مؤشرات تنسيق الثانوية العامة 2025 علمي علوم ورياضة.. كليات من 60% بالنسبة المئوية    جامعة قناة السويس تُعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني وتُقرّ دعمًا للطلاب    معسكر كشفي ناجح لطلاب "الإسماعيلية الأهلية" بجامعة قناة السويس    تخرج دورة المعينين بالهيئات القضائية ومصلحة الطب الشرعى بعد إتمام دوراتهم التدريبية بالأكاديمية العسكرية    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية خلال النصف الأول من 2025    وزير الإسكان يتابع الموقف التنفيذي لمشروعات مدينة المنصورة الجديدة    ارتفاع أسعار الدواجن والبيض اليوم الأربعاء 24 يوليو 2025 بأسواق المنوفية    المشاط تبحث مع مديرة ITC تعزيز دعم المشروعات الصغيرة والتحول الرقمي    برلمانيون: مصر تكثف جهودها لإدخال المساعدات إلى غزة بالتعاون مع المجتمع الدولي    إنفوجراف| مصر و9 دول ترفض تصديق الكنيست بفرض سيادة إسرائيل على الضفة الغربية    خطة ريال مدريد للتعاقد مع كوناتي    لاعب آرسنال بعد الانضمام لمنتخب الشباب: حلمي اللعب بقميص مصر    أحمد ربيع ينضم لمعسكر الزمالك خلال ساعات بعد حسم الصفقة    السيطرة على حريق اندلع في مخلفات أعلى سطح عقار بالقليوبية | صور    الأرصاد تحذر من موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد وتستمر حتى هذا الموعد    إنفوجراف ..فتح باب التظلم من نتيجة الثانوية العامة 2025 الأسبوع المقبل    ضبط 323 قضية مخدرات و189 قطعة سلاح ناري خلال 24 ساعة    لمست أجزاء من جسدها.. اعترافات سائق تحرش بسيدة فى البساتين    ضبط 4 ملايين جنيه حصيلة «تجارة العملة» خلال 24 ساعة    «مبقتش أثق في حد».. صبا مبارك تروج ل «220 يوم»    الكشف عن مدينة سكنية متكاملة من بدايات العصر القبطي المبكر بواحات الخارجة    713 ألف خدمة طبية قدمتها مبادرة «100 يوم صحة» خلال أسبوعها الأول في القليوبية    إصابة رئيس محكمة و3 من أسرته في حادث انقلاب سيارة ملاكي بطريق أسيوط الغربي    ضبط مكتب كاستينج بدون ترخيص في الجيزة    17 شهيدا بنيران وقصف الاحتلال بينهم 3 من منتظري المساعدات منذ فجر اليوم    مصادر: سول تقترح استثمارات تتجاوز 100 مليار دولار بأمريكا في إطار محادثات الرسوم الجمركية    مهرجان الغردقة السينمائي يطلق مسابقة للفيلم السياحي.. تفاصيل    مقتل 11 مدنيًا في معارك مسلحة بين تايلاند وكمبوديا    هيئة الرعاية الصحية: تعاون مع شركة Abbott لنقل أحدث تقنيات علاج أمراض القلب    الدفاع الجوي الروسي يدمر 39 مسيرة أوكرانية    إصابة 9 جنود إسرائيليين في عملية دهس.. مروحيات ووحدات خاصة لضبط منفذ العملية (صور)    استقرار أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 24 يوليو 2025    وزير الري يتابع حالة المنظومة المائية خلال موسم أقصى الاحتياجات المائية    تطوير التعليم بالوزراء يدشن مبادرة لاكتشاف المواهب بالتعاون مع أكاديمية الفنون ومؤسسات الدولة    شركات صينية تنشئ 3 مصانع للملابس والمنسوجات بالقنطرة باستثمارات 65.5 مليون دولار    "الجبهة الوطنية" يعقد أول لقاء جماهيري بالإسماعيلية لدعم مرشحته داليا سعد    من اكتئاب الشتاء إلى حرارة الصيف.. ما السر في تفضيل بعض الأشخاص لفصل عن الآخر؟    جامعة القاهرة تطلق جائزة التميز الداخلي للجامعات 2025 تأهيلًا للمشاركة في جائزة التميز الحكومي    التضامن تنفذ أنشطة تثقيفية ورياضية وترفيهية بمؤسسة فتيات العجوزة    حفلات مهرجان العلمين.. تامر حسني يقدم ألبومه الجديد "لينا ميعاد" لأول مرة لايف    أحد الزملاء يخفي معلومات مهمة عنك.. حظ برج الدلو اليوم 24 يوليو    «كتالوج»... الأبوة والأمومة    مدنية الأحكام وتفاعلها مجتمعيًّا وسياسيًّا    سيناء في «قلب جهود التنمية»    «صفقة قادمة».. شوبير يشوّق جماهير الأهلي حول المهاجم الجديد    إصابة 4 عمال إثر سقوط مظلة بموقف نجع حمادي في قنا.. وتوجيه عاجل من المحافظ- صور    علي أبو جريشة: عصر ابن النادي انتهى    نهاية سعيدة لمسلسل "فات الميعاد".. تفاصيل الحلقة الأخيرة    حسام موافي لطلاب الثانوية: الطب ليست كلية القمة فقط    سيف جعفر: فيريرا يتعامل معنا بشكل مثالي.. والصفقات الجديدة إضافة قوية    إيران تحذر مدمرة أميركية في خليج عمان.. والبنتاغون يرد    تصرف مفاجئ من وسام أبوعلي تجاه جماهير الأهلي.. الشعار والاسم حاضران    شوبير يكشف حقيقة اهتمام الأهلي بضم أحمد فتوح    أعراض برد الصيف وأسبابه ومخاطره وطرق الوقاية منه    هل يجوز أخذ مكافأة على مال عثر عليه في الشارع؟.. أمين الفتوى يجيب    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمبرتو إيكو كاتب الولع بالأسرار والغوامض
نشر في صوت البلد يوم 12 - 03 - 2017

في ذكرى رحيل السيميائي والروائي الإيطالي أمبرتو إيكو نستعيد فعل الفكر في الثقافة، وكيف لهذا الفكر أنْ يتحوّل إلى قوة فاعلة وحقيقية؟ مثلما هو التحوّل الذي استغرقه في مجال السرديات، وفي نظرته لمفهوم الأدب ولتقنيات المعرفة، ولوظيفة العلامات في ترسيم مسارات الكتابة، وتأويل خطابها، عبر بلورة صورة ورسالة مختلفتين للكاتب والقارئ، وهذا ما أعطى لكتابات إيكو الواسعة في مجالات السرد والسيمياء والنظرية الأدبية شغفا في التعاطي مع ما هو غامض وسري في المعرفة والأفكار، وحتى في الدين، بوصفه خطابا يتضمن معرفة وعلامات وصراعات وحتى جرائم.
رواية استثنائية
لعل رواية “اسم الوردة” هي العتبة التي عرف من خلالها القارئ العربي إيكو، ووجد في سرديات هذه الرواية الغامضة مجالا لمعرفة ما يمكن تسميته بخفايا الأسرار وشفراتها من خلال “سردنة العلامات”، وهو مفهوم يمكن الاستعانة به أيضا للكشف عن الكثير من النسقيات الصراعية المضمرة في ثقافتنا العربية والإسلامية.
قد تبدو قراءة أمبرتو إيكو صادمة للقارئ العربي، ومثيرة لمزاجه القرائي، ليس لأن كتاباته السردية والسيميائية ذات حمولات معينة، بقدر ما تنطوي على معطيات مثيرة للجدل، تهدف إلى تمرير أفكار ومواقف ووجهات نظر متعددة ومختلفة، وهذا ما يضع فعل قراءة سيميائياته السردية تحت حافز يتجاوز الإثارة إلى ما يمكن أن تتمثله من أطروحات فكرية تجسدها نظرته التي يقول عنها “إن الأفكار التي لا تستطيع أن تقولها عليك أن تطرحها سردا”.
هذه النظرة المتعالية لحمولة السرد هي التي جعلت من نصوصه صعبة ومثيرة، فقراءة كتاباته تشبه قراءة خارطة من الكلمات المتقاطعة، إذ تتطلب وعيا مُستَفزّا بخفايا الذاكرة التاريخية والثقافية، وذخيرة فاعلة في المصطلحات والمفاهيم والمعلومات والطقوس وسرائر السياسة والأديان، وقدرة على ربط الأشياء والأفكار والشفرات بعضها بالبعض الآخر، فهو يضع كل تلك الأشياء التي يكتبها داخل متاهة، وفي مسارات تنشط فيها التقاطعات والصراعات السرية، وتتسع معها فكرة التأويل، لكنه بالمقابل يُخضعها إلى موجهاته المنهجية، ووظائفية مُعجمه الحاشد بالعلامات.
هذا التموضع يعني التحفيز على القراءة، القراءة التي تختلط فيها اللذة بالتحدي، والمغامرة بالمعرفة، مثلما يعني له البحث عن أشياء خبيئة في الأنساق المضمرة للنصوص والعلامات والآثار الفنية والفكرية، أو في الوثائق التي يتقصّى من خلالها أسرار الصراعات والجرائم السرية، والنزاعات الفلسفية والدينية، تلك التي عمد إلى إثارتها في كتابته عن مفهوم “البنية الغائبة”، والتي عدّها الكثيرون تأسيسا أوليّا لمشروعه الكبير، وتقعيدا نظريا لمنظوره السيميائي، والذي ارتبط به بشكل واضح منذ بدء حياته المعرفية، إذ تعلق بجماليات العصور الوسطى التي تجلت فيها الكثير من شفرات العوالم السرية في الكنائس، والصراعات التي انخرطت فيها جماعات دينية وثقافية وسياسية، وهو ما انعكس على طبيعة مشغله السيميائي والهرمونيطيقي، وعلى رواياته، من خلال اختيار أنماط سردياتها وترسيم ملامح شخصياتها.
إشكاليات وجودية
قد يكون مفهوم “البنية الغائبة” كما ترجمه سعيد بن كراد جوهرا في اشتغالات العقل العربي، بحكم هيمنة سطوة الغائب في الشعور الجمعي، وبخصوصية علاقته مع ميثيولوجيا الخلاص التي تشتغل عليها الكثير من الجماعات الدينية، وهذا ما يُعطي لسيميائيات إيكو حضورا مميزا في النظر إلى العلامة والتأويل والنص والخطيئة بوصفها محفزا للكشف عن الكثير من اللانهائي في الأفكار.
دأب إيكو على ملاحقة تلك الأفكار، من خلال ما تثيره من صراعات، وإشكاليات وجودية، ومن خلال ما تُحفّزه على الانشداد إلى محفزات القراءة العميقة، وعلى ما تستدعيه من أسئلة ملتبسة، وعلى ما تفترضه من علامات لها قابلية التَمثّل اللساني والتصوري، تبعث على تأويل فائق للوجود والتاريخ والقيم والرسائل الدينية، فهي محشوة بالكثير من المقاربات السيميائية، أو قريبة مما سُمّي ب”السميوز” أي السيرورة المنتجة للدلالات وتداولها كما سماها سعيد بن كراد، تلك التي تطورت مع جماليات التلقي، والتي أرهص إيكو بأطروحاته لفهمها أولا، ولتجلية ما يمكن أن يتبدى من جماليات مضادة تفترضها العلاقة غير المحددة ما بين النص والقارئ، خاصة من خلال كتابه “الأثر المفتوح”، حيث كرّس فيه منهجه النظري والإجرائي لدراسة النص وتمثّلاته، ولتنشيط مسار الفعل التأويلي الذي قد تثيره القراءة، إذ يقول إيكو في الكتاب “كل أثر فني حتى وإن كان مكتملا ومغلقا من خلال اكتمال بنيته المضبوطة بدقة، هو أثر “مفتوح” على الأقل من خلال كونه يؤول بطرق مختلفة، دون أن تتأثر خصوصيته التي لا يمكن أن تختزل، ويرجع التمتع بالأثر الفني إلى كوننا نعطيه تأويلا ونمنحه تنفيذا ونعيد إحياءه في إطار أصيل”.
أغنى إيكو المكتبة العربية بكتابات شكلت مفارقة كبيرة في مسارات تلقي المعرفة، وفي التعاطي مع أسئلتها، فمن خلال روايات “بندول فوكو”، و”باودولينو”، و”اعترافات روائي شاب”، و”مقبرة في براغ”، و”العدد صفر”، وضعنا إيكو أمام القراءة المفارِقة، القراءة التي تُحيل إلى المعرفة، وإلى ما يحيط العالم من رهاب تساكنه الأقنعة، واللغة المُدجّجة بالغموض.
تظل استعادة إيكو الروائي والسيميائي محاولة في البحث عن اللاسياق في المعرفة، حيث تُمارس الأفكار وظائف غير آمنة لمواجهة الغامض والمجهول واللامُفكر به.
في ذكرى رحيل السيميائي والروائي الإيطالي أمبرتو إيكو نستعيد فعل الفكر في الثقافة، وكيف لهذا الفكر أنْ يتحوّل إلى قوة فاعلة وحقيقية؟ مثلما هو التحوّل الذي استغرقه في مجال السرديات، وفي نظرته لمفهوم الأدب ولتقنيات المعرفة، ولوظيفة العلامات في ترسيم مسارات الكتابة، وتأويل خطابها، عبر بلورة صورة ورسالة مختلفتين للكاتب والقارئ، وهذا ما أعطى لكتابات إيكو الواسعة في مجالات السرد والسيمياء والنظرية الأدبية شغفا في التعاطي مع ما هو غامض وسري في المعرفة والأفكار، وحتى في الدين، بوصفه خطابا يتضمن معرفة وعلامات وصراعات وحتى جرائم.
رواية استثنائية
لعل رواية “اسم الوردة” هي العتبة التي عرف من خلالها القارئ العربي إيكو، ووجد في سرديات هذه الرواية الغامضة مجالا لمعرفة ما يمكن تسميته بخفايا الأسرار وشفراتها من خلال “سردنة العلامات”، وهو مفهوم يمكن الاستعانة به أيضا للكشف عن الكثير من النسقيات الصراعية المضمرة في ثقافتنا العربية والإسلامية.
قد تبدو قراءة أمبرتو إيكو صادمة للقارئ العربي، ومثيرة لمزاجه القرائي، ليس لأن كتاباته السردية والسيميائية ذات حمولات معينة، بقدر ما تنطوي على معطيات مثيرة للجدل، تهدف إلى تمرير أفكار ومواقف ووجهات نظر متعددة ومختلفة، وهذا ما يضع فعل قراءة سيميائياته السردية تحت حافز يتجاوز الإثارة إلى ما يمكن أن تتمثله من أطروحات فكرية تجسدها نظرته التي يقول عنها “إن الأفكار التي لا تستطيع أن تقولها عليك أن تطرحها سردا”.
هذه النظرة المتعالية لحمولة السرد هي التي جعلت من نصوصه صعبة ومثيرة، فقراءة كتاباته تشبه قراءة خارطة من الكلمات المتقاطعة، إذ تتطلب وعيا مُستَفزّا بخفايا الذاكرة التاريخية والثقافية، وذخيرة فاعلة في المصطلحات والمفاهيم والمعلومات والطقوس وسرائر السياسة والأديان، وقدرة على ربط الأشياء والأفكار والشفرات بعضها بالبعض الآخر، فهو يضع كل تلك الأشياء التي يكتبها داخل متاهة، وفي مسارات تنشط فيها التقاطعات والصراعات السرية، وتتسع معها فكرة التأويل، لكنه بالمقابل يُخضعها إلى موجهاته المنهجية، ووظائفية مُعجمه الحاشد بالعلامات.
هذا التموضع يعني التحفيز على القراءة، القراءة التي تختلط فيها اللذة بالتحدي، والمغامرة بالمعرفة، مثلما يعني له البحث عن أشياء خبيئة في الأنساق المضمرة للنصوص والعلامات والآثار الفنية والفكرية، أو في الوثائق التي يتقصّى من خلالها أسرار الصراعات والجرائم السرية، والنزاعات الفلسفية والدينية، تلك التي عمد إلى إثارتها في كتابته عن مفهوم “البنية الغائبة”، والتي عدّها الكثيرون تأسيسا أوليّا لمشروعه الكبير، وتقعيدا نظريا لمنظوره السيميائي، والذي ارتبط به بشكل واضح منذ بدء حياته المعرفية، إذ تعلق بجماليات العصور الوسطى التي تجلت فيها الكثير من شفرات العوالم السرية في الكنائس، والصراعات التي انخرطت فيها جماعات دينية وثقافية وسياسية، وهو ما انعكس على طبيعة مشغله السيميائي والهرمونيطيقي، وعلى رواياته، من خلال اختيار أنماط سردياتها وترسيم ملامح شخصياتها.
إشكاليات وجودية
قد يكون مفهوم “البنية الغائبة” كما ترجمه سعيد بن كراد جوهرا في اشتغالات العقل العربي، بحكم هيمنة سطوة الغائب في الشعور الجمعي، وبخصوصية علاقته مع ميثيولوجيا الخلاص التي تشتغل عليها الكثير من الجماعات الدينية، وهذا ما يُعطي لسيميائيات إيكو حضورا مميزا في النظر إلى العلامة والتأويل والنص والخطيئة بوصفها محفزا للكشف عن الكثير من اللانهائي في الأفكار.
دأب إيكو على ملاحقة تلك الأفكار، من خلال ما تثيره من صراعات، وإشكاليات وجودية، ومن خلال ما تُحفّزه على الانشداد إلى محفزات القراءة العميقة، وعلى ما تستدعيه من أسئلة ملتبسة، وعلى ما تفترضه من علامات لها قابلية التَمثّل اللساني والتصوري، تبعث على تأويل فائق للوجود والتاريخ والقيم والرسائل الدينية، فهي محشوة بالكثير من المقاربات السيميائية، أو قريبة مما سُمّي ب”السميوز” أي السيرورة المنتجة للدلالات وتداولها كما سماها سعيد بن كراد، تلك التي تطورت مع جماليات التلقي، والتي أرهص إيكو بأطروحاته لفهمها أولا، ولتجلية ما يمكن أن يتبدى من جماليات مضادة تفترضها العلاقة غير المحددة ما بين النص والقارئ، خاصة من خلال كتابه “الأثر المفتوح”، حيث كرّس فيه منهجه النظري والإجرائي لدراسة النص وتمثّلاته، ولتنشيط مسار الفعل التأويلي الذي قد تثيره القراءة، إذ يقول إيكو في الكتاب “كل أثر فني حتى وإن كان مكتملا ومغلقا من خلال اكتمال بنيته المضبوطة بدقة، هو أثر “مفتوح” على الأقل من خلال كونه يؤول بطرق مختلفة، دون أن تتأثر خصوصيته التي لا يمكن أن تختزل، ويرجع التمتع بالأثر الفني إلى كوننا نعطيه تأويلا ونمنحه تنفيذا ونعيد إحياءه في إطار أصيل”.
أغنى إيكو المكتبة العربية بكتابات شكلت مفارقة كبيرة في مسارات تلقي المعرفة، وفي التعاطي مع أسئلتها، فمن خلال روايات “بندول فوكو”، و”باودولينو”، و”اعترافات روائي شاب”، و”مقبرة في براغ”، و”العدد صفر”، وضعنا إيكو أمام القراءة المفارِقة، القراءة التي تُحيل إلى المعرفة، وإلى ما يحيط العالم من رهاب تساكنه الأقنعة، واللغة المُدجّجة بالغموض.
تظل استعادة إيكو الروائي والسيميائي محاولة في البحث عن اللاسياق في المعرفة، حيث تُمارس الأفكار وظائف غير آمنة لمواجهة الغامض والمجهول واللامُفكر به.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.