أفتي الدكتور عبدالفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، ببطلان الزواج السري، لافتا إلي أن الشاهد علي العقد عليه وزر وهو أثم . وقال إدريس ردا علي سؤال يقول صاحية-طلب مني زميل بالعمل التوقيع كشاهد علي عقد زواجه العرفي بزميلة أخري, كما طلب مني عدم إعلان هذا الأمر الذي يخفيه عن زوجته, فهل هذا الزواج صحيح, وهل يحرم التوقيع علي مثل تلك العقود . وأجاب إدريس بأن نكاح السر هو الذي لم يتحقق فيه إشهار, وإن عقد بولي وشاهدين, وعدم إشهاره يتأتي بعدم الإعلان عنه, وأمر الشاهدين بكتمانه عن بعض الناس أو عن الناس كافة, وعدم إثباته في وثيقة رسمية. وقد اختلف الفقهاء في حكمه: فذهب أكثر الفقهاء إلي كراهته, وإن كان عقده صحيحا, وذلك لأن قول رسول الله صلي الله عليه وسلم:' لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل', يفيد انعقاد النكاح بذلك وإن لم يوجد إعلان, ولأن عقد النكاح من عقود المعاوضات, فلا يشترط إظهاره أو الإعلان عنه. وذهب المالكية وبعض الحنابلة إلي أن نكاح السر باطل واجب الفسخ, ويري المالكية أن الزوج يؤمر بتطليق من تزوجها سرا, فإن كان لم يدخل بها أو دخل بها, ولم يطل الزمان وجب فسخ هذا النكاح, ووجب علي هذين الزوجين حد الزنا إن أقرا بالوطء, أو قامت عليهما البينة به, ويعاقب الشاهدان كذلك إذا كتما أمر هذا الزواج بإيعاز من الزوجين أو أحدهما, أو من غيرهما, من غير إجبار علي الكتمان, أو إذا كان الكتمان باتفاق بين الشاهدين. ودليل هؤلاء علي بطلان هذا النكاح حديث:' فصل بين الحلال والحرام الدف والصوت', أي أن الإعلان عن النكاح بذلك هو الحد الفاصل بين النكاح والزنا, ومن ثم فإن نكاح السر الذي لا إعلان فيه نكاح محرم, وواجب الفسخ. وهذا الرأي الأخير هو الذي تركن النفس إليه, ويضاف إلي هذا المفاسد الكثيرة التي تترتب علي هذا النكاح, والتي لا تقتصر علي أطراف هذه العلاقة, بل تتعداها إلي غيرهم, وهو شبيه بنكاح المتعة المتفق علي حرمته, فضلا عما يترتب علي هذا النكاح من ضياع حق هذه الزوجة في إثبات زوجيتها, وحقها في الصداق والنفقة وثبوت نسب ولدها من الزوج, وحقها في إثبات الطلاق إذا طلقها, إلي غير ذلك من الحقوق التي تترتب علي العقد الصحيح. وكل ذلك محرم. رجل يتاجر في المخدرات, ولكنه عندما يطلب منه التبرع بجزء من ماله لمشروع خيري كبناء مسجد أو غيره يجود بسخاء, فما رأي الدين فيما ينفقه هذا الرجل في وجوه الخير وأعمال البر؟ يجيب الدكتور سعيد عامر, أمين عام لجنة الفتوي بالأزهر, قائلا: إن المال الذي اكتسبه الإنسان عن طريق غير مشروع ويريد أن يتصدق بجزء منه في أي جهة من جهات البر كبناء مسجد أو معهد…الخ, والمشهور عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه يحفظ ولا يتصدق به حتي يظهر مستحقه لما رواه ابن حبان عن أبي هريرة, رضي الله عنه, أن النبي, صلي الله عليه وسلم, قال:' من كسب مالا حراما فتصدق به لم يكن له فيه أجر وكان إصره عليه' فإن ظهر مستحقه رده إليه. والراجح: الصدقة به لأن إتلاف المال وإضاعته منهي عنه, وروي عن مالك بن دينار, قال: سألت عطاء بن أبي رباح عمن عنده مال حرام, ولا يعرف أربابه ويريد الخروج منه؟ قال يتصدق به ولا أقول أن ذلك يجزئ عنه, قال: مالك كان هذا القول من عطاء أحب إلي من زنة ذهب, وذهب أكثر أهل العلم منهم أبو حنيفة, ومالك, وأحمد بن حنبل وغيرهم, إلي أن المال الحرام يجوز للإنسان أن يتصدق به إن عجز عن رده إلي صاحبه أو إلي ورثته, وكان ابن مسعود وابن عباس يريان أن المال الحرام الذي لا يعرف صاحبه يتصدق به. والتجارة في المخدرات, وإن كانت محظورة شرعا وقانونا لما يترتب علي المتعاطين لها من أضرار عظيمة صحية واقتصادية واجتماعية ودينية من شأنها أن توهن من كيان المجتمع, فإني أهيب بهذا الرجل الذي يتبرع بسخاء في وجوه الخير, أن يقلع عن التجارة في المخدرات ويتوب إلي الله توبة صادقة, وعليه أن يكثر من الصدقات, في وجوه البر, حتي يتيقن أن ماله قد طهر, وينبغي له أن يستثمر أمواله بالطرق المشروعة التي يقرها الإسلام, لكي يكون كسبه حلالا طيبا.