عدل الرئيس الفلسطينى محمود عباس (أبومازن)، أمس، عن دفاع السلطة الوطنية عن تأييدها تأجيل التصويت على تقرير «جولدستون» أمام الغضب الشعبى الذى عصف بالساحة الداخلية على مدار اليومين الماضيين، وأعلن كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، أنه يعتزم مطالبة مجلس الأمن الدولى بمناقشة تقرير حرب غزة، وجاء ذلك فى إطار التداعيات الساخنة لقرار الإرجاء، بين محاولات السلطة الوطنية الدفاع عن موقفها من التأجيل، والاتهامات المتصاعدة التى توجه إليها ب«التفريط» فى حقوق الشعب الفلسطينى، وهو ما وضع أبومازن فى مأزق سياسى، عززه تقرير نشرته صحيفة «معاريف» الإسرائيلية تحدث عن «ابتزاز» إسرائيل لأبومازن بشريط فيديو تزعم أنه كان يحاول فيه إقناع وزير الدفاع إيهود باراك بتوسيع حربه فى قطاع غزة، وأنها ساومته على سحب تقرير «جولدستون» مقابل السكوت عن الشريط المزعوم. وأكدت مصادر مقربة من أبومازن لوكالة «سما» الإخبارية أن الرئيس يشعر بغضب شديد من ردود الفعل، التى صاحبت عملية إرجاء تبنى تقرير «جولدستون» يوم الجمعة الماضى، وقالت إن بعض مستشاريه أبلغوه معلومات «مضللة» و«خاطئة»، بأنه ليس هناك إجماع بين أعضاء مجلس حقوق الإنسان لتأييد تبنى التصويت، وأن عدد الدول المؤيدة للقرار لا يزيد على 23 صوتا فقط، وهو ما دفعه إلى تأييد التأجيل. وأشارت المصادر إلى أن الرئيس يعتزم إقالة عدد من هؤلاء المستشارين، الذين تسببت معلوماتهم فى الأزمة السياسية التى تعصف بالساحة الداخلية، والتى أضرت بمصداقيتها بين الناس، فى وقت نأت فيه حكومة سلام فياض بنفسها عن المسؤولية، بإصدار بيان ترفض فيه «تقويض تقرير جولدستون». ونقلت «سما» عن المصادر قولها إن موقف ممثل مصر فى مجلس حقوق الإنسان، السفير هشام بدر، الذى رفض بشدة سحب التقرير أو تأجيله، فضلا عن موقف الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، الذى أدان تصرف السلطة بشدة، ووصف تصرفها بال«لا مسؤول والتفريطى»، أصاب القيادة الفلسطينية بالذهول، وهو ما حدا بأبومازن للتفكير جديا فى إقالة عدد من مستشاريه. ودخلت قطر على خط الأزمة أمس، معتبرة أن التأجيل يمثل «تفويتا لفرصة قد لا تتكرر»، وأكد مدير مكتب حقوق الإنسان فى وزارة الخارجية القطرية، أن الطرف الفلسطينى، ممثلا فى إبراهيم خريشة، المندوب الدائم فى جنيف، هو الذى طلب إرجاء التصويت، نافيا مسؤولية المجموعات العربية أو الإسلامية فى المجلس عن هذا القرار، وعلق «لن نكون ملكيين أكثر من الملك». فى المقابل، أشاد آيان كيلى، المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، ب «تغاضى» القيادة الفلسطينية عن إحالة نتائج التحقيق فى مذابح غزة إلى مجلس حقوق الإنسان للتصويت عليه، وإن رفض ما تردد عن ممارسة واشنطن لضغوط على السلطة فى هذا الصدد، كما نفى علمه بما إذا كان الاجتماع الذى عقد بين عباس والقنصل الأمريكى العام فى القدس له علاقة بهذا القرار. ووسط تلك الأجواء الساخنة، خرجت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية بتقرير تحت عنوان «شريط أبومازن، وتقرير جولدستون، والابتزاز الإسرائيلى»، ذكرت فيه أن إسرائيل هددت عباس بالكشف عن شريط يظهر فيه وهو يحاول إقناع باراك بمواصلة الحرب فى غزة (لإنهاء حكم حماس)، حال رفض تأجيل التصويت على تقرير جولدستون، ونقل موقع «عرب 48» عن الصحيفة قولها إن القرار المفاجئ للسلطة يعود إلى الابتزاز الإسرائيلى، الذى رفضته إلى أن عرض الإسرائيليون الأشرطة على كبار المسؤولين الفلسطينيين فاضطروا للتراجع، على حد قول «معاريف».