يعتبر القذف المبكر واحدا من أكثر المشكلات التي تواجه الكثير من الأزواج، وتؤثر سلبا على العلاقة الجنسية وعلى التواصل بين الزوجين.. فما تعريف القذف المبكر؟ وما معدلات حدوثه بين الرجال؟ وما أسبابه؟ وما الآثار الناجمة عن استمرار القذف المبكر؟ وكيف يمكن تفادي حدوث هذه المشكلة وعلاجها إن وجدت؟ وما النتائج المتوقعة من المداومة على هذا العلاج؟ أو بمعنى آخر: هل يمكن الشفاء التام من هذه المشكلة؟
هذا ما سنحاول أن نجيب عنه في السطور التالية..
تعريف القذف المبكر: يستخدم البعض لفظ "القذف السريع أو سرعة القذف"، ولكن أغلبية المتخصصين لا يوافقون على هذه التسمية؛ لأن العبرة ليست بالتوقيت الزمني أو السرعة؛ حيث يمكن أن يحدث القذف بعد دقائق معدودة (خمس دقائق مثلا)، ولكن لا تعتبر هذه حالة من حالات القذف المبكر؛ لأن هذا الزمن يناسب طرفي العلاقة ويحقق الإشباع لكليهما، ويمكن أن يحدث القذف عند زوجين آخرين بعد مدة أطول ) 15 دقيقة مثلا)، ويكون تشخيص الحالة "قذفا مبكرا"؛ لأن أحد طرفي العلاقة لم يحصل على ما يريد من الإشباع.
أنواع القذف المبكر: -قذف مبكر أولي: وهو الذي يحدث منذ البلوغ. -قذف مبكر ثانوي: وهو الذي يحدث بعد فترة من الممارسة السوية بدون قذف مبكر.
معدل الحدوث: نقصد هنا القذف المبكر المستمر، والذي يحدث على الأقل في أكثر من 50 % من مرات الجماع، وهو يحدث في كل الأعمار وكل المستويات الاجتماعية، والدراسات تؤكد أنه من أكثر المشاكل الجنسية شيوعا، ويمكن أن يحدث القذف المبكر بمفرده بدون أي مشاكل نفسية، ويمكن أن يصاحبه القلق والتوتر الشديد والاكتئاب والضعف الجنسي.
ومن المهم أن نوضح أنه يمكن أن تحدث مرات معدودة من فقد التحكم في القذف عند كل الرجال؛ وذلك بعد فترة امتناع طويلة عن المعاشرة الزوجية أو عند بداية الحياة الزوجية؛ وذلك بسبب التوتر المصاحب للممارسة الجديدة أو بسبب الإثارة الشديدة، ولكن مرحلة فقد التحكم هذه تستغرق فترة مؤقتة وتنتهي بدون أي علاج، وبالتالي لا يمكن اعتبارها شكلا من أشكال القذف المبكر.
أسباب حدوث القذف المبكر: تحدث مشكلة القذف المبكر؛ لأن الزوج لا يدرك أنه على وشك الإنزال، وعندما يدرك أنه وصل لهذه المرحلة لا يستطيع التحكم في الأمر ولا تأخير القذف، ومن المهم أن ندرك أن القذف هو فعل انعكاسي لا إرادي يحدث أوتوماتيكيا عندما يصل الرجل لمرحلة معينة من الإثارة، ولذلك فالتحكم في القذف يتم بالتعرف على مستوى الإثارة والتحكم فيه، بحيث لا يصل الزوج إلى "نقطة اللاعودة" قبل أن يريد، وهي النقطة التي لا يستطيع الزوج فيها التقليل من مستوى الإثارة بحيث لا يحدث القذف.
ويحدث القذف المبكر في معظم الأحوال كنتاج للتدريب المستمر على الإنزال السريع في المراحل العمرية السابقة، وأشهر أشكال التدريب هذه تتم من خلال ممارسة العادة السرية، والتي يجتهد الشاب في الانتهاء منها بغية الشعور باللذة المصاحبة للقذف، أو خوفا من أن يتم اكتشاف أمره من الأهل. وعلى مدار سنوات طويلة تتم البرمجة على القذف السريع، وبالتالي يجد الرجل أنه قد فقد التحكم عند زواجه ورغبته في أن يطيل فترة المداعبة؛ ليستمتع أكثر ويمتع زوجته.
ويمكن أن يحدث القذف المبكر كنتيجة للتوتر والقلق والخوف من الفشل، أو كنتيجة لتوتر العلاقة بين الزوجين، أو كنتيجة للشعور بالذنب، وكذلك يمكن أن يحدث كنتيجة لاضطرابات الانتصاب.
وبعض الدراسات تشير إلى احتمال وجود أسباب عضوية للقذف المبكر مثل اضطراب الهرمونات أو الاختلاف في سرعة انتقال الإشارات العصبية عبر النهايات العصبية الطرفية.
الأعراض والفحوصات اللازمة: يمكن أن يحدث القذف المبكر في أي وقت قبل أن يصل أحد الزوجين أو كلاهما للإشباع، سواء قبل الإدخال (أثناء المداعبة) أم بعد الإدخال، ومن غير المتوقع أن نجد أي تغيرات ملحوظة في الأعضاء التناسلية الذكرية، ولكن تحديد مستوى الهرمونات الذكورية (التستستيرون) يصبح ضروريا إذا كان القذف المبكر مصاحبا لضعف الانتصاب.
الآثار والمضاعفات على العلاقة الزوجية وعلى الزوجين: على الزوج: شعور بالقلق حول اكتمال رجولته، ويفقد الثقة في أدائه الجنسي، وهو ما يؤدي لفقد الاهتمام بالعلاقة الجنسية، وبالتالي انخفاض الرغبة الجنسية، وقد يؤدي هذا إلى ضعف الانتصاب الثانوي.
على الزوجة: تصاب الزوجة بالإحباط كنتيجة لتكرار الإثارة التي لا يتبعها ارتواء؛ لأن زوجها ينتهي سريعا، وبالتالي تتدرب لا إراديا على كبت إثارتها، وتصبح العلاقة الجنسية بالنسبة لها مجرد أداء واجب روتيني ممل، وبالتالي تفقد الاهتمام بالعلاقة الجنسية، وقد تنخفض رغبتها الجنسية، أو تصاب بالإحباط والاكتئاب.
على العلاقة الزوجية: من المهم أن ندرك أن استمرار القذف المبكر دون السعي للبحث عن سبل للعلاج لا يعتبر خللا عند الزوج وحده، ولكنه يعتبر خللا كاملا في العلاقة بين الزوجين؛ فالزوج يعاني ويكتم آلامه في صدره، والزوجة تعاني ولا تبوح إما خجلا أو خوفا من جرح مشاعر الزوج، والنتيجة فقد التواصل السوي المطلوب بين الزوجين، وتوتر العلاقة بينهما.
على الإنجاب: حدوث القذف قبل الإدخال يؤدي إلى عدم إمكانية حدوث الحمل.
سبل الوقاية والعلاج: الوقاية: تكون بتجنب الممارسات التي تؤدي إلى تدريب الرجل على القذف بسرعة ومنها العادة السرية، وهذا لن يحدث إلا بتوفير الثقافة الجنسية السليمة والصحية للمراهقين.
ومن المؤكد أن الاسترخاء والهدوء في أثناء الممارسة الجنسية يساعد أيضا على منع حدوث القذف المبكر.
العلاج: هناك الكثير من الوسائل العلاجية المختلفة التي يمكن استخدامها لعلاج القذف المبكر، واستخدام أكثر من وسيلة من هذه الوسائل يساعد في الحصول على نتائج أفضل، وتنقسم العلاجات إلى: 1- العلاج الجنسي السلوكي: ويعتمد على مساعدة الرجل على التحكم في القذف؛ من خلال التركيز على أحاسيس الإثارة المتصاعدة في جسده وهو يقترب من لحظة القذف، وزيادة وعيه بهذه الأحاسيس تمكنه من أن يعرف متى يكون بالضبط على الطريق المؤدي للقذف، وذلك من خلال التدريبات التالية:
-طريقة سيمانز (توقف وابدأ): ولقد بنيت هذه الطريقة على أساس أن القذف يحدث قبل أوانه إذا كان الرجل لا يشعر بأن القذف أصبح وشيكا، وأن العلاج الصحيح يجب أن يعمل على تمكين الفرد من هذا الإحساس؛ حيث تتم إثارة الرجل بمساعدة زوجته حتى يقترب من لحظة القذف، وعندما يهم بالقذف تتوقف زوجته عن إثارته فيرتخي، ثم يعود ثانية، وتتكرر هذه التدريبات لمدة تقارب الشهر.
-(طريقة العصر) ماسترز وجونسون :وهى تعديل وتنويع لطريقة سيمانز السابقة؛ حيث تقوم الزوجة بإثارة زوجها بأي طريقة يختارها الزوجان، ويفضل البدء بالمداعبة باليد لعدة أسابيع، ثم الجماع في الوضع الذي تعلو فيه الزوجة زوجها، وفي كل هذه الممارسات وقبيل القذف مباشرة تقوم الزوجة بعصر القضيب تحت حافة حشفة القضيب مباشرة لثوانٍ معدودة، وهذا العصر يؤدي لإيقاف القذف، ويتكرر الأمر عدة مرات، وفي نهايتها يسمح بالقذف، ويحتاج الزوجان أن تستمر هذه التدريبات فترة تتراوح بين أسبوعين وشهر.
وقدرة الزوج على التحكم تختلف باختلاف أوضاع الجماع، وأقل درجات التحكم يحدث في وضع المهمة (الوضع الأكثر شيوعا والذي يعلو فيه الزوج زوجته)، ويصبح الزوج أكثر تحكما حينما تعلوه الزوجة وهو مستلق على ظهره؛ حيث يتيح هذا الوضع الكثير من الاسترخاء.
وهذا العلاج السلوكي يحتاج إلى الكثير من الصبر والتعاون بين طرفي العلاقة، ولن يشعر الزوجان بتحسن ملحوظ إلا بعد أسابيع من التدريبات، ولكنه يؤدي إلى تحسن في 60% إلى 90 % من الحالات.
- الضغط على "قناة القذف" عند الشعور بقرب القذف عند نقطة مرورها بقرب الجلد، وهذه النقطة تقع بين غشاء الصفن وفتحة الشرج (ولكنها أقرب لفتحة الشرج).
- تدريبات لتقوية عضلة الحوض، وهذه العضلة تنقبض لا إراديا أثناء القذف، ولكن إذا تمكن الرجل من أن يقبضها إراديا قبل القذف فإنها توقف حدوثه، ويمكن التعرف على هذه العضلة؛ لأنها العضلة التي تمكن الإنسان من أن يوقف سريان البول بعد البدء في التبول، وبعد التعرف على هذه العضلة يمكننا تدريبها عن طريق تدريبات الانقباض والانبساط الإرادي (50 مرة يوميا مقسمة على خمس مرات).
- محاولة الحد من الإثارة؛ وذلك بالتقليل من سرعة الحركة أو بصرف التركيز عن المواطن الأكثر إثارة في الزوجة.
- عند الزوج الشاب الذي يمكنه أن يعاود الممارسة بعد فترة قصيرة جدا أن يبدأ علاقة جديدة فور الانتهاء من القذف، وفي هذه الحالة سيتأخر القذف.
2- العلاج الدوائي: من الأعراض الجانبية لمضادات الاكتئاب أنها تؤدي لتأخير القذف؛ وبذلك يمكن أن تستخدم في علاج حالات القذف المبكر.
3- علاجات موضعية: تهدف لتحجيم الشعور بالإثارة الجنسية، ومنها استخدام الكريم أو الجلّ المخدر (الذي يحتوي على بتروكين أو ليدوكين) أو الواقي الذكري (واحد أو أكثر).
نرجو من القراء الأعزاء وضع إيميلاتهم داخل الاستشارة قبل إرسالها؛ على أن يكون الإيميل صحيحاً؛ حتى نتمكن من إرسال الردود على بريدكم الإلكتروني الخاص.
ونلفت نظر قرائنا الأعزاء إلى أننا نستقبل استشاراتكم، ولا نقوم بنشرها؛ حفاظا على السرية والخصوصية.