السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أولاً أحب أشكركم جداً على هذا الموقع الأكثر من رائع، وأنا عندي مشكلة ومش لاقية حل بجد، وأنا بجد محتاج للرد في أسرع وقت ممكن. أولاً: أنا بنت عندي 14 سنة، وعندي أخ صغير عنده 9 سنين، وبابا متوفى منذ 3 سنين تقريباً، المهم وإحنا عايشين مع ماما ومن فترة طويلة -سنة تقريباً- ماما بدأت تلمّح إنها عايزة تتجوّز ولحد دلوقتي، وكانت بتخليني أشوف الراجل ده وأقابله معاها. هو عنده 53 سنة ومتجوّز وزوجته عايشة، وعنده 3 أولاد في الجامعة، مع العلم إن ماما عندها 37 سنة، وماما موافقة ومتمسّكة بالموضوع ده كمان، بس أنا مش موافقة خالص، وكمان مش عايزة حد يكون مكان بابا، وبجد مش عارفة أعمل إيه أرضي ماما وأوافق.. ولّا أتمسّك برفضي عشان ما أتعبش وما أرجعش أندم؟!! وكمان إحنا حالتنا المادية كويسة مش محتاجين الحمد لله، وبجد أنا محتاجة رأيكم عشان أنا مش عارفة أعمل إيه؟ وشكراً.. a
صديقتي العزيزة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أُقدّر ما أنتِ عليه من حَيْرة وقلق وحزن، لكن ما رأيك أن نتكلّم معاً بموضوعية وحيادية شديدة نفهم فيها موقف ماما.. وموقفك وموقف الشرع.. ونظرة المجتمع تجاه هذا الموضوع.. إذن تعالي نفهم موقف ماما، ونحاول أن نعيشه لنراه كما هي تراه.. امرأة توفي زوجها وهي في عمر الرابعة والثلاثين أي وهي في ريعان شبابها، وتحمّلت -فجأة- مسئولية طفلين.. وماذا أيضاً؟؟ امرأة تشعر بفقدان السند الذي كانت تحتمي به، وتشعر معه بالاستقرار النفسي والعاطفي والذي كانت في وجوده أكثر قدرة على العطاء، اعلمي يا عزيزتي أن هناك كثيرات ممن أثرن البقاء بدون زواج بعد وفاة الزوج، لكن ليست كل النساء بتركيبة نفسية واحدة، فكثيرات منهن يفقدن الشعور بالاتّزان والاستقرار النفسي، وتتعذب بالفراغ العاطفي الذي ستفقد معه القدرة على العطاء مع الأولاد، فتبدأ في التفكير في ملء هذا الفراغ لتستعيد توازنها، وتشعر بالأمان مرة أخرى، فهل رأيتِ يا عزيزتي أن الاحتياج لا يكون احتياجاً مادياً فقط.. ولا تتخيلين أن والدتك في قمة سعادتها بهذا القرار الذي لم تقرره بعد، بل هي بين نارين نار الصبر وتحمّل الحرمان العاطفي إذا أحجمت عن هذه الفكرة وتراجعت عنها؛ إرضاءً لكما، ونار الخوف عليكما من هذا الزواج، وأكبر دليل على ذلك أنها تُمهّد لك منذ عام وتجعلك تتعرفين على هذا الرجل فهي ما زالت مترددة، وهذا يجعلنا ننظر إليها نظرة إيجابية فهي لم تتسرّع في إتمام الأمر مثلاً حرصاً على أن تتعرّف أكثر على ذلك الرجل الذي تتمنى أن يساعدها في تربيتكما ويرعاكما.. لكن ماذا عنكِ أنتِ؟ ما زالت مشاعر الحزن تُؤثّر على تفكيركِ، وهذا أمر طبيعي، لكن كلمة لا أريد أحداً يحل محل فلان الذي توفاه الله هو أمر لو اتّبعناه لتوقّفت الحياة؛ لأن المتوفى هو في عالم آخر ولا يحتاج من البشر سوى مكان في قلوبهم وذاكرتهم من أجل الدعاء له، ولن يحزنه زواج أمك فهذه بعض من الأفكار السلبية التي نوقف بها الحياة بعد وفاة شخص عزيز علينا، ناسين أن الحياة لا بد وأن تستمر.. وماذا عن رأي الشرع؟ هل هو حرام ما تُقدِم عليه والدتك؟ كلا.. وألف كلا.. هو عفة لها وحق أجازه الشرع. وماذا عن المجتمع؟!! للأسف الشديد قد تتغيّر نظرة المجتمع للأرملة بعد زواجها، وتفقد بعضاً من نظرة الاحترام أو التعاطف الذي كانت تلقاه من الآخرين، لكن هل الآخرون الذين ستتغير نظرتهم سيتحمّلون معها مشقة الحياة.. أم سيتسربون من حولكم إذا ما كثر اللجوء إليهم؛ لأن كل واحد مشغول بدنيته وفيه اللي مكفّيه؟!! إذن دعينا نلجأ لشرع الله لنحتكم إليه لا لأفكارنا السلبية الناتجة عن الحزن أو خوفنا من المجتمع.. بقي أن أقول لك لو أقدَمَت والدتكِ على الزواج ووقفتِ أنتِ حائلاً دون ذلك قد تتراجع، لكن قد لا تنسى أنكِ كنتِ السبب في معاناتها، وستصبح تربيتكِ عبئاً ثقيلاً، وربما تدفعين ثمناً لذلك من الغضب المتكرر والنزاعات غير المبررة بينك وبينها؛ فبعض الأرامل ينظرن للحرمان من حقهن في الحياة بسبب الأولاد على أنه دين واجب السداد، فمتى يكون السداد وكيف يكون؟!! الله أعلم.. لكن ينبغي أن تتأكد والدتك من صلاح هذا الرجل وحرصه عليكما؛ لأن ذلك لو تحقق لدخلت السعادة بيتكم مرة أخرى فلا تكونين سبباً في منعها.. وفقكِ الله.