مجلس جامعة المنيا يوافق على إنشاء كلية التجارة وإدارة الأعمال    الغرف السياحية: منظومة جديدة لتصاريح عمل الأجانب تنهي الإجراءات المعقدة    «الوزير» يبحث مع وزيري الصناعة والداخلية والنقل الجزائريين تدعيم التعاون    «بتوجيهات السيسي».. مصر تضاعف الجهود لنزع فتيل التصعيد المحتمل في لبنان    ننشر نص كلمة أبو الغيط بالدورة ال55 لمجلس وزراء الإعلام العرب    الأونروا: آلاف النازحين في غزة يكافحون للعثور على مأوى آمن مع اقتراب الطقس البارد    تشكيل بايرن ميونخ المتوقع أمام آرسنال في دوري الأبطال    إصابة 15 شخصًا في حادث مروري بقنا    «الأرصاد» تحذر: أمطار رعدية جنوبا والعظمى بالقاهرة تسجل 25 درجة    «كل كلمات الشكر لا تكفي»| إلهام شاهين تعلق على افتتاح معرض أفيشات أعمالها    رئيس الوزراء: ما تحقق في منظومة التأمين الصحي الشامل يعكس جوهر المشروع    إنجازات التأمين الصحي الشامل تكشف قفزة نوعية في الخدمات وجودة الرعاية    محافظ أسيوط يتفقد كليات جامعة سفنكس ويشيد بجودة الخدمات المقدمة للمواطنين    بركان كيلاويا في هاواي يطلق حمما بركانية للمرة ال37 منذ بدء ثورانه العام الماضي    مدبولي يترأس اجتماع اللجنة العليا المصرية الجزائرية المشتركة.. اليوم    تقييم مرموش أمام ليفركوزن من الصحف الإنجليزية    بعثة الزمالك تصل إلى جنوب إفريقيا لمواجهة كايزر تشيفز    موعد مباراة باريس سان جيرمان وتوتنهام بدوري أبطال أوروبا.. والقنوات الناقلة    محمود فتح الله: تصريحات حسام حسن الأصعب تاريخيًا.. وكان يمكنه تجنبها    تحت رعاية وحضور رئيس مجلس الوزراء.. انطلاق المؤتمر الوطني "إصلاح وتمكين الإدارة المحلية: الدروس المستفادة من برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر    تونس تطلق برنامجًا وطنيًا للحد من العنف ضد المرأة    التحقيق مع 8 عناصر جنائية حاولوا غسل 1.6 مليار جنيه حصيلة تجارة مخدرات    ضبط تشكيل عصابى يستغل 15 طفلًا فى التسول    تحرير 814 مخالفة مرورية لعدم تركيب الملصق الإلكتروني    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للتدريب المشترك "ميدوزا -14".. شاهد    مثقفون وأدباء ينعون الناقد والدكتور الراحل محمد عبد المطلب    رضا البحراوي يكشف حقيقة وفاة والدته    أبرزهم أحمد مكي.. نجوم شرف «كارثة طبيعية» يتصدرون التريند    موعد نتيجة المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025    وزير الخارجية من لبنان: المنطقة على شفا التصعيد.. ونتواصل مع جميع الأطراف دون استثناء    القناة 12 الإسرائيلية: مسئولون في الجيش يدعون لوضع خطة مستقلة لنزع سلاح حماس    وكيل صحة قنا يتفقد وحدة الترامسة ويحيل طبيبا للتحقيق    مدبولي: الدولة نجحت في تنفيذ التأمين الصحي الشامل ب6 محافظات بتكلفة 53 مليار جنيه    حماية الثروة الحيوانية    ارتفاع أسعار الذهب وسط توقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية    مجلس النواب الأردنى: البلاد لن تكون ساحة للتطرف ولن تسمح بالتدخلات الخارجية بأمنها    .. اديهم فرصة واصبر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    السيسى يحقق حلم عبدالناصر    الري: نجاح حاجز التوجيه في حماية قريه عرب صالح من أخطار السيول    إنصاف رئاسى لإرادة الشعب    موعد امتحان نصف العام لصفوف النقل وضوابط وضع الأسئلة    وزارة العمل: منصة رقمية موحدة لتسهيل استخراج تصاريح عمل الأجانب    اتحاد السلة يعتمد فوز الأهلي بدوري المرتبط بعد انسحاب الاتحاد ويعاقب الناديين    الأقصر: انقطاع المياه عن عدد من مناطق نجع علوان بالطود صباح اليوم    اللجنة العامة للدائرة الثالثة بالغربية تعلن الحصر العددي لأصوات الناخبين    بعد نجاح "دولة التلاوة".. دعوة لإطلاق جمهورية المؤذنين    دار الإفتاء تؤكد حرمة ضرب الزوجة وتحث على الرحمة والمودة    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يكرم محافظ جنوب سيناء    ترامب: «خطة ال28» للسلام في أوكرانيا «مجرد خريطة»    ريهام عبد الحكيم تتألق في «صدى الأهرامات» بأغنية «بتسأل يا حبيبي» لعمار الشريعي    تقدم مرشح حزب النور ومستقبل وطن.. المؤشرات الأولية للدائرة الأولى بكفر الشيخ    دعاء جوف الليل| اللهم يا شافي القلوب والأبدان أنزل شفاءك على كل مريض    القبض على 3 متهمين بسرقة مصوغات ذهبية من شقة في الطالبية    بروسيا دورتمنود يمطر شباك فياريال برباعية نظيفة    بوروسيا دورتموند يفترس فياريال برباعية في دوري أبطال أوروبا    محمد صبحي عن مرضه: التشخيص كشف عن وجود فيروس في المخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقافة الاحتجاج.. أنا أحتج إذن أنا موجود
نشر في بص وطل يوم 25 - 09 - 2011

قديمًا قال الفيلسوف الفرنسي الشهير رينيه ديكارت: "أنا أشك إذن أنا موجود"، والآن تحوّلت تلك العبارة على أيدينا نحن العرب إلى: "أنا أحتج إذن أنا موجود"؛ بعد أن تمّ تحطيم حاجز الخوف والصمت الرهيب، تحت تدفق أمواج الاحتجاجات الشّعبية التي اجتاحت العالم العربي من أقصاه إلى أقصاه؛ هذه الاحتجاجات -وبالطّريقة التي تتم بها- جاءت مفاجأة في التّوقيت والكيفية والاستمرارية؛ برغم كل القمع الذي يُجرى بحق المشاركين فيها، وهي حالة غابت عن العالم العربي لعقود طويلة، ولم يكن معهودًا أن يخرج الجمهور في مسيرات عارمة يطالب بمطالبه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية؛ فلم نكن نرى هذا الجمهور إلا خارجًا لاستقبال بعثة رياضية، أو فريق كرة قدم، أو حتى ليهتف لزعيم بالروح والدم.
وحينما نتكلم عن ثقافة التعبير عن الحقوق؛ فإننا نقصد بذلك كل أنواع الاحتجاجات من اعتصامات وتظاهرات وإضرابات، وكلها أعمال مناهضة لأية سلطة تُنتزع أو لا توصِل لذوي الحقوق حقوقهم؛ سواء كان ذلك الخطأ متعمدًا من قِبل هذه السلطة أم لا.
فاستراتيجية نشطاء الاحتجاج تعتمد على مدى توافر قنوات الاتصال السياسي؛ مثل: مجالس التمثيل الشعبي: (البرلمانات، مجالس الشورى، المجالس البلدية)؛ للتعبير عن المظالم التي يمثّلونها، ومن الثابت نظريًّا أن مدى انفتاح الدولة ومؤسساتها أو عدمه هو ما يحدد شكل استجابة نشطاء الاحتجاج؛ فكلما ازداد انغلاق النظام السياسي في وجه أصحاب المظالم، ازداد تصميمهم على المواجهة.. وكلما ازداد انفتاح النظام السياسي، تراجعت قابلية النشطاء للخروج عن الأُطُر المألوفة لدى المجتمع السياسي للتعبير عن قضايا الاحتجاج.
وعلى الرغم من أن هذه الاحتجاجات مشروعة كمشروعية الحقوق بعينها؛ فإنها تكاد تنعدم في ظل الأنظمة الديكتاتورية والقمعية التي تكمم الأفواه؛ برغم أن أحد الأعراب قديمًا جادل رسول الله عليه الصّلاة والسّلام في العطايا، وطالبه بالمزيد قائلًا: "هذا ليس بمالك ولا مال أبيك"، وآخَرُ طالب بالاقتصاص في غزوة أُحد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وخز صدره بقشّة.. ولم نسمع أنّ النبي الكريم غضب منهم ولا قتلهم.
وهذا أبو بكر الصدّيق، قال: "لقد ولّيت عليكم ولست بخيركم؛ فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوّموني"، والتقويم هنا هو الاحتجاج القولي والعملي؛ فهو الأساس هنا في العلاقة بين الحاكم والمحكوم.
أما الفاروق عمر بن الخطاب؛ فحاجّه الأعرابي على طول ثوبه، وحاجّته امرأة على تحديد مهر النّساء، وحاجّه النّصارى في الجزية؛ فلم يبعثهم في رحلة بلا عودة إلى بلاد ما وراء الشمس، ولم يغضب منهم؛ بل أخذوا ما أرادوا، وتمّ الأمر لهم بعكس ما كان يريد خليفة المسلمين.. وقطع القبطي آلاف الأميال ليشكو له ظلم ابن واليه على مصر (عمرو بن العاص)؛ فأنصفه وعاقب الوالي وولده.
أما اليوم، فعندما يحتجّ النّاس على القمع والإهانة والفساد، ويطالبون بالكرامة، ويرفضون الاستخفاف بعقولهم -عبر التلاعب بالقوانين- فهم متكبّرون ولا يعجبهم شيء، متآمرون متحالفون مع الخارج؛ وبالتالي فهذا يبرر قمعهم وملاحقتهم وتقتيلهم؛ وكأنّ النظم المتعفّنة الفاسدة المتسترة على اللصوص ومصاصي دماء البشر كاملةُ الأوصاف، ولا يجوز نقدها.. فإذا كان الرّسول عليه الصلاة والسّلام وخلفاؤه تقبّلوا النقد والزجر، وطالبوا الناس بتقويمهم على الملأ -من باب أنّه حق أصيل لهم وليس منّة منهم- فما بالكم بأغلب الحكام العرب الذين يقتلون شعوبهم ويتمرّغون في وحل الخيانة والعمالة للغرب؟!!
ولنّا في الثورتين المصرية والليبية مثال حيّ من تلك الاحتجاجات؛ لنرى الاختلافات بينهما؛ سواء بسلوك الحاكمين تجاه المحكومين أو العكس؛ على الرغم من أن التجربتين قد وُلِدتا من أصول معرفية واحدة؛ فإن في الحالة المصرية شبابًا قادوا النُخَب نحو التغيير باحتجاج سلمي، وفي ليبيا نخبٌ تقود الشباب باحتجاج مسلّح.
فطرق الاحتجاج تتعدد في تاريخ الشعوب، والدول متذبذبة بين العنف واللا عنف، ولعلنا لا نجانب الصواب في القول: إن ثقافتنا العربية الإسلامية نحتت في أغلبها المنحى الأول وبامتياز، وقد آن لنا الإقرار بأن رصيدنا التاريخي يقترب من إشهار إفلاسه من أساليب الاحتجاج السلمي في خزينة كل من الحكام والمحكومين على حد سواء؛ فقد تدرجت مفاهيم الاحتجاج في مسمياتها من غير أن تفقد رائحة الدماء؛ فهي أما "رِدّة"، أو "خروج"، أو "فتنة"؛ حتى أنقذتنا الحداثة باصطلاح "المؤامرة" ليَسِمَ كلّ مَن سوّلت له نفسه الخروج على السلطان.
ومن اللافت للنظر أن استطلاعًا على موقع الجزيرة نت سأل القراء (أكثر من 13 ألف مصوّت عبروا عن آرائهم) ما إذا كانت الاحتجاجات التي ظهرت في الدول العربية ذات جدوى؛ فأفاد 54% من المستطلعين على الموقع بأن الاحتجاجات ليست بذات جدوى؛ بينما يرى 46% عكس ذلك..
وجاء في التعليق المنشور على الاستطلاع ما يلي: "الشارع العربي غير معروف عنه كثرة الحركات الثورية، كما هو الحال في مجتمعات أخرى مثل أميركا اللاتينية؛ لكن ازدياد الأوضاع المعيشية سوءًا قد يصل بالفرد إلى مرحلة الثورة؛ خروجًا عن المألوف، في محاولة لإيصال رسالة مفادها نفاد الصبر".
فهل قانون الطوارئ الذي أعيد تفعيله مؤخرًا سينجح في اغتيال ثقافة الاحتجاج، والتي لا ديمقراطية دونها، أراد من أراد وكَرِه من كَرِه؟
أم تستمرّ الاحتجاجات حتى يتم تقسيم الكعكة على الجميع؟!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.