عادة ما نرى كتباً من نوعية (كيف تكسب مليون جنيه؟)، ونجد إقبال الناس عليه؛ ففي مجتمعنا يسعى الجميع إلى الثراء كواحد من أهم الإنجازات الشخصية، وإلى تحقيق الاستقلال المادي كواحد من أهم الطرق إلى الحرية والاستقلال المعنوي. ورغم تواجد هذا النوع من الكتب على الأرصفة مع باعة الجرائد إلا أن كتاب "فكّر تصبح غنياً" أو "Think and Grow Rich" من أفضل هذه الكتب وأهمها. يعلمك الكتاب ماذا تفعل، وكيف تفعله، وسوف تجد فيه سحر التوجيه الذاتي والتخطيط المنظم والاقتراحات الذاتية التلقائية والترابط الذهني ونظاماً مدهشاً للتحليل الذاتي، وخططاً تفصيلية لتسويق خدماتك الشخصية، والكثير من النصائح المستمدة من خبرات رجال عظام أثبتوا قيمتها.
ويحاول الكاتب فيليكيس دينيس أن يمنح القارئ معادلة سحرية من خلال حقائق وقصص وتجارب واقعية، ويقدّم الكاتب في كتابه الذي يتضمن أربعة عشر فصلاً والصادر عن الدار العربية للعلوم ومكتبة جرير فلسفة عملية وتطبيقية تساعدك على الحصول على الثروة والغنى.
في الفصل الأول من الكتاب يتحدث الكاتب عن الأفكار وتحولها إلى أشياء ملموسة، ووجوب التفكير من أجل الوصول للثروة، ومن خلال هذا الفصل الشيق المليء بالقصص المثيرة يقول لك الكاتب إن كل ما تحتاج إليه للنجاح هو فكرة واحدة معقولة. ويلي ذلك الرغبة، ويعتبرها الكاتب نقطة البداية لتحقيق كل الإنجازات، والخطوة الأولى نحو الثراء، فيجب أن نؤمن بقوة الرغبة المدعومة بالإيمان، ويقول الكاتب إنه قد شاهد هذه القوة ترفع رجالاً من أدنى المراتب إلى أعلى مراكز السلطة والثروة، وشاهدها تنشل الضحايا، وتعمل كواسطة تمكن الرجال من إعادة بناء أنفسهم بعد الانكسار، ويؤجّل الكاتب الإجابة على سؤال كيف يمكننا حشد واستعمال قوة الرغبة إلى الفصول اللاحقة.
الفصل الثالث يتحدث عن الإيمان، ويصوره كقائد كيميائي للعقل، ومن وجهة نظر الكاتب فإن تصور الرغبة والإيمان بتحقيقها هما الخطوة الثانية إلى الغنى، أما الاقتراحات الذاتية التلقائية فهي وسيلة التأثير في العقل الباطني، والخطوة الثالثة نحو الثروة والغنى، ويفرد لهما الكاتب فصله الرابع، وهو فصل مهم؛ يخبرك بتعليمات تساعدك على تقوية قواك التذكيرية، وستّ خطوات لتنبيه عقلك الباطني لأهدافك، وما ترغب في الحصول عليه.
أما المعرفة المتخصصة والتي تتمثل في التجارب والملاحظات الذاتية فهي الخطوة الرابعة نحو الثروة والغنى، ويرى الكاتب أن المعرفة لا تجذب المال إلا إذا نُظّمت ووُجِّهت بذكاء عبر خطط عملية للتنفيذ والوصول إلى الغاية المحددة التي هي جمع المال، وعدم فهم هذه الحقيقة كان سبب ارتباك عند ملايين الناس الذين يعتقدون خطأ أن المعرفة هي القوة، وهذا ليس صحيحا؛ فالمعرفة قوة كامنة ولا تصبح قوة فعلية إلا عندما تنظّم في إطار خطط محددة للعمل على تحقيق أهداف محددة.
ويرى الكاتب عدم الرضا حافزا للتقدم، ويرى أيضا أن العلاقات بالأصدقاء والزملاء قد تكون قيمة لا تقدّر بمال، ويطرح الكاتب أفكاره كلها من خلال قصص واقعية وشيقة، وهذا أجمل ما في الكتاب.
في الفصل السادس يتحدث الكاتب عن الخيال كمشغّل للعقل والخطوة الخامسة نحو الثروة؛ فهو الورشة التي تصمم كل الخطط التي يريد الإنسان تحقيقها، ويعطي الكاتب للقارئ تمرينا للخيال، وأيضا بعض القوانين التي تقودك للثروة. وبجانب الخيال يأتي التفكير المنظّم الذي يبلور الرغبة في النشاط والعمل، وفي هذا الفصل يناقش الكتاب فكرة القيادة وأسباب فشلها، ووضع الخطط البديلة، ويحدد الكاتب 31 سببا للفشل .
يأتي اتخاذ القرارات كخطوة هامة للتغلب على المماطلة وللوصول لأهدافك بسهولة، وتأتي المثابرة وهي الجهد المتواصل لتحويل الرغبة إلى ما يساويها مالياً، وأساس المثابرة هو قوة الإرادة، وهي التي تنزع الإنسان من الجمود الفكري وتساعده على التغلب على فشله، وتجاوز المصاعب، ويضع الكاتب خطوات لتدريب نفسك على المثابرة.
وهنا يقدّم الكتاب مفاجأته، وهي اتخاذ قصة سيدنا "محمد" كمثال للمثابرة وتركيز الجهد ووضوح الهدف.
وفي الفصل العاشر يتحدث الكاتب عن قوة الدماغ المفكر أو المجموعة العقلية كما يسميها كقوة دافعة وكخطوة تاسعة نحو الغنى والثراء، كما تظهر أهمية العقل الباطن كمحرك لعواطف وانفعالات الإنسان، ويتحدث الكاتب عن العواطف الإيجابية الستة والعواطف السلبية الستة كطريقة تقرّبنا إلى الفهم والوعي بمشاعرنا الداخلية.
كما يوضح أهمية الصلاة كوسيلة اتصال واستدعاء لتحقيق الرغبات، وكذلك أهمية الدماغ كمحطة بث واستقبال الفكر، وأهمية الحاسة السادسة كمدخل إلى معبد الحكمة وكخطوة ثالثة عشر نحو القوة والثراء، ويرى الكاتب أن الحاسة السادسة ليست شيئا ينطلق بفعل إرادي بل تأتي القدرة على استعمال هذه القوة العظيمة ببطء ومن خلال تطبيق المبادئ الواردة بالكتاب.
وفي الفصل الرابع عشر والأخير يتحدث المؤلف عن أشباح الخوف الستة، وينصح القارئ بمعرفة مخزون قدراته ومعرفة عدد الأشباح التي تقف في وجهه؛ فهناك ستة مخاوف أساسية يعاني منها الإنسان وهي فردية أو مركبة في بعض الأحيان، والمحظوظون هم الذين لا يعانون من هذه المخاوف مجتمعة كلها وهي: الخوف من الفقر، الخوف من انتقادات الآخرين، الخوف من المرض وتدهور الصحة، وهذه هي أكثر المخاوف التي تقلق الإنسان ويليها الخوف من فقدان حب شخص ما، أو الخوف من تقدم السن، أو الخوف من الموت، ويعرض الكتاب لهذه المخاوف بالتفصيل ولطريقة يحمي بها القارئ نفسه منها ومن القلق والمؤثرات السيئة والسلبية.
وفي نهاية الكتاب يضع المؤلف لائحة من الأسئلة تساعدك على التحليل الذاتي، والكتاب لحسن الحظ موجود في نسخ إلكترونية على الإنترنت، وما عليك سوى أن تبحث عنه وتقرأه، لتجد في نهايته الوسائل التي تحوّل رغباتك إلى ذهب.
كتاب: فكّر تصبح غنياً المؤلف: فيليكس دينيس عدد الصفحات: 262 الناشر: مكتبة جرير