القمة العربية.. الرئيس السيسي: القضية الفلسطينية لا حياد فيها عن العدل والحق    غدًا.. انطلاق فعاليات الأسبوع التدريبي ال37 بمركز التنمية المحلية في سقارة    رئيس الوزراء: تشغيل المرحلة الثانية من مشروع الأتوبيس الترددي يوليو المقبل    مناقشة موازنة جامعة كفر الشيخ بمجلس النواب    بريطانيا تتفوق على الصين في حيازة سندات الخزانة الأمريكية خلال مارس الماضي    نص كلمة الرئيس السيسي في القمة العربية ببغداد    لوبوان: الإقامة في السجون ليست مجانية في الدنمارك    قيادي بحزب مستقبل وطن: القمة العربية ببغداد فرصة لتعزيز الجهود وتوحيد الصفوف لحماية الأمن القومي العربي    فتح ترحب ببيان دول أوروبية وتدعو لإلغاء اتفاقية الشراكة مع إسرائيل    إيمليانو مارتينيز يدخل حسابات الدوري السعودي    أسامة نبيه: القدر أنصف منتخب مصر للشباب بتأهله لكأس العالم    ضبط مخبزين لتصرفهما في 21 شيكارة دقيق بلدي مدعم بالبحيرة    عاجل.. الأرصاد تناشد المواطنين تجنب التعرض لأشعة الشمس    قطار ينهى حياة شاب أمام إحدى القرى ببني سويف    مواعيد وإجراءات التقديم للصف الأول الابتدائي ورياض الأطفال للعام الدراسي 2025/2026    عيد ميلاد الزعيم.. يسرا تتربع على عرش سينما عادل إمام ب17 فيلمًا    رئيس الوزراء العراقى: غزة تتعرض لإبادة جماعية غير مسبوقة ونرفض التهجير    تحت شعار السينما في عصر الذكاء الاصطناعي".. انطلاق الدورة 41 من مهرجان الإسكندرية    مؤتمر قصر العيني لجراحة المسالك البولية يحتفي بتراث علمي ممتد منذ 80عامًا    بدعوة رسمية.. باكستان تشارك في مراسم تنصيب البابا ليون الرابع عشر    20 نصيحة وقائية و5 إرشادات للاستحمام في حمامات السباحة    أسعار ومواصفات شيفرولية أوبترا موديل 2026 في مصر    في محكمة الأسرة.. حالات يجوز فيها رفع دعوى طلاق للضرر    "من زفّة إلى جنازة".. شقيق يُضحي بحياته لإنقاذ عريس قبل أيام من فرحه في البحيرة    الإسكان: غدًا.. غلق باب التظلمات بمبادرة سكن لكل المصريين 5    هل طلاب الصفين الثاني والثالث الثانوي ملزمون برد «التابلت» بعد الدراسة؟.. الوزارة تجيب    «تغولت على حقوق الأندية».. هجوم جديد من «الزمالك» على الرابطة    كيف وصف نجوم الفن الزعيم عادل إمام في عيد ميلاده ال85؟    منال سلامة عن الزعيم في عيد ميلاده: " عادل إمام من مدرسة فؤاد المهندس ومدبولي"    حكم من نسي قراءة الفاتحة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يوضح    يسري جبر: يوضح الحكمة من نداء النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة ب"يا ابنة أبي أمية"    مواعيد مباريات السبت 17مايو - 3 مواجهات حاسمة بالدوري المصري    متهمو "خلية داعش الهرم" أمام القضاء اليوم (تفاصيل)    بحضور وزير الصحة.. بدء احتفالية اليوم العالمي للطبيب البيطري    لا للتصريح الأمني.. نقيب الصحفيين يطلق حملة لتعديل المادة 12 بقانون الصحافة    السكة الحديد تعلن مواعيد حجز تذاكر القطارات خلال عطلة عيد الأضحى    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تدريبات جوية ويدعو لتكثيف الاستعداد للحرب    السكك الحديدية: تأخر القطارات على بعض الخطوط لإجراء أعمال تطوير في إطار المشروعات القومية    رئيس الوزراء يستمع لشرح تفصيلى حول التشغيل التجريبى للأتوبيس الترددى    متحدث حكومة العراق: فلسطين محور قمة بغداد والزعماء العرب مجمعون على دعم غزة    الأرجنتين تعلق استيراد الدجاج البرازيلي بعد تفشي إنفلونزا الطيور    حتى 22 مايو.. الحجز إلكترونيا للحصول علي مصانع جاهزة بالروبيكي    دار الإفتاء المصرية: الأضحية شعيرة ولا يمكن استبدالها بالصدقات    جدول امتحانات الشهادة الإعدادية في شمال سيناء    محافظ جنوب سيناء يعلن آليات جديدة لتيسير نقل مرضى الغسيل الكلوي    "فن وإبداع".. معرض فني نتاج ورش قصور الثقافة بالمنيا    «الزمالك» يعلن تطور مفاجئ في قضيه بوبيندزا    نقيب العلاج الطبيعي: إحالة خريجي التربية الرياضية للنيابة حال ممارسة الطب    أزمة «محمود وبوسي» تُجدد الجدل حول «الطلاق الشفهي»    مقتل عنصر أمن خلال محاولة اقتحام لمقر الحكومة الليبية في طرابلس    "هزيمة الإسماعيلي وفوز تشيلسي".. نتائج مباريات أمس الجمعة    حزب الجيل: توجيهات السيسي بتطوير التعليم تُعزز من جودة حياة المواطن    اجتماع لحزب الاتحاد في سوهاج استعدادا للاستحقاقات الدستورية المقبلة    شقيقة سعاد حسني ترد على خطاب عبد الحليم حافظ وتكشف مفاجأة    أستون فيلا يفوز بثنائية أمام توتنهام في الدوري الإنجليزي    ما حكم من مات غنيا ولم يؤد فريضة الحج؟.. الإفتاء توضح    «أنقذوا الإسماعيلي».. كبير مشجعي الدراويش: أغمي عليا والهبوط بالنسبة لي صدمة عمري    جورج وسوف: أنا بخير وصحتى منيحة.. خفوا إشاعات عنى أرجوكم (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلوفر شفيق وبيجامة شرف وحكاية الجنزوري مع ويندوز 98
نشر في بص وطل يوم 27 - 01 - 2012

في مصر، وتحديداً قبل قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير، كانت فكرة تغيير الحكومة من المحرمات والمُجرّمات؛ لدرجة أن الحكومة كان ناقص تستنطق في هذا الشأن فتوى من الأزهر تحرّم صلاة من يطالب بإقالة أي حكومة باعتبارها إتيانا بمنكر سياسي ويجوز عليه تطبيق حد الردّة عن الحزب الوطني الحاكم!
وبالتالي وبناءً على ما سبق كانت الحكومات التي تتولى زمام الأمور في مصر تتمتع بطول النفَس حبتين، فعلى سبيل المثال حكومة الدكتور أحمد نظيف استمرت من عام 2004 حتى عام 2011 ولم يكن هناك نية لتغييرها لولا قيام الثورة.
ربما يفكّر الرئيس المخلوع في تغيير بعض الوزراء بسبب ذيوع صيتهم أو إتقانهم عملهم زيادة عن اللزوم، أو ارتفاع صوتهم لسبب أو لآخر، أو تصرفهم من دماغهم، ولكن دون إقالتهم، فدائما كان من مطلوبا من الوزير أن يكون عبارة عن آلة لتنفيذ تعليمات وتوجيهات السيد الرئيس، وأن يكون على أتم استعداد لتقبل تجاوز وتخطي الرئيس لمسئولياته وسلطاته عند وقوع الأزمات، ولكن إقالة الحكومة كانت أمرا لا يحدث إلا فيما ندر.
ولكن ما حدث عقب قيام ثورة 25 يناير كان أمراً مختلفاً لم يعتده المصريون على الإطلاق، في أقل من عام واحد تغيرت أربع حكومات متعاقبة، كانت أولاها الحكومة التي اختارها الرئيس المخلوع برئاسة أحمد شفيق، ثم حكومة شفيق أيضاً المعدّلة ولكن بعد قيام الثورة، ثم حكومة الثورة حكومة عصام شرف، وأخيراً حكومة المجلس العسكري برئاسة الدكتور كمال الجنزوري.
ولا تتوقع مني -عزيزي القارئ- أن أخوض في أي تفاصيل سياسية تتعلق بالأداء السياسي لهذه الحكومات المتعاقبة، فتلك موضوعات قُتِلت بحثا، وسيتم التركيز عليها في أماكن أخرى في هذا الملف الخاص بالعيد الأول لثورة 25 يناير، ولكن ما سيتم التركيز عليه خلال السطور القليلة القادمة هي الأمور التي كان يتوقف عندها المصريون في هذه الحكومات وفي رؤسائها، وهي كانت في الأغلب أمورا لا علاقة لها بالسياسة.
وإذا كانت البداية مع حكومة الدكتور أحمد شفيق والتي تم تكليفها برئاسة الوزراء يوم 29 يناير عقب 4 أيام فقط من بدء الثورة في 25 يناير، فلا يمكننا أن نغفل بلوفر شفيق الشهير، فلطالما اعتاد المصريون أن يروا رؤساء وزاراتهم في زيهم الرسمي الكامل وربطة العنق التي كانت فرض عين على كل رجال الدولة باستثناء السيد الرئيس المخلوع، لكن أن يظهر شفيق في برنامج "الحياة اليوم" مع لبنى عسل وشريف عامر مرتدياً "بلوفر" وكمان كُحلي زيه زينا، فهو أمر كان محل تعليقات الكثيرين.
فعلى الفور تم تدشين العشرات من الصفحات على فيس بوك تعلق على بلوفر شفيق، وكانت ساخرة في أغلبها من نوعية: "في تاريخ العرب هناك سببان للفتنة: قميص عثمان وبلوفر شفيق"، و"مظاهرات في مصطفى محمود تطالب برد الجميل لبلوفر شفيق".. وأحد المتظاهرين يقول والدموع في عينيه إن البلوفر أبوه و"خلاص يا شفيق جيم أوفر يلا بقى اقلع البلوفر"، كما ابتكروا أيضاً إعلانات تخيلية في جريدة الوسيط عن بلوفر شفيق كالتالي: "بلوفر مشجّر بالورب، غرزة عريضة، نقش رجل الغراب، قلاّب، كُمّ طويل، استعمال شفيق"، وأخيراً: "بلوفر شفيق.. يتمدد بالحرارة.. ينكمش بالبرودة.. ويلتصق بالوزارة"!!
بلوفر شفيق لم يكن الملحوظة الوحيدة التي توقف عندها الشعب المصري، بل بونبوني شفيق هو الآخر كان محلّ جدال واسع بين عموم المصريين، فقد حوّل المصريون استياءهم من عبارة شفيق الشهيرة: "هاجيب للمتظاهرين بونبوني" إلى سخرية مباشرة من خلال تعليقاتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي بجناحيها فيس بوك وتويتر، بعضها حمل سخرية حزينة كتعليقات من نوعية "بونبوني شفيق = رصاص قناصة".
أما د.عصام شرف، وعلى الرغم من كونه رئيس وزراء من قلب الميدان، وحصل على شرعيته من ميدان التحرير قبل حتى أن يصعد إلى مكتبه بشارع قصر العيني، فإن أداءه فيما بعد لم يحظَ برضاء من اختاروه، وربما كان خطاب شرف عقب أحداث ماسبيرو هو أبرز ما توقف عنده المصريون، فبدا الرجل في الخطاب الذي تلا تلك الأحداث دامية وكأنه استيقظ لتوه من النوم، وتلعثم في عباراته مثل: "أحداث عنف خير مبررة" و"مستخبل الوطن" و"موسيحيين وموسلمين" و"رجال الأعلام" "وقد عكدت اجتماعا"، واضطر إلى إعادة الكثير من العبارات أكثر من مرة.
البعض أكد أن شرف كان ينقصه في هذا الخطاب التاريخي بيجامة وفوطة على كتفه الأيسر؛ كي يتناسب مع مستوى الخطاب الموجّه لهم في هذه الليلة الدامية! بينما أطلق البعض زغاريد اصطناعية قائلا: "عمو شرف صحي يا ولاد"؛ استغرابا من تأخر ردّ الفعل وعدم تناسبه مع ذلك الحدث الجلل، مؤكدين في الوقت نفسه أن أبرز إنجازات حكومة الدكتور شرف كان إلغاء التوقيت الصيفي.
أما د. كما الجنزوري فقد حظي بالجانب الأكبر من الانتقاد الساخر على الإطلاق ربما بسبب الظروف التي جيء به فيها، حيث كانت المطالبة باختيار حكومة إنقاذ وطني يمكنها إنقاذ الوطن بعد أحداث محمد محمود الدامية، فوقع اختيار المجلس على د. كمال الجنزوري من أجل تشكيل الحكومة الجديدة، التي أكد الجنزوري أنها ذات صلاحيات كاملة.
وانصبّت أغلب الانتقادات الساخرة حول عُمر الجنزوري الذي تخطى الثمانين، فبينما تساءل الجنزوري: فيه متظاهر عنده 13 سنة؟ تساءل الثوار: يا راجل وهو في رئيس وزراء عنده 80 سنة؟!
وبمجرد تولي الجنزوري رئاسة الحكومة أكد أعضاء موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك أن الزمن يعود إلى الوراء، وأن الجنزوري سوف يحصل على مباركة الملك تعيينه في هذا المنصب، بينما ستعلن شركة مايكروسوفت عن إعادة استخدام ويندوز 98، وأن مرتضى منصور "ماسك على الناس كلها سيديهات إلا الجنزوري ماسك عليه فلوبي ديسك"، كما تواردت أنباء عن عودة محمود الجوهري لتولي مهمة المنتخب وعودة برامج التليفزيون الشهيرة (اخترنا لك.. نادى السينما.. تاكسي السهرة.. والعلم والإيمان)، وأن بعض الشباب بدأوا في ترديد أغاني حميد الشاعري و"لولاكي" و"ولا واحد ولا مية"، كما قام الشباب في الشوراع بارتداء كوتشي أميجو اللي بينوّر!!
في الوقت نفسه أكد بعض الشباب أنهم سعداء بتولي الجنزوري حتى يعودوا للثانوية العامة ويستغلوا التحسين قبل أن يلغيه الجنزوري! كما دافع عنه البعض الآخر قائلا: " الجنزوري من شباب ثورة 52 ولازم ياخد فرصته"، بينما كانت الجملة الأشهر التي وجّهت للجنزوري عقب أحداث مجلس الوزارء: "صلاحية مباركة"!!
وكان من أبرز الوزراء الذين حظوا بتعليقات ساخرة أيضاً ومحتجة في الوقت نفسه على تعليقاته كان وزير الداخلية السابق منصور عيسوي؛ بسبب إصراره الدائم على أن قوات الأمن لم تطلق أي شيء على المتظاهرين في شارع محمد محمود باستثناء القنابل المسيلة للدموع، ونفيه الدائم لأي اعتداءات من قبل قوات الأمن على أي متظاهرين، وعدم وجود رجال لحبيب العادلي بالوزارة، وعدم وجود قناصة بالداخلية، فقال البعض في حوار تخيلي على لسانه: "مافيش قناصة في الداخلية، ولا رجالة لحبيب العادلي ولا شهداء، مافيش أصلا حاجة اسمها وزارة الداخلية، أنا شخصيا مش موجود أنا فوتوشوب"!
وهكذا تولد السخرية من قلب المأساة، يضحك المصريون دقيقة ويبكون الدقيقة الأخرى، يصرخون ألما وضحكا في الوقت نفسه، يتداوون بالنكات والتريقة المرّة، على أي شيء وكل شيء، فبدوا شعباً سريالياً يعجز أي عبقري عن تحليله نفسياً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.