السلام عليكم.. أنا من أشد المعجبين بهذا الموقع، وأيضاً من المتابعين له من فترة طويلة، وأريد أن أشكركم على مجهودكم الكبير للردّ على استفساراتنا.. أنا أول مرة أكتب لكم، وعندي مشكلة وأتمنى أن أجد عندكم حلاً شافياً. أنا متزوج من سنة ونصف بعد رحلة حب دامت 8 سنوات، وبعد كل المشاكل التي قابلتنا والصعوبات، استطعنا أن نتوّج حبّنا بالزواج، وأثمر زواجنا عن طفلة في عمر ال8 شهور. والمشكلة تكمن فيّ أنا؛ فبرغم أنني وزوجتي نحب بعضنا جداً؛ ولكن لا أعرف لماذا أحب التعرّف على البنات على الشات والتحدّث معهن؛ فأنا أقضي وقتاً طويلاً في العمل أتحدث مع البنات على الشات تحت مسمى الصداقة والأخوّة.. وبالفعل تعرّفت على 3 بنات تقريباً وأتحدث معهن أحياناً في التليفون. لا أخفي عليكم أن حياتنا الزوجية لا تخلو من بعض المشاكل التي لا يكاد أن يخلو بيت منها؛ ولكن زوجتي محترمة جداً وتحبني جداً. وللعلم أنا أعمل في بلد غير الذي أقيم فيه مع زوجتي، وباسافر كل أسبوع أو أسبوعين مثلاً.. هذه هي مشكلتي فأنا أريد التغيير لأني غير راضٍ عن نفسي.. وشكراً جزيلاً لكم وآسف على الإطالة.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. A.sh إذن أنت عضو جديد من أعضاء ظاهرة تعدد العلاقات، وقلت "ظاهرة" لأنها تنتشر بسرعة وتضرب نسبة كبيرة من علاقات الزواج ذات الأعمار المختلفة للأسف.. وبالطبع وجود الشات والمحمول جعل التواصل أسهل وأسرع وأوفر للوقت؛ فالرنات والماسدجات والكاميرات والسماعات، كلها أذابت الحواجز وقطعت مسافات ضخمة بين البشر. وتعدد العلاقات يصل في بعض الحالات لدرجة الإدمان الذي يحتاج لعلاج متكامل للشفاء منه، ويحتاج لوقت وجهد ومقاومة؛ فإدمان الشات وحده أصبح إدماناً يتم معالجته مثل علاج الشخص المدمن للمخدر تماماً، وله أعراض انسحاب وخطة علاج. سؤالك هو: لماذا يحدث ذلك؟ وأستطيع أن أقول لك عدة أسباب؛ منها طبيعي ومنها مَرَضي، وستكون الكرة في ملعبك لتتعرف أنت على حقيقة السبب لديك ثم نتحدث عن طرق المقاومة: - غريزة الفضول ومعرفة واستكشاف الأسرار فهذه الغريزة فطرية، ولولاها ما وجدنا العلماء ولا المفكّرين ولا أصحاب النظريات التي غيّرت التاريخ؛ ولكن لأننا لسنا كلنا علماء؛ فحين نضعف نستخدم تلك الغريزة في غير هدفها الصحيح فتتحول لنقمة برغم كونها نعمة. - الملل ورتابة الحياة الزوجية؛ فالإنسان يملّ من رتابة الأحداث واستقرار المشاعر وخمودها بعد اشتعالها؛ فعدم النضوج في فهم طبيعة تطوّر العلاقة الزوجية تجعل كثيراً من الأزواج يفسّرون أن تغيّر طبيعة العلاقة الزوجية من مرحلة لمرحلة مجرد رتابة؛ فينشأ بداخلهم رغبة في كسر الملل وتخطي الحدود، ولاحظ أنك كنت في حالة وَهَج عاطفي ومغامرات لمدة سنوات لتحصل على زوجتك، ثم حدث استقرار وانشغال بالطفلة، وساعدك على ذلك وجودك في مكان آخر، بعيداً عن نظرة المجتمع وتقييمه؛ فالمناخ مناسب لتُظهر رغبتك في الانفلات. - فشل علاقة الرجل بأمه؛ حيث إن فشل تلك العلاقة تجعل الابن في حالة احتياج ليروي حرمانه العاطفي الذي فقده مع أمه، فيحاول الحصول عليها -دون وعي منه- من خلال تعدد العلاقات مع الفتيات؛ ولكنه لا يرتوي أبداً. - نرجسية الشخص؛ فالنرجسي يأخذ دائماً، ويشعر بأنه طاووس وأنه محور الكون؛ فيجعل كل ما في حياته مسخّراً لخدمة هذا المعنى ومن ضمن إرضاء نرجسيته أن يشعر بأنه مرغوب من فتيات عديدة، وأنه محور اهتمامهم ورعايتهم. - الدونجوانية وهي نوعان، دونجوان أي رجل جميل الملامح، وله صفات رقيقة تشبه الأنثى؛ فيكون بداخله رغبة لتأكيد رجولته التي تهتزّ من نظرته لنفسه أو من نظرة الناس من حوله؛ فيقوم بتأكيد معنى رجولته دون وعي منه بالإكثار من تلك العلاقات.. والنوع الآخر "كازانوفا" القبيح؛ فهو رجل ملامحه قبيحة، شَعَر بالرفض من أمه وهو طفل فتملكّته الرغبة في إثبات قدرته على امتلاك قلوب الفتيات رغم قبحه؛ فيلجأ لأسلوب شيق وجذاب؛ حيث يقتحم الفتيات ويتصرف تصرّفات تجذب انتباههن برغم قبحه وبالفعل ينجح. - الشخص السادي الذي يهوى ويتلذذ بتعذيب الآخرين ورؤية آلامهم؛ فحين يتعرف على فتيات كثيرات ويتعمد أن تعرف كل واحدة أنه يعرف أخرى يحفّز غيرتهن وعذابهن فيتلذذ بذلك جداً، أو الشخص الذي يكره أمه فيريد أن يعاقبها ويمارس عدواناً عليها -حتى دون أن يعي ذلك- فيلجأ لتلك العلاقات وإيذائها ليحقق رغبة الانتقام بداخله تجاه أمه. - الفاقد لثقته بنفسه؛ فبعض الأشخاص فاقدي الثقة بالنفس لا يشعرون بوجودهم أو ثقتهم بأنفسهم؛ إلا بتعدد تلك العلاقات فيشعر أنه موجود وواثق من نفسه. - ضعف الوازع الديني، وعدم مراقبة الله سبحانه وتعالى؛ فيصبح كل شيء متاحاً وسهلاً. - قد يكون ردّ فعل غير سليم لعدم إشباع زوجتك لك عاطفياً بعد انشغالها بالطفلة، وكذلك قد يكون لشعورك الخفي عليك بأنك انتقلت من مرحلة الشباب والمغامرات، وجلست في خانة المتزوجين -اللي راحت عليهم- فترغب في رفض تلك الفكرة فتلجأ لتلك العلاقات. هذه معظم الأسباب التي تجعل الرجل من متعددي العلاقات العاطفية -أو دون عاطفة- قد يكون منها ما هو قريب منك والآخر بعيد؛ ولكن الواقع الذي نراه ممن يقعون في ذلك التعدد يجعلني أحذّرك من أمور لا تتصورها؛ فكثيراً منهم من يصاب بمشكلات نفسية؛ لأنه يفعل أموراً لا يرضى عنها، ويشعر بأنه خائن لمن يحبه وعاصٍ لربه فيحدث صراع نفسي رهيب يجعله مريضاً نفسياً يحتاج لعلاج وتدخّل نفسي.. ومنهم من اكتشفت زوجاتهم خيانتهم فخسروا زواجهم واستقرار بيوتهم وسعادة أبنائهم، أو على الأقل خسروا ثقة زوجاتهم؛ فتحولت حياتهم لجحيم وشكّ ومشكلات تزداد يوماً بعد يوم؛ حيث تفقد الزوجة صوابها فتتجسس على الزوج وتحاصره وتضيّق عليه، وبعضهن يفقدن حكمتهن ويقابلن خيانة أزواجهن بخيانة مماثلة كردّ فعل للصدمة.. ومنهم من وقع ضحية لإحدى الفتيات المستغلّات على الإنترنت، وظلّ يدفع ثمن خيانته وفضحه كثيراً، وغيره الكثير الكثير. لذا عليك أن تنتبه لما قد تسوقك قدماك له، ولا تثقْ بأنك ستظلّ تعبث طويلاً دون عقاب؛ فلتكن مقاوماً محترماً تحفظ العشرة وتشكر الله سبحانه على نعمه وفضله. ويمكنك أن تساعد نفسك بالتالي: * الالتزام بوضع حدود عامة لك في التعامل مع الفتيات بشكل واضح، والتفرقة بين الزميلة والجارة.. إلخ؛ حتى لا تقع في مثل تلك العلاقات التي تبدأ بإذابة العلاقة الرسمية في التعامل. * اشغل وقت فراغك بهوايات أو رياضة أو أعمال تهواها؛ ولكن على أن تكون تلك الأمور حقيقية وعميقة بداخلك لتحوز على تفكيرك ووقتك دون ملل. * الاهتمام بتغيير رتابة العلاقة الزوجية وأيامها كل فترة؛ حتى لا تُصاب بملل يُعيدك لتلك العلاقات؛ فتجدِّد المكان والحديث وأن تتذكر معها ذكرياتكما القديمة أو تذهبا لأماكن كنتما تذهبان إليها من قبل، وليكن بينك وبينها حوار هادئ لطيف لتراعي ما قد يكون سقط منها لانشغالها بالطفلة كتجديد طريقة لبسها أو نوع الحوار أو الشكل أو غيره. * اعمل لنفسك مخططاً ذاتياً فيه مكافأة وعقاب كلما نجحت أو أخفقت على أن تتدرج مع نفسك في النجاح وتكافئ نفسك مكافآت جميلة وتتمناها، وكذلك تعاقب نفسك بأمور تضايقك أو تؤلمك. * قوِّ صلتك بالله سبحانه وتعالى وانخرط في أنشطة وعلاقات اجتماعية نظيفة تعيدك لصوابك كلما ألحّ عليك التفكير في ذلك. * استشعر ما قد تجلبه الأيام عليك لو ظللت هكذا وذكّر نفسك بمعنى الإخلاص والوفاء، وأنها من شِيَم الرجل الحقيقي.