سنة أولى قصة.. باب جديد ينضم إلى ورشة "بص وطل" للقصة القصيرة سننشر فيه بالتتابع القصص التي تعدّ المحاولات الأولى للكتّاب في كتابة القصة البسيطة. تلك الكتابات التي لا تنتمي لفن القصة القصيرة بقدر ما تعد محاولات بدائية للكتابة.. سننشرها مع تعليق د. سيد البحراوي حتى تتعرّف على تلك المحاولات وتضع يدك على أخطائها.. وننتظر منك أن تُشارك أصحاب تلك المحاولات بالتعليق على قصصهم بإضافة ملاحظات إضافية حتى تتحقق الاستفادة الكاملة لك ولصاحب أو صاحبة القصّة.. "دموع متأخرة"
إهداء .. إليه مازالت روحك تطوف حولي ، تغمرني ، تُشعرني بالأمان - أريد أن أذهب لرؤيته يا أمي . بهذه الجملة القصيرة أتطلع لأمي في شوق ولهفة وأطلب منها الذهاب لرؤيته ؛ فبصدق قد إشتقت إليه ، وأنت حينما تشتاق تجد كل جوارحك تتحرك لتلبية هذا الشعور ، لكن من قال أن المُشتاق تبرد ناره . - اجلس وتابع دروسك ؛ الامتحانات على الأبواب . هكذا دوما ً الأمهات يرون أولادهم أوغاد أشقياء كل مهمتهم بالحياة تضييع الوقت والهروب من المذاكرة من أجل اللعب، ولا ترى الأمهات في حياة أولادها سوى مذاكرة وامتحانات في الصغر، وزواج وهم ونكد في الكِبر . لكن من يستطيع فِهمي ؟ ما بداخلي لا يشعر به أحد . قديما ً قال المتنبي – إمبراطور الشعر – " لاتعذل المشتاق في أشواقه .. حتى يكون حشاك في أحشائه " من يستطيع الولوج إلى أحشائي الآن ليعرف كم أشتاق له .. كم أحبه .. وما مقدار لهفتي لرؤيته ؟ أخشى أن يحزن لأنه لم يراني ، لأنني تأخرت عليه .. فهو يحبني أكثر مما أحبه ، يلفني بكل ما أوتي من مشاعر الحنان والعطف .. قد لا أجيد التعبير عن مشاعري ، ربما لم أقل له مباشرة ً عما أكنه له من حب ، لكنه بالتأكيد يشعر بي .. كيف حاله الآن ؟ .. هل أصبح أفضل ؟ .. هل استطاع الأطباء إنقاذه ؟ - سأذهب لصلاة المغرب بالمسجد يا أمي . زفرت بهذه الجملة لأمي في ضيق واضح فهي تظن أنني سأذهب للصلاة فقط لأراه ، رغم أنني سأذهب للدعاء له . - اذهب للصلاه ، وادعو له بالشفاء، وأنت عائد قم بزيارته . تقولها أمي بابتسام .. غريب أمر هؤلاء الأمهات .. يترفعون في البداية عن أمر ما ويشعرونك أنه من الكبائر التي نهانا الله عنها ، ثم يعودوا ببساطة شديدة ليوافقوا. اقطع الطريق إلى المسجد هرولة ! تمنيت لو أن صلاة المغرب أصبحت ركعتين .. مال للصلاة قد طالت اليوم !! الوقت يمر ببطء كالسلحفاة .. أشعر أن عقارب الساعة تسير يساراً لا يميناً . انتهى أخيراً الإمام من صلاته ، لم أعد أطيق صبراً بالبقاء ، منزله بالقرب من المسجد .. جريت مسرعاً .. اكتشفت بالطريق أنني عاري القدمين !! ليس مهما ً ، المهم أن أراه .. أنظر بعينيه ، أقبل جبهته ويديه . ها أنا ذا قد وصلت لناصية الشارع .. لكن ما هذه الأصوات ؟!!! .. صراخ ، وعويل ، ونحيب ما أعظمه !! هل حدثت الفاجعة ؟!!! السواد يغمر الطريق ، أكاد لا أرى أمامي .. " شد حيلك " .. " البقية في حياتك " .. كلمات يرددها الناس لي وأنا في الطريق لبيته .. لا أكاد أعي ماذا يدور حولي ؟ حتى انتشلني أبي من صمتي ، وصدمتي .. - جدك مات يا ابني ، ادعو له . ماذا ؟!! .. كيف مات ؟!! .. لماذا لم ينتظرني ؟ .. فقط كنت أريد رؤيته ولو لآخر مرة .. كنت أريد أن أقول له لاتتركني .. كنت أتعشّم أن يعرف مقدار حبي له .. هل رحل غاضبا ً مني ؟ لأني لم أقم بزيارته اليوم .. يا للأقدار!! .. أقرب الأشخاص لقلبي يرحل دون حتى رسالة وداع ، دون أن ألقي نظرة أخيرة . مشاعر عنيفة ومختلفة تلك التي سيطرت على روحي ، لم أستوعب الكثير حينها وأنا اخترق الجموع المنهارة ، والنساء المصريات اللآتي تنشق الأرض عنهن بمثل هذه المواقف ، حتى أن دموعي قد احتبست وقتها .. نعم ، لم أذرف دمعة ً واحدة ، رغم أن عمري لم يكن قد تجاوز الثانية عشر .. ومعروف عن من هم بهذا السن عدم تحملهم لمثل هذه المواقف . لكن جدي قد جعل مني رجلا ً .. كنت أريد أن أكون بمثل جسارته وقوته وعظمته . - تعال معي وقبّله قبلة الوداع . طلب مني أبي هذا الطلب ، ولكني بالطبع رفضت بشّدة !! .. كيف أراه مجفل عيناه ؟ لا يرد عليّ سلامي بحنانه المعتاد ، كيف أرى جدي جثة لا تقوى على الابتسام ؟ محال أن أفعل ذلك .. سأكتفي بصورته الخالدة في ذهني ، ابتسامته التي لا تفارق مخيلتي ، وشخصيته التي كانت مضرب للأمثال .. لا ، لن يموت مادمت حيا ، لن يموت ما دمت أشتري ملابس جديدة ، وطالما سافرت صيفاً للتنزه .. سيظل أمامي كلما فرحت ، وكلما اشتريت الحلوى التي أفضلها . مرت كل هذه الأطياف الحزينة أمامي في ذكرى وفاته كشريط ذكريات أليم . آه !!!!!ٍ عميقة خرجت رغماً عني .. كم تمنيت أن أخبرك بأني أبادلك نفس الحب ؟!!! كنت حفيده المُقرب ، وكان هو ذلك الأقرب لي في هذه الدنيا . وجدت نفسي أبلل وسادتي بشلالات من الدموع .. لكنها كانت دموع متأخرة . حازم دياب التعليق: حازم يملك اللغة الجيدة (رغم الأخطاء القليلة)، لكن النص جاء مجرد خواطر لا تحمل دراما أو بناء. د. سيد البحراوي أستاذ الأدب العربي الحديث بكلية الآداب، جامعة القاهرة
ملحوظة ينشر الموقع القصص كما وردت من أصحابها، أي دون تدخل بالمراجعة، وذلك لأن الجوانب الإملائية واللغوية والتنسيقية يُعتد بها في تقييم النص. لذا وجب التنبيه، وشكرًا.