السلام عليكم.. أنا شاب مصري، عمري 24 سنة، بقالي 3 سنين مغترب.. مشكلتي إني كنت رومانسي جداً أيام الكلية، وكان لازم أرتبط، وخطبت أول ما خلصت الكلية؛ بس ماحصلش نصيب والموضوع انتهى. المشكلة إن أنا طول ال3 سنين دول حياتي عبارة عن شغل وبس، وفجأة من فترة قصيرة بدأت أحس بملل في حياتي وفتور، وحسيت إن قلبي خلاص مالهوش لازمة، مافيش إحساس أو أي مشاعر حلوة.. ناس نصحوني إني أنزل أخطب؛ بس بصراحة أنا ماعنديش استعداد إني أتجوز واحدة ما بحبهاش.. حاسس إن حياتي العاطفية انتهت، ومش ممكن أحب تاني طول ما أنا مغترب. هل أتجوز جواز تقليدي، ولا أستنى يمكن ألاقي واحدة أحبها، ولا أعمل إيه؟ ar
ما جرى لك يا عزيزي هو أنك رُبِطت في ساقية وأخذت تدور بها، وتدور هي بك؛ حتى تساوت لديك الأمور، وأصبحْت لا ترى سوى مسار الساقية فحسب. هذا ما يحدث للكثيرين عندما يُلقون بأنفسهم في دوامة العمل بشكل كامل، يبتلع حياتهم الخاصة، ويتحول يومهم إلى عمل ونوم, أو كما تقول العبارة الشهيرة "من البيت للشغل ومن الشغل للبيت", وهي عبارة لا أردي كيف يفخر قائلها بها، ويعتبرها من مميزاته؛ بينما هي في الحقيقة تعني أن حياته خاوية. لكن لحسن حظك أنك شعرت بالملل والفتور؛ فهذا يعني أن قلبك لم يمُت بعد؛ فنحن حين نشعر أن شيئاً ما ليس على ما يرام؛ فهذا يعني أنه لا يزال لدينا إدراك لما يحيط بنا ولما هو فينا, تماماً كفائدة الإحساس بالألم بالنسبة للجسم، يُنبّه صاحبه لوجود إصابة ما.. أما لو غاب هذا الإحساس؛ فهذا يعني أن الأجزاء المسئولة عن تنبيه الإنسان لأن شيئاً ما لا يعمل بالشكل السليم؛ مما يهدده بالتعرض للأذى وعدم إدراكه؛ حتى يفوت الأوان. إذن فأنت لا تزال سليماً نفسياً وعاطفياً، ما دمت قد أحسست بذلك الفتور والملل، وقلبك لم يمت بعد ولا ماتت عواطفك كما تحسب. ولكن مثلما اطمأننت على سلامة قلبك وروحك؛ فإنك في المقابل ملتزم أن تحميهما من الأذى، وهذا بأن تحاول كسر الدائرة التي حبسْت نفسك فيها؛ أعني دائرة العمل المستمر بروتين ثابت رتيب, وتصنع حياة لك؛ حياة اجتماعية بها أصدقاء، وزملاء، وأقارب، وزيارات، ومجاملات متبادلة، وخروج ورحلات.. بمعنى أدق؛ اجعل لنفسك شيئاً تتصبر به على العمل الشاق, وتنتظر نهاية دوام العمل ويوم إجازة آخر الأسبوع لأجله.. من هنا تبدأ في صنع حياة اجتماعية صحية، ثم بعد أن تستقرّ على ذلك، يمكنك أن تبحث عن فتاة طيبة ملائمة لطبيعتك الرومانسية لترتبط بها. وبالمناسبة فإن قولك باستحالة أن تحب في الغربة، هو حكم سابق لأوانه؛ لأن الحب حين يأتي لا يرتبط ببعد مكاني أو زمني. ثم إن عثورك على تلك الفتاة وتعلقك بها -سواء عن حب مسبق أو بشكل تقليدي- لن يكون بالشكل السليم إلا لو كانت لك حياة اجتماعية بها دائرة معارف، تبحث بينهم عن تلك الفتاة. أما تقوقعك في دائرة العمل فقط؛ فسيضيّق دائرة بحثك، وستضيع فرص رائعة للتعرف على فتيات متميزات تجد بينهن من تُسعدك؛ سواء تعلقت بها عاطفياً أو ارتبطت بها من باب الارتياح النفسي والتفاهم المبادل فحسب. إذن فالبداية هي أن تكسر جمود حياتك وتخرج من روتينك اليومي، وأنا أعلم أن طبيعة الحياة في الدولة التي تعيش بها صعبة بالنسبة للشاب المصري المغترب, وهذا لارتفاع تكاليف المعيشة البسيطة؛ ولكن لديّ نماذج كثيرة لشباب مثلك يعيشون في نفس البلد؛ إلا أنهم يستطيعون -برغم طول ساعات عملهم الشاق- أن يوفّقوا بين احتياجاتهم المادية وتلك الإنسانية الاجتماعية، ويمكنك أن تستعين بنصيحة زملائك الأقدم منك؛ لتعرف كيف فعلوا هذا. جرّب إذن أن تعيد هيكلة نظام حياتك؛ بحيث تفعل مثل هؤلاء وتوفّق بين احتياجاتك.. وبالنسبة للعثور على فتاة ترتبط بها؛ فإما أن يكون هذا حيث تعيش أو -في حالة إذا لم تجدها- تستغلّ أول إجازة، وتعود إلى مصر، وتبحث بين معارفك عمن تناسبك؛ لتُكمل بوجودها في حياتك ذلك النقص العاطفي الذي تحس به. وفّقك الله يا عزيزي.. تحياتي.