نشهد في الأسواق المالية تداولات متذبذبة جداً، مالت لصالح الدولار الأمريكي بعد أن شهد الدولار الأمريكي يوم أمس اتجاهاً هابطاً بفعل اتجاه المتداولين نحو الأصول المرتفعة العائد و انخفاض طلب الملاذ الآمن و عملات تصفية المراكز المالية. فالمتداولون اليوم متوتّرون جداً في انتظار بيانات الوظائف الأمريكية، و التي بالرغم من إيجابية توقعاتها، إلا أن هذه البيانات تحرّك الأسواق المالية بشكل كبير مما يجعل العديد من المتداولين يفضّلون جني الأرباح و الانتظار خارج الأسواق. من ناحية أخرى، نرى بأن إتمام صفقة اليونان يوم أمس في إعادة جدولة الديون سببت تفاؤلاً في الأسواق، لكن في نفس الوقت، ينتظر المتداولون هذا اليوم اجتماع " الهيئة الدولية للمشتقات و المبادلات" لتحديد فيما إذا دخلت اليونان تحت بند " الحدث الائتماني". حيث أن اليونان نجحت في الحصول على موافقة 85.8% من الدائنين في القطاع لتخفيض قيم سنداتهم، فيما تم الموافقة على تفعيل البنود الجماعية للصفقة بوصول نسبة المشاركين إلى 95.7%. لكن كما أشرنا، الأنظار ما زالت تترقّب مستجدات اجتماع الهيئة الدولية للمشتقات و المبادلات. إن نجاح اليونان في تحقيق الصفقة تم تسعيره في الأسواق المالية مسبقاً، و لذلك شهدنا اليوم بعض الضغط السلبي على اليورو فيما مؤشرات الأسهم الرئيسية الأوروبية رغم ميلها الإيجابي الآن، إلا أنها تتداول في تذبذب شديد. هذا و قد تبعت صفقة اليونان قرار البنك المركزي الأوروبي أمس في ترك سياساته المالية و النقدية على ما هي عليه، فيما خفّض البنك المركزي توقعات النمو لهذه السنة و رفع توقعات التضخم في الاتحاد الأوروبي مما يترك مجالاً الآن للمتداولين للنظر و التفكير في وضع الاقتصاد الأوروبي في المستقبل. تتسلّط الأعين كذلك على توقعات بيانات الوظائف الأمريكية، و رغم أن التوقعات تظهر احتمال انخفاض في النمو، إلا أن التوقعات تظهر احتمال أن نرى 210 ألف وظيفة جديدة و هذه المستويات ما زالت جيدة و قد تكون قادرة على دعم الثقة، خصوصاً في حال صدرت في إيجابية أكثر. لكن أي قيمة ما دون 200 ألف، قد تسبب مزيد من التوتّر في الأسواق المالية و زيادة حالة تجنّب المخاطرة. اليورو مقابل الدولار الأمريكي بعد الارتفاع الكبير الذي حققه اليورو يوم أمس مقابل الدولار الأمريكي بتحقيق اليونان لصفقة مبادلة و إعادة جدولة السندات، انخفض سعر صرف اليورو هذا اليوم من الأعلى له عند سعر 1.3277 دولار وصولاً للأدنى الذي ما زال يتداول قريباً منه عند سعر 1.3212 دولار لليورو الواحد. ثبات الزوج ما دون مستوى المتوسط المتحرك ل 100 يوم قد يكون دافعاً لأن نرى مزيد من الانخفاض، لكن التحليل الفني يظهر بأن العودة للثبات تحت سعر 1.3200 أمر ضروري لتأكيد أن الاتجاه الهابط قد يستمر. لكن، فشل الزوج في الثبات فوق المستوى المشار له و العودة للثبات فوق سعر 1.3295 – 1.3320، قد يكون سبباً في مزيد من الإيجابية. لو نظرنا إلى فيض البيانات الاقتصادية الألمانية التي صدرت هذا اليوم، سوف نلاحظ إيجابية في البيانات، فقد ارتفعت الصادرات خلال شهر كانون الثاني بمقدار 2.3% كما و ارتعت الواردات بمقدار 2.4%، و هذا رافقه ارتفاع فائض الميزان التجاري إلى 13.1 مليار يورو. هذا و قد أظهرت بيانات التضخم الألماني هذا اليوم بأن مؤشر سعر المستهلك السنوي ارتفع إلى 2.5% في القيمة المتجانسة مع الاتحاد الأوروبي، و هذا تأكيد على توقعات البنك المركزي الأوروبي يوم أمس في أن مستويات التضخم قد تبقى فوق مستوى 2.00% المريح في الاتحاد الأوروبي. إن البيانات الإيجابية و مستويات التضخم المرتفعة نسبياً في ألمانيا كان يجب أن تدعم اليورو، لكن على ما يبدو، فالمتداولين حالياً في توتّر كبير في انتظار مستجدات هامة جداً في الأسواق المالية تجعلهم يبقون على الحيادية بعد جني الأرباح. الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي لم توفّق المملكة المتحدة خلال شهر كانون الثاني الماضي بإظهار بيانات إيجابية بالنسبة للإنتاج الصناعي، حيث أظهرت البيانات الاقتصادية التي صدرت اليوم بأن الإنتاج الصناعي انكمش على غير المتوقع خلال الشهر المشار له بمقدار 0.4%، و هذا ما سبب قلقاً عارماً في الأسواق البريطانية انعكس على مؤشرات الأسهم التي تداولت في سلبية في بريطانيا رغم بعض الميل للارتفاع في مثيلتها الأوروبية الرئيسية. بما يخص سعر صرف الجنيه، فنراه و قد انخفض بشكل حاد جداً هذا اليوم من أعلى مستوى استطاع تحقيقه عند 1.5830 دولار وصولاً للأدنى 1.5750 دولار للجنيه الإسترليني الواحد قبل أن يعود للارتداد صعوداً. التداولات الحالية بحسب التحليل الفني محيّرة جداً، فيجب على الزوج الاستقرار تحت مستوى 1.5780 حتى يثبت أن الاتجاه الهابط عاد من جديد، فيما الزوج حالياً يتداول فوق هذا المستوى بقليل. لكن في نفس الوقت، هنالك تركيبة شموع هابطة على الرسم البياني، و كذلك أمامنا سلبية على مؤشر ستوكاستيك على الرسم البياني فاصل أربع ساعات، مما يجعل احتمال حصول اتجاه صاعد يتطلّب بالتأكيد ثبات الدعم المشار له و إلا اندفع الزوج مجدداً نحو الانخفاض. الكلمة النهائية على الزوج هذا اليوم قد تكون في يد الدولار الأمريكي، و الدولار الأمريكي قد نراه يتداول بعنف متأثراً في بيانات الوظائف الأمريكية و مستجدات اجتماع الهيئة الدولية للمشتقات و المبادلات. و لو مالت تلك الأخبار و البيانات للإيجابية، فقد نرى الدولار يعود للانخفاض و يرتفع الزوج، و إلا قد نرى موجة هابطة قوية. في الحقيقة، إن تداولات الزوج الإيجابية قد تكون محدودة، فالمتداولون قد يتجّهوا للنظر نحو الاقتصاد الدولي و الاقتصاد البريطاني و التباطؤ فيهما، فيبدو أن الإيجابية الحالية و قد اقتربت من نهايتها ما لم نرى بيانات اقتصادية و حقائق تؤكد استمرار التعافي الاقتصادي الدولي بما يدعم عمليات بيع الدولار للاتجاه نحو الأصول المرتفعة العائد ليترفع سعر صرف الجنيه الإسترليني حينها. الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني استطاع الدولار الأمريكي هذا اليوم أن يرتفع نحو أعلى مستوى له مقابل الين الياباني منذ ال 26 من شهر أيار-مايو من عام 2011، حيث ارتفع سعر صرفا لدولار الأمريكي هذا اليوم مقابل الين الياباني بعد ملامسته للأدنى عند سعر 81.46 ين للدولار الواحد ليلامس الأعلى عند سعر 81.88 ين للدولار الأمريكي الواحد. هنالك تساؤلات في الأسواق المالية، تتجه نحو احتمال أن يكون الين الياباني قد تم و ما زال يتم استخدامه لتزويد تجارة في الأصول المرتفعة العائد، خصوصاً و أن بنك اليابان لن يعارض أي انخفاض في سعر صرف الين الياباني بل على العكس قد يحاول إضعاف الين في حال حاول الارتفاع مرّة أخرى بشكل كبير. لكن، بيانات الوظائف الأمريكي و تحركات الثقة في الأسواق المالية قد تكون الأهم للزوج هذا اليوم، فارتفاع الثقة رغم أ نه قد ينعكس سلباً على الدولار مقابل العملات، لكن هذا ينعكس على الين الياباني بشكل أكثر سلبية، و بذلك قد يستفيد عندها الدولار الأمريكي من انخفاض سعر صرف الين الياباني، و العكس بالعكس. يشير أنصار التحليل الفني بأن تداول الزوج فوق سعر 81.50 سبب داعم لأن تبقى الإيجابية قائمة لحظياً، بل أن أي تداول فوق سعر 80.50 ين للدولار الأمريكي الواحد قد يسبب امتداد الاتجاه الصاعد وصولاً إلى مستويات قد لا تقل عن 83.00 ين للدولار. لكن عزيزي القارئ، نرجو منك متابعة مستجدات هذا اليوم، من بيانات أمريكية و مستجدات أوروبية، حيث أن التذبذب الكبير و الحركات العنيفة من غير المستبعد حصولها في حال شهدنا مفاجأة في البيانات الأمريكية، أو مستجدات غير متوقعة بما يخص صفقة اليونان التي تم إنهاؤها أمس.