شنت قوي المعارضة المصرية هجوما حادا علي الحزب الوطني وقياداته؛ واتهمته بأنه السبب الرئيسي لتأخر لتوقف عجلة الاصلاح عن الدوران في مصر؛ فتحت عنوان "مستقبل التيار الإسلامي بعد الانتخابات البرلمانية"، عقدت لجنة الحريات بنقابة الصحفيين ندوة حول التجاوزات التي حدثت في الانتخابات البرلمانية الاخيرة؛ شاركت فيها معظم التيارات السياسية والقوي الاصلاحية في مصر؛ وحاضر فيها د. حسن نافعة استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة؛ وياسر الهواري رئيس مركز العدالة والحرية؛ ومحمد فرج الأمين العام المساعد لحزب التجمع؛ وسعد الحسيني النائب السابق عن الإخوان؛ ود. عبد الحليم قنديل القيادي بحركة كفاية؛ ورأسها محمد عبد القدوس مقرر اللجنة. ففي الوقت الذي أكد فيه المشاركون في الندوة أن تدهور حال وتراجع المعارضة المصرية هما السبب الرئيسي في التجاوزات، التي شهدتها الانتخابات البرلمانية الاخيرة؛ وصف د. حسن نافعة النظام الحاكم بأنه نظام يحكم لاخر رمق قائلا: "لايوجد في اي دولة في العالم حزب يحتفظ بأغلبيته داخل مجلس الشعب الا عن طريق التزوير وليس اي طريق اخر".. مشيرا الي عدم وجود فصل بين السلطات وأن النظام يستخدم القضاء الشامخ كشاهد علي التزوير؛ واعتبر نافعة ان النظام الحاكم ليس قويا، واستدل علي ذلك باعتماده علي أجهزة الدولة وأنه لا يستمد قوته من ارادة شعبه؛ واصفا محاولات الجمعية الوطنية للتغيير بالمتعثرة.. مطالبا القوي السياسية بتكاتف جهودها وإنكار الذات لإنقاذ هذا الوطن من النظام الحلي الذي أصبح بلا حياء؛ واختتم نافعة كلامه قائلا: إن مشروع التوريث يتم علي قدم وساق وهناك من يريد ذلك حتي لو كان علي حساب جثة هذا الشعب. فيما طالب ياسر الهواري الأحزاب السياسية بالالتحام مع الحركات الشعبية والنقابية والاحتجاجية وتنزل الشارع المصري بقوة، حتي يكون لها رد فعل قوي.. وأضاف بأن الرئيس مبارك كان محقا عندما وصف البرلمان الموازي بأنه "تسالي"، لأن البرلمان الموازي لن يكون مثاليا، ولن يحقق أي شيء في ظل عدم اتحاد المعارضة؛ وبنبرة انفعال صاح الهواري: "نحن ممثلو المعارضة المصرية نتحمل المسئولية كاملة عما حدث في مهزلة انتخابات مجلس الشعب الأخيرة؛ لأننا لو كنا يدا واحدة لما جرؤ النظام علي الاستهانة بنا وتزوير الانتخابات علي هذا النحو الفج". ومن جانبه، اعتبر سعد الحسيني أن ما حدث في الانتخابات من تزوير - بحسب تعبيره - ليس جديدا، وكان له دور في توحيد صفوف المعارضة، واعتبر ان الغضب بدأ في الشارع المصري منذ احداث المحلة عام 2007 ومازال موجودا حتي الان واصفا اياها بالشرارة الاولي التي اندلعت من ارادة المواطنين.. مشيرا الي ان النظام الحاكم في مصر ولد في أحضان معاهدة كامب ديفيد، وبالتالي فهو يحكم وفق توازنات معروفه - علي حد تعبيره؛ واعتبر الحسيني ان اسقاط النظام لرموز المعارضة لم يكن سوي حل لعدم وجود النواب الذين كشفوا الفساد في الاستيلاء علي اراضي الدولة وبيع الغاز لاسرائيل بأثمان بخسة.. واصفا الحزب الوطني بالعريان الذي يسيطر عليه قلة من اصحاب المصالح دون وضع مصلحة الوطن في الحسبان؛ وتابع: أخشي من الفوضي والعنف والارهاب ولا يوجد سوي برلمان واحد لشعب واحد، ولابد من إصلاح مؤسسات الدولة بعد ان اصبح مجلس الشعب هو مجلس للحزب الوطني؛ وفي مفاجأة غير متوقعة أعلن الحسيني تمسكه بمجلس الشعب الرسمي، وليس الموازي الذي ينضم هو وباقي نواب الجماعة له، مما أثار دهشة الحضور لكنه أزال هذه الدهشة بتفسير كلامه حيث قال: "لا أعارض قيام برلمان موازي مهمته فقط إزعاج النظام لكني متمسك بمجلس الشعب المصري الرسمي لأنه مجلس شعب مصر وليس مجلس الحزب الوطني؛ لذلك سأناضل حتي أدخله وأغير فيه بأذن الله. فيما وجه د. حلمي الجزار مسئول المكتب الإداري للإخوان بمحافظة 6 أكتوبر، التحية الي القضاء الاداري البطل الحقيقي الذي يجب أن نحييه جميعًا لأنه أكد بطلان هذا النظام، ويجب مخاطبة المحكمة الدستورية؛ لإنصاف القضاء الإداري الذي لا ينفِّذ النظام أحكامه، والتأكيد علي عدم دستورية النظام؛ وطالب الجزار كل القوي السياسية بالتنازل عن الأهواء الشخصية وتغليب المصلحة العامة للوطن علي المصالح الشخصية للأحزاب أو الجماعات أو الأشخاص.. موضحًا أن المرحلة المقبلة هي مرحلة العمل الذي لا بد أن يتحلي بالأمل والعمل من خلال الالتحام بالشعب، وعرض مشاريع الإصلاح علي الشعب الذي منه تستمد الشرعية لأي نظام. وفي سياق متصل، أكد د. عبد الحليم قنديل: أن التعديلات الدستورية الأخيرة حمت التزوير وإلغاء الانتخابات؛ حيث انتقل النظام من عملية شبه انتخابية إلي فيلم كرتوني باطل.. موضحًا أن النظام غير شرعي بعد صدور 1500 حكم قضائي، يلغي شرعيته؛ من أبرزها: حكم تصدير الغاز، وطرد الحرس الجامعي، ومدينتي، والحد الأدني للأجور وأحكام الانتخابات؛ وأوضح أن عدم تنفيذ هذه الأحكام تفقد النظام الشرعية والمشروعية؛ حيث إنها عصابة ترتدي زي دولة، تفتقد الإحساس بما يجري من حولها في ظل تمسكها بسياسة "التناحة الاجتماعية" - علي حد تعبيره- مطالبًا الشعب بمقاومة مدنية ضد التزوير والفساد.. وأشار إلي أن النظام يستند إلي عصا الأمن وكأنه محتل لهذا البلد؛ حيث إن أمريكا لا تعارض ما حدث في الانتخابات؛ لعلمها أن الانتخابات النزيهة لن تأتي بنظام يخدمها كالنظام الحالي. وأكد أن هذا النظام الذي يمارس الفساد ويلعب بمفرده في الساحة منذ أكثر من 30 سنة، يمكن أن يستمر 30 سنة أخري، إن لم يقف الشعب المصري في مواجهة هذا النظام، ويعمل الشعب علي إفراز أحزاب فعلية وليست ورقية؛ للخروج من تلك الكبوة التي تحياها مصر. ودعا محمد فرج ممثل اليسار الشعب المصري لمواجهة التطاحن الحزبي والانشقاق الذي دب مؤخرا في صفوف أكبر جماعة تنظيمية بحجم جماعة الإخوان المسلمين؛ وليس النظام؛ ومثل هذا الكلام صدمة لأغلب الحضور خاصة أنهم ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين، لكن فرج استدرك موقفه بتأكيده علي أن وحدة الصف الداخلي لأحزاب وتيارات المعارضة هي الضمان الوحيد لمجابهة النظام؛ وطالب المعارضة المصرية باستغلال حالة غليان الشعب المصري واستثمارها لصالحه حتي لا تذهب هذه الحالة هباء أو تتبخر بدون أي نفع؛ وتساءل عن: "أي فوز كاسح يتباهي به هذا النظام ؟.. واضاف: أن مجلس الشعب الحالي هو الأسوأ وليس فقط من أسوأ في تاريخ مصر بحسب إتفاق أغلب المراقبين للانتخابات". وأكد محمد عبد القدوس أن ما حدث في الفترة الماضية هو مقدمة للتغيير المقبل، رغم أنف النظام الحاكم الذي زوَّر الانتخابات وأهدر أحكام القضاء..