بدون محليين.. 3 قارات تعد غينيا بيساو قبل مواجهة مصر في تصفيات كأس العالم    مشروعات تخرج «نوعية كفر الشيخ» تحول جدران المدينة للوحات فنية    تفاصيل المباحثات المصرية الإذربيجية بقصر الاتحادية (فيديو وصور)    عاجل| 6 طلبات فورية من صندوق النقد للحكومة... لا يمكن الخروج عنهم    تخفيف أحمال الكهرباء تحدي أمام زيادة صادرات مصر الرقمية    رجال الأعمال تناقش تعزيز مساهمة القطاع الخاص لتحقيق مستهدفات القطاع الزراعي    أمريكا تضغط على حماس ليقبل نتنياهو مقترح بايدن!    وزيرة التخطيط تبحث سبل التعاون مع وزير التنمية الاقتصادية الروسي    أبرز 7 غيابات عن منتخب إنجلترا فى يورو 2024    تنظيم 6 ورش عمل على هامش مؤتمر الأوقاف الأول عن السنة النبوية (صور)    رابط نتيجة الشهادة الإعدادية الأزهرية 2024 الترم الثاني على بوابة الأزهر    مرور القاهرة يعيد حركة السير بالأوتوستراد بعد انقلاب مقطورة رخام    سما الأولى على الشهادة الإعدادية بالجيزة: نفسى أكون دكتورة مخ وأعصاب    السكة الحديد تعلن جداول قطارات خط «القاهرة - طنطا - المنصورة – دمياط»    سر الراقصة صرصار.. شريكة سفاح التجمع تفجر مفاجآت جديدة: "كان بيتبسط مع بنتي"    هيئة الدواء في شهر: ضبط 21 مؤسسة غير مرخصة ومضبوطات بأكثر من 30 مليون جنيه    لجلسة 15 يوليو.. تأجيل محاكمة متهمي خلية المرج    ليست المرة الأولى.. قرارات اعتزال اتخذتها شيرين رضا على مدار 11 عاما    محمد رمضان ينشر فيديو من حفل زفاف ابنة المنتج محمد السعدي..وهكذا علق    ناقد فني: نجيب الريحاني كان باكيًا في الحياة ومر بأزمات عصيبة    مهرجان جمعية الفيلم يعرض فيلم «علم».. وفلسطين حاضرة بقوة (صور وتفاصيل)    بجوائز قيمتها 30000 جنيها.. تعرف على شروط وطريقة التقديم لمسابقة فتحي غانم للقصة القصيرة 2024    لماذا الوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم؟.. مركز الأزهر العالمي يُجيب    «الصحة»: إجراء 392 جلسة ضمن منظومة ميكنة الغسيل الكلوي بمستشفيات مطروح    الكشف على 1237 مريضا في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بالمنيا    الدفاع الروسية: قوات كييف تتكبد خسائر بأكثر من 1600 عسكري وعشرات الطائرات المسيرة    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة خلال مايو 2024    الأهلي يحسم صفقتين ويستقر على رحيل موديست    ليفركوزن يدعم دفاعه بصفقة فرنسية    80 شهيدا وعشرات الجرحى فى غارات إسرائيلية على مخيم النصيرات ومناطق بغزة    فريد زهران: ثورة 25 يناير كشفت حجم الفراغ السياسي المروع ولم تكن هناك قيادة واضحة للثورة    نقابة المهندسين تعلن سفر الفوج الثانى من الأعضاء لأداء فريضة الحج    محافظ المنيا: توريد 373 ألف طن قمح حتى الآن    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 142 مخالفة عدم الالتزام بقرار غلق المحال    كاتب صحفي: حجم التبادل التجاري بين مصر وأذربيجان بلغ 26 مليار دولار    وزير الأوقاف: الأدب مع سيدنا رسول الله يقتضي الأدب مع سنته    الإفتاء توضح حكم تجميع جلود الأضاحي ثم بيعها في مزاد علني بمعرفة جمعية خيرية    "اهدى علينا".. رسالة من تركي آل الشيخ إلى رضا عبد العال    تضم هذه التخصصات.. موعد مسابقة المعلمين الجديدة 2024    راديو جيش الاحتلال: تنفيذ غارات شمال رفح الفلسطينية مع التركيز على محور فيلادلفيا    توجيهات من الصحة بشأن المدن الساحلية تزامنًا مع عيد الأضحى والعطلات الصيفية    رئيس جامعة المنوفية: فتح باب التقديم في المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية    بدء توفيق أوضاع المتعاملين مع الوادي الأخضر و6 أكتوبر الزراعية    وزيرة خارجية إندونيسيا تستقبل السفير المصري بجاكرتا    ساوثجيت يعلن قائمة انجلترا لخوض يورو 2024    العمل: تشريع لحماية العمالة المنزلية.. ودورات تدريبية للتعريف بمبادئ «الحريات النقابية»    خبيرة فلك تبشر برج السرطان بانفراجه كبيرة    معسكرات داخلية وخارجية.. اللجنة الأولمبية تتابع خطط الاتحادات استعدادا ل باريس    أستاذ علوم سياسية: مصر بذلت جهودًا كبيرة في الملف الفلسطيني    النائب علي مهران: ثورة 30 يونيو بمثابة فجر جديد    كريم محمود عبد العزيز يشارك الجمهور فرحته باطلاق اسم والده علي أحد محاور الساحل الشمالي    جولة مفاجئة.. إحالة 7 أطباء في أسيوط للتحقيق- صور    افتتاح المكتب الوطني للوكالة الفرانكفونية بمصر في جامعة القاهرة الدولية ب6 أكتوبر (تفاصيل)    تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري يتصدر المباحثات المصرية الأذربيجية بالقاهرة    أزهري: العشر الأوائل من ذي الحجة خير أيام الدنيا ويستحب صيامها    مواعيد مباريات يورو 2024.. مواجهات نارية منتظرة في بطولة أمم أوروبا    إبراهيم حسن يكشف كواليس حديثه مع إمام عاشور بعد لقطته "المثيرة للجدل"    الإفتاء: الحج غير واجب لغير المستطيع ولا يوجب عليه الاستدانة من أجله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة الصحافة القومية المصرية مؤجلة
نشر في صوت البلد يوم 12 - 09 - 2017

الصحافة المصرية مشهدها ملتبس. فمن قومية يحاول بعضهم إبقاءها على قيد الصحافة، إلى خاصة بات بعضها أقرب ما يكون إلى القومية في زمن عنفوانها، إلى صحافة كانت تعرف ب «الحزبية» وفي أقوال أخرى «المعارضة» تعيش على الهامش بعد ما تبخرت الأحزاب وتقلصت المعارضة. وبين هذه وتلك، عشرات البدائل العنكبوتية، تخبر الملايين عما يدور أو لا يدور وفق ضمير كل منها الصحافي وتوجهاته وانتماءاته وأجنداته وقدراته.
قدرات الصحف المصرية على مواجهة المشهد السياسي والاقتصادي والإعلامي شديد الالتباس موضوعة تحت الاختبار هذه الآونة. أوان الطمأنة عبر تأكيد عظمة الماضي وروعة التراث فات وانتهى، وعلى رغم ذلك، فإن القليل منه لا يضر. رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام الكاتب الصحافي المخضرم السيد مكرم محمد أحمد يقول إن الصحافة المصرية تستحق مستقبلاً ووضعاً أفضل مما هي عليه لا سيما وأن لها تاريخاً مشرفاً. مهمة المجلس التي يعلم الجميع أن الجانب الأكبر منها هو إنقاذ الصحافة والإعلام تضعه وتضع الصحافة والإعلام والقراء في خانة اليك.
خانات عديدة وجدت فيها الصحافة المصرية نفسها على مر السنوات الست الماضية. فبين انقلاب على دور الصحافة القومية عقب هبوب رياح الربيع في أوائل عام 2011، حيث اعتبرها كثيرون عاملاً مساعداً لنظام الرئيس الأسبق مبارك، ثم هدوء نسبي بعد تشرذم قوى الثورة وانقلاب حلم التغيير إلى كابوس فوضى وصراع سياسي مرير، وأخيراً نظرة متعاطفة يلقيها عليها الشعب وكأنها «عزيز قوم ذل»، تنتظر الصحف القومية من يحنو عليها ويجد لها دوراً يخلصها من ضبابية المشهد وظلامية المستقبل.
الغريب أن «مستقبل الصحافة القومية» ظل يعرف طريقه عنواناً لمئات الموضوعات الصحافية والمؤتمرات الأكاديمية والفقرات التلفزيونية على مدار العقدين الأخيرين، واشتدت الوتيرة في السنوات الست الماضية، وذلك من دون أن تخرج رؤية واحدة واضحة المعالم محددة الملامح لهذا المستقبل. لكن المؤشرات الحالية تشير إلى أن المستقبل القريب للصحافة القومية هو مد طوق النجاة لها عبر أذرع الدولة المختلفة، متمثلة في الهيئة الوطنية للإعلام ومعها عشرات الشخصيات العامة التي باتت تعتبر الصحافة المملوكة للدولة لاعباً رئيسياً لدعم كيان الدولة ووجودها والحفاظ عليها من السقوط.
ومنذ قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي جملته التي باتت أشهر من نار على علم «ندعو الإعلام لخلق فوبيا ضد فكرة سقوط الدولة»، والجميع يعتبر الصحافة القومية الأداة المستخدمة لهذه الغاية. لكن الأداة تعاني مشكلات لا حصر لها.
رئيس تحرير جريدة «الأخبار» المصرية القومية وسكرتير عام اتحاد الصحافيين العرب ووكيل نقابة الصحافيين السيد خالد ميري قال في اجتماع للهيئة الوطنية للصحافة مع رؤساء مجالس إدارة ورؤساء تحرير المؤسسات القومية قبل أيام إن دور الصحافة القومية محدد وهو خدمة قضايا الدولة. ودعا الميري المسؤولين والحكومة إلى قراءة الدستور في شكل جيد ومعرفة دور الصحافة القومية، مع حتمية وجود رؤية واضحة لدى القائمين على أمر الصحافة القومية والدولة لهذا الدور». وتساءل: «الصحافة القومية لا تعرف أن تقوم بدورها المنوطة به، فكيف تساند غيرها في القيام بأدوار الآخرين ومساندة الحكومة داخل وخارج مصر؟».
سؤال الميري الشرعي والمنطقي لا يجد إجابات واضحة، لكنه يلقى إيماءات رؤوس تعكس موافقة عارمة وتنهدات صدور تعني ضبابية قاتمة. ففي نيسان (أبريل) الماضي وقف رئيس المجلس الأعلى للصحافة والإعلام السيد مكرم يحلف يمين المنصب أمام البرلمان. وتعهد بذل الجهد لإنقاذ الصحافة والإعلام، مشيراً إلى صعوبة المسؤولية، ومؤكداً ثقته في تكاتف الجميع لإنجاز «المهمة الثقيلة» «التي تتطلب ألا تحكمنا الشللية وأن تكون الوجهة الوحيدة هي الإصلاح». وأعلن مكرم في حينها أن المجلس جاد في التوصل إلى توافق مع المؤسسات الصحافية ونقابة الصحافيين والدولة على خطة إصلاح «تعالج كافة القضايا بشجاعة وجرأة». وأضاف أن «المجلس سيعمل كذلك على وجود بنية تشريعية تعزز مصداقية الصحافة وإعلاء قيمة الرأي والرأي الآخر»، مؤكداً أن «مهمة المجلس ليست تكميم الأفواه كما ردد البعض، بل لتكون الكلمة حرة ومسؤولة».
مسؤولية الصحف القومية عن حماية الدولة من السقوط هي المسؤولية الوحيدة الواضحة حتى اللحظة. وبغض النظر عن الطريقة التي يراها القائمون على أمر هذه الصحف في حماية الدولة من السقوط وتنبيه المواطنين من مغبة إفشال الدولة، فإن الأدوار الأخرى للصحافة القومية المصرية في العقد الثاني من الألفية الثالثة تظل غائبة أو غير معروفة أو كليهما.
الصحافة القومية والخاصة في المشهد المصري الحالي في خندق واحد. فمع تداخل المصالح الوطنية وتشابك الأطراف اللاعبة حيث الصحافيون هنا يكادون يكونون هم الصحافيين هناك، تبدو الصفحات أقرب ما تكون إلى التطابق مع تغير الرتوش. الخبثاء يلمحون إلى أن الزمرة الصحافية المقربة من الرئيس لا تقتصر على رموز الصحافة القومية بل تضم رموز الصحافة الخاصة. والأكثر خبثاً يشيرون إلى أن هذه التركيبة ربما تكون مقصودة. لكن – وفي ظل تعالي النبرات الوطنية القلقة من شبح فشل الدولة أو سقوطها- تبدو علامات السكوت الذي هو من علامات الرضا واضحة في المشهد. سكرتير عام نقابة الصحافيين السيد حاتم زكريا تحدث قبل أيام عن «الواجب الوطني الملقى على عاتق الصحف القومية والخاصة والحزبية لمساندة الدولة المصرية لمقاومة الإرهاب» وهو الواجب وثيق الصلة بواجب حماية الدولة.
مدونة السلوك الصادرة عن الاجتماع المشترك بين الهيئة الوطنية للصحافة والصحف القومية قبل أيام ركزت حول قواعد النشر في قضايا الإرهاب والتطرف، «بعدما أصبح الإعلام الوسيط الأساسي الذي تستخدمه الجماعات الإرهابية في الترويج لعقائدها الإجرامية» وفق ما ورد في البيان الرسمي. بنود المدونة تطرقت إلى عدم الإسراف في نشر صور الضحايا تفادياً لنشر الذعر، وتنمية الشعور بأن أمن المجتمع هو أمن المواطن، وتدين مرصداً وطنياً لمتابعة قضايا الإرهاب في وسائل الإعلام، والاعتماد على ما تقدمه الأجهزة الأمنية من معلومات وحقائق مع عدم اعتبار التنظيمات الإرهابية مصدراً للأخبار الخاصة، وغيرها. وقد أطلت مواقع التواصل الاجتماعي برأسها غير مرة من هذه البنود إطلالة تنم عن توجه نحو التقليص وميل إلى التحذير.
فقد أوصى البيان بعدم الاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي – الفايسبوك نموذجاً- كمصادر للنشر «بعدما أصبحت فضاء خصباً تتسلل إليه التنظيمات والجماعات الإرهابية لعولمة أنشطتها الدامية والتسويق لأيديولوجياتها التي تستهدف نشر الرعب والخوف بين المواطنين».
مدونة السلوك ومعها جهود إنقاذ الصحافة القومية مضافاً إليهما انضمام الصحافة الخاصة للقومية في مهمة الحفاظ على الدولة أطاحت أزمة الصحافة القومية الأصلية من على رأس الأولويات. فحين يواجه الوطن إرهاباً، وتواجه الدولة محاولات إفشال وإسقاط، تصبح الأولوية للنجاة. هكذا يقول أولي أمر المشهد الصحافي.
المشهد الصحافي المصري يشير إلى اصطفاف الصحافتين القومية والخاصة ومعهما ما تبقى من صحافة حزبية على قلب صحيفة وطنية واحدة، وهو ما يعني تأجيل مواجهة أزمة الصحافة القومية الأصلية. الطريف أن أحداً لم يحدد ماهية الأزمة أو ملامحها أو معالمها، وهو ما يعتبره الضالعون في الصحافة القومية رحمة ونعمة!
الصحافة المصرية مشهدها ملتبس. فمن قومية يحاول بعضهم إبقاءها على قيد الصحافة، إلى خاصة بات بعضها أقرب ما يكون إلى القومية في زمن عنفوانها، إلى صحافة كانت تعرف ب «الحزبية» وفي أقوال أخرى «المعارضة» تعيش على الهامش بعد ما تبخرت الأحزاب وتقلصت المعارضة. وبين هذه وتلك، عشرات البدائل العنكبوتية، تخبر الملايين عما يدور أو لا يدور وفق ضمير كل منها الصحافي وتوجهاته وانتماءاته وأجنداته وقدراته.
قدرات الصحف المصرية على مواجهة المشهد السياسي والاقتصادي والإعلامي شديد الالتباس موضوعة تحت الاختبار هذه الآونة. أوان الطمأنة عبر تأكيد عظمة الماضي وروعة التراث فات وانتهى، وعلى رغم ذلك، فإن القليل منه لا يضر. رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام الكاتب الصحافي المخضرم السيد مكرم محمد أحمد يقول إن الصحافة المصرية تستحق مستقبلاً ووضعاً أفضل مما هي عليه لا سيما وأن لها تاريخاً مشرفاً. مهمة المجلس التي يعلم الجميع أن الجانب الأكبر منها هو إنقاذ الصحافة والإعلام تضعه وتضع الصحافة والإعلام والقراء في خانة اليك.
خانات عديدة وجدت فيها الصحافة المصرية نفسها على مر السنوات الست الماضية. فبين انقلاب على دور الصحافة القومية عقب هبوب رياح الربيع في أوائل عام 2011، حيث اعتبرها كثيرون عاملاً مساعداً لنظام الرئيس الأسبق مبارك، ثم هدوء نسبي بعد تشرذم قوى الثورة وانقلاب حلم التغيير إلى كابوس فوضى وصراع سياسي مرير، وأخيراً نظرة متعاطفة يلقيها عليها الشعب وكأنها «عزيز قوم ذل»، تنتظر الصحف القومية من يحنو عليها ويجد لها دوراً يخلصها من ضبابية المشهد وظلامية المستقبل.
الغريب أن «مستقبل الصحافة القومية» ظل يعرف طريقه عنواناً لمئات الموضوعات الصحافية والمؤتمرات الأكاديمية والفقرات التلفزيونية على مدار العقدين الأخيرين، واشتدت الوتيرة في السنوات الست الماضية، وذلك من دون أن تخرج رؤية واحدة واضحة المعالم محددة الملامح لهذا المستقبل. لكن المؤشرات الحالية تشير إلى أن المستقبل القريب للصحافة القومية هو مد طوق النجاة لها عبر أذرع الدولة المختلفة، متمثلة في الهيئة الوطنية للإعلام ومعها عشرات الشخصيات العامة التي باتت تعتبر الصحافة المملوكة للدولة لاعباً رئيسياً لدعم كيان الدولة ووجودها والحفاظ عليها من السقوط.
ومنذ قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي جملته التي باتت أشهر من نار على علم «ندعو الإعلام لخلق فوبيا ضد فكرة سقوط الدولة»، والجميع يعتبر الصحافة القومية الأداة المستخدمة لهذه الغاية. لكن الأداة تعاني مشكلات لا حصر لها.
رئيس تحرير جريدة «الأخبار» المصرية القومية وسكرتير عام اتحاد الصحافيين العرب ووكيل نقابة الصحافيين السيد خالد ميري قال في اجتماع للهيئة الوطنية للصحافة مع رؤساء مجالس إدارة ورؤساء تحرير المؤسسات القومية قبل أيام إن دور الصحافة القومية محدد وهو خدمة قضايا الدولة. ودعا الميري المسؤولين والحكومة إلى قراءة الدستور في شكل جيد ومعرفة دور الصحافة القومية، مع حتمية وجود رؤية واضحة لدى القائمين على أمر الصحافة القومية والدولة لهذا الدور». وتساءل: «الصحافة القومية لا تعرف أن تقوم بدورها المنوطة به، فكيف تساند غيرها في القيام بأدوار الآخرين ومساندة الحكومة داخل وخارج مصر؟».
سؤال الميري الشرعي والمنطقي لا يجد إجابات واضحة، لكنه يلقى إيماءات رؤوس تعكس موافقة عارمة وتنهدات صدور تعني ضبابية قاتمة. ففي نيسان (أبريل) الماضي وقف رئيس المجلس الأعلى للصحافة والإعلام السيد مكرم يحلف يمين المنصب أمام البرلمان. وتعهد بذل الجهد لإنقاذ الصحافة والإعلام، مشيراً إلى صعوبة المسؤولية، ومؤكداً ثقته في تكاتف الجميع لإنجاز «المهمة الثقيلة» «التي تتطلب ألا تحكمنا الشللية وأن تكون الوجهة الوحيدة هي الإصلاح». وأعلن مكرم في حينها أن المجلس جاد في التوصل إلى توافق مع المؤسسات الصحافية ونقابة الصحافيين والدولة على خطة إصلاح «تعالج كافة القضايا بشجاعة وجرأة». وأضاف أن «المجلس سيعمل كذلك على وجود بنية تشريعية تعزز مصداقية الصحافة وإعلاء قيمة الرأي والرأي الآخر»، مؤكداً أن «مهمة المجلس ليست تكميم الأفواه كما ردد البعض، بل لتكون الكلمة حرة ومسؤولة».
مسؤولية الصحف القومية عن حماية الدولة من السقوط هي المسؤولية الوحيدة الواضحة حتى اللحظة. وبغض النظر عن الطريقة التي يراها القائمون على أمر هذه الصحف في حماية الدولة من السقوط وتنبيه المواطنين من مغبة إفشال الدولة، فإن الأدوار الأخرى للصحافة القومية المصرية في العقد الثاني من الألفية الثالثة تظل غائبة أو غير معروفة أو كليهما.
الصحافة القومية والخاصة في المشهد المصري الحالي في خندق واحد. فمع تداخل المصالح الوطنية وتشابك الأطراف اللاعبة حيث الصحافيون هنا يكادون يكونون هم الصحافيين هناك، تبدو الصفحات أقرب ما تكون إلى التطابق مع تغير الرتوش. الخبثاء يلمحون إلى أن الزمرة الصحافية المقربة من الرئيس لا تقتصر على رموز الصحافة القومية بل تضم رموز الصحافة الخاصة. والأكثر خبثاً يشيرون إلى أن هذه التركيبة ربما تكون مقصودة. لكن – وفي ظل تعالي النبرات الوطنية القلقة من شبح فشل الدولة أو سقوطها- تبدو علامات السكوت الذي هو من علامات الرضا واضحة في المشهد. سكرتير عام نقابة الصحافيين السيد حاتم زكريا تحدث قبل أيام عن «الواجب الوطني الملقى على عاتق الصحف القومية والخاصة والحزبية لمساندة الدولة المصرية لمقاومة الإرهاب» وهو الواجب وثيق الصلة بواجب حماية الدولة.
مدونة السلوك الصادرة عن الاجتماع المشترك بين الهيئة الوطنية للصحافة والصحف القومية قبل أيام ركزت حول قواعد النشر في قضايا الإرهاب والتطرف، «بعدما أصبح الإعلام الوسيط الأساسي الذي تستخدمه الجماعات الإرهابية في الترويج لعقائدها الإجرامية» وفق ما ورد في البيان الرسمي. بنود المدونة تطرقت إلى عدم الإسراف في نشر صور الضحايا تفادياً لنشر الذعر، وتنمية الشعور بأن أمن المجتمع هو أمن المواطن، وتدين مرصداً وطنياً لمتابعة قضايا الإرهاب في وسائل الإعلام، والاعتماد على ما تقدمه الأجهزة الأمنية من معلومات وحقائق مع عدم اعتبار التنظيمات الإرهابية مصدراً للأخبار الخاصة، وغيرها. وقد أطلت مواقع التواصل الاجتماعي برأسها غير مرة من هذه البنود إطلالة تنم عن توجه نحو التقليص وميل إلى التحذير.
فقد أوصى البيان بعدم الاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي – الفايسبوك نموذجاً- كمصادر للنشر «بعدما أصبحت فضاء خصباً تتسلل إليه التنظيمات والجماعات الإرهابية لعولمة أنشطتها الدامية والتسويق لأيديولوجياتها التي تستهدف نشر الرعب والخوف بين المواطنين».
مدونة السلوك ومعها جهود إنقاذ الصحافة القومية مضافاً إليهما انضمام الصحافة الخاصة للقومية في مهمة الحفاظ على الدولة أطاحت أزمة الصحافة القومية الأصلية من على رأس الأولويات. فحين يواجه الوطن إرهاباً، وتواجه الدولة محاولات إفشال وإسقاط، تصبح الأولوية للنجاة. هكذا يقول أولي أمر المشهد الصحافي.
المشهد الصحافي المصري يشير إلى اصطفاف الصحافتين القومية والخاصة ومعهما ما تبقى من صحافة حزبية على قلب صحيفة وطنية واحدة، وهو ما يعني تأجيل مواجهة أزمة الصحافة القومية الأصلية. الطريف أن أحداً لم يحدد ماهية الأزمة أو ملامحها أو معالمها، وهو ما يعتبره الضالعون في الصحافة القومية رحمة ونعمة!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.