جامعة بنها تطلق قافلة طبية لرعاية كبار السن بشبرا الخيمة    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 2-10-2025    الكوسة ب45 جنيهًا.. أسعار الخضروات اليوم الخميس في أسواق المنيا    الجريدة الرسمية تنشر قرارًا جديدًا للرئيس السيسي (التفاصيل)    ردا على اعتراض أسطول الحرية.. كولومبيا تطرد باقي أعضاء البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية    وزير الخارجية يؤكد تضامن مصر مع السودان ودعمها لاستقراره وأمنه وسيادته    الزمالك يستأنف تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة غزل المحلة    يويفا يعلن قائمة المرشحين لجائزة لاعب الأسبوع في دوري أبطال أوروبا    الأهلي يدخل معسكرا مغلقا غدا استعدادا لمباراة كهرباء الإسماعيلية    إصابة 3 أشخاص في حادث تصادم ببني سويف    القبض على سيدة تهدد زوجة شقيقها بأعمال السحر والشعوذة في الشرقية    مد فترة استقبال الأعمال المشاركة في مسابقة «النصوص الدرامية القصيرة جدًا» حتى 7 أكتوبر    متحدث «الصحة»: لا يوجد فيروس اسمه HFMD.. وأعراضه لا تشكل خطرًا صحيًا    طبيب صحة مسنين تكشف أسباب تعرض كبار السن للنسيان والاكتئاب    مقتل شخصين في اليوم الخامس من الاحتجاجات في المغرب    وزراء مالية دول "مجموعة السبع" يتفقون على تكثيف الضغط على روسيا بشأن أوكرانيا    «المستشفيات التعليمية» توقع بروتوكول تعاون مع جامعة المنصورة الجديدة لتدريب طلاب الطب    الرقابة المالية تصدر ضوابط اسثتمار المنصات الرقمية في صناديق الملكية الخاصة    وزيرة التنمية المحلية فى جولة مفاجئة لمنظومة جمع قش الأرز بالدقهلية والقليوبية    رابطة الأندية توضح سبب عدم معاقبة جماهير الزمالك وحسين الشحات بعد القمة 131    راموس بعد إسقاط برشلونة: نحن الأبطال ويجب أن نثبت ذلك في الملعب    مصطفى عبده يكشف تفاصيل اجتماع الخطيب مع لاعبي الأهلي قبل القمة    النواب يناقش اليوم تقرير بشأن اعتراض الرئيس السيسى على الإجراءات الجنائية    الوطنية للانتخابات: انتخابات النواب على مرحلتين والسبت تلقى أوراق الترشح    النشرة المرورية.. كثافات متوسطة للسيارات بمحاور القاهرة والجيزة    موقع وزارة التربية والتعليم.. التقييمات الأسبوعية عبر هذا الرابط    استشهاد 3 فلسطينيين وإصابة 13 آخرين جراء قصف إسرائيلى وسط غزة    وفاة الشيخ بشير أحمد صديق كبير القراء فى المسجد النبوى عن عمر ناهز 90 عاما    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 2 أكتوبر 2025 فى المنيا    هل الممارسة الممنوعة شرعا مع الزوجة تبطل عقد الزواج.. دار الإفتاء تجيب    جنة أم نار.. هالاند يتحدث بصراحة عن خوفه من الموت    لماذا يحدث الإغلاق الحكومي الأمريكي؟    «الرعاية الصحية» توافق على إنشاء وحدتين لزراعة النخاع بمجمعي الأقصر الدولي والسويس الطبي    مصرع وإصابة 11 شخصا إثر حريق هائل يلتهم عقارًا في فيصل    الإغلاق الحكومي الأمريكي، هل يطيح بالدولار وتصنيف واشنطن؟ «فيتش» تجيب    «الداخلية»: القبض على مدرس بتهمة التعدي بالضرب على أحد الطلبة خلال العام الماضي    مصرع شخص وإصابة 5 في حادث انقلاب ميكروباص بالشرقية    بقرار جمهوري، مجلس الشيوخ يفتتح اليوم دور الانعقاد الأخير من الفصل التشريعي    السودان: سنجري مراجعة تفصيلية لملف السد الإثيوبي    أودي تعتزم طرح أول سيارة إس.يو.في ذات 7 مقاعد العام المقبل    ترامب يقرر اعتبار أي هجوم على قطر هجومًا على أمريكا    البابا تواضروس الثاني يترأس قداس تدشين كاتدرائية الأنبا أنطونيوس والأرشيدياكون حبيب جرجس بأسيوط الجديدة    المسرح المتنقل يواصل فعالياته بقرية نزلة أسطال بالمنيا    دراسة بريطانية: التمارين الرياضية تعيد التوازن للجهاز المناعي لدى مرضى متلازمة ما بعد كورونا    بلاغ أم يقود لضبط مدرس متهم بالاعتداء على طفل فى الأهرام    عبدالله مجدي الهواري: «بحب الفن ونفسي أبقى حاجة بعيد عن اسم أمي وأبويا»    الدكتور محمود سعيد: معهد ناصر قلعة الطب في مصر وحصن أمان للمصريين    دعاء صلاة الفجر ركن روحي هام في حياة المسلم    رئيس مجلس المطارات الدولي: مصر شريك استراتيجي في صناعة الطيران بالمنطقة    حماية العقل بين التكريم الإلهي والتقوى الحقيقية    الحمل بيحب «الروايات المثيرة» والحوت «الخيالية».. ما نوع الأدب الذي يفضله برجك؟    «مقتنعوش بيه».. ماجد سامي: كنت أتمنى انتقال نجم الزمالك ل الأهلي    محافظ الشرقية يكرّم رعاة مهرجان الخيول العربية الأصيلة في دورته ال29.. صور    أحمد موسى يوجه رسالة للمصريين: بلدنا محاطة بالتهديدات.. ثقوا في القيادة السياسية    أرسنال بالعلامة الكاملة في الإمارات ينتصر بثنائية على أولمبياكوس    مدير معهد ناصر: اختيار المعهد ليكون مدينة طبية لعدة أسباب ويتمتع بمكانة كبيرة لدى المواطنين    ماذا كشفت النيابة في واقعة سرقة الأسورة الأثرية من المتحف المصري؟    «التضامن الاجتماعي» بالوادي الجديد: توزيع مستلزمات مدرسية على طلاب قرى الأربعين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبير عبدالحافظ تترجم وتحلل عالم خوسيه ماريا ميرنيو
نشر في صوت البلد يوم 24 - 07 - 2017

تنتمي المختارات القصصية التي يضمها هذا الكتاب للروائي والقاص الأسباني خوسيه ماريا ميرنيو إلى ثلاث مجموعات قصصية الأولى "قصص المملكة السرية" الصادرة عام 1982 والثانية "المسافر المفقود" الصادرة عام 1990، والثالثة "قصص حي الريفوخيو" الصادرة عام 1994، وترتكز القصص على الفانتازيا كعنصر أساسي في كتابات ميرينو.
قدمت الناقدة والمترجمة د. عبير محمد عبدالحافظ للمختارات الصادرة عن مشروع كلمة بأبوظبي بدراسة كاشفة تحليلية عن ميرينو وكتاباته راصدة لمراحل مشروعه الإبداعي الشعري والروائي والقصصي، فبدأت بجيله جيل 1975 حيث قالت "قبل صدور روايته الأولي عام 1976 بعنوان "رواية اندريس تشوث" أصدر خوسيه ماريا ميرينو ديوانين شعريين، وهما: "مكان في تاريفيا" 1972، و"عيد ميلاد بعيدا عن البيت" 1973.
وحين نشر ميرينو روايته الأولي انضم، بهذا الشكل، إلى باقة الكتاب الذين تزامن نتاجهم الأدبي مع الحقبة الأخيرة من دكتاتورية الجنرال فرانثيسكو فرانكو، وبداية التحول إلي حقبة الديمقراطية، لذلك أطلق على هذه المجموعة من الكتاب عدد من التسميات، إلا أن تسمية "جيل 1975" أو "جيل الديمقراطية" التصقت بهم، كما أطلق عليهم أحد النقاد "جيل 1968" في إشارة إلى تأثرهم بالأحداث التي عرفت ب "مايو باريس" وهو ما انعكس في كتابة هذا الجيل الذي ولد أغلب كتابه في الأعوام ما بين 1936 و1945، وهذا يعني أنهم قد عاشوا طفولتهم في الأجواء القاسية لفترة ما بعد الحرب الأهلية الإسبانية، كما تزامنت سنوات شبابهم ودراستهم في الجامعة مع فترة الدكتاتورية الصعبة، والتمرد الشديد المناهض لحكم فرانكوا.
وأضافت أدبيا تأثر أبناء هذا الجيل بالفترة التي أطلق عليها "أدب المجتمع" في الإعوام ما بين 1950 و1960، وعاشوا طفولتهم تحت التأثير المباشر للحرب الأهلية، كما عاشوا شبابهم وتشكيلهم الجامعي في أقصي سنوات الدكتاتورية، وفي أقصي سنوات الوعي الكامل لمعاداة الفرانكوية، ومن وجهة النظر الأدبية أصبحوا منذ شبابهم المبكر المرجعية المباشرة ل "الإدب الاجتماعي" الذي كتب في إسبانيا في الفترة من 1950 – 1960، وربما كان هذا هو سبب ردة فعلهم ضد التيار، فهاجموا الكتابة المباشرة والداعين إلى الالتزام الحرفي بالشكل.
لهذا فإن أوائل كتاب هذا الجيل عمل وأعلى من تحديث الرواية الإسبانية، عبر إدراج مجموعة من تقنيات الإبداع الجديدة، لربطها بالاتجاهات الطليعية التي تسببت الحرب الأهلية والدكتاتورية في قطع الصلات معها علي مدار سنوات طويلة.
لغة أم نص أم خطاب
وفي عام 1960 نجح هذا الجيل في التواصل مع التيارات الأوروبية الأخري فضلا عن تيارات الكتابة الجديدة في أميركا اللاتينية، مستغلين أي انفراجة يبديها النظام الفرانكوي، بالاضافة إلى الاتجاهات الفكرية اليسارية التي صبت بدورها في أحداث 1968، كما تبنوا مجموعة من المفاهيم بشأن مستقبل الرواية والقصة مثيرة للجدل، وعلى رأسها الرأي الذي كان منتشرا حول الرواية والقصة وهل هي لغة أم نص أم خطاب، ومن ثم فقد دعت إلى هدم مفهوم الفكرة الأساسية للعمل وملخصه، وتحلل الشخوص، والأكثر أهمية هو البنية والتقنيات، فرفعوا شعار "موت الرواية"، وأخذوا يرددونه بشكل مستمر.
توقفت عبدالحافظ تحليليا مع أعمال خوسيه ماريا ميرينو الروائية ورأت أنه أحد أهم الروائيين في القرن العشرين، لكن على الجانب الآخر كرس اهتماماً خاصاً للقصة القصيرة، وأجاد فنها وبرع فيه كأحسن ما يكون، وضاهى فيها أهم الكتاب في الأدب الناطق بالإسبانية وعلي رأسهم كلارين، وبيكر، وكونكييرو، وكيروجا، وبورخيس، وكورتاثار، الذين ورث عنهم الملكة الفريدة في تركيز نص القصة في أقل عدد ممكن من الصفحات، السمة التي يعتبرها ميرينو من أهم خصائص القصة القصيرة "إنني أفهم أن القصة القصيرة الجيدة تستلزم تغليف عالمها الخاص في مساحة من الضوء الخاص، وأن تمنح شخوصها ملكات ومواقف وأحداث، ودمج كل هذه العناصر في موضوع القصة الأساسي، أو في إلي درجة أن القارئ يجد نفسه مدفوعاً دون خيار منه لكي يصل إلي النهاية".
وأكدت عبدالحافظ إن قصص ميرينو تقدم مفهوماً موحداً لمشروعه وطريقة تشكيله، والإصرار علي كتابتها، إذ تتفتح القصة كنبتة من خلال الكلمات، مثلما يعترف ميرينو نفسه، هذه القصص تتقاسم مع الروايات الحيز الفانتازي والأسطوري ذاته لمفهوم ما وراء الأدب، وذلك بهدف عرض الحياة اليومية من خلال إعادة تمثيلها في قالب خيالي. إنه الواقع اليومي، الذي يشتمل في طياته على مناطق سرية أو غير قابلة للتفسير، أكثر بكثير مما قد تعكسه المظاهر. بشكل آخر فإن القارئ يصبح قادراً على الولوج إلى فضاءات تختلط فيها جوانب المنطق مع الكتابة الفانتازية، التي تسيطر عليها الرؤى، والأساطير، والعوالم الموازية، وما وراء الأدب، إلى جانب مادية الكتابة.
وحول مجموعته القصصية الأولي "قصص العالم السري" (1982) قالت "يستحضر ميرينو أماكن طفولته ومراهقته في مدينة ليون، بعبارة أخرى يقتحم الحياة اليومية لمن حوله من خلال قالب فانتازي, يعطي تأثيراً خيالياً ومفاجئاً لكل ما كان يبدو طبيعياً ومعتاداً. فالمكان العادي يتحول إلى مملكة سرية حدودها غير مرئية. وفي هذا العمل، يربط الكاتب بين الحقيقة والخيال، وما هو أكثر من ذلك، فإن فضاءً واقعياً لا أهمية ولا حدود ظاهرة له يتحول إلى عالم سري بلا حدود مرئية، من ناحية أخرى، فإنه يعمل - في هذا الكتاب - على إبداع عموده الفقري، أي ما هو واقعي ومتخيل، وتحديداً "عكس الجانب الواقعي".
ورأت أن الكاتب عالج الحرب الأهلية وما بعدها في عدة قصص، وخاصة في قصتي "الهارب من الجندية"، وهي حكاية رائعة تتعمق في مشاعر امرأة هرب زوجها من الجبهة في أثناء الحرب، بينما قصة " المنزل ذو المدخلين" تحول الواقع من خلال عينين مندهشتين ورؤى عدد من الصغار خلال فترة ما بعد الحرب في مدينة ليون.
الذاكرة والفانتازيا
وتستعيد بعض القصص الأخرى عنصر الذاكرة، التي تتسم بقدر غير قليل من الفانتازيا، كما تشمل بعض القصص أحداثاً حقيقية مثل "هؤلاء الموجودون هناك في الأعلى"، وتظهر في قصص أخري بعض الشخصيات الشهيرة في مدينة ليون، مثل خينارين، وهو سكير شهير كان معروفاً عام 1929 ظهر في قصة "خينارين والسيد المحافظ". وشخصية جوندو، سكير آخر لا تُعرف عنه تفاصيل كثيرة، ويظهر في قصة "الليلة الأكثر طولاً". وفي قصة "الرفيق" أو "المتحف" التي تركز حياة الشخصية في البحث عن الفضاء المفقود في ذاكرتهم. مع ذلك، يغلب على معظم تلك الأعمال القصصية التمجيد لعنصر الفانتازيا الشعبية، أسوة بالكاتب الإسباني الكلاسيكي بيكر، إذ تطرح مواقف غير قابلة للتفسير، وأحداثاً غير قابلة للقياس، ودائماً ما تنتهي القصص بخاتمة لا يقبلها العقل. فنرى مثلاً مولد رجل شيخ من قطعة خشب كنوع من الثأر والانتقام من أهالي بلدته. وفي قصة "الميلاد في غرفة المهملات"، تتجسد رسومات الكنيسة وتبدأ في مهاجمة من ينهبونها، بعد أن تستيقظ من سباتها، بينما في قصة "العدو في زجاجة" تنطلق عينان من زجاجة نبيذ معتق وتحدثان هلعاً مثل يوم القيامة.
وأشارت عبدالحافظ إلى إن عناصر مثل "ما وراء الأدب" والتطور الخيالي والفانتازي مثلما يحدث في بعض روايات ميرينو هي الركيزة المركزية في القصص التي يضمها كتاب "المسافر المفقود" (1990). مع ذلك، فإنه لا يلجأ إلى هذه التقنية أو أي تفنيات أدبية مجانية، بل إلى تحولات ضرورية للترتيب الحقيقي، تماماً كما يفعل الكبار كتاب الرواية الجيليقية والأميركية اللاتينية الناطقة بالإسبانية، ينطلق ميرينو من ما هو واقعي ويومي معتاد في جميع كتاباته ليخرج منه إلى ما هو مفاجئ وقادر على تغيير منطقية الأحداث المتعارف عليها، بعد ذلك تنفصل الأشياء عن واقعها الحقيقي الذي بدت عليه في بداية الأمر، لتتحول إلى كيان يبدو مشابهاً أو يمكن أن يكون. في القصة الأولي للكتاب المذكور يختلط الواقع بعملية الإبداع؛ نجد بطل العمل يسكر مجريات واقعه اليومي حين يظهر له خيال أحد المسافرين المفقودين، ويتمكن من عقله، ويملي عليه مادة أدبية يكتبها لتصبح رواية، ويتواصل الخلط بين الواقع والخيال، ويفرض منطقه الخاص، وكل ذلك في أثناء سفر ذلك الشخص المفقود إلى زوجته بمدينة مليلة.
وسرعان ما يتضح لبطل العمل أن الحياة تبدو وكأنها تتطابق مع الخيال الروائي الذي يُملي عليه على نحو عجيب، فيقلد الواقع الأدب، أو يتبع خطواته بكل صدق. وفي السياق نفسه يمكن الإشارة إلى مجموعة أخرى من القصص، هناك على سبيل المثال "كلمات العالم"، حين يتحول أحد الأساتذة الجامعيين في مجال اللغويات إلى إنسان متلعثم يفقد القدرة على الحديث، أو قصة "المشاهد المتخيلة"، حين يتحول أحد النحاتين إلى ضحية، بسبب تحول مفاجئ للعمل الذي أبدعه، ويكتسب العمل الفني واقعاً حياتياً يومياً.
ويمكن أن نضم إلى العملين السابقين أيضاً "الميدان الريفي"، و"أوكساكوالكو" بسبب تناولهما أيضا العملية الكتابية ومسيرة الإبداع الأدبي، ولكن من الضروري الإشارة إلى الوجه الماوراء أدبي، كما في قصة "الشخص المستغرق" حيث تتسلط على الكاتب شخصية البطل وواقعها الفني، فيعيش مستغرقاً في شخصية بطل الرواية خلال عملية الكتابة.
وعن عمله "قصص حي الريفوخيو" (1994) رأت عبدالحافظ أن ميرينو يصل إلى أقصى درجات النضج كراو للأحداث، فيخلق مجموعة من العوالم الخيالية لا مثيل لها، وتستكمل هذه المجموعة التقنية والخطوط الفنية العريضة التي يتبعها ميرينو، وهي تضم أغلب نقاط الرؤي التي تعرض لها في قصصه السابقة، مع التركيز على نظرته الخاصة ورؤيته للأشياء والواقع من حوله، وعملية نقل الأشياء من الحياة إلى مستوى آخر من خلال الكتابة، إذ يتحول ما هو يومي إلي إبداع خيالي، وينقلب كل ما هو معقول ومنطقي إلى مجهول ومدهش يصعب تجنبه في الوقت نفسه.
اليومي .. متخيل
في هذه المجموعة أيضا يصل ميرينو إلى قمة نضجه كروائي، ويبدع كأفضل ما يكون تلك العوالم المتخيلة والتي لا يوجد فيها أي شيء مخطط له من قبل، ويبدو الكتاب في مجمله مفهوماً بشكل واضح، ويلخص أو يوسع رؤية أعماله السابقة، لأنه يظل وفياً لرؤيته للواقع وتمسكه بالعملية الإبداعية في مناطقها الغامضة، ويحكم المزيد من التأكيد إلى أن تصل إلى أبعد حدٍ ممكن، أي العلاقة بين ما هو معاش وما هو مكتوب، ويتحول اليومي إلى متخيل ومادة للخيال، له مظهر واقعي أكثر من الواقع المحسوس، أو أن ما هو واضح ومنطقي ينفجر فجأة في عالم مجهول.
إن القصص الثلاث عشرة تصل بإبداع المؤلف وكتابته الشخصية إلى أبعد مما أراده ميرينو من مكانة معترف بها، وهو ما يظهر في قصة "المترجم الخائن"، بينما في "حفلة" يتم الكشف عن أماكن غير معروفة من قبل، وفي "من أجل المعرفة العامة" تبدو عوالم متوازية ومتداخلة فيما بينها، أما في "المادة الصامتة" فيعرض لوجود مجموعة من الأشخاص الفضائيين، أما في قصته "الطيور" فيقدم اختفاء بعض الأشخاص على نحو غير طبيعي. ويكتنف جميع القصص المشار إليها أماكن وفضاءات لم يكشف النقاب عنها من قبل، فضلاً أجواء مثيرة ومقلقة.
ونبهت عبدالحافظ إلى أن نشر ميرينو كتابه "50 قصة وأسطورة واحدة" (1997) ضمنه بعض القصص التي لم ينشرها في كتبه السابقة، وهي ستة نصوص تساعد على اكتمال وجهة النظر الأدبية للكاتب من خلال تسليط الضوء على موضوعاته المفضلة.
وقالت "هكذا نجد قصة (عندما يستيقظ النزيل)، ترتبط بقصص أخرى له تتعلق بالفساد السياسي، ويكتسب السرد شكل التحقيق القانوني، ويطرح حدود قضية أن تكون أو لا تكون - بقاء الأشياء واختفائها - من خلال تحولات البطل واختفائه في بعض الأحيان، الذي يتحول إلى مادة فاسدة ورمز للفساد السياسي. في قصة "العراف المرتبك" نجد شخصية الأب التوراتي خوسيه، مفسر الأحلام، تصبح مادة يستغلها الكاتب لاستعادة موضوعاته التي تتناول الحدود الفاصلة بين الحلم والإغفاءة، وكيف أن الأحلام يمكنها التحكم في الواقع.
وفي قصة "الرحلة السابعة" يحل الأدبي محل الواقع، فشخصية السندباد البحري الشهيرة تتحول إلى شخص حقيقي يحمل اسم سمبا، وهو شخص من أصل عربي اعتاد السفر، وكان البطل الراوية قد انبهر بهذه الشخصية في طفولته فإذا به يفاجأ عندما يكبر بوجودها أمام عينيه.
أما قصة "صوت الماء" فتندرج في إطار النوعية التي تتناول عالم التنبؤات، وتعرض للعالم الذي يمس المنطقة الفاصلة بين الحياة والموت. وتقف قصة "فاكهة البحر" في منطقة ما بين الأسطورة والفانتازيا، فتحكي في إطار فكاهي ساخر اصطياد إحدى جنيات البحر.
وأشارت إلى أن قصة "الفقريات والجنيات" هي القصة الأقدم في هذه المختارات حسب الكاتب، ويصفها بأنها أسطورة، تتزامن مع روايته "رواية اندريس تشوث"، التي تتناول موضوع الخيال العلمي، وتتسم بطبيعة رمزية، كما تتناول صراع الإنسان من أجل البقاء، وظاهرة الانتخاب الطبيعي للفصائل الحية.
تنتمي المختارات القصصية التي يضمها هذا الكتاب للروائي والقاص الأسباني خوسيه ماريا ميرنيو إلى ثلاث مجموعات قصصية الأولى "قصص المملكة السرية" الصادرة عام 1982 والثانية "المسافر المفقود" الصادرة عام 1990، والثالثة "قصص حي الريفوخيو" الصادرة عام 1994، وترتكز القصص على الفانتازيا كعنصر أساسي في كتابات ميرينو.
قدمت الناقدة والمترجمة د. عبير محمد عبدالحافظ للمختارات الصادرة عن مشروع كلمة بأبوظبي بدراسة كاشفة تحليلية عن ميرينو وكتاباته راصدة لمراحل مشروعه الإبداعي الشعري والروائي والقصصي، فبدأت بجيله جيل 1975 حيث قالت "قبل صدور روايته الأولي عام 1976 بعنوان "رواية اندريس تشوث" أصدر خوسيه ماريا ميرينو ديوانين شعريين، وهما: "مكان في تاريفيا" 1972، و"عيد ميلاد بعيدا عن البيت" 1973.
وحين نشر ميرينو روايته الأولي انضم، بهذا الشكل، إلى باقة الكتاب الذين تزامن نتاجهم الأدبي مع الحقبة الأخيرة من دكتاتورية الجنرال فرانثيسكو فرانكو، وبداية التحول إلي حقبة الديمقراطية، لذلك أطلق على هذه المجموعة من الكتاب عدد من التسميات، إلا أن تسمية "جيل 1975" أو "جيل الديمقراطية" التصقت بهم، كما أطلق عليهم أحد النقاد "جيل 1968" في إشارة إلى تأثرهم بالأحداث التي عرفت ب "مايو باريس" وهو ما انعكس في كتابة هذا الجيل الذي ولد أغلب كتابه في الأعوام ما بين 1936 و1945، وهذا يعني أنهم قد عاشوا طفولتهم في الأجواء القاسية لفترة ما بعد الحرب الأهلية الإسبانية، كما تزامنت سنوات شبابهم ودراستهم في الجامعة مع فترة الدكتاتورية الصعبة، والتمرد الشديد المناهض لحكم فرانكوا.
وأضافت أدبيا تأثر أبناء هذا الجيل بالفترة التي أطلق عليها "أدب المجتمع" في الإعوام ما بين 1950 و1960، وعاشوا طفولتهم تحت التأثير المباشر للحرب الأهلية، كما عاشوا شبابهم وتشكيلهم الجامعي في أقصي سنوات الدكتاتورية، وفي أقصي سنوات الوعي الكامل لمعاداة الفرانكوية، ومن وجهة النظر الأدبية أصبحوا منذ شبابهم المبكر المرجعية المباشرة ل "الإدب الاجتماعي" الذي كتب في إسبانيا في الفترة من 1950 – 1960، وربما كان هذا هو سبب ردة فعلهم ضد التيار، فهاجموا الكتابة المباشرة والداعين إلى الالتزام الحرفي بالشكل.
لهذا فإن أوائل كتاب هذا الجيل عمل وأعلى من تحديث الرواية الإسبانية، عبر إدراج مجموعة من تقنيات الإبداع الجديدة، لربطها بالاتجاهات الطليعية التي تسببت الحرب الأهلية والدكتاتورية في قطع الصلات معها علي مدار سنوات طويلة.
لغة أم نص أم خطاب
وفي عام 1960 نجح هذا الجيل في التواصل مع التيارات الأوروبية الأخري فضلا عن تيارات الكتابة الجديدة في أميركا اللاتينية، مستغلين أي انفراجة يبديها النظام الفرانكوي، بالاضافة إلى الاتجاهات الفكرية اليسارية التي صبت بدورها في أحداث 1968، كما تبنوا مجموعة من المفاهيم بشأن مستقبل الرواية والقصة مثيرة للجدل، وعلى رأسها الرأي الذي كان منتشرا حول الرواية والقصة وهل هي لغة أم نص أم خطاب، ومن ثم فقد دعت إلى هدم مفهوم الفكرة الأساسية للعمل وملخصه، وتحلل الشخوص، والأكثر أهمية هو البنية والتقنيات، فرفعوا شعار "موت الرواية"، وأخذوا يرددونه بشكل مستمر.
توقفت عبدالحافظ تحليليا مع أعمال خوسيه ماريا ميرينو الروائية ورأت أنه أحد أهم الروائيين في القرن العشرين، لكن على الجانب الآخر كرس اهتماماً خاصاً للقصة القصيرة، وأجاد فنها وبرع فيه كأحسن ما يكون، وضاهى فيها أهم الكتاب في الأدب الناطق بالإسبانية وعلي رأسهم كلارين، وبيكر، وكونكييرو، وكيروجا، وبورخيس، وكورتاثار، الذين ورث عنهم الملكة الفريدة في تركيز نص القصة في أقل عدد ممكن من الصفحات، السمة التي يعتبرها ميرينو من أهم خصائص القصة القصيرة "إنني أفهم أن القصة القصيرة الجيدة تستلزم تغليف عالمها الخاص في مساحة من الضوء الخاص، وأن تمنح شخوصها ملكات ومواقف وأحداث، ودمج كل هذه العناصر في موضوع القصة الأساسي، أو في إلي درجة أن القارئ يجد نفسه مدفوعاً دون خيار منه لكي يصل إلي النهاية".
وأكدت عبدالحافظ إن قصص ميرينو تقدم مفهوماً موحداً لمشروعه وطريقة تشكيله، والإصرار علي كتابتها، إذ تتفتح القصة كنبتة من خلال الكلمات، مثلما يعترف ميرينو نفسه، هذه القصص تتقاسم مع الروايات الحيز الفانتازي والأسطوري ذاته لمفهوم ما وراء الأدب، وذلك بهدف عرض الحياة اليومية من خلال إعادة تمثيلها في قالب خيالي. إنه الواقع اليومي، الذي يشتمل في طياته على مناطق سرية أو غير قابلة للتفسير، أكثر بكثير مما قد تعكسه المظاهر. بشكل آخر فإن القارئ يصبح قادراً على الولوج إلى فضاءات تختلط فيها جوانب المنطق مع الكتابة الفانتازية، التي تسيطر عليها الرؤى، والأساطير، والعوالم الموازية، وما وراء الأدب، إلى جانب مادية الكتابة.
وحول مجموعته القصصية الأولي "قصص العالم السري" (1982) قالت "يستحضر ميرينو أماكن طفولته ومراهقته في مدينة ليون، بعبارة أخرى يقتحم الحياة اليومية لمن حوله من خلال قالب فانتازي, يعطي تأثيراً خيالياً ومفاجئاً لكل ما كان يبدو طبيعياً ومعتاداً. فالمكان العادي يتحول إلى مملكة سرية حدودها غير مرئية. وفي هذا العمل، يربط الكاتب بين الحقيقة والخيال، وما هو أكثر من ذلك، فإن فضاءً واقعياً لا أهمية ولا حدود ظاهرة له يتحول إلى عالم سري بلا حدود مرئية، من ناحية أخرى، فإنه يعمل - في هذا الكتاب - على إبداع عموده الفقري، أي ما هو واقعي ومتخيل، وتحديداً "عكس الجانب الواقعي".
ورأت أن الكاتب عالج الحرب الأهلية وما بعدها في عدة قصص، وخاصة في قصتي "الهارب من الجندية"، وهي حكاية رائعة تتعمق في مشاعر امرأة هرب زوجها من الجبهة في أثناء الحرب، بينما قصة " المنزل ذو المدخلين" تحول الواقع من خلال عينين مندهشتين ورؤى عدد من الصغار خلال فترة ما بعد الحرب في مدينة ليون.
الذاكرة والفانتازيا
وتستعيد بعض القصص الأخرى عنصر الذاكرة، التي تتسم بقدر غير قليل من الفانتازيا، كما تشمل بعض القصص أحداثاً حقيقية مثل "هؤلاء الموجودون هناك في الأعلى"، وتظهر في قصص أخري بعض الشخصيات الشهيرة في مدينة ليون، مثل خينارين، وهو سكير شهير كان معروفاً عام 1929 ظهر في قصة "خينارين والسيد المحافظ". وشخصية جوندو، سكير آخر لا تُعرف عنه تفاصيل كثيرة، ويظهر في قصة "الليلة الأكثر طولاً". وفي قصة "الرفيق" أو "المتحف" التي تركز حياة الشخصية في البحث عن الفضاء المفقود في ذاكرتهم. مع ذلك، يغلب على معظم تلك الأعمال القصصية التمجيد لعنصر الفانتازيا الشعبية، أسوة بالكاتب الإسباني الكلاسيكي بيكر، إذ تطرح مواقف غير قابلة للتفسير، وأحداثاً غير قابلة للقياس، ودائماً ما تنتهي القصص بخاتمة لا يقبلها العقل. فنرى مثلاً مولد رجل شيخ من قطعة خشب كنوع من الثأر والانتقام من أهالي بلدته. وفي قصة "الميلاد في غرفة المهملات"، تتجسد رسومات الكنيسة وتبدأ في مهاجمة من ينهبونها، بعد أن تستيقظ من سباتها، بينما في قصة "العدو في زجاجة" تنطلق عينان من زجاجة نبيذ معتق وتحدثان هلعاً مثل يوم القيامة.
وأشارت عبدالحافظ إلى إن عناصر مثل "ما وراء الأدب" والتطور الخيالي والفانتازي مثلما يحدث في بعض روايات ميرينو هي الركيزة المركزية في القصص التي يضمها كتاب "المسافر المفقود" (1990). مع ذلك، فإنه لا يلجأ إلى هذه التقنية أو أي تفنيات أدبية مجانية، بل إلى تحولات ضرورية للترتيب الحقيقي، تماماً كما يفعل الكبار كتاب الرواية الجيليقية والأميركية اللاتينية الناطقة بالإسبانية، ينطلق ميرينو من ما هو واقعي ويومي معتاد في جميع كتاباته ليخرج منه إلى ما هو مفاجئ وقادر على تغيير منطقية الأحداث المتعارف عليها، بعد ذلك تنفصل الأشياء عن واقعها الحقيقي الذي بدت عليه في بداية الأمر، لتتحول إلى كيان يبدو مشابهاً أو يمكن أن يكون. في القصة الأولي للكتاب المذكور يختلط الواقع بعملية الإبداع؛ نجد بطل العمل يسكر مجريات واقعه اليومي حين يظهر له خيال أحد المسافرين المفقودين، ويتمكن من عقله، ويملي عليه مادة أدبية يكتبها لتصبح رواية، ويتواصل الخلط بين الواقع والخيال، ويفرض منطقه الخاص، وكل ذلك في أثناء سفر ذلك الشخص المفقود إلى زوجته بمدينة مليلة.
وسرعان ما يتضح لبطل العمل أن الحياة تبدو وكأنها تتطابق مع الخيال الروائي الذي يُملي عليه على نحو عجيب، فيقلد الواقع الأدب، أو يتبع خطواته بكل صدق. وفي السياق نفسه يمكن الإشارة إلى مجموعة أخرى من القصص، هناك على سبيل المثال "كلمات العالم"، حين يتحول أحد الأساتذة الجامعيين في مجال اللغويات إلى إنسان متلعثم يفقد القدرة على الحديث، أو قصة "المشاهد المتخيلة"، حين يتحول أحد النحاتين إلى ضحية، بسبب تحول مفاجئ للعمل الذي أبدعه، ويكتسب العمل الفني واقعاً حياتياً يومياً.
ويمكن أن نضم إلى العملين السابقين أيضاً "الميدان الريفي"، و"أوكساكوالكو" بسبب تناولهما أيضا العملية الكتابية ومسيرة الإبداع الأدبي، ولكن من الضروري الإشارة إلى الوجه الماوراء أدبي، كما في قصة "الشخص المستغرق" حيث تتسلط على الكاتب شخصية البطل وواقعها الفني، فيعيش مستغرقاً في شخصية بطل الرواية خلال عملية الكتابة.
وعن عمله "قصص حي الريفوخيو" (1994) رأت عبدالحافظ أن ميرينو يصل إلى أقصى درجات النضج كراو للأحداث، فيخلق مجموعة من العوالم الخيالية لا مثيل لها، وتستكمل هذه المجموعة التقنية والخطوط الفنية العريضة التي يتبعها ميرينو، وهي تضم أغلب نقاط الرؤي التي تعرض لها في قصصه السابقة، مع التركيز على نظرته الخاصة ورؤيته للأشياء والواقع من حوله، وعملية نقل الأشياء من الحياة إلى مستوى آخر من خلال الكتابة، إذ يتحول ما هو يومي إلي إبداع خيالي، وينقلب كل ما هو معقول ومنطقي إلى مجهول ومدهش يصعب تجنبه في الوقت نفسه.
اليومي .. متخيل
في هذه المجموعة أيضا يصل ميرينو إلى قمة نضجه كروائي، ويبدع كأفضل ما يكون تلك العوالم المتخيلة والتي لا يوجد فيها أي شيء مخطط له من قبل، ويبدو الكتاب في مجمله مفهوماً بشكل واضح، ويلخص أو يوسع رؤية أعماله السابقة، لأنه يظل وفياً لرؤيته للواقع وتمسكه بالعملية الإبداعية في مناطقها الغامضة، ويحكم المزيد من التأكيد إلى أن تصل إلى أبعد حدٍ ممكن، أي العلاقة بين ما هو معاش وما هو مكتوب، ويتحول اليومي إلى متخيل ومادة للخيال، له مظهر واقعي أكثر من الواقع المحسوس، أو أن ما هو واضح ومنطقي ينفجر فجأة في عالم مجهول.
إن القصص الثلاث عشرة تصل بإبداع المؤلف وكتابته الشخصية إلى أبعد مما أراده ميرينو من مكانة معترف بها، وهو ما يظهر في قصة "المترجم الخائن"، بينما في "حفلة" يتم الكشف عن أماكن غير معروفة من قبل، وفي "من أجل المعرفة العامة" تبدو عوالم متوازية ومتداخلة فيما بينها، أما في "المادة الصامتة" فيعرض لوجود مجموعة من الأشخاص الفضائيين، أما في قصته "الطيور" فيقدم اختفاء بعض الأشخاص على نحو غير طبيعي. ويكتنف جميع القصص المشار إليها أماكن وفضاءات لم يكشف النقاب عنها من قبل، فضلاً أجواء مثيرة ومقلقة.
ونبهت عبدالحافظ إلى أن نشر ميرينو كتابه "50 قصة وأسطورة واحدة" (1997) ضمنه بعض القصص التي لم ينشرها في كتبه السابقة، وهي ستة نصوص تساعد على اكتمال وجهة النظر الأدبية للكاتب من خلال تسليط الضوء على موضوعاته المفضلة.
وقالت "هكذا نجد قصة (عندما يستيقظ النزيل)، ترتبط بقصص أخرى له تتعلق بالفساد السياسي، ويكتسب السرد شكل التحقيق القانوني، ويطرح حدود قضية أن تكون أو لا تكون - بقاء الأشياء واختفائها - من خلال تحولات البطل واختفائه في بعض الأحيان، الذي يتحول إلى مادة فاسدة ورمز للفساد السياسي. في قصة "العراف المرتبك" نجد شخصية الأب التوراتي خوسيه، مفسر الأحلام، تصبح مادة يستغلها الكاتب لاستعادة موضوعاته التي تتناول الحدود الفاصلة بين الحلم والإغفاءة، وكيف أن الأحلام يمكنها التحكم في الواقع.
وفي قصة "الرحلة السابعة" يحل الأدبي محل الواقع، فشخصية السندباد البحري الشهيرة تتحول إلى شخص حقيقي يحمل اسم سمبا، وهو شخص من أصل عربي اعتاد السفر، وكان البطل الراوية قد انبهر بهذه الشخصية في طفولته فإذا به يفاجأ عندما يكبر بوجودها أمام عينيه.
أما قصة "صوت الماء" فتندرج في إطار النوعية التي تتناول عالم التنبؤات، وتعرض للعالم الذي يمس المنطقة الفاصلة بين الحياة والموت. وتقف قصة "فاكهة البحر" في منطقة ما بين الأسطورة والفانتازيا، فتحكي في إطار فكاهي ساخر اصطياد إحدى جنيات البحر.
وأشارت إلى أن قصة "الفقريات والجنيات" هي القصة الأقدم في هذه المختارات حسب الكاتب، ويصفها بأنها أسطورة، تتزامن مع روايته "رواية اندريس تشوث"، التي تتناول موضوع الخيال العلمي، وتتسم بطبيعة رمزية، كما تتناول صراع الإنسان من أجل البقاء، وظاهرة الانتخاب الطبيعي للفصائل الحية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.