إزيكم كلكم.. ويا رب تقدروا تساعدوني.. عندي بنت تبلغ من العمر ست سنوات ونصف، ويوجد لديها أخ يبلغ من العمر سنة ونصف؛ المشكلة عندي إن البنت كانت هادئة جدا، وتصرفاتها برقة وأدب؛ لدرجة إن الناس كانوا بيحبوا تصرفاتها وأسلوبها؛ لكن بدأ أسلوبها يتغير في البداية، وعندما ولدت أخوها الأصغر منذ سنة ونصف بدأ الأسلوب السيئ في الزيادة، وعدم سمع الكلام نهائيا، بالعكس باحس إنها بتدوّر على اللي ينرفزني وتعمله. ده غير الرد عليّ والأسلوب السيئ اللي بقت تكلم بيه ناس كتير؛ فبينتقدوا أسلوبها وطريقتها وده بيضايقني جدا، وحتى المعاملة مع أخوها سيئة جدا وبعنف شديد.
والجديد اللي تعبني معاها أكتر إننا انتقلنا من المنزل منذ خمسة أشهر تقريبا لمنزل آخر، ومن وقتها هي رافضة النوم في غرفتها؛ رغم إن والدها قام بشراء غرفة جديدة لها، ورغم ذلك كل يوم ساعة النوم تقوم بالبكاء الشديد؛ علشان تنام بجواري في السرير؛ رغم إن في الشقة القديمة كانت بتنام لوحدها في غرفتها.
أنا جربت معاها كل أنواع العقاب اللي ممكن تتخيلها، ومش عارفة أتصرف معها إزاي؟ أنا تعبت جدا من تصرفاتها الغريبة.. مع العلم إن والدها بيجيب لها كل شيء بتطلبه، ومش بيخلي في نفسها حاجة، أعمل إيه؟ أرجو الرد ضروري من فضلكم.
Gogo.wael
سيدتي الفاضلة..السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. لا شك أن الفهم الواعي لأطفالنا هو المفتاح الذي يفتح أبوابا متعددة للسلوكيات الإيجابية في الأطفال؛ لأن الفهم يساعدنا على تقدير أزمات الطفل ودوافع سلوكه، ومن ثمّ تنمو لدينا القدرة على احتوائه.
فابنتك يا عزيزتي لا تزال طفلة؛ أي ما زالت تحتاج للحب والرعاية والاحتواء، وقبل كل ذلك الفهم فلقد ذكرت سيادتك مثلا أن والدها يحضر لها كل شيء، وأنه اشترى لها غرفة جديدة، وكل هذا لم يغير شيئا من سلوكها؛ بل على العكس هي تبكي وتود أن تنام بجوارك.
وهناك احتمالان: إما أنها لم تتعود بعد على الشقة الجديدة؛ ولذلك تخاف من النوم بمفردها، وهنا يتوجب عليك أن تمكثي بجوارها حتى تخلد للنوم، ثم تتركيها في غرفتها مع وجود إضاءة خافتة، ويراعى ترك باب غرفتها مفتوحا، وكذلك باب غرفتك، كما يجب أن تكون غرفتها بجوار غرفتك؛ حتى تشعر بالأمان، وأنك قريبة منها.
والاحتمال الثاني: يتعلق بغيرة الطفلة من شقيقها، وهو في الغالب ينام معك، وهي لا تدرك فكرة أنه صغير؛ لأنها ترى نفسها صغيرة، وتحتاج إليك أيضا.. فلماذا هذا الصغير الجديد في بيتنا قد استولى على حبك؟؟ ولماذا هو ينام معك؟ ولماذا أنام أنا بمفردي؟؟!
خلاف ذلك فسلوكيات طفلتك السلبية فيما يتعلق بعنادها وتمردها إنما تعكس حالة من الغضب العام نابعة أيضا من الغيرة من الصغير.. فالأطفال يعبرون عن غضبهم بالتمرد والعصيان والعناد؛ لذا لن يجدي العقاب بل على العكس سيزيد الأمر سوءا؛ بل يجب علينا أن نفهم ونتعلم كيف نتعامل مع غيرة الأطفال، وإليك بعض من الإرشادات التي قد تساعدك بإذن الله في تخطى مشكلة الغيرة:
1- دعي طفلتك تتكلم في لحظة صفاء بينك وبينها عن مشاعرها تجاه شقيقها، ولا تقاطعيها مهما سمعت من عبارات قد تضايقك أو تزعجك؛ فالمهم أن تتعلم الطفلة كيف تعبر لفظيا عن مشاعرها؛ لأن كبت المشاعر حينما يصبح عادة يتحول تلقائيا إلى سلوك سلبي.
2- اجعلي طفلتك تشعر بالمسئولية معك؛ ولكن بحب بمعنى أن تجعليها تساعدك في بعض الأمور البسيطة الخاصة بشقيقها.. مثلا إذا كنت تطعميه ونسيتِ إحضار فوطة له فاطلبي منها إحضارها؛ ولكن بلطف وبصيغة مثل: "ممكن يا حبيبتي تحضري لي..."، وإذا رفضت يمكنك أن تلحي برفق؛ مثل: "حبيبتي لأجل ماما أحضري كذا..."، وحينما تستجيب أظهري ودك، وإعجابك، وقبليها، وعانقيها، وامدحيها بكلمات؛ مثل: "إنتي حبيبتي.. حبيبتي كبرت وبتساعد ماما".
3- اجعليها تمكث مع الصغير أوقات أطول تحت إشرافك في أول الأمر، واجعليها تشاهدك كيف تقومين باللعب معه ومعها أيضا، ثم تنحي قليلا حتى تبدأ هي في اللعب معه.
4- تجنبي تعمد إبعاد طفلتك عنك وأنت تعتني بالصغير؛ لأنها تضايقك، أو لأنها تسبب إزعاجا يمنعه النوم؛ بل علميها أغنية جميلة تغنياها معا للطفل كي ينام، فإن إبعادك لها -وأنت مع الصغير- يثير الغيرة، ويولد مشاعر الكراهية للصغير الذي لا ذنب له.
5- أقضي مع طفلتك وقتا أطول تقومان فيه بنشاط إيجابي؛ كقراءة قصة، أو الرسم والتلوين على أن يكون هذا الوقت خاص بها هي، وليكن الوقت الذي يخلد فيه الصغير للنوم.
6- اجعلي زوجك يتعلم كيف يقضي وقتا ممتعا مع الطفلة في اللعب، والرسم، وحكاية القصص، وتعلم الكمبيوتر، وألا يعتقد أن توفير المطالب المادية للطفل يغنيه عن الإشباع العاطفي من الوالدين.
7- راجعي نفسك فيما يتعلق بإظهار الحب والعاطفة لطفلتك؛ وأقصد احتضانها وتقبليها إن ذلك يشعرها بأنها ما زالت موجودة في قلبك، وأنك لم تنسي طفلتك بقدوم الصغير، وظهوره في حياتكم، كما يمكنك أن تحتضني الاثنين في آن واحد؛ بأن تجعلي أحد ذراعي الطفلة عليك، والآخر على شقيقها، ولا أخفيك سرا أن هذا الحضن الجماعي يحمل الكثير من المعاني للأطفال؛ فأمي ما زالت تحبني وهناك آخر جديد أصبحت أشعر بحبه؛ أي أنه يوطد العلاقة بين الطفلة وشقيقها الصغير.
عزيزتي.. ما أذكرك به هو أن تهدأ ثورة الغضب لديك تجاه الطفلة، وأن تفكري بموضوعية بعد تنحية مشاعر الحنق جانبا؛ حتى تتعرفي أكثر على الدوافع البريئة وراء سلوك الطفلة، والتي يمكن أن تحل بسهولة ويسر بإذن الله؛ إذا ما فهمنا الطفل واحتويناه.. وفقك الله وبارك لك فيهما.