هل يُصدِّق أحد أن الإعلام الرياضي بكل أشكاله وأنواعه؛ سواء المقروء، أو المسموع، أو المرئي؛ سيُحدّد بشكل كبير اتجاهات مقاعد مجلس الشعب القادم، وهل يُصدّق أحد أن نسبة العنف المتصاعد في الشارع يقف وراءه الإعلام الرياضي البغيض. الإعلام الرياضي أصبح شغله الشاغل بثّ الفرقة، وصنع الأزمات، وقتل العلاقات الإنسانية الجميلة، ورسم صورة سوداوية في عيون المشاهدين دائما؛ إما عن طريق إماطة الاتهامات عن شخصيات وصولية انتفاعية، أو تلميع شخصيات أخرى لا تستحقّ أبدا المكانة القيادية التي هي فيها، دون أن نقول إنهم شخصيات أدنى أو تفكيرهم "دراكولي"؛ وإنما لأن تفكيرهم لا يصلح للقيادة، وإعطاء المثال الجميل لشباب مصر وأطفالها الذين سيقودون دفة الأمور بعد قليل، ويكفي أنهم شوّهوا أفكارهم ومعتقداتهم، وتعاليمهم، وثوابتهم؛ فصار السباب والشتائم والمكائد وتعلية الصغار وهدم الكبار دستورا زرعوه شيطانيا في نفوسنا. انظروا إلى البرامج الرياضية التي تُذاع من الساعة الثامنة صباحا عَبْر الراديو وبرامج التوك شو الرياضي من الساعة الخامسة إلى الساعة العاشرة أحيانا، كيف يتفرّغ مقدّموها للنبش في قبور الشخصيات والعلاقات والمصالح التي وصلت من فمّ لسان الدكتور "ع.ص" في أولى حلقاته على قناة "النهار"، وهو يقول لمانويل جوزيه المدير الفني للأهلي: "أطلّع .... أهله"، وهنا لاحقت كريم حسن شحاتة بقوله: "كده من أوّلها يا دكتور".. والكل يتذكّر صاحب هدف مصر الوحيد في كأس العالم وعضو مجلس إدارة اتحاد الكرة في كيفية أنه كان "سيخلع" البنطلون في اتحاد الكرة، والكابتن بندق الذي لا هَمّ له في عمله سوى زيادة كمّ التعصُّب بين جمهور الأهلي والزمالك بشكل مؤسف؛ أظنّ أن نتائجه ستجدها فيما حدث بين جمهور الزمالك والأهلي من حرق واستخدام المولوتوف في مباراة السلة التي حُرِق فيها مشجّع زملكاوي. أما "صاحب أحلى مساء" الذي أفرد حلاقاته للجمهور ليسبّ ويلعن، ناهيك عن الحقائق والمعلومات التي كان أبغضها صناعة الأزمة المميتة مع الجزائر عندما قال: "بلد المليون.. مش بلد المليون شهيد"، ولو دخل أحدكم على صفحة اليوتيوب وكَتَب شتائم المذيع "المتصابي" سيجد أمامه فيديوهات غير محدودة من الخروج عن النص بقراءة النكات الإباحية المسفّة التي تصله عَبْر فيس بوك أو SMS دون هدف أمامه سوى دفع الناس دفعا لإرسال الSMS، لتزيد أرباح القناة وبالتالي تدخل جيوبه الملايين. مع الأسف الإعلام الرياضي الذي يقوم عليه مجموعة من الأشخاص غير المؤهلين أكاديميا أو حاصلين حتى على دورات تدريبية، ولا دور لهم سوى أنهم نجوم سابقون، يشغلون مراكز صناعة القرار، ولديهم كمّ من الأخبار بحكم مناصبهم التي شغلوها ويشغلونها؛ حيث إنهم في أحيان كثيرة يقولون لك إننا تركنا الاجتماع من أجل أن نلحق بالحلقة، ونقول لكم الأخبار حصريا. الغريب أن الجباهذة المشاهير في مجال الإعلام عندما أُغلقت القنوات الرياضية نتيجة أحداث يناير انقلبوا للكلام والرغي في السياسة، لا لشيء إلا لأنهم وجدوا أن الناس أصبح شغلهم الشاغل هو أكل وشرب السياسة، ليلا ونهارا؛ ولأنهم وجدوا أن أكل عيشهم سينقطع قرّروا أن يطرقوا الحقل السياسي عملا بمنطق "إحنا اللي دهنا الهواء دوكوا"، و"إحنا اللي خرمنا التعريفة"، و"إحنا اللي بخرنا الهواء بالتلج"، وأخذوا يتحدّثون بنفس أسلوبهم البغيض الذي شحن الناس بشكل صعب للغاية، وصنع كمّا من الكره، والبغضاء، والتعصّب. ما حدث في لقاء الأهلي وكيما أسوان، وقبله من نزول جمهور الزمالك لضرب لاعبي الترجي، أو مع جمهور الاتحاد السكندري في آخر الموسم الماضي، أو من جماهير المحلة مع بداية الموسم الحالي، ما هو إلا نتاج طبيعي للشحن الجماهيري الناتج عن الإعلام الرياضي المؤسف. لو لم نستيقظ؛ فإن الأمور ستكون كارثية للغاية؟ خاصة أننا مقدّمون على كمّ هائل من المنافسات الرياضية والسياسية في الدوري والانتخابات. الإعلام الرياضي سمّم الأطفال في الروضة والكبار فوق سن المعاش؛ فكيف ننقذ أنفسنا من هؤلاء؟ سؤال مهم للغاية نحتاج منكم للمعونة لمعرفة اقتراحاتكم وأفكاركم للتطعيم ضد هذه الكوارث البرامجية.. أم أنتم أدمنتموها؟!!