عقدت بالسفارة الأمريكية بالقاهرة في الثلاثين من مارس الماضي ندوة بواسطة "الفيديو كونفرنس" بعنوان "مونولوجات الحجابيات"، حاضرت فيها الكاتبة الأمريكية سحر اشتياق الله من واشنطن، تحدثت فيها عن المشروع الذي أقامته مع مجموعة من الشباب الأمريكي بهدف تصحيح الصورة النمطية عن المرأة المسلمة في الولاياتالمتحدةالأمريكية. بدأت المحاضرة بكلمة ل"مريم صيرفي" المسئولة عن النشاط الثقافي بالجامعة الأمريكية، رحبت فيها بالحضور الغفير وقامت بتقديم الكاتبة سحر اشتياق الله، التي قامت بالتحدث إلى الجمهور عن المشروع. قالت سحر: إن الفكرة من المشروع هي استخدام الحكاية لكسر الأنماط والأفكار المسبقة عن الآخرين؛ وتحديداً هنا لتغيير الأفكار المسبقة عن الأمريكيات المسلمات اللائي يرتدين غطاء الرأس، والنظرة الشائعة لهن باعتبارهن إرهابيات ومصدر قلق أمني في الولاياتالمتحدة. تحدثت سحر اشتياق الله عن بداية المشروع: ذات يوم كانت ذاهبة مع أصدقائها لقضاء يوم "الباربكيو"؛ وبينما هم في العربة علّق زميلهم في سخرية أنه ربما يعتقلونه لأنه في صحبة خمس بنات يرتدين غطاء للرأس؛ هنا قالت كل واحدة منهن إن عندها حكاية بهذا الشأن. في ذلك الوقت كانت سحر في الجامعة في "شيكاغو"، وكانت كثيراً ما تترك المحاضرات وتقضي الوقت مع أصدقائها، ومع زميلها "دانيال"، يتحدثان في موضوعات عديدة، وكان دائماً يلفت نظره قدرة سحر اشياق الله على التواصل معه من خلال القصص. "دنيال" أصبح بعد ذلك أحد مؤسسي "حجابي مونولوج"، الذي يقوم في جوهره على تكسير الأنماط والأفكار المسبقة من خلال الحكي؛ وتحديداً هنا للصورة النمطية عن الأمريكيات المسلمات اللائي يرتدين غطاء الرأس وينظر لهن باعتبارهن إرهابيات ومصدر قلق أمني.
بعد تلك المقدمة، قامت سحر اشتياق الله بعرض إحدى القصص التي كتبتها، تتحدث القصة عن اليوم الذي فقدت فيه ابنها. القصص الأخرى تدور عن لحظات مرّت في حياة سيدات وفتيات مسلمات؛ لكنها قد تحدث أيضاً لأي امرأة بغضّ النظر عن ديانتها. تكمل سحر: في الولاياتالمتحدة ، غالباً ما ينظر للمرأة المحجبة باعتبارها ممثلة "لجميع المسلمين"، وهو خطأ كبير مليء بالتصورات المسبقة والتعميمات؛ وتضيف: "عندما أسير في الشارع وأنا أضع حجاباً على شعري؛ فلا يعني هذا أني أمثّل المسلمين في أنحاء العالم؛ أنا فقط أمثّل نفسي!". استكملت سحر اشياق الله بعد ذلك الحديث عن ردود الأفعال تجاه "حجابي مونولوج"، التي جاءت إيجابية في معظمها؛ على سبيل المثال، حكت سحر عما قاله لها مواطن أفروأمريكي شاهد أحد عروضها في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وما قاله لها: فبالرغم من أنه هو نفسه كان يعاني من نظرة عنصرية لبشرته السوداء؛ لكنه هو أيضاً كان ينظر لمن ترتدي غطاء الرأس بعنصرية؛ لكن نظرته تغيّرت بعد مشاهدة العروض؛ أضافت سحر أن النظرة النمطية لا تقتصر فقط على الأمريكي غير المسلم؛ بل أحياناً تمتد إلى المسلمين أنفسهم. تحكي سحر هنا عن ما قالته لها إحدى المؤدّيات في العرض، وهي امرأة مسلمة غير محجبة، وكيف كانت تعيد نفس الصورة النمطية التي يتم تداولها في الولاياتالمتحدة عن المسلمات المحجبات؛ وتؤكد سحر في حديثها: نحن لا نتحدث عن الحجاب؛ ولكننا نحكي قصصاً قد تحدث لأي امرأة، ونريد أن نوصل رسالة أن المرأه المسلمة قد تمرّ بنفس المشاعر والمواقف التي قد تحدث لأي امرأة أخرى. بعد كلمة سحر اشتياق الله، بدأ جمهور القاعة بتوجية أسئلة لها؛ إحدى الحضور وهي دكتورة في الجامعة الأمريكية؛ ذكرت أن الصورة النمطية لا تقتصر فقط على الغرب؛ فهنا في مصر تجد أن البعض يضع المرأة في ثنائيات؛ وكأنه لا يمكن الجمع بين تلك الأشياء: فهي إما تعمل وأما تكون ربة منزل لرعاية الأسرة. سيدة أخرى قالت: إنها امرأة إيرانية غير محجبة، وبسبب ذلك تخضع لتساؤلات عديدة من المجتمع المصري، بعضها مسيئ. واقترحت على سحر اشتياق الله أن يكون ضمن القصص التي تقدمها (مؤديات لا يرتدين غطاء الرأس)، وتساءلت عن الهدف من أن يظهر جميع المؤديات بغطاء الرأس مع أن بعضهن لا يرتدينه في حياتهن الطبيعية. وقد اتفقت سحر اشتياق الله مع المتحدثة من أن المرأة غير محجبة هي أيضاً تخصع لصور نمطية، وعلّقت على اقتراح المتحدثة بأنها تشير في عروضها إلى أن تلك القصص لا تعبّر عن جميع المسلمات، اللائي قد يرتدين الحجاب أو لا يرتدينه؛ إلا إن الحجاب أكثر شيء يلفت النظر للهوية الدينية لصاحبته، باعتبارها مسلمة، وهو ما تريد إبرازه، وتصحيح الصورة النمطية عنه. بالإضافة للمناقشة الثرية بين سحر اشتياق الله و الحضور، قامت السفارة الأمريكية بتوزيع نسخة من كتاب يشتمل على ترجمة للقصص التي تمثل "مونولوجات حجابي". الكتاب يحتوي أيضاً على مقالات مختلفة لمؤسسي "المونولوج"، يتعرضون فيها للأهداف التي جمعت فيما بينهم. أحد هذه المقالات، وهو مقال ل"كريستينا مارتينيز" منظِّمة العروض في ميامي، يضع موضوع الحجاب والنظرة إليه في سياقه العام: علاوة على ذلك كانت تلك العروض والحكايات والقصص تجذب بشدة وتتوافق مع أي جمهور من أي خلفية دينية ومن أي ثقافة وليس فقط المسلمين؛ إنها عروض تسمح لأفراد الجمهور بأن يعيدوا تقييم الطريقة التي يدركون بها ويفهمون بها النساء المسلمات. وأهم من ذلك أيضاً أن هذه العروض تسمح لنا بأن نزيح الصور النمطية السابقة جانباً، ونستبعد تلك الارتباطات الشرطية التي تتولد لدى كثير منا بصورة لا واعية، والتي تجعلنا نتقبل صوراً نمطية سلبية حول الآخرين وكأنها حقيقة وواقع لا خلاف عليه" (صفحة 19 كتاب مونولوجات الحجابيات). "التسامح ومحاولة فهم الآخر كما هو فعلاً وليس كما تتصور أنت عنه، مهما كانت توجّهاتك الدينية والعرقية"؛ بدت لي الرسالة العامة من حديث سحر اشتياق لها عن "مونولوجات حجابي"، وهو ما دفعني للكتابة عنه.