السلام عليكم.. أنا زوجة عمري 30 سنة، ومعايا 5 أطفال؛ برغم إني متجوزة من خمس سنين بس، والسبب في كده إن زوجي مش عايزني أنظّم خالص في الإنجاب، وحاولت كتير أقنعه إن ده مش كويس على مستقبل أولادنا؛ بس مش راضي يقتنع؛ فرضيت بالواقع وقلت مش مشكلة ربنا موجود معايا. بعد كده ربنا رزق جوزي بسفر للخارج وقال لي إنه هيسافر وحده، وبعد كده هيبعت ياخدني أنا والولاد.. وهناك اشتغل كويس جداً، وبقى معاه فلوس كويسة تؤمّن مستقبلنا كويس أوي؛ لكني اتفاجأت بيه مش راضي يبعت لي ويتحجج بأنه هينزل قريّب؛ فصبرت، وهو كمان كان بيكلمني كويس وبيبعت لي مصاريف دايماً؛ لكني اكتشفت بعدها إن راتبه هناك يُعتبر أضعاف أضعاف مصاريفي اللي بيبعتها، وعرفت كمان إن فلوسه كلها بيحوّلها على أخوه، وأخوه ده مش متجوز. في الأول ما صدقتش إنه بيبعت فعلاً على أخوه؛ لكني بعد كده لاحظت على أخوه ده غنى غريب، وإنه فتح مشروع كويس ومعاه رأس مال كبير، وكمان أنا متأكدة إنه مش بيشتغل ولا حتى كان فيه ميراث يعمل كل ده؛ فحاولت أقنع زوجي إن ده غلط وإن أولادي أولى بالفلوس دي، وما فيش أي مستقبل ليهم خالص؛ لكنه رفض تماماً لأنه حاسس إني مسرفة وهاضيّع فلوسه، عشان كده مش بيبعت لي غير على قد المصاريف بس؛ مع إن ربنا يعلم إني حاملة همّ ولادي قد إيه ومش باضيّع مليم في الفاضي أبداً عشانهم. فكّرت في الانفصال؛ لكني لو انفصلت أخاف برضه ما يسألش في ولاده وأضيع أنا وهمّ وحدنا، أو ممكن ياخدهم مني، وما اعرفش أشوفهم، وحتى أنا ما ليش دخل ثابت ممكن أنفق على ولادي منه. بجد احترت جداً من كتر التفكير، وهو نازل إجازة قريّب ومنبّه عليّ إني ضروري أمنع أي وسائل لمنع الحمل عشان أحمل وأجيب السادس.. بجد خايفة قوي ومش قادرة أفكّر.. يا ريت حد ينصحني. m.h وعليك السلام ورحمة الله وبركاته صديقة "بص وطل" العزيزة.. مشكلتك صديقتي ليست في إجبار زوجك لك حتى لا تستخدمي وسائل تحديد النسل؛ إنما المشكلة أنك لم تعرفي وتتأكدي أن الأولاد هبة من الله تعالى يهبها لمن يشاء ويمنعها ممن يشاء قال تعالى {يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذكور، أو يزوجهم ذكرانًا وإناثًا ويجعل من يشاء عقيمًا إنه عليم قدير}. إذن صديقتي الإنجاب هبة وليس بالمنح أو بالمنع؛ بمعنى أنه لو استخدمتِ كل وسائل منع الحمل التي على الأرض وأراد لك الله الذرية فستأتي.. وحولك الكثير من القصص: مَن حملت على اللولب أو على الحبوب أو غيرها. وحولك أيضاً من لم يقدّر لهم الله الأبناء ويذهبون في كل اتجاه ويجربون كل الوسائل: حقن مجهري، أطفال أنابيب.. إلخ، والنتيجة العقم.. ولا راد لعلم الله تبارك وتعالى ولا لتقديره.. وهذه هي خاتمة الآية {إنه عليم قدير}؛ فهذا المنح والعطاء بعلمه وتقديره لفائدة الأولاد أو ضررهم فالأبناء زينة وعزوة، وسند.. إلخ، وهم أيضاً نقمة وشرّ كبير حذّرنا ربنا تبارك وتعالى منه. قال تعالى {المال والبنون زينة الحياة الدنيا}، وقال تعالى {إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم}. إذن صديقتي الإنجاب بعلم الله عز وجل وتقديره للخير أو للشر لمن وهبهم هؤلاء الأولاد. ولكن.. ليس معنى كلامي أن تتركي نفسك للسادس وللسابع في زمن يحتاج الأصحّاء المتعلّمين العاملين، ولن يكون أولادك كذلك إلا إذا ظلّت لك عافيتك لتقومي برعايتهم خير قيام، في ظل أبيهم ينفق عليهم من ماله ليوفيهم احتياجاتهم كاملة حتى يصلوا إلى سنّ العمل والزواج فيساعدهم أيضاً؛ البنت بالجهاز، والولد بالشقة والمهر وخلافه؛ لذلك يقول الله تبارك وتعالى {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه}. وتقول القاعدة الشرعية: "درء المفاسد مقدّم على جلب المصالح"؛ بمعنى أنك في حال اضطرار للذهاب إلى مختصّ يساعدك في وقف استنزاف صحتك بالحمل والولادة مجدداً وبالسهر والرعاية على أولاد جدد، وكل واحد منهم يحتاج لعناية خاصة؛ فهؤلاء بشر لا نعتني بهم جسدياً فقط؛ إنما نراعي نفسياتهم ودينهم وما يحبون وما يكرهون، ووسط هذه الزحمة تضيع حقوق الأبناء كما تضيع حقوق الأم. والنصائح الطبية كثيرة، وهي لن تمنع إرادة الله جل وعلى؛ ولكنك تكونين قد أخذت بالأسباب ونصحك المختصّ بالاستمرار في الحمل والولادة أو أن هذا خطر على صحتك وأولادك، وبدلاً من أم سليمة للموجودين -بارك الله فيهم وجعلهم ذرية صالحة- تكونين أماً مريضة تحتاج من يرعاها ويرعى أولادها.. وهذا بالطبع مستحيل!! إلا إذا أتى لهم أبوهم بزوجة أب.. وأنت أدرى بالباقي. أما موضوع إرساله المال لأخيه أو لأي شخص آخر؛ فهذا لا شأن لك به على الإطلاق؛ فرزق أولادك ليس في يد هذا الزوج؛ إنما بيد الله عز وجل الذي يقول وقوله الحق {نحن نرزقهم وإياكم}، وقال تعالى {نحن نرزقكم وإياهم}. ولاحظي صديقتي الآيتين لتكتشفي أن الآية الأولى يقول فيها رب العزة أنه يرزق الأولاد والأبوين، والثانية يرزقكم ويرزق الأولاد، مرتان وآيتان حتى لا يخاف الذين يقابلون وجه كريم بالموت وأطفالهم ذرية ضعاف؛ فالله وحده خالقهم وهو وحده رازقهم، وما الأب أو غيره إلا أسباب فقط؛ لذلك لا منطق ولا عقل في أن تتحجّجي برزق أولادك لتدخلي مع زوجك في منطقة محرمة. وهذه المنطقة المحرمة هي: أن تتصوري أن قلبك عليه وعلى ماله ضد أخيه؛ فأخوه هذا لا يُعوّض، أما أنت وأولادك بعد خمس سنين سيكون معه مثلكم بالتمام وربما أكثر. أو تتصوري أنه مجنون مسرف من إخوان الشياطين يعطي أمواله لمن لا يستحق وأنت فقط العاقلة الرشيدة التي تقول له افعل ولا تفعل. والأوْلى بك صديقتي أن تعرفي الحديث القدسي الذي يقول فيه رب العزة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا ابن آدم ما كان لك سيأتيك على ضعفك، وما ليس لك لن يأتيك على قوّتك، وعزتي وجلالي لأرزقنَّ من لا حيلة له حتى يتحير أصحاب الحِيَل". إذن صديقتي أمرك كله لله فتمسّكي بالله وبما يقرّبك منه، وخذي بالأسباب في مسألة الإنجاب بعد استشارة الطبيب، وقولي لزوجك ما يقوله لك الطبيب من ضعف أو أنيميا.. إلخ، كذلك لا تنظري لما في يد غيرك؛ فلو كان لك ما ذهب لغيرك، ولو كان لغيرك ما جاءك؛ فالذي يوزّع الأرزاق في المال والبنين هو الله عز وجل، ولا تنسي أنهما فتنة قال تعالى {إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم}. فاسألي الله صديقتي أن يقيك فتنة المال والأولاد ويرزقك الصبر والاحتساب والأجر العظيم.