"لم يعد يهمني النقد أو المديح فهناك أمور كثيرة اكتشفت مؤخرا أنها أكبر بكثير من كل هذا، وبصدق أصبحت مشغولا بل ومهموما بها"!! هكذا فاجأنا الفنان الكوميدي المحبوب أشرف عبد الباقي -بنبرة يغلب عليها التأثر الشديد حينما توجهنا له بالسؤال عن رأيه ورد فعله حيال الانتقادات التي تعرض لها في مسلسله الأخير (أبو ضحكة جنان)، والذي تناول قصة حياة نجم الكوميديا الراحل إسماعيل ياسين منذ مولده حتى وفاته، وواصل قائلا: الأمور التي أصبحت تشغلني، وأجدني أفكر فيه كثيرا، وهو انتهاء حياة عدد كبير من الكوميديانات الكبار مثل إسماعيل ياسين وعبد الفتاح القصري وعبد السلام النابلسي وعلي الكسار وآخرين غيرهم.
من الكوميديانات الكبار الذين أثروا حياتنا بالكثير من الأعمال الجميلة التي لانزال نستمتع بها حتى اليوم؛ فكلما جلست مع نفسي أجد نفسي أتذكرهم وأطرح على نفسي سؤالاً واحداً: لماذا واجهوا هذا المصير وما هي الأسباب التي أدت بهم لهذا، وهل من الممكن أن نواجه نحن نفس المصير؟!!
آلام نفسية وعما إذا كان تأثره بتجسيد شخصية إسماعيل ياسين هو الذي دفع به لهذه الحالة أم أن هناك أسباباً أخرى؟ يقول أشرف عبد الباقي: طبعا إسماعيل ياسين هو الأساس في الموضوع، نعم كان لدي معلومات كثيرة قبل تصوير المسلسل بأن حياته انتهت بشكل مؤلم؛ ولكن الأمر اختلف مع تجسيدي للشخصية؛ فقد استمعت لأحاديثه الكاملة التي أدلى بها للإذاعة قبل رحيله، وقرأت كل ما كتب عنه بالصحف، وما كتبه نجله الراحل ياسين إسماعيل ياسين، وما كتبه الأستاذ أحمد الإبياري وقمنا بتنفيذه. ومهما وصفت لكم مشاعري وأنا أقرأ وأيضا وأنا أمثل -خاصة المراحل الأخيرة من حياته- لن أستطيع التعبير لكون الموضوع بجد صعب لأقصى درجة؛ فقد تسبب هذا العمل لي في آلام نفسية مبرحة، وجعلني أفكر في نهايات الفنانين الآخرين؛ خاصة من الكوميديانات كما ذكرت؛ بل وصل الأمر بي للتفكير في أن أعيد حساباتي في أمور كثيرة في حياتي.
روح الشخصية ويواصل أشرف عبد الباقي بنفس درجة التأثر: ولهذا أقول إنني وربما للمرة الأولى لم أشغل نفسي كثيرا بما يقال ويكتب؛ سواء عن نجاحي أو فشلي في تقمص شخصية إسماعيل ياسين؛ خاصة وأن هناك من انتقدوا لمجرد النقد؛ بل ومن الحلقات الأولى، أي دون أن يمهلوا أنفسهم فرصة الانتظار حتى يشاهدوا نصف الحلقات. ويكفيني أن الجميع -بما في ذلك من انتقدوني- اتفقوا على أنني قدمت الشخصية بروحها وليس بشكلها، وأعتقد أن هذا جاء نتيجة تعمقي في حياة هذا الرجل وتأثري البالغ به.
سرقة وخيانة وعن رأيه في الانتقادات التي تناولته وأنه ليس النقد في الشخصية؛ ولكن لتقديم جوانب سيئة في حياة الفنان الراحل مثل قيامه -أي إسماعيل ياسين- بترويج العملات المزيفة في طفولته استجابة لضغوط زوجة أبيه، وقيامه بالسرقة أيضا، بل وتشرده في الشوارع ونومه في المساجد وخيانة زوجتيه الأولى والثانية له مع رجال آخرين، وغير هذا من الأشياء الأخرى التي أدت إلى إصابة المشاهدين بصدمة قاسية، يقول أشرف عبد الباقي: كل هذه المعلومات موثقة وبالمستندات؛ حيث إن الذي كتب هذا هو ابنه الراحل ياسين الذي حضر معنا المراحل الأولى من العمل؛ بل إن إسماعيل ياسين نفسه سبق وروى جانباً كبيراً منها، وبنفسه في أحاديثه الإذاعية كما ذكرت.
صفائح القمامة ويفجر أشرف عبد الباقي مفاجأة بقوله: بل وما لا يعرفه أحد: أن هناك أحداثاً أخرى أكثر صعوبة مر بها إسماعيل ياسين سواء في شبابه أو في أيامه الأخيرة، ورفض الأستاذ أحمد الإبياري التعرض لها وجميعها أحداث أكثر صعوبة بكثير مما قدمناه؛ هذا على الرغم من أن ابنه الراحل ياسين كان يود تقديمها في العمل من منطلق أنها أمور حقيقية حدثت بالفعل، وأيدت أنا الإبياري في عدم تقديمها لصعوبتها البالغة.
وعن أبرز هذه المواقف يقول: من هذه المواقف قيامه بالبحث في صفائح القمامة عن طعام لكي يأكله بعد أن اشتد به الجوع ولم يجد في جيبه أي نقود، وأيضا قيامه بخطف الطعام من فم قطة لكي يأكله هو، وثورة صاحبة القطة عليه، وغير هذا من الأمور الأخرى التي من الصعب جداً ذكرها.