إعلان نتيجة المرحلة الأولى بتنسيق الجامعات 2025.. غدًا    «التضامن» تقر قيد 3 جمعيات في محافظتي الإسكندرية والمنيا    تنسيق المرحلة الثانية للثانوية العامة 2025.. 5 نصائح تساعدك على اختيار الكلية المناسبة    أسعار الفراخ اليوم فى مطروح السبت 2 أغسطس 2025    تسلا تدفع 200 مليون دولار تعويضات بعد مقتل شاب بسبب القيادة الآلية    توقيع بروتوكول تعاون بين «الجمارك» وغرفة القاهرة التجارية لتيسير الإجراءات    ننشر أسعار حديد التسليح اليوم 2 أغسطس 2025    وزارة النقل: استمرار تلقي طلبات السائقين الراغبين في الانضمام لبرنامج تدريب وتأهيل سائقى الاتوبيسات والنقل الثقيل    «بلومبرج»: مكتب التحقيقات الفيدرالي أخفى اسم ترامب في ملفات قضية إبستين    استشهاد 22 فلسطينيا برصاص الاحتلال الإسرائيلي بأنحاء متفرقة من قطاع غزة    سقطة وخيانة و "فضيحة بجلاجل"    "اليونيسيف": أطفال غزة يموتون بمعدل غير مسبوق    "صحة غزة": شاحنات تحمل أدوية ومستلزمات طبية ستدخل القطاع اليوم عبر منظمة الصحة العالمية    الزمالك يتوصل لاتفاق مع عدي الدباغ    موعد مباراة بايرن ميونخ ضد ليون الودية والقنوات الناقلة    وزير الرياضة يشهد تتويج منتخب الناشئين والناشئات ببطولة كأس العالم للاسكواش    اللجنة الأولمبية تشكر الرياضيين وتُعزز الاستقرار بتفعيل مدونة السلوك    21 مصابًا.. ارتفاع أعداد المصابين في حادث انفجار أسطوانة بوتاجاز بمطعم بسوهاج    القبض على بلوجر "إنهاء تراخيص المرور" في أكتوبر    الداخلية: سحب 844 رخصة وتحرير 601 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة خلال 24 ساعة    شكل العام الدراسي الجديد 2026.. مواعيد بداية الدراسة والامتحانات| مستندات    تنظيم قواعد إنهاء عقود الوكالة التجارية بقرار وزاري مخالف للدستور    أجواء غائمة وفرص أمطار تمتد للقاهرة.. حالة الطقس اليوم السبت 2 أغسطس 2025    عمرو دياب يحقق أعلى حضور جماهيري في مهرجان العلمين بحفل أسطوري (صور)    القاهرة الإخبارية: حضور لافت للمصريين فى اليونان للتصويت بانتخابات الشيوخ    ابحث عن طريقة لزيادة دخلك.. توقعات برج الحمل في أغسطس 2025    رئيس جامعة المنوفية يصدر 7 قرارات جديدة بتعيين وتجديد تكليف لوكلاء الكليات    55.7 مليون جنيه.. إيرادات فيلم الشاطر بعد 17 ليلة عرض (تفاصيل)    بيت الزكاة والصدقات يبدأ غدا صرف إعانة شهر أغسطس للمستحقين بجميع المحافظات    «الصحة» تطلق منصة إلكترونية تفاعلية لأمانة المراكز الطبية المتخصصة والمستشفيات    مدبولي يتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات بمجلس الوزراء خلال يوليو 2025    «100 يوم صحة» تقدم 26 مليونًا و742 ألف خدمة طبية مجانية خلال 17 يومًا    انتخابات الشيوخ 2025.. توافد لافت ورسائل دعم للدولة المصرية خلال تصويت المصريين بالسعودية    الكهرباء تكشف أحدث حيل سرقة التيار عبر العدادات مسبوقة الدفع    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على طرق القاهرة والجيزة    أيمن يونس: شيكابالا سيتجه للإعلام.. وعبد الشافي سيكون بعيدا عن مجال كرة القدم    تعرف على منافسات مصر بسابع أيام دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    الهيئة الوطنية للانتخابات: سفراء مصر بالخارج يدعمون التصويت    زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب شمال باكستان    جنين تم تجميده عام 1994.. ولادة أكبر طفل في العالم    ترامب يخطو الخطوة الأولى في «سلم التصعيد النووي»    90 دقيقة تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 2 أغسطس 2025    وفاة والد معتمد جمال مدرب الزمالك السابق    سعر الذهب اليوم السبت 2 أغسطس 2025 يقفز لأعلى مستوياته في أسبوع    رسميًا.. وزارة التعليم العالي تعلن عن القائمة الكاملة ل الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة والمعاهد المعتمدة في مصر    الصفاقسي التونسي يكشف تفاصيل التعاقد مع علي معلول    استشارية أسرية: الزواج التقليدي لا يواكب انفتاح العصر    مقتل 4 أشخاص في إطلاق نار داخل حانة بولاية مونتانا الأمريكية    عمرو دياب يشعل العلمين في ليلة غنائية لا تُنسى    محافظ سوهاج يقرر غلق محلين بسبب مشاجرة بعض العاملين وتعطيل حركة المواطنين    كما كشف في الجول – النجم الساحلي يعلن عودة كريستو قادما من الأهلي    أبرزها رفع المعاش واعتماد لائحة الإعانات.. قرارات الجمعية العمومية لاتحاد نقابات المهن الطبية    حسام موافي ينصح الشباب: مقاطعة الصديق الذي علمك التدخين حلال    رئيس أركان حرب القوات المسلحة يشهد فعاليات اليوم العلمى ل«الفنية العسكرية»    للرزق قوانين    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ د. يسري جبر يوضح    أمين الفتوى: البيت مقدم على العمل والمرأة مسؤولة عن أولادها شرعًا    وزير الأوقاف يؤدي صلاة الجمعة من مسجد الإمام الحسين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حبيب السامر: الحداثة هي التواصلية المشهدي
نشر في صوت البلد يوم 25 - 11 - 2017

الشّاعر حبيب السامر من أبرز الأسماء التي لها حضور شعريّ في الوقت الرّاهن، وقد صنع لنفسه طريقًا خاصا نحت فيه بقوّة ومثابرة؛ ميّزته عن غيره في السّاحة الشّعريّة واستطاع أن يكتب تاريخ قصيدة النّثر بأسلوبه الخاص عبر كتبه المتتالية. وشكل حضورا لافتا في الساحتين العراقية والعربية، ترجمت قصائده الى الانكليزية، وسيترجم كتابه الاخير "شهرزاد تخرج من عزلتها" الى الفرنسية، ويصعب اختزال مسيرة أدبيّة كبيرة، في سطور قليلة.
الحوار معه يمنحنا مساحات كبيرة من الجمال، هو يبتسم رغم وجعه، يكتب ليقول للآخر إن الشعر بلا مكائد ولا ضغائن، الشعر نقاء الروح دائمًا يكشف آفاقا متعدّدة، هكذا حلمنا أن يكون، وكان.. مع إكليل يجمّل عرس الثّقافة العربيّة الرّاهنة، وقامة إبداعيّة سحبت أشرعة انطلاقاتها عبر خرائط الكتابة.
في البدء ، يقف الشكر لكم على رأس الورقة وبياضها مثل غصن قافز في الفضاء، وينمو على خد السحاب الجمال لروعة الحقيقة وهي ترصد اتساع النص على مساحات الحياة.
من هنا نبدأ الحوار، مقتنصا من اللحظات ما ترشحه الذاكرة، حيث الشاعر العراقي حبيب السامر بصري المولد والصرخة الاولى في التميمية، توالت المناطق تنقلا بين الجمهورية، الحكيمية، شط العرب (التنومة) ومن تلك المدينة الغافية على أكتاف نهر شط العرب، وتزاحم نخيلها ونهرها الفرعي الاقرب الى بيتنا (الحوامد) هناك الجذر والآفاق. بكالوريوس لغة إنكليزية. عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق. عضو نقابة الصحفيين العراقيين.
صدر لي: مرايا الحب ... مرايا النار 2001. حضور متأخر جدا 2005. رماد الأسئلة 2008 و2013. أصابع المطر 2012. بابيون 2015. شهرزاد تخرج من عزلتها 2017.
يرى الشاعر أن عملية الخلق الادبي حالة متوازنة ومتداخلة بين عوامل عدة، اهمها الموهبة التي تقف على رأس هرم الكتابة، الرغبة في الاستمرار في تنضيجها من خلال مواكبة الجديد بالقراءة المتواصلة ومتابعة المتغيرات في ساحات الابداع، ماذا تفيدنا اللغة وحدها دون عنصر مهم هو الموهبة.
اذن بإمكان كل أكاديمي يتقن اللغة وحدها ان يكون شاعرا؟ وهنا يكمن النقص الحاصل في تجسيد وتطويع اللغة في مفاصل مهمة من الحياة، هذا يعني لا بد ان تتوافر الموهبة اولا وتصقل بالقراءة والدراسة والتلاقح الثقافي المبدع باتجاهات المشاركات وتبادل المعلومات والافكار والرؤى.
وهو يرى أن الحداثة هي التواصلية المشهدية، التتابعية في التواصل، لا انقطاع في الادب بل هناك التواصل والافادة من التجارب المحيطة بنا، وعليه ان اللغة هي الوعاء الذي ننهل منه جميعا، وفي مناحي الادب والثقافة عامة، في ابجديتنا (28) حرفا، تتشكل من خلالها الصور الابداعية، القصيدة، القصة القصيرة، الرواية، وكل مناحي الادب. لذا ان اللغة هي منهل الحروف التي تتراصف فيما بينها لتشكل هذه العوالم واطنان الكتب، نحن من نطوَّع اللغة لتواكب الحداثة والزمن والحياة.
ويوضح أن في القصيدة، تتواشج العلاقة بين الشاعر ومخيلته، بين الفضاء المفتوح للنص واقتناص اللحظة الهاربة لترسم خطوتها الاولى في سحر الورقة، العلاقة السحرية بين الشاعر والنص، علاقة نمو شجرة، علاقة أبوة وأمومة، لا يوجد أي فاصل أو حاجز بين مخيلة الشاعر والشعر، كلاهما يمنح اللحظة الشعرية الواقدة افقها.
وعن النقد يعتقد حبيب السامر أن النقد حالة إبداعية اخرى، لذا من الصعب جدا على الناقد المهني، صاحب الاسم الراسخ ان يتعامل مع نص هابط ويمجده، لانه بالنتيجة سيؤثر على خارطة اسمه في الساحة الثقافية والعكس صحيح، الناقد الماهر من يبحث عن نص يزيد الى اسمه لمعانا وبريقا، ليتواشج ويترك بصمته المؤثرة / نحن بحاجة الى الناقد الفاحص / الناقد الثاقب الذي يثّبت رؤياه ورؤيته دون رقيب اخر، دون تمايز او انحيازات، وكما اسلفت اكرر ان الناقد مبدع اخر يضيف بريقا للنص وهو يضيء الحالة بمصابيح الابداع.
وعن خطواته الأولى في عالم الشعر يقول السامر: في دراستي المتوسطة في ثانوية شط العرب، طلب منا مدرس اللغة العربية ان نكتب موضوعا في الانشاء، كتبته، وبعد ان قرأته في الصف .. انتبه المدرس الى كلماتي، دونها على السبورة، وطلب مني ان أوضح الكلمات وكيفية كتابة الانشاء بهذا الاسلوب الأدبي، واذكر انه – مدرس اللغة العربية – استدعاني الى الصف الخامس الثانوي لأقرأ هناك ما أكتبه في الانشاء وسط ذهول الطلاب، زرعت هذه الحالة بذرة الكتابة والثقة بالنفس سيما وتشجيع والدي الراحل الذي كان يحفظ الكثير من القصص والشعر والحكايات، والذي زادني حبا للشعر في بذرات حياتي الاولى هو قراءتي لقصيدة "أنشودة المطر" في الدراسة المتوسطة، وانغماسي بالذهاب الى المكتبات لاقتناء الكتب في الشعر والقصة والرواية.
بدر شاكر السياب وضع اللبنة الاولى للكتابة وقراءاتنا ل (جبران خليل جبران والمنفلوطي)، اما ماذا يعني ان اكون اديبا، هذه مسؤولية كبيرة تلازمني كالنبض.
وبالنسبة لميلاد القصيدة فهو يقول: القصيدة حالة غير منظورة ، تتلبسنا دون ان نعلم، لا وقت لقدومها كي نرحب بها او ترحب بنا، لا مكان، لازمان يحددها، تجيء دون موعد .
اما هناك النظّام، او كاتب الشعر على طريقة – العرضحالجي- او شاعر تحت الطلب، وهنا الفرق بين القصيدة المقتحمَة وكتابتها على الطريقة الخلدونية .
انا مع القصيدة – الولادة - الطبيعية ولست مع القصيدة المجهضة، هي كالحياة وكالموت، لا أحد يعرف أوقاتهما، وهنا تكمن لذة النص!
ويوضح حبيب السامر أن مع الكتابة تولد الدهشة، النص المنساب على الورق يتوالد، ينمو، يتبرعم، لا احد بإمكانه وضع نهاية لنصه، هو – النص- من يكتب نهايته، لذا نجد الدهشة والاندهاش يجيء عفوياً وهنا نحس بقيمة النص في مرايا عيون الملتقي .
وعن قصيدة النثر يقول: قصيدة النثر، قصيدة حية ولدت من رحم التنوع، من رحم التنامي للنص بعفوية الازمنة وتراكمها المعرفي، دائما اقول إن رهاننا الشعرية وليس شكل الكتابة الشعرية، هل تتواجد شعرية في النص بأنواعه؟ اقف امام اي نص يبهرنا بشعريته .
قصيدة النثر، قصيدة لها مكانتها العالمية والعالية، لغتها، شكلها، حيوية مفرداتها وكينونتها، كونيتها، رغم كثرة مطبليها، لكنها جديرة بالفرز بين الخطّارين وشعراء قصيدة النثر، كما الورود تنمو على جانبيه الاعشاب، لكنه حتما دون عطر، المتلقي الفطن بإمكانه ان يفرّق بين الوردة والعشب الممتد على حافات سيقان أغصان الورد.
ويقول: أفكر دائما ان لا اكون رقما تقليدياً مضافاً في خارطة الشعر، بل احرص ان اطلق صوتي المتفرد دون اللهاث خلف تجربة او تجارب اخرى، صحيح اننا نعيد ما نكتب أو نأتي بجديد، لكن على طريقة نبضنا التي لا تشبه حتما نبض الآخر، من هنا نجد الضرورة ان يأخذ كل منا خطه المميز، دون خلطه أو تقاطعه مع الخطوط الاخرى. المسايرة تعني سلك نفس الطريق، وهل من الضروري ان تكون مسايرا دون ان تترك اثرك، دون ان تترك عطرك، دون ان ترسم لونك في خارطة الشعر الضاج بالأسماء والالوان .
ولكن من ناحية أخرى لا يمكننا ان ننسلخ عن واقع عشناه طويلا بكل هذه السهولة، ان التاريخ والتراث أسلوبان معرفيا ننهل منهما ما نشاء، التجربة الحياتية المعيشة مهمة لترسيخ الفعل الثقافي والمعرفي، لذا ترانا نجدد حالاتنا مع مرور الوقت ونعززها بالمغايرة ومواكبة الحداثة، وفق رؤية الانفتاح على الجديد والمتجدد في يومياتنا المزحومة بالأحداث .الحياة يتصاعد نبض ايقاعها اليومي، لذا لا بد من مواكبته، لتحقيق الفعل المعرفي المتغير والمتجدد.
وعن مضمون مجموعته الشعرية الاخيرة يقول الشاعر العراقي حبيب السامر: أصدرت ست مجاميع شعرية، بدءًا من (مرايا الحب.. مرايا النار) عام 2001 وتوالت بعدها مجاميعي الشعرية رغم تباعد إصدارها، اما بالنسبة لمجموعتي الاخيرة "شهرزاد تخرج من عزلتها" الصادرة عن دار الشؤون الثقافية / وزارة الثقافة عام 2017 ، فقد جاءت بنسغ المدينةالبصرة- احتوت على ثلاثة وأربعين نصا تنوعت في اشتغالاتها بين شخوص المدينة وأمكنتها: معبد الكلمات، البصرة، مدن تتلاشى، غامضة نومتك الأخيرة، الحياة، الحب، خيبات، تراكم احتمالات، انبهار اليوميات .
كما اعتمدت ايضا على مجموعة قصائد قصيرة، وومضات في الكتاب لتضع بذلك محطة للتوقف عند النصوص التي ركزت على ظواهر مهمة في المدينة ودلالات (تمثال العامل) و(عيون القطط) وقصائد أخرى.
الشّاعر حبيب السامر من أبرز الأسماء التي لها حضور شعريّ في الوقت الرّاهن، وقد صنع لنفسه طريقًا خاصا نحت فيه بقوّة ومثابرة؛ ميّزته عن غيره في السّاحة الشّعريّة واستطاع أن يكتب تاريخ قصيدة النّثر بأسلوبه الخاص عبر كتبه المتتالية. وشكل حضورا لافتا في الساحتين العراقية والعربية، ترجمت قصائده الى الانكليزية، وسيترجم كتابه الاخير "شهرزاد تخرج من عزلتها" الى الفرنسية، ويصعب اختزال مسيرة أدبيّة كبيرة، في سطور قليلة.
الحوار معه يمنحنا مساحات كبيرة من الجمال، هو يبتسم رغم وجعه، يكتب ليقول للآخر إن الشعر بلا مكائد ولا ضغائن، الشعر نقاء الروح دائمًا يكشف آفاقا متعدّدة، هكذا حلمنا أن يكون، وكان.. مع إكليل يجمّل عرس الثّقافة العربيّة الرّاهنة، وقامة إبداعيّة سحبت أشرعة انطلاقاتها عبر خرائط الكتابة.
في البدء ، يقف الشكر لكم على رأس الورقة وبياضها مثل غصن قافز في الفضاء، وينمو على خد السحاب الجمال لروعة الحقيقة وهي ترصد اتساع النص على مساحات الحياة.
من هنا نبدأ الحوار، مقتنصا من اللحظات ما ترشحه الذاكرة، حيث الشاعر العراقي حبيب السامر بصري المولد والصرخة الاولى في التميمية، توالت المناطق تنقلا بين الجمهورية، الحكيمية، شط العرب (التنومة) ومن تلك المدينة الغافية على أكتاف نهر شط العرب، وتزاحم نخيلها ونهرها الفرعي الاقرب الى بيتنا (الحوامد) هناك الجذر والآفاق. بكالوريوس لغة إنكليزية. عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق. عضو نقابة الصحفيين العراقيين.
صدر لي: مرايا الحب ... مرايا النار 2001. حضور متأخر جدا 2005. رماد الأسئلة 2008 و2013. أصابع المطر 2012. بابيون 2015. شهرزاد تخرج من عزلتها 2017.
يرى الشاعر أن عملية الخلق الادبي حالة متوازنة ومتداخلة بين عوامل عدة، اهمها الموهبة التي تقف على رأس هرم الكتابة، الرغبة في الاستمرار في تنضيجها من خلال مواكبة الجديد بالقراءة المتواصلة ومتابعة المتغيرات في ساحات الابداع، ماذا تفيدنا اللغة وحدها دون عنصر مهم هو الموهبة.
اذن بإمكان كل أكاديمي يتقن اللغة وحدها ان يكون شاعرا؟ وهنا يكمن النقص الحاصل في تجسيد وتطويع اللغة في مفاصل مهمة من الحياة، هذا يعني لا بد ان تتوافر الموهبة اولا وتصقل بالقراءة والدراسة والتلاقح الثقافي المبدع باتجاهات المشاركات وتبادل المعلومات والافكار والرؤى.
وهو يرى أن الحداثة هي التواصلية المشهدية، التتابعية في التواصل، لا انقطاع في الادب بل هناك التواصل والافادة من التجارب المحيطة بنا، وعليه ان اللغة هي الوعاء الذي ننهل منه جميعا، وفي مناحي الادب والثقافة عامة، في ابجديتنا (28) حرفا، تتشكل من خلالها الصور الابداعية، القصيدة، القصة القصيرة، الرواية، وكل مناحي الادب. لذا ان اللغة هي منهل الحروف التي تتراصف فيما بينها لتشكل هذه العوالم واطنان الكتب، نحن من نطوَّع اللغة لتواكب الحداثة والزمن والحياة.
ويوضح أن في القصيدة، تتواشج العلاقة بين الشاعر ومخيلته، بين الفضاء المفتوح للنص واقتناص اللحظة الهاربة لترسم خطوتها الاولى في سحر الورقة، العلاقة السحرية بين الشاعر والنص، علاقة نمو شجرة، علاقة أبوة وأمومة، لا يوجد أي فاصل أو حاجز بين مخيلة الشاعر والشعر، كلاهما يمنح اللحظة الشعرية الواقدة افقها.
وعن النقد يعتقد حبيب السامر أن النقد حالة إبداعية اخرى، لذا من الصعب جدا على الناقد المهني، صاحب الاسم الراسخ ان يتعامل مع نص هابط ويمجده، لانه بالنتيجة سيؤثر على خارطة اسمه في الساحة الثقافية والعكس صحيح، الناقد الماهر من يبحث عن نص يزيد الى اسمه لمعانا وبريقا، ليتواشج ويترك بصمته المؤثرة / نحن بحاجة الى الناقد الفاحص / الناقد الثاقب الذي يثّبت رؤياه ورؤيته دون رقيب اخر، دون تمايز او انحيازات، وكما اسلفت اكرر ان الناقد مبدع اخر يضيف بريقا للنص وهو يضيء الحالة بمصابيح الابداع.
وعن خطواته الأولى في عالم الشعر يقول السامر: في دراستي المتوسطة في ثانوية شط العرب، طلب منا مدرس اللغة العربية ان نكتب موضوعا في الانشاء، كتبته، وبعد ان قرأته في الصف .. انتبه المدرس الى كلماتي، دونها على السبورة، وطلب مني ان أوضح الكلمات وكيفية كتابة الانشاء بهذا الاسلوب الأدبي، واذكر انه – مدرس اللغة العربية – استدعاني الى الصف الخامس الثانوي لأقرأ هناك ما أكتبه في الانشاء وسط ذهول الطلاب، زرعت هذه الحالة بذرة الكتابة والثقة بالنفس سيما وتشجيع والدي الراحل الذي كان يحفظ الكثير من القصص والشعر والحكايات، والذي زادني حبا للشعر في بذرات حياتي الاولى هو قراءتي لقصيدة "أنشودة المطر" في الدراسة المتوسطة، وانغماسي بالذهاب الى المكتبات لاقتناء الكتب في الشعر والقصة والرواية.
بدر شاكر السياب وضع اللبنة الاولى للكتابة وقراءاتنا ل (جبران خليل جبران والمنفلوطي)، اما ماذا يعني ان اكون اديبا، هذه مسؤولية كبيرة تلازمني كالنبض.
وبالنسبة لميلاد القصيدة فهو يقول: القصيدة حالة غير منظورة ، تتلبسنا دون ان نعلم، لا وقت لقدومها كي نرحب بها او ترحب بنا، لا مكان، لازمان يحددها، تجيء دون موعد .
اما هناك النظّام، او كاتب الشعر على طريقة – العرضحالجي- او شاعر تحت الطلب، وهنا الفرق بين القصيدة المقتحمَة وكتابتها على الطريقة الخلدونية .
انا مع القصيدة – الولادة - الطبيعية ولست مع القصيدة المجهضة، هي كالحياة وكالموت، لا أحد يعرف أوقاتهما، وهنا تكمن لذة النص!
ويوضح حبيب السامر أن مع الكتابة تولد الدهشة، النص المنساب على الورق يتوالد، ينمو، يتبرعم، لا احد بإمكانه وضع نهاية لنصه، هو – النص- من يكتب نهايته، لذا نجد الدهشة والاندهاش يجيء عفوياً وهنا نحس بقيمة النص في مرايا عيون الملتقي .
وعن قصيدة النثر يقول: قصيدة النثر، قصيدة حية ولدت من رحم التنوع، من رحم التنامي للنص بعفوية الازمنة وتراكمها المعرفي، دائما اقول إن رهاننا الشعرية وليس شكل الكتابة الشعرية، هل تتواجد شعرية في النص بأنواعه؟ اقف امام اي نص يبهرنا بشعريته .
قصيدة النثر، قصيدة لها مكانتها العالمية والعالية، لغتها، شكلها، حيوية مفرداتها وكينونتها، كونيتها، رغم كثرة مطبليها، لكنها جديرة بالفرز بين الخطّارين وشعراء قصيدة النثر، كما الورود تنمو على جانبيه الاعشاب، لكنه حتما دون عطر، المتلقي الفطن بإمكانه ان يفرّق بين الوردة والعشب الممتد على حافات سيقان أغصان الورد.
ويقول: أفكر دائما ان لا اكون رقما تقليدياً مضافاً في خارطة الشعر، بل احرص ان اطلق صوتي المتفرد دون اللهاث خلف تجربة او تجارب اخرى، صحيح اننا نعيد ما نكتب أو نأتي بجديد، لكن على طريقة نبضنا التي لا تشبه حتما نبض الآخر، من هنا نجد الضرورة ان يأخذ كل منا خطه المميز، دون خلطه أو تقاطعه مع الخطوط الاخرى. المسايرة تعني سلك نفس الطريق، وهل من الضروري ان تكون مسايرا دون ان تترك اثرك، دون ان تترك عطرك، دون ان ترسم لونك في خارطة الشعر الضاج بالأسماء والالوان .
ولكن من ناحية أخرى لا يمكننا ان ننسلخ عن واقع عشناه طويلا بكل هذه السهولة، ان التاريخ والتراث أسلوبان معرفيا ننهل منهما ما نشاء، التجربة الحياتية المعيشة مهمة لترسيخ الفعل الثقافي والمعرفي، لذا ترانا نجدد حالاتنا مع مرور الوقت ونعززها بالمغايرة ومواكبة الحداثة، وفق رؤية الانفتاح على الجديد والمتجدد في يومياتنا المزحومة بالأحداث .الحياة يتصاعد نبض ايقاعها اليومي، لذا لا بد من مواكبته، لتحقيق الفعل المعرفي المتغير والمتجدد.
وعن مضمون مجموعته الشعرية الاخيرة يقول الشاعر العراقي حبيب السامر: أصدرت ست مجاميع شعرية، بدءًا من (مرايا الحب.. مرايا النار) عام 2001 وتوالت بعدها مجاميعي الشعرية رغم تباعد إصدارها، اما بالنسبة لمجموعتي الاخيرة "شهرزاد تخرج من عزلتها" الصادرة عن دار الشؤون الثقافية / وزارة الثقافة عام 2017 ، فقد جاءت بنسغ المدينةالبصرة- احتوت على ثلاثة وأربعين نصا تنوعت في اشتغالاتها بين شخوص المدينة وأمكنتها: معبد الكلمات، البصرة، مدن تتلاشى، غامضة نومتك الأخيرة، الحياة، الحب، خيبات، تراكم احتمالات، انبهار اليوميات .
كما اعتمدت ايضا على مجموعة قصائد قصيرة، وومضات في الكتاب لتضع بذلك محطة للتوقف عند النصوص التي ركزت على ظواهر مهمة في المدينة ودلالات (تمثال العامل) و(عيون القطط) وقصائد أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.