وزير الصحة يعلن تشكيل اللجنة العليا للمسئولية الطبية وآليات عمل صندوق التأمين ضد الأخطاء    خارجية النواب تناقش تعديل قانون فرض رسم لمباني وزارة الخارجية بالخارج    منع جندي إسرائيلي من دخول التشيك بسبب جرائمه في غزة    سفير الصين: القاهرة شريك استراتيجي يدعم مبدأ «الصين الواحدة» ويرفض التدخلات الأجنبية    بعد أحداث الكلاسيكو، اعتذار رسمي من فينيسيوس جونيور لجماهير ريال مدريد    خالد مرتجي: علاقتي الخطيب قوية.. والجمعية العمومية للأهلي ستظل مصدر القوة والدعم    أحمد السيد: توروب مازال يطبق فكر عماد النحاس حتى الآن    إحالة التيك توكر مداهم للمحكمة الاقتصادية بتهمة بث فيديوهات خادشة    ماكينة تلتهم جسد عامل داخل مصنع بالعاشر من رمضان    إصابة شخصين فى حادث انقلاب موتوسيكل بقنا    سفير تركيا يشيد بالمتحف المصري الكبير: صرح حضاري وثقافي فريد    هيئة الدواء: 108 مستحضرات مغشوشة ومهربة وغير مطابقة للمواصفات في 2025    محمد شبانة: كنت سأنتقد الرابطة لو استجابت لتأجيل الدورى للمنتخب الثانى!    المحكمة تقضي بعدم الاختصاص في قضية علياء قمرون    حماس تدعو في بيان الوسطاء والضامنين إلى تحمل مسؤولياتهم والضغط الفوري على إسرائيل للالتزام التام بوقف إطلاق النار    بايسانوس.. فيلم وثائقي عن الشتات الفلسطيني في تشيلي بمهرجان القاهرة السينمائي    عضو بالتحرير الفلسطينية: مصر تقود تحركات من أجل تثبيت وقف إطلاق النار بغزة    محافظ سوهاج يفتتح حديقة ميدان الشهداء العامة بالمنشاه    مصرع طفلة صدمتها سيارة أثناء عودتها من الحضانة فى البدرشين    أمن الجيزة يكشف لغز العثور على جثة شاب غرق في نهر النيل بإمبابة    رئيس مياه القناة: قريباً التشغيل التجريبي لمحطة رفع صرف صحي الهوانية بالإسماعيلية    حادث المنشية.. والذاكرة الوطنية    عاجل| تعطيل خدمات البنوك الرقمية يومي الخميس والجمعة    ب4 آلاف جنيه.. فيلم درويش يتذيل قائمة المنافسة على شباك التذاكر    حالة الطقس في الكويت.. أجواء حارة ورياح شمالية غربية    صحة المنيا: قافلة حياة كريمة تقدم خدماتها الطبية ل957 مواطنًا بقرية منبال بمركز مطاي    المشدد 15سنة لمتهم للاتجار بالمخدرات في السلام    "أتوبيس الفن الجميل" يصطحب الأطفال في جولة تثقيفية داخل متحف جاير أندرسون    رئيس اتحاد الناشرين العرب: المبادرات الثقافية طريقنا لإنقاذ صناعة الكتاب العربي    هل فلوس الزوجة ملكها وحدها؟ دار الإفتاء تحسم الجدل حول الذمة المالية بين الزوجين    بينها «طبق الإخلاص» و«حلوى صانع السلام» مزينة بالذهب.. ماذا تناول ترامب في كوريا الجنوبية؟    جيش الاحتلال الإسرائيلي يزعم اغتيال مسئول بحزب الله في لبنان    روسيا تعلن السيطرة على بلدة فيشنيوفويه في مقاطعة دنيبروبتروفسك    مصر تشارك في اجتماع لجنة مصايد الأسماك والاستزراع المائي بالاتحاد الإفريقي    تحليل: 21% من السيارات الجديدة في العالم كهربائية بالكامل    "ADI Finance" توقع اتفاقية تمويل إسلامي بين البنك الأهلي لدعم أنشطة التأجير والتمويل العقاري    أسقفا الكنيسة الأنجليكانية يزوران قبرص لتعزيز التعاون الإنساني والحوار بين الكنائس    كييزا: أشعر بتحسن كبير هذا الموسم.. وأريد البقاء مع ليفربول    كأس العالم للناشئين - مدرب إيطاليا: علينا التأقلم سريعا مع المناخ في قطر    وزير الخارجية المصري يبحث مع نظيره السوداني الأوضاع في الفاشر    كيف تُعلّمين طفلك التعبير عن مشاعره بالكلمات؟    وزير الصحة يترأس الاجتماع الثاني للمجلس الوطني للسياحة الصحية    تعرف على الوظائف المطلوبة بمديرية الشئون الصحية بالمنوفية    الأقصر تزين ميادينها وتجهز شاشات عرض لمتابعة افتتاح المتحف المصري    الدكتور أحمد نعينع يكتفى بكلمتين للرد على أزمة الخطأين    وزير الشئون النيابية: الرئيس السيسي أولى ملف مكافحة الفساد أولوية قصوى    إعصار ميليسا يصل الساحل الجنوبي لشرقى كوبا كعاصفة من الفئة الثالثة    دعوة فى تابوت فرعونى ذهبى.. عالم يابانى شهير يتلقى دعوة لحفل افتتاح المتحف الكبير.. البروفيسور يوشيمورا: الدعوة رمز للتقدير المتبادل بين مصر واليابان.. والمتحف الكبير أعظم الصروح التى رأيتها حول العالم    حركة المحليات بالأسماء.. تفاصيل تعيين ونقل 164 قيادة محلية في 11 محافظة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    نقابة الزراعيين بالدقهلية تختتم دورة "صناع القرار" بالتعاون مع الأكاديمية العسكرية    الأمين العام للإنتوساي تشيد بدور مصر في تعزيز التعاون الدولي ومواجهة الأزمات    الخارجية تشكر الرئيس السيسى على ضم شهدائها للمستفيدين من صندوق تكريم الشهداء    رعم الفوز على النصر.. مدرب اتحاد جدة: الحكم لم يوفق في إدارة اللقاء    ناجي حكما لمباراة الزمالك والبنك في الدوري    أسعار الذهب فى أسيوط اليوم الاربعاء 29102025    د.حماد عبدالله يكتب: ومن الحب ما قتل !!    دعاء الفجر | اللهم اجعل لي نصيبًا من الخير واصرف عني كل شر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفن التشكيلي حين يستنبط من التراث أفكاراً وتقنيات
نشر في صوت البلد يوم 08 - 11 - 2016

لا أحد يجرؤ على نكران حسنات التراث لكونه عمدة هويتنا الثقافية، ولكونه مصدراً من مصادر الإبداع، منه نستوحي تميزنا الحضاري، ومنه نستمد فرادة التفنن في ثقافة العيش وطبيعة التواصل الإنساني الذي لا حدود لتنوعه، كما يخول لنا فرادة تجسيد معطياته فنيا ضمن قوالب تعمق جماليته وتضفي عليه مزيدا من الرمزية الضاربة في عمق وقلب الثقافة، ونعارض من يحاول وضع قطيعة مع التراث، كما نعارض من يحاول التمسك بكل معطياته بعيدا عن الغربلة والتبصر في الانتقاء.
فالتراث إرث حضاري يحمل الكثير من العناصر التي بلغت نضجها رؤية وإبداعا، إلا أن هذا الإرث لن يكون كله مناسبا كمنبع للإبداع، فلكل عصر إبداعه الذي يحمل من عناصر الماضي بقدر ما يحمله من عناصر الجدة والمحاينة.
التراث منبع يصل الماضي بالحاضر عبر المبدعين الذين يستندون إليه فيمدهم بخلاصة وزبدة تجارب مبدعين أمثالهم عبروا ثم رحلوا وتركوا إرثهم الإبداعي ثروة قابلة للنمو والتزكية بالتمحيص والإضافة والتجديد، لذا فالتراث فارض لنفسه في عدة زوايا منها الحفاظ على الهوية والبناء على أساس متين، مع التفاعل معه تفاعل الأجداد والآباء مع الأبناء.
التراث منبع للأخذ والإلهام، وأساس للحاضر والمستقبل، ووسيلة تأصيل لإبداعاتنا مهما تجددت، حقل قابل للتجديد واستنبات المختلف المواكب للعصر.
ومن المعلوم أن العناية والاهتمام بالتراث شهدا طفرة هائلة اليوم أملتها العولمة الساعية إلى إقبار الثقافات والهويات ومحو المميزات الثقافية والاجتماعية للأمم. وإذا كانت السينما في كثير من البلدان العربية وغيرها قد اتجهت للاستفادة من التراث، فقد سبقها إلى ذلك الفن التشكيلي الذي حاول قديما ويحاول الآن أن يجسد التراث عبر أدوات وتقنيات تشكيلية متنوعة. في كل بلد نجد اتجاها خاصا بالإبداع التشكيلي المستفيد من معطيات التراث بتنوعاتها وضروبها المائزة مقارنة بتراث الآخرين.
ولأن المبدع عادة يحرص على اقتناص ما يراه قابلاً للقولبة الجمالية والفنية، فإنه يجد ضالته في التراث بأدواته بعمارته وأزيائه. إلا أن التعاطي للإبداع ضمن هذه المعطيات تختلف درجاته وضروبه من مبدع إلى آخر وفيما ذلك نميز بين:
من يتمسك بالمحاكاة في نقل مفردات تراثية بما هي عليه من شكل ولون.. ونعتبره أقل إبداعية من غيره أخذا بعين الاعتبار طبيعة الإبداع الحقيقي المجاوز للمحاكاة.
من يحاول أن يضيف على المحاكى بما يجعله مختلفا يحمل جمالية وإبداعية إضافية، معتبرا ذلك ضمن غايات الإبداع. إذ يعتبر هذا الأخير استحداثا وابتكارا لشيء جديد، فهو إنتاج لعمل غير مألوف، ضمن شروط وسياقات اجتماعية وذاتية تجعله ذا قيمة من قبل صاحبه ومن قبل المتلقين له. ولا شك أن الإبداع عملية ليست هينة الإنجاز، ويدل على ذلك نسبة المبدعين في كل المجتمعات مقارنة بغيرهم، فخصائص الإبداع تقتضي من المبدع صفات ومواصفات لا يمتلكها غيره. وطبيعته الخاصة تجعله يقتضي التخطيط والتركيب عبر رؤية بها من شخصية وقدرات المبدع ما يعطيها تميزها عن غيرها من الإبداعات، فهو المالك للقدرة على إعادة بناء علاقات في قالب مستحدث مخالف مُبتَكر.
من يحاول أن يعبر عن نقائص أو فوائد هذا التراث انطلاقا من استحداث رؤية رامزة إلى ما ينبغي وما لا ينبغي، فتصير اللوحة بمثابة نص يحبذ أو ينتقد جانبا من جوانب التراث.
من يحاول بناء لوحته بناء سرياليا يثير الأسئلة ويبعث على التأويلات، والتساؤلات، وبذلك تصير اللوحة مجالا مفتوحا للتواصل والاستغراب والإعجاب وغير ذلك.
بين من يجمع بين أكثر من اتجاه وأكثر من تقنية وخامة في العمل الفني الواحد.
في كل هذا تجليات لما يشكله التراث من منابع إبداعية غائية تحاول أن تنخرط في المحافظة على التراث وخلخلته بحثا عن الإيجابي فيه لتعزيزه، وعن السلبي لتقزيمه واستكراهه في النفوس. وانطلاقا من مما سبق، يبدو لنا دور الإبداع في إعادة تشكيل المشكل، وإعادة تحيين جمالية الجميل وفق رؤى حداثية اقتضاها تطور العصر.
إن التراث الإنساني سيظل رفيق الإنسان في كل زمان ومكان، يفرض نفسه عليه في إبداعاته المختلفة، ونعتبر الفن التشكيلي منخرطا في المحافظة عليه بل في تجديد نظرتنا إليه، ولذا نرى كون التشكيلي الحقيقي من لا يكتفي بالنقل الأمين للتراث، بل هو من يحاول أن يضع بصمة جمالية وغائية في تجسيد ملمحه، ويجعل معطياته تحيل على شيء أعمق من مظهرها وشكلها.
لا أحد يجرؤ على نكران حسنات التراث لكونه عمدة هويتنا الثقافية، ولكونه مصدراً من مصادر الإبداع، منه نستوحي تميزنا الحضاري، ومنه نستمد فرادة التفنن في ثقافة العيش وطبيعة التواصل الإنساني الذي لا حدود لتنوعه، كما يخول لنا فرادة تجسيد معطياته فنيا ضمن قوالب تعمق جماليته وتضفي عليه مزيدا من الرمزية الضاربة في عمق وقلب الثقافة، ونعارض من يحاول وضع قطيعة مع التراث، كما نعارض من يحاول التمسك بكل معطياته بعيدا عن الغربلة والتبصر في الانتقاء.
فالتراث إرث حضاري يحمل الكثير من العناصر التي بلغت نضجها رؤية وإبداعا، إلا أن هذا الإرث لن يكون كله مناسبا كمنبع للإبداع، فلكل عصر إبداعه الذي يحمل من عناصر الماضي بقدر ما يحمله من عناصر الجدة والمحاينة.
التراث منبع يصل الماضي بالحاضر عبر المبدعين الذين يستندون إليه فيمدهم بخلاصة وزبدة تجارب مبدعين أمثالهم عبروا ثم رحلوا وتركوا إرثهم الإبداعي ثروة قابلة للنمو والتزكية بالتمحيص والإضافة والتجديد، لذا فالتراث فارض لنفسه في عدة زوايا منها الحفاظ على الهوية والبناء على أساس متين، مع التفاعل معه تفاعل الأجداد والآباء مع الأبناء.
التراث منبع للأخذ والإلهام، وأساس للحاضر والمستقبل، ووسيلة تأصيل لإبداعاتنا مهما تجددت، حقل قابل للتجديد واستنبات المختلف المواكب للعصر.
ومن المعلوم أن العناية والاهتمام بالتراث شهدا طفرة هائلة اليوم أملتها العولمة الساعية إلى إقبار الثقافات والهويات ومحو المميزات الثقافية والاجتماعية للأمم. وإذا كانت السينما في كثير من البلدان العربية وغيرها قد اتجهت للاستفادة من التراث، فقد سبقها إلى ذلك الفن التشكيلي الذي حاول قديما ويحاول الآن أن يجسد التراث عبر أدوات وتقنيات تشكيلية متنوعة. في كل بلد نجد اتجاها خاصا بالإبداع التشكيلي المستفيد من معطيات التراث بتنوعاتها وضروبها المائزة مقارنة بتراث الآخرين.
ولأن المبدع عادة يحرص على اقتناص ما يراه قابلاً للقولبة الجمالية والفنية، فإنه يجد ضالته في التراث بأدواته بعمارته وأزيائه. إلا أن التعاطي للإبداع ضمن هذه المعطيات تختلف درجاته وضروبه من مبدع إلى آخر وفيما ذلك نميز بين:
من يتمسك بالمحاكاة في نقل مفردات تراثية بما هي عليه من شكل ولون.. ونعتبره أقل إبداعية من غيره أخذا بعين الاعتبار طبيعة الإبداع الحقيقي المجاوز للمحاكاة.
من يحاول أن يضيف على المحاكى بما يجعله مختلفا يحمل جمالية وإبداعية إضافية، معتبرا ذلك ضمن غايات الإبداع. إذ يعتبر هذا الأخير استحداثا وابتكارا لشيء جديد، فهو إنتاج لعمل غير مألوف، ضمن شروط وسياقات اجتماعية وذاتية تجعله ذا قيمة من قبل صاحبه ومن قبل المتلقين له. ولا شك أن الإبداع عملية ليست هينة الإنجاز، ويدل على ذلك نسبة المبدعين في كل المجتمعات مقارنة بغيرهم، فخصائص الإبداع تقتضي من المبدع صفات ومواصفات لا يمتلكها غيره. وطبيعته الخاصة تجعله يقتضي التخطيط والتركيب عبر رؤية بها من شخصية وقدرات المبدع ما يعطيها تميزها عن غيرها من الإبداعات، فهو المالك للقدرة على إعادة بناء علاقات في قالب مستحدث مخالف مُبتَكر.
من يحاول أن يعبر عن نقائص أو فوائد هذا التراث انطلاقا من استحداث رؤية رامزة إلى ما ينبغي وما لا ينبغي، فتصير اللوحة بمثابة نص يحبذ أو ينتقد جانبا من جوانب التراث.
من يحاول بناء لوحته بناء سرياليا يثير الأسئلة ويبعث على التأويلات، والتساؤلات، وبذلك تصير اللوحة مجالا مفتوحا للتواصل والاستغراب والإعجاب وغير ذلك.
بين من يجمع بين أكثر من اتجاه وأكثر من تقنية وخامة في العمل الفني الواحد.
في كل هذا تجليات لما يشكله التراث من منابع إبداعية غائية تحاول أن تنخرط في المحافظة على التراث وخلخلته بحثا عن الإيجابي فيه لتعزيزه، وعن السلبي لتقزيمه واستكراهه في النفوس. وانطلاقا من مما سبق، يبدو لنا دور الإبداع في إعادة تشكيل المشكل، وإعادة تحيين جمالية الجميل وفق رؤى حداثية اقتضاها تطور العصر.
إن التراث الإنساني سيظل رفيق الإنسان في كل زمان ومكان، يفرض نفسه عليه في إبداعاته المختلفة، ونعتبر الفن التشكيلي منخرطا في المحافظة عليه بل في تجديد نظرتنا إليه، ولذا نرى كون التشكيلي الحقيقي من لا يكتفي بالنقل الأمين للتراث، بل هو من يحاول أن يضع بصمة جمالية وغائية في تجسيد ملمحه، ويجعل معطياته تحيل على شيء أعمق من مظهرها وشكلها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.