البيانات الاقتصادية عن المنطقة الأسيوية تستمر في فرض لإيقاع غير واضح عن مستقبل أداء الاقتصاديات الأسيوية، في حين أن تأثير أزمة الديون الأوروبية في الأسواق المالية هو الحقيقة الواضحة حتى الآن. شهدت الصادرات الصينية خلال كانون الأول تراجعا نظرا لانخفاض مستوى الطلب العالمي و استمرار تداعيات أزمة الديون الأوروبية و مدى تأثيرها السلبي على الاقتصاديات العالمية. و بالمقابل نجد أن فائض الميزان التجاري شهد اتساعا في نفس الوقت على الرغم من تراجع نمو الصادرات. فقد صدر عن اقتصاد الصين هذا الأسبوع بيانات الميزان التجاري لشهر كانون الأول حيث جاء مسجلا فائضا بقيمة 16.52 بليون دولار، مقارنة بالقراءة السابقة التي سجلت فائضا بقيمة 14.53 بليون دولار في حين أشارت التوقعات فائض بقيمة 8.80 بليون دولار. نجد هنا أن فائض الميزان التجاري جاء متفوقا على الفائض السابق إلى جانب التراجع الطفيف لمستوى الصادرات، إلا أن الصين تواجه تحديات هذا العام بسبب استمرار أزمة الديون الأوروبية إلى جانب خسارتها جزء من حصتها الاستثمارية في اليابان. بالمقابل قد يعمل تراجع نمو الصادرات الصينية هذا العام على زيادة بسيطة على مستوى اليوان. على ذكر ذلك نشير أن معدلات التضخم في الصين تتراوح في حدود معقولة حيث أن آخر قراءة لها سجلت 4.2%. مما قد يتيح الفرصة خلال هذا العام للصين لرفع معدلات النمو بشكل أكثر مرونة. هذا و قد تراجعت معدلات التضخم في الصين للشهر الخامس على التوالي خلال كانون الأول في مؤشر إيجابي نظرا أن الصين تعمل على مكافحة معدلات التضخم منذ مطلع عام 2011 حيث كانت قد وصلت ذروتها متخطية حاجز 6%. حيث جاءت بيانات أسعار المستهلكين لشهر كانون الأول مسجلا قراءة فعلية مرتفعة بنسبة 4.1%، مقارنة بالقراءة السابقة التي سجلت ارتفاعا بنسبة 4.2% في حين أشارت التوقعات ارتفاع بنسبة 4.0%. من ناحية أخرى نشير أن هناك عدة عوامل ساهمت في خفض معدلات التضخم منها السياسات التضييقية من رفع لأسعار الفائدة من ناحية و من تراجع للصادرات تأثرا بأزمة الديون الأوروبية من ناحية أخرى. بالمقابل تتجه التوقعات الحكومية لأفضل من ذلك بتكهناتها أن معدلات التضخم في طريقها إلى التراجع أكثر فأكثر خلال هذا العام. مما سيعطي الفرصة في التركيز على رفع معدلات النمو بشكل أكثر مرونة دون الخوف من كيفية الموازنة بين النمو و التضخم باعتبارهما خصمين لأي اقتصاد. أما عن اليابان فقد حقق فائض مجمل الحساب الجاري في اليابان تراجعا خلال تشرين الثاني تأثرا بانخفاض وتيرة الطلب العالمي. إلى جانب أزمة ارتفاع قيمة الين المزمنة هذا فضلا عن أزمة الديون الأوروبية التي فرضت نفسها على الاقتصاديات العالمية بشكل أو بآخر. صدر عن اقتصاد اليابان هذا الأسبوع بيانات مجمل الحساب الجاري لشهر تشرين الثاني حيث جاء مسجلا فائضا بقيمة 138.5 بليون ين، بأقل من الفائض السابق الذي سجل قيمة 562.4 بليون ين في حين أشارت التوقعات فائض بقيمة 248.4 بليون ين. نجد هنا أن الفائض في الحساب الجاري جاء بأقل من كلا من التوقعات و الفائض السابق. ناهيك عن عجز الميزان التجاري الذي فاق القراءة السابقة بدوره أيضا. حيث تعد هذه البيانات منطقية في ظل معرفة أن الصادرات اليابانية حققت تراجعا خلال تشرين الثاني بنسبة 3.1% بالمقابل ارتفعت واردات البلاد في نفس الشهر بنسبة 14%. بالمقابل و كما ذكرنا من معاناة الشركات اليابانية بسبب ارتفاع قيمة الين حيث وجدت نفسها لا تجد سبيل إلا بالنزوح إلى الخارج للحفاظ على مستوى أرباح مناسب لها مما قد يؤثر بالسلب على الاقتصاد الياباني فيما يخص الاستثمارات المباشرة لهذه الشركات و مساهمتها الفعالة في الناتج المحلي الإجمالي. خصوصا أن الياباني تعاني في أوقات متعددة من ضعف في الإنفاق المحلي و هو ما أدى إلى انكماش تضخمي لربعين متتاليين خلال العام الماضي.