يوم جديد يطل علينا مليئاً بالبيانات الاقتصادية حيث تحتوي أجندته على مختلف البيانات الاقتصادية من مقاييس الثقة في منطقة اليورو لغيرها من البيانات البريطانية، و لكن الأهم من كل هذا هو الاجتماع الذي سيعقده وزراء مالية منطقة اليورو اليوم و الذي سيتبعه غداً وزراء مالية الاتحاد بأكمله، و أخيراً بالبيان الخريفي الذي سيلقيه وزير خزينة بريطانيا أيضاً. وفقاً للمعطيات التي ستقدمها القارة الأوروبية اليوم، يُعتبر اليوم مهم جداً نظراً لدور هذه المعطيات في تهدئة الأسواق أو الرفع من حده المخاوف المتواجدة بالأسواق بشكل عام، فعلى الرغم من موجة التفاؤل التي شهدتها الأسواق المالية أمس نظراً لطموحات المستثمرين بأن القادة الأوروبيين سيقومون ببذل المزيد من الجهود للسيطرة على أزمة الديون السيادية، و لكن سيكون اجتماع وزراء المالية اليوم هو الفيصل للاتجاه التي ستتخذه الأسواق بشكل عام. نظراً لما تؤثر أزمة الديون الأوروبية على الاقتصاد العالمي و ما لها من تأثيرات سلبية كبير على مسيرة التعافي العالمية، فتُعتبر القارة الأوروبية في الوقت الراهن هي أهم ما قد يحدث على وجه الأرض بالنسبة للاقتصاديين، صرحت منظمة التعاون والتنمية الدولية أن الاقتصاد العالمي يتأثر بشكل كبير من أزمة الديون في أوروبا و أن تداعياتها تحد من مسيرة النمو العالمية، و أشارت المنظمة أنه يجب على القادة الأوروبيين تعظيم جهودهم و بذل المزيد من الجهد في سبيل السيطرة على أزمة الديون و الحد نوعاً ما من انتشارها، حيث أنها انتشرت بشكل كبير لتدخل مرحلتها الثانية، و أنها قد لا تتردد بإصابة أي دولة معرضة لهذا الخطر. و اليوم، سينصب تركيز الأسواق و المستثمرين على ما سيقدمونه وزراء مالية منطقة اليورو من حلول و اقتراحات تحول حول أزمة الديون في المنطقة بشكل عام، و تخص صندوق الاستقرار المالي الأوروبي الذي نادى القادة الدوليين بوضع خطة عمل محددة له، و توسيع نطاق الصندوق. على الرغم من فقدان صندوق الاستقرار المالي الأوروبي لمستوى الثقة الذي كان يتمتع بها من قبل، إلا أنه يبقى بشكل أو بآخر الملاذ شبه الأخير للقارة الأوروبية، فكان قد اتفق القادة على توسيع نطاقه في اجتماعهم الذي أقيم في تشرين الأول، إلا أنه لم يتم تطبيق تلك القرارات المتخذة، فسيحدد الوزراء اليوم النقاط و الخطوط التي يجب أن يتبعها الصندوق. من المفترض أن يقوم وزراء المالية اليوم بتحديد سبل رفع مستوى السيولة في منطقة اليورو و رفع سعة الصندوق و توسيع نطاقه، و سيكون في جدول أعمال الوزراء أيضاً هو الدفعة السادسة من قرض الإنقاذ الأول لليونان، و الذي كان من المنتظر الموافقة الخطية من رئيس الحزب الديمقراطي من الحكومة اليونانية بضمان تنفيذ الإجراءات التقشفية المتطلبة من المقرضين الدوليين. و السؤال الآن، هل سيصدر الوزراء الموافقة على الدفعة السادسة من قرض الإنقاذ متغاضيين عن موافقة رئيس الحزب، و هل سيكون قرارهم لتوسيع نطاق صندوق الإنقاذ كافياً و مقنعاً بنظر المستثمرين و بنظر القادة الدوليين بشكل عام، أم ستكون قراراتهم غير كافية لكبح مسيرة الأزمة التي تتفاقم بشكل سريع لتصل أكبر دول المنطقة، رافعة بذلك تكاليف الاقتراض في القارة كاملة لمستويات مرتفعة جداً يصعب على الدول المتعثرة مجاريتها. فلم تتباطأ مسيرة تفاقم الأزمة إلا أنهم تلبث بالانتشار بشكل مخيف للمستثمرين و للمنطقة كاملة مؤثرة بذلك على الاقتصاد العالمي ككل، فشهدنا تواضع اقتصاد منطقة اليورو في الآونة الأخير متأثراً بتفاقم الأزمة و التي استدعت صناع القرار فرض مزيداً من الإجراءات التقشفية التي تحد من مسيرة النمو بشكل كبير، فقامت منظمة التعاون والتنمية الدولية بوصف اقتصاد المنطقة بوجوده بدائرة الركود الاقتصادي الطفيف مخفضة توقعاتها للعام القادم للنمو بأنه سيصل إلى 0.2% و أنه سيسجل انكماش خلال الربع الحالي و القادم. أشارت المنظمة من ناحية أخرى عن تأثير تفاقم الأزمة في أوروبا على الاقتصاد العالمي بشكل عام، و هو أمر واقع و صحيح، فقد كانت قد بررت بريطانيا تباطؤ نموها و ضعف اقتصادها بتفاقم أزمة الديون، و اليوم، نحن على موعد مع بيان وزير الخزينة البريطاني الخريفي، و الذي سيصف فيه الوضع الاقتصادي لدولته و يذكر فيه للتحديات التي تواجه الاقتصاد البريطاني في الوقت الراهن و التي ستواجهه في الفترة القادمة. و يعتبر بيان وزير الخزينة جورج أوزبورن هام جداً نظراً لما قد يفصح عنه الوزير من أمور مهمة جداً تتعلق بدعم الاقتصاد البريطاني و تحفيز الشركات و دعمهم مادياً، و ذلك منعاً للتباطؤ الاقتصادي الذي قد يحدث للاقتصاد وسط تراجع الأنشطة الاقتصادية و تراجع مستويات الطلب العالمية على الصادرات البريطانية. من المتوقع أن يقوم أوزبورن بالإفصاح عن خطة تحفيزية للشركات البريطانية الصغيرة و المتوسط، و هذا ما كان قد ألمح له رئيس الوزراء البريطاني سابقاً بأن وزير الخزينة سوف يقوم لاحقاً بالإعلان عن خطط تحفيزية للشركات المتعثرة و المتدهورة اقتصادياً نوعاً ما، و ذلك في سبيل دعم مسيرة النمو في الدولة، و لتقليص نسبة العاطلين عن العمل، حيث وصل معدل البطالة في بريطانيا لمستويات مرتفعة جداً عند 8.3%. و بشكل عام، سيكون للقرارات و الأنباء التي ستصدر اليوم أثرها الكبير جداً على الأسواق المالية نظراً لما ينتظره المستثمرين من القادة الأوروبيين من جهوداً يبذلوها و قرارات يتخذوها للسيطرة على أزمة الديون السيادية و منعها من الانتشار، و لن تغفل عين المستثمرين من جهة أخرى عن البيانات الاقتصادية التي ستصدر اليوم، فمن المتوقع أن تستمر مستويات الثقة في منطقة اليورو بالتراجع و الانحدار وسط كل العوامل التي نشهدها في الأسواق، و لكن قد تُظهر البيانات الأمريكية اليوم تحسن ثقة المستهلك بالاقتصاد الأمريكي.