يحفُل تاريخنا العربي بكثيرٍ من النوادر والطرف والفكاهات، التي تخبرنا عن ظرفاء العرب وحكمائهم أيضاً.. نتخير بعضاً منها لنقرأه سوياً؛ علها ترسم بسمة على شفاهكم، وتنقل لنا ولكم لمحات من زمانهم الذي عاشوا فيه! *********** أشعب والجدي المشويّ حضر "أشعب" مرة مائدة بعض الأمراء، وعليها جدي مشوي فجعل أشعب يسرع في أكله فقال له الأمير: أراك تأكله بنَهَمٍ كأن أمه نطحتك! فقال أشعب: وأراك تشفق عليه كأن أمه أرضعتك. *********** الحسود والبخيل وقف حسود وبخيل بين يدي أحد الملوك؛ فقال لهما: اقترحا عليّ فإني سأعطي الثاني ضعف ما يطلبه الأول؛ فصار أحدهما يقول للآخر: أنت أولاً، فتشاجرا طويلاً، وكان كل منهما يخشى أن يقترح أولاً، لئلا يصيب الآخر ضِعف ما يصيبه؛ فقال الملك: إن لم تفعلا ما أمرتكما به قطعت رأسيكما؛ فقال الحسود: يا مولاي اقلع إحدى عيني. *********** لي في النهار صرعتان خرج الحجاج بن يوسف للصيد والقنص، فضلّ الطريق، فقابله أعرابي يرعى غنماً؛ فسأله الحجاج: ما رأيك يا أعرابي في الحجاج؟ فقال: لا حيّاه الله و لا بيّاه، هو ظالم غاشم. فقال الحجاج: و ما رأيك في الخليفة عبد الملك بن مروان؟ فقال: لعنة الله عليه، أليس هو الذي سلّط علينا الحجاج؟ ثم تداركت الخيل الحجاج والتفّت به، فذُعر الأعرابي، وقال الحجاج: هل تعلم من أنا؟ قال الأعرابي: لا. قال الحجاج: أنا الحجاج بن يوسف. قال الأعرابي: وأنت هل تعلم من أنا؟ قال الحجاج: لا. فقال الأعرابي: إني مجنون من بني عجل، ولي في النهار صرعتان وهذه أولاهما. *********** للثعلب في رأس الذئب موعظة روي عن الشعبي أنه قال: خرج أسد وذئب وثعلب يتصيدون فاصطادوا حمار وحش وغزالاً وأرنباً؛ فقال الأسد للذئب: اقسم. فقال: حمار الوحش للملك والغزال لي، والأرنب للثعلب قال: فرفع الأسد يده وضرب رأس الذئب ضربة فإذا هو منجدل (صريع) بين يديه. ثم قال للثعلب: اقسم هذه بيننا، فقال الحمار يتغدى به الملك والغزال يتعشى به والأرنب بين ذلك، فقال الأسد: ويحك ما أقضاك! من الذي علّمك هذا القضاء؟ فقال القضاء الذي نزل برأس الذئب.