تناولنا في مقال سابق الإطار "المُحرّف" الذي ينطلق منه اليهود والمسيحيون في التعامل مع غيرهم، وكيف أن عملية الإبادة الجماعية التي شهدتها قارّات العالم الجديد أو تلك التي شهدتها فلسطين هي نتيجة لهذه التعاليم التوراتية "المُحرّفة". وفي هذا المقال نحاول دراسة بعض الجوانب العملية التي توضح بحق من هو الإرهابي؟! خاصة بعدما صارت هذه الصفة لصيقة بالمسلمين الآن، في ظل تناسي الغرب ممارساتهم بحق بعضهم البعض، وكذلك ممارساتهم بحق اليهود أيضاً. هذه النماذج وردت في كتب بعض المسلمين نقلاً عن كتب غير المسلمين.. بمعنى أن مصدر هذه الوقائع غير مسلم حتى لا يتمّ اتهامها بالتحيّز. اضطهاد المسيحيين لليهود هناك أمثلة كثيرة لاضطهاد المسيحيين لليهود جاءت في كتابٍ كَشَف الآثار في قصص أنبياء بني إسرائيل، وهي القصص التي نقلها الشيخ "الهندي" رحمه الله في كتابه "إظهار الحق"، ومن بين هذه القصص تلك التي ترسم معاناة اليهود في مدن أوروبا المختلفة: ففي مملكة إسبانيا المسيحية كان يخيّر اليهود بين ثلاثة أشياء، إما الدخول في المسيحية أو الحبس، وفي حالة رفض أي من هذين البديلين؛ فإن الطرد هو المصير. ونفس الأمر حصل لهم في فرنسا التي أصدرت ضدهم مجموعة من الأحكام منها: "لا يأكل أحد مع اليهودي ولا يعامله" و"لا يُعطَى لليهودي منصب في دولة من الدول" و"أن ينزع أولاد اليهود منهم، ويربوا على المسيحية (أي التنصير بالإكراه)". وفي النمسا قُتِل الكثير من اليهود، ونُهب الكثير منهم، ولم ينجُ منهم إلا القليل الذين اعتنقوا النصرانية.. وعندما دخل الصليبيون القدس (أورشليم) عام 1099، قاموا بقتل غير المسيحيين فقتلوا أكثر من 70 ألفاً من المسلمين، كما قاموا بجمع اليهود وحرقهم. اضطهاد الكاثوليك للبروتستانت يقول الشيخ "الهندي" رحمه الله "أما الكنيسة الرومانية -ومقرها روما وتدين بالكاثوليكية- فقد استعملت مرات كثيرة الاضطهاد والطرد ضد البروتستانت (أي الشهود أو الشهداء)؛ وذلك في ممالك أوروبا. ويعتقد أنها أحرقت في النار 230 ألفاً على أقل تقدير، من الذين آمنوا بيسوع دون البابا، واتخذوا الكُتب المقدّسة وحدها هدى وإرشاداً لإيمانهم وأعمالهم. وفي إيطاليا عام 560 تمّ قتل الآلاف من البروتستانتيين؛ بعضُهم قتلهم العسكر وبعضهم من خلال محاكم التفتيش. اضطهاد البروتستانت للكاثوليك وفي المقابل؛ فإن البروتستانت قاموا أيضاً باضطهاد الكاثوليك، كما ورد في كتاب "مرآة الصدق" الذي ترجمه القس "طامس أنكلس" من علماء الكاثوليك، والذي يتحدث عن اضطهاد البروتستانت البريطانيين للكاثوليك؛ ففي الصفحة 41، 42 يقول الكاتب: سلب البروتستانت في ابتداء أمرهم 645 رباطاً، و90 مدرسة، و2376 كنيسة؛ فباعوها بثمن بخْس، وتقاسموا المبالغ فيما بينهم، وأخرجوا ألوفاً من المساكين من هؤلاء عرايا، كما أصدروا عدة قرارات بحق هؤلاء منها ما يلي: 1- لا يرثُ كاثوليكي في ميراث أبويه. 2- لا يشتغل أحد منهم بالتعليم. 3- في حالة قيام أحد منهم بإرسال ولده خارج إنجلترا للتعليم، يُقتل هو وولده وتُسلب أمواله ومواشيه كلها. 4- لا يُعطى لهم منصب في الدولة. 5- لا يُسمع استغاثة أحد منهم عند الحكام بحسب القانون، ولا تُقبل شهادة كاثوليكي أمام القضاء. 6- إذا لم يتحوّل هؤلاء للبروتستانتية، يتم سجنهم ثم طردهم من أوطانهم طوال حياتهم. وهكذا يوضّح القرضاوي أن فكرة الاضطهاد ليست فكرة إسلامية؛ وإنما هي فكرة توراتية لدى اليهود والمسيحيين مستمدّة من تعاليم "مُحرّفة".. هذه التعاليم هي التي دفعتهم أولاً إلى اضطهاد بعضهم البعض، ثم بعد ذلك ممارسة أبشع الجرائم ضد بعضهم البعض، وبعد كل هذا يتمّ وصف الإسلام بأنه دين الإرهاب والعنف.. فمَن الإرهابي إذن؟!! ألا يقرأ هؤلاء تعاليم التوراة؟!! أم ينظرون إلى الآخرين وينسوْن أنفسهم؟! اقرأ أيضاً: في معنى الجهاد.. جاهد نفسك قبل مجاهدة عدوك مع القرضاوي.. الجهاد ولا التربية.. ربّي نفسك أولاً (2) مع القرضاوي: رسالة للفنانات المحجبات.. الاعتزال ليس الحل(3) مع القرضاوي: الجهاد بالنفس من أجل أرض فلسطين (4) مع القرضاوي: هل يجب الجهاد مرة كل سنة؟ (5) مع القرضاوي: هل لازم نجاهد في فلسطين؟ (6) مع القرضاوي: انتشار الإسلام بالسيف.. قول مردود عليه (7) هل تجاهد المرأة مثل الرجل؟ (8) الجهاد السلميّ في ظل سلطان جائر (9) الصح والغلط في مفهوم الجهاد المسلح (10) لا تستطيع الجهاد المسلح؟.. يمكنك الجهاد عبر الإنترنت (11) تُذاكِر وتَبَرّ بوالديك وتعمل.. أنت مجاهد في سبيل الله (12) هل الإسلام دين لسفك الدماء؟ (13) هل يجاهد المسلم لمحو الكفر من العالم؟ (14) جهاد الديانات الأخرى.. ومَن الإرهابي؟ (15)