يقول الكاتب الإسرائيلي إيلي أفيدار في مقالته المنشورة في صحيفة معاريف العبرية في الثاني من يناير الجاري إن عام 2011 كان هو العام الأكثر درامية، والذي يمر على منطقة الشرق الأوسط منذ عقود طويلة؛ حيث شهد هذا العام سقوط سلسلة من الزعماء -الواحد تلو الآخر- من الذين كانوا يعتبرون أنفسهم مُخلّدين في مناصبهم، ويضيف أن هؤلاء الزعماء قاموا على مدار السنين بتعيين أفراد عائلاتهم في مناصب رفيعة، وأعدوا أبناءهم لخلافاتهم في مناصبهم؛ لكنهم نسوا قادة الجيش وحلفاءهم السياسيين الذين يستند النظام عليهم؛ فكانت النتيجة أنه عندما سنحت فرصة لعزلهم وخلعهم، لم يجدوا مَن يقف إلى جانبهم؛ لذلك أصبحنا أمام مزيج بين القديم والجديد؛ فالأنظمة التي قامت في مصر وليبيا وتونس واليمن تتضمن عناصر من النظام القديم في إطار نظام سياسي مُعدل. كما يشير الكاتب الإسرائيلي إيلي أفيدار إلى أن عام 2011 اتسم بصعود القوى الإسلامية وخروجها من مخابئها؛ فالحركات الإسلامية حققت إنجازا كبيرا في تونس، وفي ليبيا أعلنوا أن الشريعة هي دستور الدولة، وفي مصر سيحظى الإسلاميون بحوالي 70% من مقاعد مجلس الشعب. ويقول أفيدور إنه على مدار سنوات كان العالم يخشى الإخوان المسلمين؛ لكن اتضح الآن أن الإخوان المسلمين يمكن اعتبارهم معتدلين مقارنة بالسلفيين. ويرى الكاتب الإسرائيلي في الوقت نفسه أنه في عام 2011 أصبح العالم العربي دون زعيم مؤثر؛ فمبارك لم يعد في السلطة، ويدّعي أنه لا يوجد أي شخص -لا في مصر ولا في العالم العربي بأسره- يمكنه أن يملأ الفراغ الذي خلّفه مبارك، ويضيف أن هناك من علّق آمالا على العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز؛ ليصبح هو زعيم العرب؛ لكن اتضح فيما بعد أنه لا يكترث بهذا الدور.. في الوقت نفسه أصبحت أيام بشار الأسد في السلطة معدودة، ولم يتضح بعد شكل القوى التي ستحل محله، ولا طبيعة السياسات التي ستنتهجها. وبناء على ذلك يؤكد الكاتب الإسرائيلي إيلي أفيدار أن الذي لم يتغير بعد هو المجتمع العربي؛ حيث إنه حقا تم خلع جيل من الزعماء؛ لكن جيل ميدان التحرير ليس مُهيئا بعدُ لخلق مجتمع مدني قوي، كما أن اليأس العميق في الشارع العربي دفع الكثيرين إلى التوجه صوب المعارضة السهلة المتمثلة في الدين. ما المُتوقع بالنسبة لإسرائيل في العام الجديد؟ يقول الكاتب الإسرائيلي إن الأنظمة المحورية في العالم العربي ستظل في العام الجديد ضعيفة، وربما أيضا منزوعة الصلاحيات؛ في المقابل ستتنامى وتتعاظم العناصر الانفصالية، التي برغم أنها لن تشكل خطرا قائما على إسرائيل؛ إلا أنه من المتوقع أن تستغل الفوضى والفراغ في السلطة لشنّ عمليات ضد إسرائيل؛ على غرار العملية التي خرجت من سيناء إلى إيلات الصيف الماضي.. ويؤكد أفيدار أنه على المدى القريب ستقل احتمالات نشوب حرب شاملة؛ نتيجة أن العالم العربي مشغول بمشكلاته وقضاياه. وفي النهاية يقول إيلي أفيدار إن عام 2012 يجب أن يكون العام الذي تُغيّر فيه إسرائيل أسلوب تعاملها مع العالم العربي، ولا يجب على الحكومة الإسرائيلية مواصلة الاعتماد على نفوذ الولاياتالمتحدة الباهت، وفي ظل عدم وجود قيادة محورية يمكن التحاور معها؛ سواء بشكل مباشر أو عن طريق وسطاء. لذلك يقول الكاتب إنه يجب على إسرائيل الاتصال بدول المنطقة بنفسها، والأكثر من ذلك أن تتصل بشعوب المنطقة؛ تلك الشعوب التي نجحت في خلع زعمائها؛ فبدلا من أن تتحدث إسرائيل العبرية أو الإنجليزية الأمريكية، عليها أن تتحدث الآن اللغة العربية.