جاء قرار مسئولي السلطة الفلسطينية تأجيل التصويت على تقرير لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة حول جرائم الحرب الصهيونية على قطاع غزة -تقرير جولدستون- مفاجأة للإسرائيليين أنفسهم قبل الفلسطينيين والعرب أيضا؛ ما حدا بكافة وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن تولي لها الأهمية؛ فضلا عن محاولة وضعها عراقيل دبلوماسية وقانونية للحيلولة دون البت في التقرير مرة أخرى في شهر مارس القادم. كعادة وسائل الإعلام الإسرائيلية تولي الاهتمام لقضايا الساعة؛ وخاصة التي تتمحور حول ملفات الصراع العربي - الإسرائيلي؛ لكن الاهتمام بتقرير جولدستون كان فوق العادة؛ بيد أن نشر صحيفة معاريف الإسرائيلية يوم الاثنين الماضي الخامس من الشهر الجاري تقريرا حول الأسباب الحقيقية وراء القرار المفاجئ للسلطة الفلسطينية بتأجيل البحث في التقرير الأممي لشهر مارس القادم، أثار فضول المتابعين للشئون الإسرائيلية والفلسطينية لإلقاء الضوء عليه وبشكل مباشر؛ خاصة وأنه يستند إلى مواقع فلسطينية وعربية حول أسباب التأجيل المفاجئة؛ حيث كتب "عاميت كوهين" -المحلل السياسي للصحيفة والمتابع للشئون الفلسطينية ثمة مواقع إلكترونية عربية وفلسطينية عَزَت سبب التأجيل إلى ابتزاز إسرائيلي للرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، وعرضهم عليه شرائط فيديو تظهر فيها كبار مسئولي السلطة الفلسطينية وهم يشجعون إسرائيل على مواصلة حربهم ضد الأهالي الفلسطينيين في قطاع غزة أثناء الحرب الأخيرة على القطاع، والتي اندلعت أوزارها في السابع والعشرين من ديسمبر وانتهت في الثامن عشر من يناير الماضي.
استندت صحيفة معاريف في تحليلها للموقف الفلسطيني إلى ما نشرته وكالة الشهاب للأنباء، والصحيفة الإلكترونية المستقبل العربي؛ من أن قرار عباس المفاجئ يعود إلى أن هناك مسئولين بالسلطة الفلسطينية شجعوا الجيش الإسرائيلي على مواصلة الحرب على قطاع غزة؛ لأنهم انتخبوا حركةحماس، وأنهم يستحقون ما يجري لهم للسبب ذاته؛ وذلك رغم إشارة الصحيفة أن إيهود باراك وزير الدفاع كان مترددا، أي رحيما بالفلسطينيين من المسئولين أنفسهم، وأنه على النقيض مع المسئولين الفلسطينيين الذين كانوا متحمسين لاستمرار الحرب. كما أن مازن نجل الرئيس الفلسطيني يقف على رأس مجموعة من المستثمرين الفلسطينيين لدخول شبكة محمول ثانية "الوطنية" في الضفة الغربية،وسط تلميحات بأن إسرائيل ستوافق على منح مازن الموافقة على محطته الثانية مقابل تنازل السلطة الفلسطينية عن تقرير جولدستون، وقد كان، وهو ما أثار عاصفة كبيرة بين الفصائل الفلسطينية المقاومة، وكالت بدورها الاتهامات للرئيس عباس والسلطة الفلسطينية.
على النقيض ورغم تخوف الكثيرين من العرب والفلسطينيين من جولدستون نفسه، قبيل نشر تقريره من أنه لن يدين إسرائيل باعتباره يهوديا، وابنته تعيش في إسرائيل؛ لكن كان تقريره صفعة قوية على وجه إسرائيل، حتى أن بعض التقارير الصحفية الإسرائيلية في صحيفة يديعوت إحرونوت قد طالبت بقطع رقبته، ومقتل ابنته أيضا، والتنكيل بعائلته! دوف فاسيجلاس الكاتب الإسرائيلي بصحيفة يديعوت إحرونوت طالب إسرائيل بالاستعداد القانوني والدبلوماسي للتقرير الأممي الذي يدين إسرائيل بقوة أمام العالم، استعداداً لجولة أخرى في شهر مارس القادم؛ لأنه بحسب رأيه لن يقف الفلسطينيون والعرب مكتوفي الأيدي أمام مثل هذه "اللقية" -على حد وصفه- بمعنى أن تقرير جولدستون يعتبر هدية للفلسطينيين في وقت عصيب يحتاجون فيه لاستعادة أنفاسهم وإدانة إسرائيل من خلاله، كما أكدت صحيفة هاآرتس بدورها من أن قرار السلطة المفاجئ كان صفعة على وجه الأسيرات الفلسطينيات المحررات من السجون الإسرائيلية مؤخرا،في صفقة مقابل إذاعة شريط للجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شليط، يؤكد أنه مازال حياً يرزق ولم يمت أثناء الحرب الأخيرة على غزة، وهو ماأشارت إليه أكثر من وسيلة إعلامية إسرائيلية أخرى من أن التوقيت كان مفاجأة لأهالي الأسيرات وللفلسطينيين بوجه عام، توقيت قرار السلطة بتأجيل التصويت على تقرير جولدستون الذي تزامن مع الإفراج عن الأسيرات الفلسطينيات!