اللواء أحمد العوضي ل"الشاهد": سيناء تشهد طفر غير مسبوقة وتنمية كبيرة    هيئة الدواء تعلن بدء تفعيل بنود مذكرة التفاهم بين مصر وكوبا (تفاصيل)    المركز المصري للفكر والدراسات: زيادة 60 مليار جنيه في باب الأجور بموازنة 2024    عضو جمعية الاقتصاد السياسي: يمكن للمستثمر الاقتراض بضمان أذون الخزانة    وزير التموين: 9 ملايين مواطن يحصلون على رغيف العيش ب1.25 جنيه    وقع في اليابان.. كوريا الشمالية تطلق صاروخا باليستيا    حل البرلمان البريطاني رسميا    الجيش الأمريكي يعلن تدمير مسيرتين ومنصتي صواريخ للحوثيين في اليمن    الجزائر تدعو مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته إزاء الجرائم المرتكبة فى غزة    أوكرانيا: ناقشنا مع تركيا التعاون فى مجال الطاقة الداخلية فى البلاد    حركة فتح: نتنياهو يستغل حرب غزة لخدمة مصالحه الشخصية في الانتخابات    مجدي طلبة: حسام حسن قادر على النجاح مع منتخب مصر    أولمبياكوس بطلا لدوري المؤتمر الأوروبي بهدف قاتل أمام فيورنتينا    كهربا: أقترح إقامة مباراة بين الأهلي والزمالك لمساعدة غزة    بيبو: التجديد ل معلول؟ كل مسؤولي الأهلي في إجازة    الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الخميس    ضبط سيدة تبيع السلع المدعومة بالسعر الحر.. نصف طن سكر مدعم و203 زجاجة زيت و800 كيلو عسل    تضامنًا مع غزة.. رامي صبري يطرح أغنية «القضية مكملة» (فيديو)    «البوابة نيوز» تهنئ قناة القاهرة الإخبارية على حصدها جائزة التميز الإعلامي العربي    ياسمين صبري: أتمنى أمثل مع توم كروز وليوناردو دي كابريو    ما حكم التأخر في توزيع تركة المتوفى؟.. «الإفتاء» ترد    وزير الصحة يبحث مع سكرتير الدولة الروسي تعزيز التعاون في مجال تصنيع الدواء والمعدات الطبية    رسالة عن طريق كهربا.. إمام عاشور لشيكابالا: أنا في حتة تانية    كهربا: لن ألعب فى مصر لغير الأهلي وبإمكانى اللعب على حساب مرموش وتريزجيه فى المنتخب    عاجل.. الأهلي يفاجئ الجميع في رحيل علي معلول    73.9 مليار جنيه قيمة التداول بالبورصة خلال جلسة الأربعاء    وزيرة الاقتصاد التونسي تؤكد ضرورة توفير المناخات الملائمة للقطاع الخاص في البلدان الأفريقية    «فقدت عذريتي وعاوزة حقي».. مأساة لا تصدق لفتاة اغتصبت على يد خطيبها 11 يومًا متواصلة (فيديو)    دون خسائر بشرية.. السيطرة على حريق محل لعب أطفال في الإسكندرية    مواجهات عنيفة بين فلسطينيين وقوات الاحتلال في قرية حوسان غرب بيت لحم    مع زيادة سعر الرغيف 4 أضعاف .. مواطنون: لصوص الانقلاب خلوا أكل العيش مر    أحمد عبد العزيز يكتب // الإدارة ب"العَكْنَنَة"!    وفاة الفنانة التركية غولشاه تشوم أوغلو    بعد مراسم مماثلة ل"عبدالله رمضان" .. جنازة شعبية لشهيد رفح إسلام عبدالرزاق رغم نفي المتحدث العسكري    الحكومة: أي تحريك للأسعار لن يأتي على حساب المواطن.. ومستمرون في دعم محدودي الدخل    حصري الآن..رابط نتائج الرابع والخامس والسادس الابتدائي الترم الثاني 2024 بالسويس    محافظة القاهرة تشن حملات على شوارع مدينة نصر ومصر الجديدة لرفع الإشغالات    مدير تعليم الإسكندرية يجتمع مع مدربي برنامج استراتيجيات التدريس التفاعلي    "الصحة الفلسطينية" تعلن استشهاد مسعفين جراء قصف الاحتلال سيارتهما في رفح    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الخميس 30 مايو 2024    المهاجم رقم 3؟.. رد قوي من كهربا على تصريح كولر    حظك اليوم برج الجدي الخميس 30-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. فرصة عمل مناسبة    تعزيز التعاون بين الإيسيسكو ومركز الحضارة الإسلامية بأوزبكستان    حظك اليوم برج القوس الخميس 30-5-2024 مهنيا وعاطفيا    في ذكري رحيله .. حسن حسني " تميمة الحظ " لنجوم الكوميديا من الشباب    استغل غياب الأم.. خمسيني يعتدي جنسيًا على ابنتيه في الهرم    الإفتاء توضح حكم التأخر في توزيع التركة بخلاف رغبة بعض الورثة    مدير "تعليم دمياط" يتفقد كنترول التعليم الصناعي نظام الثلاث سنوات "قطاع دمياط"    هل يجوز التحري عند دفع الصدقة؟.. عميد كلية الدعوة يوضح    تخصيص 65 فدانًا لصالح توسعات جامعة الأقصر بمدينة طيبة    صحة الدقهلية: 7 عمليات بمستشفى المطرية في القافلة الطبية الثالثة    مدير مستشفيات بنى سويف الجامعي: استقبال 60 ألف مريض خلال 4 أشهر    بدء حملة لمكافحة القوارض عقب حصاد المحاصيل الشتوية في شمال سيناء    واجبات العمرة والميقات الزماني والمكاني.. أحكام مهمة يوضحها علي جمعة    ما هو اسم الله الأعظم؟.. أسامة قابيل يجيب (فيديو)    رئيس جامعة المنوفية يعلن اعتماد 5 برامج بكلية الهندسة    هيئة الدواء: تسعيرة الدواء الجبرية تخضع لآليات محددة ويتم تسعير كل صنف بشكل منفرد بناء على طلب الشركة المنتجة    شروط ومواعيد التحويلات بين المدارس للعام الدراسى المقبل.. تعرف على الأوراق المطلوبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من قال إن البلاء غضب من السماء؟!
نشر في بص وطل يوم 09 - 11 - 2010

ما أكثر المشاكل الإنسانية، وما أعقدها، حتى إن الإنسان المؤمن أحيانا ما يخونه إيمانه، فيأتيه الشيطان في لحظة ضعفه ليوسوس له حتى يردّد في نفسه:
"حاسس من كتر المشاكل اللي في حياتي إن ربنا غضبان علي"..
أو "مش معقول كل اللي بامُرّ بيه ده يكون بلاء من ربنا.. ده أكيد غضب عليّ علشان باعمل حاجة غلط، أو عملت حاجة غلط"..
أو تأتي أصوات المحيطين بصاحب أو صاحبة البلاء، وكأن أصحاب هذه الأصوات يريدون أن يفسّروا حاله أو حالها، فتسمع عبارات مثل:
"لو اتقى الله كان حاله اتغير، وبقى أحسن من كده"..
أو "لو كانت تعرف ربنا ما كانش ربنا عمل فيها كده"..
أما حديثي هذا فهو بمثابة رسالة لنفسي أولا، ولكل صاحب بلاء.. في جسده أو عمله أو ماله أو زوجه أو ولده أو حتى فيهم جميعا..
رسالتي هذه لأصحاب القلوب التي آلمتها أحداث في حياتها، أو جرحتها مواقف لم يتحمّلوها..
حديث واحد لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحسم داخل كل أصحاب البلاء هل الله غاضب أم إنه يطهّر الإنسان من الذنوب.. أم إنه يريد أن يرفعه درجة لا ينالها بعمله؟
جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال له: إني أحبك يا رسول الله.. فقال له: "أبشر بالفقر"، فقال الرجل: وإني أحب الله.. فقال له: "أبشر بالبلاء".
أرأيتم بشرى المحبين؟ الفقر من كل شيء، والبلاء في كل شيء.. هذا هو ثمن الحب لله ورسوله.. أن يطهّره الله من أدران هذه الحياة الكاذبة.. ويظل العبد ناظرا لربه، متوكلا عليه، متطلعا لوجهه الكريم..
دعْ أنوار هذا الحديث تتسلل لقلبك رويدا، وعُد معي لسيدنا موسى، وما ورد في الأثر أنه سأل الله أن يريه كيف يفعل بأحبابه، فماذا رأى؟ وماذا وجد؟
أمره الله أن يصعد للجبل، وهناك سيلقى أحد أحبابه.. فلما صعد للجبل وجد رجلا تنهش لحمه السباع! فتعجّب سيدنا موسى من أمر ربه، وسأل ربه: أهكذا تفعل بأحبابك؟ قال رب العزة: "هكذا أفعل بأحبابي"..
ثم هيا بنا نعرج على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل"، فهل ذنوب الأنبياء كثيرة للدرجة التي تستوجب أن يلقى سيدنا إبراهيم في النار، ويأمره الله في الرؤيا أن اذبح ولدك؟؟ أي بلاء هذا؟ إنه كما وصفه الله بلاء مبين..
وكيف بسيدنا يونس الذي سُجِن في بطن الحوت؟ ويوسف الذي ابتُلي بالإلقاء في البئر ثم الإلقاء في السجن؟ ثم أنتم ببلائه أعلم..
وماذا فعل أيوب الذي ابتُلي في كل شيء؟ وكان أكرم الخلق وأكثرهم صبرا وصدقا ويقينا في زمنه.. والذي لم يؤلمه قبل أن يرفع عنه البلاء سوى أنه حين جاءه رجلان ليزوراه أن همس أحدهما في أذن الآخر وقال: "لو كان أيوب هذا تقيا لما فعل الله به هذا"، وهنالك دعا ربه أن يرفع عنه حتى لا يُتّهم في دينه..
وماذا فعل الحسن الذي قُتِل مسموما؟ والحسين أطهر الخلق الذي طافت رأسه مقطوعة في البلاد؟ وماذا فعلت السيدة زينب ونساء أهل البيت الذين نزل فيهم قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}.. حتى يُذبحوا ويشرّدوا ويطاف بهم كالغرباء في البلاد؟؟
لقد طهّرهم الله من كل شيء، خلع عنهم كل متعة من متع الحياة، بل ومنهم من سلبه الروح ثمنا لهذا الحب، جعلهم يتحملون فوق ما تتحمل الجبال الرواسي، فتراهم الملائكة، وتعرف كيف أن الله حين خلق آدم، وكانت الملائكة تعلم أن في ذريته الأشقياء الذين سيملأون الأرض فسادا.. كيف أن الله يعلم ما لا يعلمون، وأن فيهم الصالحين الذين تجاوزوا الملائكة أنفسهم حبا وقربا ورضا.. وأنه خلق بشرا وأعطاهم العقل ليختاروا، فكان حبهم لله هو اختيارهم، وتحملوا في سبيل حبهم له فوق ما يحتمل كل الخلق وهم لم يروه.. آمنوا به غيبا ولم يروه، واتجهوا بقلوبهم إليه، وتحملوا في سبيله كل بلاء يقينا فيه..
فالله لا يبتلي مسلما بلاء إلا ليحطّ عنه خطيئة أو يرفعه درجة أو ليخلصه من كل شوائب الدنيا ليلقاه وليس فيه منها شيئا..
أليست هذه هي الرحمة بعينها؟
ولو كان الإنسان عاصيا مذنبا ثم يأتي الله ليخلص ذلك منه في الدنيا لينجيه من نيران يوم القيامة.. أليس هذا هو منتهى الحب ومنتهى الرحمة؟؟
أليس من صبر وجد الله معه؟ فكيف يكون الصبر إلا على ما نكره؟ يدفع إلينا البلاء فنصبر، فيذكرنا الله في الصابرين.. أو ندرك رحمته وهو يرفعه عنا فنشكر فيذكرنا في الشاكرين، أو نسجد ونحن نطلب منه مغفرة ورحمة فيذكرنا في الساجدين..
إن كل شيء يمرّ بالمسلم الذي شهد بأن الله واحد وأن محمدا هو نبيه ورسوله، عطاء رحمة من الله، وكلما اشتدّ البلاء اشتدّ العطاء، وازداد الجزاء، فلنحسن الظن بالله؛ فهو ليس المنتقم كما نفهم معنى الانتقام نحن البشر.. هو ينتقم من الظالمين الكافرين، وليس من المؤمنين العصاة، أو المذنبين الخطائين، وكيف وقد قال رسوله الكريم: "كل ابن آدم خطّاء وخير الخطائين التوابون"..
أما المسلم الذي عرف ربه فيرى حتى اسم المنتقم اسما من أسماء الرحمة، فيقول لرسول الله:
ولن يضيق رسول الله جاهك بي إذا الكريم تحلّى باسم منتقمِ
أما ما يدفعني لهذا الكلام فهو ما يأتينا من رسائل القراء التي تنبض بآلامهم وشكواهم، والتي تتضمن مثل هذه العبارات التي وضعتها في صدر المقال.. كلمات يقولونها وهم في عمر الشباب، ولا يدرون أنهم بها يسيئون الظن بالله وبأنفسهم.. في حين أن الله أمرنا بأن نحسن الظن بمن يبتليهم، ودليل ذلك ما جاء في حادث الإفك، حينما ابتُلي الرسول الكريم فيما قيل عن السيدة عائشة -رضي الله عنها- وابتُليت عائشة بما أساء لعرضها، وابتُلي أبو بكر الصديق، وأوذي في نفسه وابنته، والأهم أنه أوذي في رسول الله، فماذا قال تعالى لمن يرون هذا البلاء:
{لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ المُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا}.. أي أن الأولى بالمؤمنين والمؤمنات أن يظنوا بأنفسهم خيرا..
حديث أوجهه لنفسي أولا، وللمتألمين من أصحاب البلاء ثانيا، ولكل من اطّلع على بلاء غيره ثالثا، إن الله رحيم بنا، ويريد بنا اليسر، والله لا يبتلي عبدا إلا وقد جعل هذا الابتلاء قربى إليه.. ونحن عبيد إحسان لا عبيد اختبار.. وحسن الظن بالله وبأنفسنا يقينا كثيرا من الحزن، وكفى بالبلاء وطأة.. فليتنا نتذكّر هذا دائما حتى لا نجمع بين شدة البلاء وجحيم سوء الظن..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.