلت شبكة CNN الإخبارية عن السيناتور ليندسي جراهام تفاؤله الشديد بالتوصل إلى حل قريب للأزمة، مضيفا في تصريحات خاصة للشبكة أنه "لديه آمال كبيرة بصدور قرار إيجابي خلال وقت قريب لحل الأزمة الدبلوماسية بين البلدين".
وكان توتر شديد قد خيم على العلاقات بين البلدين؛ عقب مداهمة المنظمات الأمريكية التي تعمل في القاهرة لتعزيز الديمقراطية -بحسب تعريفها لنفسها- وهي: المعهد الجمهوري الدولي الذي يرأسه سام لحود، والمعهد الوطني، وبيت الحرية، والمركز الدولي للصحفيين، وتمّ منع 43 موظفا بهذه المنظمات منهم 19 أمريكيا من مغادرة البلاد؛ تمهيدا لمحاكمتهم في قضية التمويل الأجنبي؛ حيث وجهت إليهم اتهامات بتلقي الأموال الأجنبية بهدف إشاعة الفوضى، وزعزعة الاستقرار بهدف تقسيم مصر.
وقد هدّد نواب بالكونجرس الأمريكي -فضلا عن مسئولين بإدارة أوباما- بقطع المعونة الأمريكية عن مصر والتي تبلغ 1.3 مليار دولار سنويا تذهب إلى المؤسسة العسكرية في هيئة أسلحة ومعدات أمريكية الصنع؛ وذلك ردا على موقف السلطات المصرية.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية الأسبوع الماضي إنها تلقت من السلطات المصرية وثيقة تتألف من 24 صفحة، توضح لائحة اتهامات محددة ضد موظفي منظمات المجتمع المدني الأمريكيةبالقاهرة، وتشمل لائحة الاتهام عمل هذه المنظمات دون تراخيص، كما كشفت التحقيقات عن تلقي هذه المنظمات ملايين من الجنيهات الاسترلينية من الخارج لموظفيها؛ إلا أنها لم تكن عبر حساباتهم المصرفية الرسمية.