السلام عليكم.. أنا كتبت لكم قبل كده عن مشكلتي إن فيه إنسان اتقدم لي وهو على خلق تماما، ولمشكلات ومهاترات سخيفة تم إنهاء الخطوبة من قبل ما تبدأ، وأنتم قلتم لو بيحبك هيرجع لك تاني وهيعمل المستحيل، وفعلا وحقا الحمد لله تم الزواج بعد معاناة مريرة. المشكلة دلوقتي مش فيه هو إحنا مستقرين مع بعض وبنحب بعض جدا جدا والحمد لله، إحنا اتجوزنا أسبوعين وهو سافر لعمله بالإمارات، وتركني هنا بمصر بس بعيد عنكم عندي حماتي قنبلة ذرية، مش طايقاني لا في سما ولا في أرض وقارفاني جدا. كل مشكلتها إنها عايزاني أبعت العفش بتاعي عندها، ولما تم الرفض مننا قامت الدنيا، وبتعمل لي مشكلات مع جوزي، وهو عشان محترم بيقول لي: "معلش إلا الأهل ونستحمل"، لكن أنا فاض بيّ من تبلّد موقفه، وكمان المفروض إني هاسافر له بس لما يخلص لي الورق، بس يا جماعة دي مش لاقية حاجة فيّ تعمل عليها مشكلة، بتتلكّك لي وتفتري عليّ بالكلام، ده طبعا غير الإهانة بالأهل وكلام مش كويس أبدا، وأنا مش باردّ عليها. قولوا لي إيه الحل أنا عايزة أسافر لجوزي، وأكمّل حياتي من غير مشكلات.. أتعامل معاها إزاي؟ وهي رافضة الكلام معايا ومش بتقبلني؛ لأننا اتجوزنا غصب عنها، وجوزي مش مرتاح لزعل أهله منه. معلش طوّلت عليكم بس بجد أنا تعبانة ونفسي أرتاح. boosy صديقتنا العزيزة.. أولا ألف ألف مبروك على الزواج السعيد. ويا رب تلحقي بزوجك قريبا؛ عشان تكمل سعادتكم مع بعض، آمين. المشكلة التي حكيتها لنا يا صديقتنا مشكلة تتكرر دائما؛ وقد يكون العيب في حماتك، وقد تكون هي بالفعل مش طايقاك لا في سما ولا في أرض، وقد تكون الصورة التي لديك عنها هي ما ولّدت عندك هذا الشعور، وتعاملت معها على أساس إنها مش طايقاكِ، فكانت ردود أفعالك وفق هذا التصور الذي لا أسلّم بصحته. ولهذا فأنا أنصحك بالتروي والبحث الحقيقي عن أسباب هذا الجفاء في المعاملة مع حماتك، أي أمك الثانية، وأم زوجك حبيبك التي ربته وكبرته وحنت عليه صغيرا وكبيرا، هل من الممكن أن تتحول هذه الأم الحنون إلى وحش كاسر كما وصفت في رسالتك؟! أجيب بالنيابة عنك أنه ربما يكون ذلك بالفعل، ولكن ليس في الظروف الطبيعية، فلا يوجد إنسان تعامله كويس فيعاملك وحش، ولا توجد أم سوية طبيعية تكون شريرة بطبعها، وهذا مكمن معظم المشكلات التي تتولد بين الزوجة وحماتها؛ أن طرفا منهما يعتبر الآخر شريرا بطبعه، ويقنع نفسه بمسلمات لا أساس لها من الصحة أن الآخر شرير وسيئ وطمّاع وحقود ويكرهني بلا سبب، في حين أن الأصل في العلاقة أن تكون على عكس ذلك.. فما السبب؟ السبب أن الأمر يبدأ بطبق مش مغسول موجود مثلا في حوض المطبخ، فتقول الحمى لزوجة ابنها: أنتِ ما بتهتميش ليه بالنضافة في البيت؟ فتعتذر الزوجة بلسانها، ولكن من داخلها تشعر بعشرات المشاعر السلبية تجاه هذه السيدة -التي تراها ندّا لها هي ست وأنا ست يعني هي مافيش في مطبخها أطباق مش مغسولة- تظن أن مشاعرها هذه لم تظهر في صوتها وكلامها ونظراتها، ولكن هيهات لا بد أن الأم شعرت بها، ولهذا فإنها تشعر بالتحدي، فتعلّق على الملابس وتعلّق على تراب الشبابيك وتعلّق على الطعام، وقد تحتمل الزوجة وقد لا، وفي الحالتين تزداد العلاقة توترا ويزداد التحدي.. والأساس طبق مش مغسول في حوض المطبخ! أنا أقول لك الصدق؛ معظم المشكلات تأتي من خلفيات نفسية وأخطاء عابرة وجمل غير واضحة المعاني يفهمها الآخر غلط؛ فتشوب العلاقة توترات تصل للطرف الآخر غلط فيكون الرد غلط، وهكذا يتأزم الوضع وتكثر الأخطاء.. هذه هي المشكلة.. فما الحل؟ الحل بسيط جدا وصعب جدا.. أنت الآن تركت بيتك الذي كنت تفعلين فيه ما تأمرك به أمك وتحتملين غضبها منك وتعليقاتها على ما تفعلين، وها أنت قد انتقلت إلى بيت آخر هو حقا مملكتك وحدك، ولكنه فيه أم أخرى لها منزلة روحية ونفسية وشعورية تمتلك سلطة ربانية بكونها أم زوجك، وهي الصفة الوحيدة التي جمعتك بها، ألا يستحق زوجك أن تكرمي أمه التي هي السبب في وجوده.. أليست في كل شيء مثل أمك؟؟ دعي علاقتك بها جانبا واحكمي على شخصيتها بحيادية، ولا تجعلي نفسك طرفا في هذه العلاقة. إنها أم أنجبت وربّت وتحملت من أجل أبنائها، وتحلم بتحقيق السعادة لهم، تفرح لفرحهم وتحزن لحزنهم.. أليست هذه هي نفسها صفات أمك؟ فلماذا لا تعاملينها كأمك؟ لماذا لا تمدين أنت يد الحب في البداية دون انتظار لمقابل منها؟ لماذا لا تفعلين معها ما يستحقه زوجك منك؟ لماذا لا ترضين الله بالتقرب لها ومودتها وتحمل تعليقاتها كما كنت تتحملين أمك؟ هذا الطرح ربما يكون غريبا بعض الشيء، وربما يكون صعبا أيضا في تنفيذه، ولكنه أسلم السبل لإنهاء المشكلات، وتغيير الخلفية الذهنية، والتصالح مع الواقع، وفعل الخير والصواب دون انتظار لمقابل؛ لأنه لا بد أنه سيأتي يوما.. أما أن تفهميها خطأ وتفهمك خطأ وتتوتر العلاقات ولا تهتمين؛ لأنك عما قريب ستذهبين إلى زوجك وتتركين كل هذا خلفك، فهذا ليس حلا لأن العلاقة لن تنتهي، والسفر لن يدوم طول العمر، كما أنه خطأ لا أنصحك بأن تستمري فيه. تصالحي مع حماتك بالحسنى، وفكري فيها كأنها أمك، ومدّي لها يد الحب ولا تنتظري المقابل؛ لأن الحب تضحية لا تنتظر المقابل.