قيادي بمستقبل وطن: تحركات الإخوان ضد السفارات المصرية محاولة بائسة ومشبوهة    تفعيل البريد الموحد لموجهي اللغة العربية والدراسات الاجتماعية بالفيوم    استقالات جماعية للأطباء ووفيات وهجرة الكفاءات..المنظومة الصحية تنهار فى زمن العصابة    ماذا حدث فى الأسواق العالمية بعد حديث رئيس الفيدرالى الأمريكى فى ندوة جاكسون هول؟.. الذهب يستفيد والأونصة تقفز بأكثر من 1% خلال جلسة واحدة.. تصريحات جيروم باول أعادت توقعات خفض الفائدة في سبتمبر    إزالة لمزرعة سمكية مخالفة بجوار "محور 30" على مساحة 10 أفدنة بمركز الحسينية    إسرائيليون من أمام إقامة رئيس وزراء الاحتلال: نتنياهو سيقتل الرهائن فى غزة    مصر القومي: الاعتداء على السفارات المصرية امتداد لمخططات الإخوان لتشويه صورة الدولة    الكاف يخطر بيراميدز بموعد مباراتى الجيش الرواندى فى دوري الأبطال    إسلام جابر: تجربة الزمالك الأفضل في مسيرتي.. ولست نادما على عدم الانتقال للأهلي    بعد حالات غرق شاطئ "أبو تلات" احذروا شواطئ غرب الإسكندرية.. "ملتم" أغسطس يسبب تيارات شديدة ودوامات.. الهانوفيل فى المقدمة بسبب "المقبرة".. و"أبوتلات" فى المرتبة الثانية بسبب تيارات مصب النيل..    السجن المشدد 6 سنوات لحداد لاتجاره فى المخدرات وحيازة سلاح بشبرا الخيمة    بعد أنباء عودته لشيرين عبد الوهاب.. حسام حبيب ل ياسر قنطوش: تصرفات شيطانية هدفها تشويه سمعتي    وزارة الصحة تقدم 314 ألف خدمة طبية مجانية عبر 143 قافلة بجميع المحافظات    "عربية النواب": المجاعة في غزة جريمة إبادة متعمدة تستدعي تحركًا عاجلًا    مصر ترحب بخارطة الطريق الأممية لتسوية الأزمة الليبية    وزير الدفاع الأمريكي يجيز ل2000 من الحرس الوطني حمل السلاح.. ما الهدف؟    وزير خارجية باكستان يبدأ زيارة إلى بنجلاديش    باريس تستدعي سفيرة روما إثر تصريحات إيطالية بحق ماكرون    اليوم.. البابا تواضروس يترأس قداس تدشين كنيسة القديس مارمينا العجائبي بالإسكندرية    وزير العمل يتفقد وحدتي تدريب متنقلتين قبل تشغيلهما غدا بالغربية    50 ألف مشجع لمباراة مصر وإثيوبيا في تصفيات كأس العالم    "قصص متفوتكش".. رسالة غامضة من زوجة النني الأولى.. ومقاضاة مدرب الأهلي السابق بسبب العمولات    ماذا ينتظر كهربا حال إتمام انتقاله لصفوف القادسية الكويتي؟    «المركزي لمتبقيات المبيدات» ينظم ورشة عمل لمنتجي ومصدري الطماطم بالشرقية    الغربية: حملات نظافة مستمرة ليلا ونهارا في 12 مركزا ومدينة لضمان بيئة نظيفة وحضارية    «لازم إشارات وتحاليل للسائقين».. تامر حسني يناشد المسؤولين بعد حادث طريق الضبعة    وزارة النقل تناشد المواطنين عدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه أثناء غلقها    «تعليم أسوان» تعلن عن فرص عمل للمعلمين بنظام الحصة.. الشروط والأوراق المطلوبة    وفاة سهير مجدي .. وفيفي عبده تنعيها    مؤسسة فاروق حسني تطلق الدورة ال7 لجوائز الفنون لعام 2026    قلق داخلي بشأن صديق بعيد.. برج الجدي اليوم 23 أغسطس    غدا.. قصور الثقافة تطلق ملتقى دهب العربي الأول للرسم والتصوير بمشاركة 20 فنانا    تم تصويره بالأهرامات.. قصة فيلم Fountain of Youth بعد ترشحه لجوائز LMGI 2025    تكريم الفنانة شيرين في مهرجان الإسكندرية السينمائي بدورته ال41    موعد إجازة المولد النبوي 2025.. أجندة الإجازات الرسمية المتبقية للموظفين    كيف تكون مستجابا للدعاء؟.. واعظة بالأزهر توضح    وزير التربية والتعليم يزور مدرسة «كوازاه» الفنية الصناعية في طوكيو    رئيس «الرعاية الصحية»: تقديم أكثر من 2.5 مليون خدمة طبية بمستشفيات الهيئة في جنوب سيناء    الصحة: حملة «100 يوم صحة» قدّمت 59 مليون خدمة طبية مجانية خلال 38 يوما    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لمدينة الحوامدية بالجيزة    فحص وصرف العلاج ل247 مواطنا ضمن قافلة بقرية البرث في شمال سيناء    نور القلوب يضىء المنصورة.. 4 من ذوى البصيرة يبدعون فى مسابقة دولة التلاوة    ضبط وتحرير 18 محضرا فى حملة إشغالات بمركز البلينا فى سوهاج    محافظ أسوان يتابع معدلات الإنجاز بمشروع محطة النصراب بإدفو    محاضرة فنية وتدريبات خططية في مران الأهلي استعدادًا للمحلة    8 وفيات نتيجة المجاعة وسوء التغذية في قطاع غزة خلال ال24 ساعة الماضية    طقس الإمارات اليوم.. غيوم جزئية ورياح مثيرة للغبار على هذه المناطق    مصر تستضيف النسخة الأولى من قمة ومعرض "عالم الذكاء الاصطناعي" فبراير المقبل    تحرير 125 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    مستشفى الأهلى.. 6 لاعبين خارج الخدمة فى مباراة غزل المحلة بسبب الإصابة    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    إعلام فلسطينى: مصابون من منتظرى المساعدات شمال رفح الفلسطينية    حسن الخاتمة.. وفاة معتمر أقصري أثناء أدائه مناسك الحج    تنسيق الجامعات 2025| مواعيد فتح موقع التنسيق لطلاب الشهادات المعادلة    كأس السوبر السعودي.. هونج كونج ترغب في استضافة النسخة المقبلة    «مياه الأقصر» تسيطر على بقعة زيت فى مياه النيل دون تأثر المواطنين أو إنقطاع الخدمة    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم السبت 23 أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نجيب محفوظ مازال ملهم النقاد والكتاب والقراء
نشر في صوت البلد يوم 27 - 07 - 2017

في الكتاب الجديد “نجيب محفوظ : إبداع وتوهج” للناقد المصري شوقي بدر يوسف الصادر عن مطبوعات دائرة الثقافة – الشارقة (كتاب الرافد) يشير المؤلف في التوطئة التي صَدَّر بها كِتابه إلى أن في عالم نجيب محفوظ الإبداعي وهجًا وألقًا كبيرين نابعيْن من أصالة وعراقة مُنجزه الروائي والقصصي.
ويضيف “ولا شك أن نجيب محفوظ وعوالمه المنتخبة ببراعة ورهافة شديدتين، هي مصدر هذا التوهج العجيب الذي أخذ به على حين غرة إلى منصة نوبل عام 1988، ونقل مشهد الحارة المصرية (…) إلى آفاق العالمية”.
عوالم متفردة
يأتي الكتاب في أحد عشر فصلاً جامعًا بين التحليل الفني لأعمال محفوظ والتناول الموضوعي/ الثيمي، وقد غطى الكتاب روايات محفوظ التاريخية والاجتماعية وكذلك الفلسفية “ميرامار”. كما توقف في بعض الدراسات عند ظواهر لافتة في كتابات محفوظ كما في الفصل الأول، حيث تناول المؤلف أيقونة العنوان وشيفرته في أعمال محفوظ، ومن خلال التناول السيميولوجي بحث عن علاقة تناص بين العنوان وبين الجسم الأدبي.
كما انطلق الناقد في تحليله من تساؤلات افتراضية مِن قبيل: هل يجب التعويل على ماهية العنوان، وتبئير مفرداته لتعطي المعنى المبثوث داخل النص؟ ويرى المؤلف أن عالم نجيب محفوظ من العوالم السحرية التي خلدت نفسها بنفسها من خلال النسق الفني المتفرِّد.
كما أن العنونة جزءٌ لا يتجزأ من العملية الإبداعية الداخلية للنص، فهو يختار عناوين رواياته بعناية شديدة، وإن كانت عملية التوازي بين نصية العنوان والعمل الروائي تكمن في تداخل عنصري اللغة من العنوان إلى المتن.
وعن علاقة العنوان بالنص يقول إنها تحقِّق مسألتين؛ الأولى مُتعلِّقة بنمو النص منذ أن كان بذرة رعاها الكاتب، والثانية متعلقة بدورية الحكاية، حيث البداية تعكس النهاية وتؤكدها.
كما يُحلِّل عناوين الكثير من الأعمال الروائية بدءًا من “الثلاثية” و”السمان والخريف”، وإن كان لم يوفَّق في استقراء عنوان “الشحاذ” وربطه بنصه، فيقول إن “عنوان رواية الشحاذ هو مفردة تُعبِّر عن زخم العلاقة الناشئة بين الذات وبين مستويات الحكي النابعة من وقائع ما حدث داخل النص”، وهذا كلام عام ينطبق على أي عنوان آخر، بمعنى أنه لم يقدِّم خصوصية للعنوان.
عبر نص “أمام العرش” الذي عاد به محفوظ إلى التاريخ الفرعوني الذي استهلَّ به حياته الإبداعية، يتوقف المؤلف عند رؤية محفوظ لهذا النص الذي حاكم به نجيب محفوظ فراعنة مصر وبعض الشخصيات العامة وزعماء ورؤساء مصر السابقين حتى نهاية عصر السادات.
وكان الكتاب الذي استعصى على التصنيف الأدبي بمثابة رؤية تنبئية يؤكِّد فيها محفوظ على وجوب استئصال الفساد المتجذر داخل نفوس السلطة، والأهم أن محاكمة الرؤساء شيء مطلوب دائمًا للوقوف على طبيعة الشعب المصري في المطالبة بالعدالة والحرية.
ويتوقف المؤلف عند رواية “أفراح القبة”، عارضًا أولا للدراسات النقدية القليلة التي توقفت عند الرواية، التي كانت باعثًا ملهمًا للكثير من الروائيين أمثال سعد مكاوي في روايته “شهيرة”، ومحمد جلال عبدالقوي في رواية “حارة الطيب”. ثم يقدم تحليلاً ضافيا لعناصر الرواية، وبنيتها الفنية وشخوصها الرئيسيين وصراعاتهم الداخلية والخارجية.
جماليات متشابكة
يحلل الناقد في أحد فصول الكتاب شخصية السيد أحمد عبدالجواد باعتبارها شخصية متناقضة أو إشكالية، ويرى أن هذه الشخصية لم تحظ بدراسة متأنية تبرز أوجه المفارقة والالتباس في طبيعة وحياة وممارسات هذه الشخصية في مواجهة التناقضات والتداخلات بين الشخصيات الأخرى في الثلاثية؛ حيث طغت الشخصيات الفكرية كشخصية كمال وفهمي وأحمد شوكت على شخصية الأب التي هي بمثابة العمود الفقري لمحور تداخلات الأحداث.
في قراءة المؤلف لرواية “زقاق المدق”، يسعى إلى تقديم صورة إجرائية للواقعية القذرة كما تجلت في إبداع محفوظ خاصة الروايات الاجتماعية، فالرواية أخذت على عاتقها إضاءة البقاع المظلمة وفضح المستور ومواجهة المتلقي بحقائق مأساوية. وهي رؤية تلخص فلسفة المؤلف الذي يرى أن النفس البشرية ما هي إلا بقعة كبيرة من القاذورات.
وفي مقاربته لرواية “أولاد حارتنا” يقترب من رؤية تتصل اتصالا وثيقًا بوعي نجيب محفوظ المنبثق من الحارة المصرية، فيسعى إلى رد الحكاية إلى أصولها الواقعية المملوءة بأحداث وأمور وأحوال يكتنفها العد الغيبي في بعض الأحوال، والرؤية النابعة من وجدان الناس المهمشين العائشين حياتهم بتلقائية وعفوية.
لا يتوقف الكتاب عند أعمال محفوظ وحدها، بل يقارن الكاتب في إحدى دراساته بين رواية “ملك من شعاع” لعادل كامل، ورواية “العائش في الحقيقة” لنجيب محفوظ من خلال تناول الكاتبين لشخصية أخناتون.
وبعد مقدمة فضفاضة عن علاقة محفوظ بصفة خاصة والمبدعين العرب بصفة عامة بالعصور الفرعونية في الكتابة، يتطرق إلى شخصية عادل كامل وعلاقته بمحفوظ، ثم بعد ذلك يتناول في سرد مُسهب شخصية أخناتون وكيف تناولها الكاتبان، وما هي الرؤى التي طرحاها من هذا الاستدعاء والتناول.
يختتم المؤلف الكتاب بقراءتين في أعمال كُتبت عن نجيب محفوظ الأولى بعنوان: نجيب محفوظ والإسكندرية، قراءة في كتاب نجيب محفوظ في ليالي سان ستيفانو لمحمد الجمل. أما الكتاب الثاني فهو عن إبداع محفوظ القصصي بعنوان: تجليات سرد الحياة، قراءة في أدب نجيب محفوظ.
الكتاب في مُجمله سياحة في عوالم نجيب محفوظ الإبداعية، وكذلك متابعة للكثير من الأعمال التي اقتربت من فكر وإبداع محفوظ، وهو يجمع بين الدراسات الرصينة، والمقالات السريعة التي كانت أشبه بذكريات عن هذه العوالم وما ارتبط بها من أماكن كما في مقالته عن ميرامار: البنسيون والرواية. الشاهد المهم في هذه الدراسات هو ما أكّده عنوانها المُنتخَب، فأعمال محفوظ مازالت ملهمة للنقاد والكُتّاب على حدّ السواء وفي ذات الوقت يجد فيها القارئ والناقد ألقًا ووهجًا حاضرين.
في الكتاب الجديد “نجيب محفوظ : إبداع وتوهج” للناقد المصري شوقي بدر يوسف الصادر عن مطبوعات دائرة الثقافة – الشارقة (كتاب الرافد) يشير المؤلف في التوطئة التي صَدَّر بها كِتابه إلى أن في عالم نجيب محفوظ الإبداعي وهجًا وألقًا كبيرين نابعيْن من أصالة وعراقة مُنجزه الروائي والقصصي.
ويضيف “ولا شك أن نجيب محفوظ وعوالمه المنتخبة ببراعة ورهافة شديدتين، هي مصدر هذا التوهج العجيب الذي أخذ به على حين غرة إلى منصة نوبل عام 1988، ونقل مشهد الحارة المصرية (…) إلى آفاق العالمية”.
عوالم متفردة
يأتي الكتاب في أحد عشر فصلاً جامعًا بين التحليل الفني لأعمال محفوظ والتناول الموضوعي/ الثيمي، وقد غطى الكتاب روايات محفوظ التاريخية والاجتماعية وكذلك الفلسفية “ميرامار”. كما توقف في بعض الدراسات عند ظواهر لافتة في كتابات محفوظ كما في الفصل الأول، حيث تناول المؤلف أيقونة العنوان وشيفرته في أعمال محفوظ، ومن خلال التناول السيميولوجي بحث عن علاقة تناص بين العنوان وبين الجسم الأدبي.
كما انطلق الناقد في تحليله من تساؤلات افتراضية مِن قبيل: هل يجب التعويل على ماهية العنوان، وتبئير مفرداته لتعطي المعنى المبثوث داخل النص؟ ويرى المؤلف أن عالم نجيب محفوظ من العوالم السحرية التي خلدت نفسها بنفسها من خلال النسق الفني المتفرِّد.
كما أن العنونة جزءٌ لا يتجزأ من العملية الإبداعية الداخلية للنص، فهو يختار عناوين رواياته بعناية شديدة، وإن كانت عملية التوازي بين نصية العنوان والعمل الروائي تكمن في تداخل عنصري اللغة من العنوان إلى المتن.
وعن علاقة العنوان بالنص يقول إنها تحقِّق مسألتين؛ الأولى مُتعلِّقة بنمو النص منذ أن كان بذرة رعاها الكاتب، والثانية متعلقة بدورية الحكاية، حيث البداية تعكس النهاية وتؤكدها.
كما يُحلِّل عناوين الكثير من الأعمال الروائية بدءًا من “الثلاثية” و”السمان والخريف”، وإن كان لم يوفَّق في استقراء عنوان “الشحاذ” وربطه بنصه، فيقول إن “عنوان رواية الشحاذ هو مفردة تُعبِّر عن زخم العلاقة الناشئة بين الذات وبين مستويات الحكي النابعة من وقائع ما حدث داخل النص”، وهذا كلام عام ينطبق على أي عنوان آخر، بمعنى أنه لم يقدِّم خصوصية للعنوان.
عبر نص “أمام العرش” الذي عاد به محفوظ إلى التاريخ الفرعوني الذي استهلَّ به حياته الإبداعية، يتوقف المؤلف عند رؤية محفوظ لهذا النص الذي حاكم به نجيب محفوظ فراعنة مصر وبعض الشخصيات العامة وزعماء ورؤساء مصر السابقين حتى نهاية عصر السادات.
وكان الكتاب الذي استعصى على التصنيف الأدبي بمثابة رؤية تنبئية يؤكِّد فيها محفوظ على وجوب استئصال الفساد المتجذر داخل نفوس السلطة، والأهم أن محاكمة الرؤساء شيء مطلوب دائمًا للوقوف على طبيعة الشعب المصري في المطالبة بالعدالة والحرية.
ويتوقف المؤلف عند رواية “أفراح القبة”، عارضًا أولا للدراسات النقدية القليلة التي توقفت عند الرواية، التي كانت باعثًا ملهمًا للكثير من الروائيين أمثال سعد مكاوي في روايته “شهيرة”، ومحمد جلال عبدالقوي في رواية “حارة الطيب”. ثم يقدم تحليلاً ضافيا لعناصر الرواية، وبنيتها الفنية وشخوصها الرئيسيين وصراعاتهم الداخلية والخارجية.
جماليات متشابكة
يحلل الناقد في أحد فصول الكتاب شخصية السيد أحمد عبدالجواد باعتبارها شخصية متناقضة أو إشكالية، ويرى أن هذه الشخصية لم تحظ بدراسة متأنية تبرز أوجه المفارقة والالتباس في طبيعة وحياة وممارسات هذه الشخصية في مواجهة التناقضات والتداخلات بين الشخصيات الأخرى في الثلاثية؛ حيث طغت الشخصيات الفكرية كشخصية كمال وفهمي وأحمد شوكت على شخصية الأب التي هي بمثابة العمود الفقري لمحور تداخلات الأحداث.
في قراءة المؤلف لرواية “زقاق المدق”، يسعى إلى تقديم صورة إجرائية للواقعية القذرة كما تجلت في إبداع محفوظ خاصة الروايات الاجتماعية، فالرواية أخذت على عاتقها إضاءة البقاع المظلمة وفضح المستور ومواجهة المتلقي بحقائق مأساوية. وهي رؤية تلخص فلسفة المؤلف الذي يرى أن النفس البشرية ما هي إلا بقعة كبيرة من القاذورات.
وفي مقاربته لرواية “أولاد حارتنا” يقترب من رؤية تتصل اتصالا وثيقًا بوعي نجيب محفوظ المنبثق من الحارة المصرية، فيسعى إلى رد الحكاية إلى أصولها الواقعية المملوءة بأحداث وأمور وأحوال يكتنفها العد الغيبي في بعض الأحوال، والرؤية النابعة من وجدان الناس المهمشين العائشين حياتهم بتلقائية وعفوية.
لا يتوقف الكتاب عند أعمال محفوظ وحدها، بل يقارن الكاتب في إحدى دراساته بين رواية “ملك من شعاع” لعادل كامل، ورواية “العائش في الحقيقة” لنجيب محفوظ من خلال تناول الكاتبين لشخصية أخناتون.
وبعد مقدمة فضفاضة عن علاقة محفوظ بصفة خاصة والمبدعين العرب بصفة عامة بالعصور الفرعونية في الكتابة، يتطرق إلى شخصية عادل كامل وعلاقته بمحفوظ، ثم بعد ذلك يتناول في سرد مُسهب شخصية أخناتون وكيف تناولها الكاتبان، وما هي الرؤى التي طرحاها من هذا الاستدعاء والتناول.
يختتم المؤلف الكتاب بقراءتين في أعمال كُتبت عن نجيب محفوظ الأولى بعنوان: نجيب محفوظ والإسكندرية، قراءة في كتاب نجيب محفوظ في ليالي سان ستيفانو لمحمد الجمل. أما الكتاب الثاني فهو عن إبداع محفوظ القصصي بعنوان: تجليات سرد الحياة، قراءة في أدب نجيب محفوظ.
الكتاب في مُجمله سياحة في عوالم نجيب محفوظ الإبداعية، وكذلك متابعة للكثير من الأعمال التي اقتربت من فكر وإبداع محفوظ، وهو يجمع بين الدراسات الرصينة، والمقالات السريعة التي كانت أشبه بذكريات عن هذه العوالم وما ارتبط بها من أماكن كما في مقالته عن ميرامار: البنسيون والرواية. الشاهد المهم في هذه الدراسات هو ما أكّده عنوانها المُنتخَب، فأعمال محفوظ مازالت ملهمة للنقاد والكُتّاب على حدّ السواء وفي ذات الوقت يجد فيها القارئ والناقد ألقًا ووهجًا حاضرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.