أنا فتاة أبلغ من العمر 29 عاماً، وغير متزوجة، وأحمد الله على كل شيء لأني أعلم تماما أن الزواج رزق يرزق الله به من يشاء، ولكن المشكلة هي رغبتي الشديدة في الزواج (أقصد من الناحية الجنسية)، وكثيراً ما أشعر بشهوة ورغبة كبيرتين، وللأسف أضطر لممارسة العادة السرية.. أعلم أن هذا التصرف ليس صحيحاً؛ لأنني أصاب بالإحباط الشديد والشعور الكبير بالذنب بعدها، وأظل أستغفر الله على ما فعلت، ولكني أعاود الضعف والممارسة وتعاد الكرة.. وأحيانا أخرى أحاول أن أكبت هذه الرغبة دون أن أمارس العادة السرية، وأحاول أن أشغل نفسي ولكن دون فائدة؛ لدرجة أني أبكي من فرط عذابي.. صدقيني يا دكتورة، إن رغبتي الجنسية كبيرة بالفعل لدرجة أنني فكرت أن أذهب لطبيب متخصص ليصف لي بعض المهدئات إلى أن يسترني الله بالزواج؛ ولكني أخجل من مصارحة أي أحد بهذا الموضوع وإن كان طبيبي.. وأرجو منكم عدم نصحي بشغل وقتي حتى لا أفكر بهذه الأمور لأنني بالفعل أعمل، ولدي علاقات اجتماعية وصداقات، وأخرج من البيت كثيرا؛ ولكن هيهات.. فمازال هذا هو الموضوع الرئيسي الذي يشغل تفكيري.. أنا أشعر أن الموضوع رغبات واحتياجات أكثر من كونه تفكيراً وذهناً؛ لذلك أحيانا ما أفكر في قبول أي عريس أياً كان فقط لإشباع هذه الاحتياجات بشكل صحيح وحلال حتى أتخلص من الشعور بالذنب الفظيع الذي أشعر به بعد قيامي بهذه العادة السيئة؛ ولكن أخاف أن أظلم نفسي أو أظلم شخصاً ليس له ذنب.. أرجوكم، في انتظار الرد السريع؛ حيث إنني في شدة الاحتياج للمساعدة لأنني أتعذب. من الواضح يا صديقتنا العزيزة أنك قرأت الكثير من الردود في مضمار موضوع العادة السرية لدى الفتيات، وتعرفين بالفعل العلاج لحالتك؛ ولكنه الضعف البشري تجاه ما يعلم الإنسان أن فيه صالحه؛ ولكنه يضعف عن سلك الطريق القويم، فماذا يفعل؟ يبدأ الشيطان في الدخول من هذه الثغرة الإنسانية، ويدفع هذا الإنسان دفعاً لاتخاذ الحجج الواهية التي تبرز ضعفه؛ بحيث لا يكون مخطئاً أمام نفسه، وخاصة إذا كانت نفساً صحيحة لوامة ذات ضمير حي يقظ..
إن رسالتك يا فتاتنا العزيزة ما هي إلا كسب لنقاط تحميك من هذا التأنيب الذاتي الذي يمنع عنك أن تنامي قريرة العين، إنك إنما تودين جوازاً للمرور إلى إطلاق شرعية أدائك للعادة السرية بسبب تلك الشهوة الجنسية الملحة عليك. ولإيضاح الصورة أكثر لك ولقرائنا الأعزاء؛ فمن واجبنا أن نوضح كواليس فسيولوجيا الرغبة، وكيفية تمكنها من أي إنسان رجلاً كان أو امرأة..
هناك ما يسمى بالتغذية الانعكاسية، أي أن المشاعر بالجهاز العصبي تنتظر الإشارة من الانفعالات؛ فإذا كانت الإشارة موجبة؛ فذلك معناه أن الانفعالات تتجه بشدة لكل ما يغذي المشاعر "من هذا النوع" أي الرغبة الجنسية في حالتنا هذه، ولذلك فإن الإشارات أصبحت إيجابية؛ فذهبت إلى الجهاز العصبي على حالتها تلك؛ فنشدت زيادة وزيادة في الرغبة الجنسية وما يلزمها من هرمونات وإنزيمات، فامتلأت هذه الدورة الدموية بالمكونات التي تؤجج الرغبة فأصبحت ملحة عل ذهنك وتمكنت منك كما تقولين..
إذن فالمسألة دائماً ما تبدأ بتصرف الشخص نفسه، إذا كان متجهاً نحو إشعال رغبته، وإيقاظ جذوة هذه الفتنة النائمة، فسيدخل ذلك الشخص في حلقة مفرغة من الشهوة والرغبة ومن ثم الأداء "العادة السرية"، فيثبت الإحساس بالسعادة والنشوة في نفس هذا الشخص، وتعاد الكرة مراراً؛ حتى يدمن الشخص هذا الإحساس بالنشوة، ومن ثم يبدأ السعي له؛ وإن تعارض ذلك مع ما هو صحيح أو ما هو صحي؛ فآنذاك لا يدرك الشخص إلا متعته التي لا يستطيع أن يسلوها، ثم بعد الأداء الفعلي تذهب السكرة وتأتي الفكرة؛ فلا يفكر الشخص وقتها في كيفية التصدي للرغبة بإيقاف التصرفات "اللاإرادية" المؤدية لها، مثل قراءة الموضوعات ذات المضامين الجنسية، أو التحدث مع الأصدقاء والرفاق في الأمور الجنسية، أو مشاهدة المواقع الجنسية، أو حتى التخيلات الجنسية، وكل ذلك إنما هو من صميم التصرفات التي يقوم بها الإنسان بكامل إرادته، وبالتالي فهو يمكنه أن يوقفها إذا توافرت لديه الإرادة الصلبة والإصرار على ذلك..
فإذا حدث ذلك عند الرجال، ظلت لديهم فقط مقدار ضئيل من الرغبة الفسيولوجية بسبب اختلاف تركيبة الدورة الدموية لديهم لاحتوائها على مقدار يصل إلى عشرين ضعف تلك الكمية الموجودة لدى المرأة، أما إذا قامت امرأة بذلك فإن ما يظل لديها -هذا إذا ظل شيء أصلا- مقدار لا يكاد يذكر، وبالتالي فإن سبب بعض الرغبة تكون رغبة أيضا لا تذكر يسهل التغلب عليها ولو بالانشغال بشيء بسيط.
أما إذا ظل الشخص يردد -ولو مع نفسه- أنه مضطر لما يفعل بسبب تمكن الرغبة منه لفرط احتياجه؛ فإن ذلك يعزز برمجة لديه في ذهنه مضمونها أن يستمر فيما يفعل بلا رابط ولا ضابط.. وذلك تحديدا هو ما يحدث لديك يا فتاتي، ولكنك أردت تتويجه بتصريح طبي بالرغم من علمك بالحل؛ ولكنك تحاولين أن تغيري دفة الأمور إلى غير الاتجاه الذي سيكلفك الإرهاق العصبي ومجاهدة النفس؛ فإذا أردت إجابة مباشرة على الأسئلة التي طرحتيها فهناك إجاباتها:
1- الرغبة الجنسية ليست احتياجات بالشكل الذي طرحتيه؛ فإذا توقفت عن تغذيتها فهي كالثمرة التي ستذبل وتصغر وتضمر شيئاً فشيئاً، أما إذا استمريت تسقينها وتزودينها بالفيتامينات والمغذيات الأخرى؛ فكيف لها أن تذبل؟! ومن أين لنا بشيء يخمدها؟ 2- لا يوجد أدوية أو مهدئات تنشط الرغبة الجنسية؛ إنما هي مهدئات عمومية ومثبطات للجهاز العصبي، أي أنها بمثابة السموم التي تأتي على الأخضر واليابس، وخاصة إذا تم تناولها بشكل عشوائي في غير موضعها الصحيح. 3- لا يوجد في الحياة بأسرها هدف يتم الوصول إليه بالضغط على زر أو بأخذ حبة دواء، وإلا ما كان لمجاهدة النفس هذه المكانة وهذا الكم من الثواب.
لن أزيد على ما تعرفينه بأن أنصحك بشغل نفسك وتمضية وقتك فيما يفيد، وممارسة الرياضة لأنني أعرف أنك تعلمين ذلك أفضل من كثيرين، ولكنني أقول لك: إن طريق النجاح هو الطريق الصعب، وربما أن الله يؤخر لك الزواج لأنه يريد منك جهاداً أكبر؛ فإذا أقلعت عما تقومين به فربما تجدين وقتذاك الزوج الذي يستحقك وتستحقينه وتجدين لديه السكن النفسي والعاطفي والجنسي إن شاء الله... ولا ضير في أن تسعي بنفسك أن تجدي هذا الزوج عن طريق بعض النساء الفاضلات الصالحات اللاتي يبتغين بذلك وجه الله تعالى... ولندعو لك جميعاً، نحن وكل من يقرأ هذا الكلام بأن يرزقك الله بالزوج الذي يعفك ويستعف بك إنه سبحانه قريب سميع مجيب قادر على كل شيء.