وسط حضور جماهيري مكثّف عُقدت أمس (الأحد) بمكتبة "أكمل" ندوة لمناقشة وتوقيع كتاب "اللاهوت العربي وأصول العنف الديني"، بحضور كاتبه د. يوسف زيدان، وأدار الندوة الشاعر "صبري أبو علم"، الذي قدَّم "زيدان" على أنه أصغر دكتور في مصر يحصل على درجة الأستاذية في الفلسفة. كما تعرّض للعديد مِن مؤلفاته التي تخطّت خمسة وخمسين مؤلفاً؛ مِن بينها: أربعة عشر كتاباً في الفكر والفلسفة والمعرفة العامة، وثلاثة كُتب في الإبداع، بدأت بكتاب نقدي بعنوان "التقاء البحرين"، ومعظم الكتب من الفهارس لمخطوطات الدنيا والدين التي عمل على تجميعها من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، أما باقي الكتب فهي في التصوّف الإسلامي. وأشار "أبو علم" إلى كتاب "اللاهوت العربي" باعتباره كتاباً فكرياً يُعيد النظر ويساعد على التحليل والتفكّر فيما توارثناه من ثوابت لا نقترب منها. بدأ "زيدان" حديثه باسترجاع بعض ذكريات كتابه الأوّل الذي صدر عام 1987، وكان عن مخطوطة وحيدة في العالم ل"عبد الرحمن السلمي" والتي كانت موجودة بمكتبة "البلدية"، ثم بدأ يحكي عن رحلته لنشر هذا الكتاب والتي استغرقت سنتين، رغم أن كتابه الثاني لم يستغرق نشره أكثر من شهرين في سلسلة "أعلام العرب". "زيدان": العلم الإلهي في الديانات السماوية كان يُعالج فكرة الدعوة للإله الواحد "الجاهلية" لم تكن تعني أبداً الجهل وأشار إلى تجربة د. "عبد الرحمن بدوي"، وسيرته الذاتية التي استفاد منها في عدم خروجه من الإسكندرية، واستقراره في أي مكان آخر بعيد عنها؛ لأن ارتباطه بالمكان كان فكرة أساسية لديه. وتحدّث عن هوسه بالتراث العربي الإسلامي، وأنه لم يتمكّن من فهمه دون النظر لمقدّماته، فعاد إلى "الجاهلية"، وأكّد أن المقصود بهذه الكلمة لم يكن أبداً الجهل وإنما العنف والتعصّب، كما أنه كان يقصد ب"اللاهوت العربي" أنه بيان لاتصال الحلقات المسمّاة بالديانات السماوية الثلاث، وأن العلم الإلهي من اليهودية حتى الإسلام مروراً بالمسيحية كان يُعالج نفس الفكرة، وهي الدعوة للإله الواحد في السماء. وأوضح أن الخلافات بين المذاهب الفرعية في الدين الواحد كانت أشدّ تأثيراً وعنفاً من الخلاف بين الديانات الثلاث، كما أن العنف الديني مرتبط بالتديّن، وليس الدين، ويعدّ أحد أشدّ مظاهر وحالات العنف الإنساني. وصرّح بأنه سيقوم بعقد صالون دائم بالإسكندرية عقب انتهائه من روايته التي ستصدر آخر هذا الشهر عن دار "الشروق" بعنوان "النبطي". عقب الندوة وقع "زيدان" كتابه "اللاهوت العربي" لأفراد من الحضور صدمتي في فتوى الشيخ "حسان" كانت كبيرة ثم استقبل "أبو علم" المداخلات مِن الجمهور الذي حضر الندوة، والتي دارت أغلبها حول الثوابت في كتابة "زيدان"، ورد فعله على فتوى الشيخ محمد حسان بخصوص جواز بيع الآثار، وأيضاً ابتعاده منذ فترة عن كتابة التصوّف الإسلامي. وعقب عليها "زيدان" بأن نظرته للثوابت نفسها تغيّرت منذ وقت مبكر؛ لأنه في الوقت الذي كانت فيه مخطوطات التراث العربي الإسلامي مهجورة، كان هو يبحث فيها مع بحثه في الفلسفة الصوفية. وحول ردود فعله حول فتوى الشيخ محمد حسان، أكّد "زيدان" اعتذاره عما بدر منه بخصوص الشيخ محمد حسان؛ لأن "حسان" أوضح مقصده من فتوى جواز بيع الآثار، وأن توضيحه هذا أسعده كثيراً، وكان موقفاً حكيماً من الشيخ، وأكّد "زيدان" أن ردّ فعله كان عنيفاً؛ لأن صدمته في الفتوى كانت كبيرة. وصرّح بأنه يحترم بيان الرئيس بأنه لا مساس بعقائد الآخرين، ويحاول الالتزام به، وهو بعيد حالياً عن التصوّف؛ لأن كتابة التصوّف تحتاج السكينة، وهو لا يشعر بذلك الآن. وعقب المناقشة قام بتوقيع كتابه "اللاهوت العربي"، ورواية "عزازيل" لأفراد من الجمهور الغفير الذي حضر الندوة.