ترامب: قد نشهد إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا قبل نهاية مهلة ال 50 يوما    4 شهداء وعشرات المصابين في قصف إسرائيلي على خان يونس والنصيرات    رئيسا وزراء النمسا وإيطاليا يبحثان ملف الهجرة غير الشرعية    موعد طرح شقق الإسكان الاجتماعي 2025 والتفاصيل الكاملة ل سكن لكل المصريين 7    سعر الذهب اليوم الأربعاء 16 يوليو 2025 بعد الهبوط الكبير وعيار 21 بالمصنعية    «سلاح ذو حدين».. رسالة نجم الزمالك السابق ل الأهلي بشأن عقد إمام عاشور    "مساجد لها تاريخ".. الأوقاف تطلق أكبر برنامج مرئى عن المساجد التاريخية    وسط سخرية روسيا.. ترامب يطلب من كييف عدم مهاجمة موسكو    ترامب: إيران تُريد إجراء محادثات بعد أن تم تدمير منشآتها النووية    رسميا فتح باب التقديم للمعاهد الصحية العسكرية 2025.. اقرأ الشروط وخطوات التقديم    «مستواه مكنش جيد».. تعليق مثير من مسؤول الأهلي السابق على صفقة حمدي فتحي ل بيراميدز    "سيغير حياته".. لاعب منتخب مصر يقترب من الانتقال إلى الكويت الكويتي    المعهد الفني للتمريض والصحي 2025 .. درجات القبول ومزايا الدراسة وفرص التوظيف    زفة على محور الموت.. مصرع 4 وإصابة 21 في حادث زفاف أعلى محور ديروط- صور    "أخو العريس وابن خالته".. مصرع شابين أثناء توجههما لحفل زفاف في البحيرة    محافظ أسيوط يتفقد موقع حادث محور ديروط.. ويُصدر توجيهات عاجلة بشأن المصابين- صور    حتى يصدقوا، كاظم الساهر يخمد نار ترند وفاته برد راق يخرس الألسنة    الأوبرا تطلق المهرجان الصيفى بالقاهرة والإسكندرية (تفاصيل)    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعلنا لنعمك شاكرين وبقضائك راضين    تامر حسني يحتفل مع الكينج محمد منير بطرح ديو «الذوق العالي» وسط أجواء مبهجة    سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية وإيرادات برنامج بيع الأصول.. تفاصيل بيان صندوق النقد الدولي    أمطار رعدية ورياح.. بيان مهم من الأرصاد يكشف عن طقس الساعات المقبلة    كانوا راجعين من فرح.. مصرع فتاة وإصابة 8 أشخاص سقطت بهم السيارة في ترعة (صور)    ممدوح عباس يتحرك لحسم صفقة مصطفى محمد للزمالك.. كريم حسن شحاتة يكشف    جدول مواقيت الصلاة في مطروح اليوم الأربعاء 16 يوليو 2025    خبير اقتصادي وصوت وطني يقود العمل التنموي والسياسي بمحافظة الإسكندرية    «تعرف على آلامهم الدفينة» 3 أبراج هي الأكثر حزنًا    لأصحاب الذكاء العبقري.. حدد الخطأ في 8 ثوانٍ    فلكيًا.. موعد المولد النبوي الشريف 2025 وعدد أيام الإجازة للبنوك والمدارس والحكومة    كيف أتغلب على الشعور بالخوف؟.. عضو «البحوث الإسلامية» يجيب    «أكبر غلط بيعمله المصريين في الصيف».. خبيرة توضح أخطاء شائعة في التعامل مع الطعام    النائب إيهاب رمزي يقترح تعديلا لقانون المرور يجعل الموافقة على التفتيش وتحليل المخدرات شرطا للرخصة    تقارير: ليفربول يبدأ مفاوضات التعاقد مع رودريجو    شرطة البيئة تشن حملة مكبرة لمواجهة النباشين في شوارع الإسكندرية    البطريرك يوحنا العاشر: جلسات المجمع المقدس تنطلق 18 أكتوبر لبحث إعلان قداستين    قانون الإجراءات الجنائية الجديد يحدد ضوابط تفتيش المنازل.. تعرف عليها    مقررة أممية: يجب وقف العلاقات مع إسرائيل ومحاسبة قادتها على جرائم الإبادة في غزة    طارق الشناوي: مفيش حاجة اسمها فن نظيف.. والرئيس محمد نجيب أول من أدان الراقصات    أحمد بلحاج يهاجم الزمالك: كنت أواجه أزمة جديدة يوميًا وخصوصيتي كانت منتهكة    الحكم محمد الحنفي يكشف لأول مرة عن سبب اعتزاله ووجهته المقبلة    ما حكم اتفاق الزوجين على تأخير الإنجاب؟.. الإفتاء تجيب    مقتل شاب على يد والد زوجته وأشقائها بشبرا الخيمة    رائحة الثلاجة مزعجة؟ إليك الحل بمكونات منزلية آمنة    حقائق صادمة عن اللحوم المصنّعة ومكسبات الطعام    المغرب والصين يبحثان تطوير تعاون "ثلاثى الأبعاد" مع الدول الإفريقية فى الصحة    العقارات يتصدر قطاعات الأسهم المقيدة الرئيسية بقيم التداول بتعاملات منتصف الأسبوع    اللقطات الأخيرة باستعراض الرجل الطائر قبل وف*اته بالغردقة    الإعلان عن القائمة القصيرة لجائزة خالد خليفة للرواية في دورتها الأولى    انتهك قانون الإعاقة، الحكومة الإسبانية تفتح تحقيقا عاجلا في احتفالية لامين يامال مع الأقزام    بعد أنباء تأجيله.. مصدر من الاتحاد العربي ل في الجول: فيفا والاتحاد القطري المسؤولان عن تنظيم البطولة    طريقة عمل السينابون زي الجاهز لتحلية مسائية مميزة    الأمم المتحدة: سوء التغذية تضاعف في غزة    قصور الثقافة تواصل برنامج "مصر جميلة" بورش تراثية وفنية بشمال سيناء    الرئيس الإماراتي يبدأ اليوم زيارة لتركيا لبحث التعاون الثنائي والقضايا محل الاهتمام المشترك    ميرنا كرم تحتفل بتخرجها بامتياز بمشروع عن روحانية القداس المسيحي    ورشة عمل بدمياط لمراجعة منظومات المياه والصرف لتحقيق الاستدامة    هل يصل ثواب ختم القرآن كاملًا للمتوفى؟.. أمين الفتوى يجيب    الشيخ خالد الجندي: وصف وجه النبي صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود كحيلة:نجيب محفوظ همّش إبداعه المسرحي
نشر في صوت البلد يوم 24 - 07 - 2016

يظل نجيب محفوظ رمزاً بارزاً في تاريخ الأدب المصري والعربي، إذ إنه أسهم في نقل مفردات ودقائق الحياة المصرية من خلال كتاباته إلى الغرب.. ورغم مرور نحو 10 سنوات على رحيله، تتهافت دور نشر عديدة وكثير من الكُتّاب، لكن يبقى لافتاً من بين هذا الكم كتاب جديد صدر أخيراً «نجيب محفوظ كاتباً مسرحياً» للدكتور محمود كحيلة، الذي أكد في حواره مع «بيان الكتب» أن نتائج أبحاثه وتعمقه كشفت له أن محفوظ تعمد فعلياً تهميش أعماله المسرحية.
- نجيب محفوظ كاتباً مسرحياً». هذا هو أحدث مؤلفاتك عن أديب نوبل نجيب محفوظ. ما سر اختيارك هذا الموضوع تحديداً؟
اخترتُ موضوع الكتاب انطلاقاً من حبي للمسرح وشغفي به، فضلاً عن عملي باحثاً مسرحياً، وتخصصي الأول البحث والتنقيب عن خفايا المسرح. والبارز في الأمر أن يكون ذلك حول شخصية فريدة من نوعها، بوزن نجيب محفوظ، شخصية أدبية رفيعة وملهمة، لا يعرف كثيرون أنها أبدعت أيضاً في عوالم المسرح..
وبذا كان لا بد أن توضع تجربته المسرحية تحت عدسات الميكروسكوب للدراسة والبحث. وهكذا بدأتُ رحلتي مع نجيب محفوظ من خلال عمل روائي كنت قد اطلعت عليه منذ الصغر، بعنوان «بداية ونهاية» في الصغر وكنت أظن أنه مسرحية..منذ ذلك الحين وأنا أعشق أدب وإبداع هذا الرجل بأنواعه المتفرقة.
- كيف بدأت الإعداد للكتاب؟
بدأ إعدادي للكتاب في اللحظة التي قررت فيها قراءة أعمال نجيب المسرحية، التي لم تتجاوز ثماني مسرحيات، ووجدت فيها مادة بحثية متميزة تختلف في عرضها ومضمونها عن أي كتابات مسرحية أخرى، وقررت أن أقدم ورقة بحثية عنها استعداداً لتحويلها إلى مقال.. ولم أكن أعرف أن المقال سيتحول إلى كتاب مع البحث. وبالنظر إلى مسرح نجيب محفوظ، نجد أنه استهله بعد النكسة في 1967 من خلال مجموعته القصصية «تحت المظلة»، وهو ما يضفي على المسرحيات طابعاً خاصاً.
وقرأت لمحفوظ حواراً نشر في مجلة «المسرح» في نوفمبر 1979، يتحدث فيه عن علاقته القديمة بالمسرح كمشاهد عاصر أقطاب الفنانين، مثل: نجيب الريحاني وعلي الكسار. كما عرف الطريق إلى دور المسرح المصري في ثلاثينيات القرن الماضي. فشاهد يوسف وهبي وفاطمة رشدي وعزيز عيد.. وغيرهم، ووجدت أن قراءاته في المسرح وعنه لا تنقطع، وكذا فإنه قرأ عن الإغريق ومسرحهم والرومان وشكسبير.
ويتابع محمود كحيلة: مما استنتجته في خلاصات تعمقي في التفتيش بالخصوص، أن محفوظ كان يهمش كتاباته المسرحية ولا يعتبرها ذات أهمية؛ فلم يكتب على مسرحياته التي كتبها أنها مسرحيات، بل كانت تائهة وسط قصصه القصيرة التي كانت تحتل جزءاً من أدبه. وبالمتابعة، وجدت أن مسرحياته الثماني لم تخضع إلى الوقت الحالي لأي قراءة نقدية أو تحليل وافٍ؛ بسبب انتماء الكاتب إلى عالم الرواية الذي كرس جهده للعمل فيه.
أنا، وفي تلك المرحلة ومع تلك الخلاصات، بدأتُ أقرأ أعماله المسرحية بتمعن، وأعددت بعضاً منها للمسرح، ثم عكفت على تحليلها ودراستها، وكتابي هذا هو الدراسة الأولى عن مسرح هذا المبدع الذي طالما وصف نفسه بأنه ليس كاتباً مسرحياً، وأن المسرح ليس مجاله أو عالمه الإبداعي.
وفي تقديري، فإن ما عزز تهميش إبداعه المسرحي مجالسته قامات رفيعة في المسرح، مثل: توفيق الحكيم الذي تسوّد المسرح، وكانت له إبداعات عديدة فيه، وهو ما أعطى انطباعاً لمحفوظ بأنه يطأ أرضاً لا ينتمي إليها. مع هذا، أرى أن مسرح محفوظ كنز مدفون لايزال غائباً عن أعين الباحثين.
- ما الذي يميز مسرح محفوظ؟
أبرز ما يميز مسرح محفوظ أنه يمثل بكامل براعة مقولة «السهل الممتنع»؛ إذ يقدم محفوظ في الحقل عملاً بسيط المظهر عميق التكوين، وكذا يعتمد على مسرح العبث الذي ظهر في خمسينيات القرن الماضي إثر الحرب العالمية الثانية. وانطلاقاً من هذا الفكر جاء مسرح محفوظ الذي كتبه في أعقاب هزيمة 1967 متأثراً بثيمة العبث وسمات هذا المسرح الذي يعتمد على اللامعقول في طرحه، لذا جاءت مسرحياته فلسفية تعتمد على الرموز والمعاني الخفية.. إذ يرصد فيها الصراع الحداثي الذي يخرج من أعماق الإنسان ويتنازع فيها مع نفسه، ذاك كما الحال في مسرحية "المطاردة".
ملامح
- هل وظف أديب نوبل المسرح في خدمة فنه الأول: الرواية؟
أرى أنه استفاد كثيراً من ثقافته وكتاباته المسرحية في أعماله الأدبية الأخرى، خاصة فن الرواية؛ حيث توجد لديه واحدة باسم «أفراح القبة» صدرت عام 1987 تتناول عالم المسرح من خلال ما وراء الكواليس، ونجد الرواية تتسم بملامح مسرحية.
- إلى أين تخطط وتعتزم الوصول في هذه الطريق، أستتابع بمؤلفات أخرى عن أعمال محفوظ المسرحية؟
بالطبع، لدي استعداد للكتابة مجدداً عن مسرحه الذي وقعت في غرامه، لا سيما بعد قراءة مسرحيته «الشيطان يعظ»، التي صدرت 1979. وحالياً أواصل أبحاثي عن مسرح محفوظ، ويمكن تناولها في كتب أخرى مقبلة.
- أي سبب إضافي، بجانب كون محفوظ أسهم في تهميش إبداعه المسرحي، أبعد الأنظار عن عطائه في الحقل؟
مسرح محفوظ لم يكن الساحة البحثية لغالبية الباحثين. وفي المقابل، كان الاهتمام الأكبر من نصيب رواياته، إذ ركز الباحثون عليها وكانت ساحته الأدبية الأبرز.. وأنا هنا أدعو الباحثين المسرحيين إلى الالتفات إلى مسرح محفوظ؛ لما يحويه من إبداعات وأفكار عبر عنها ببراعة.
وأشير إلى أنه خضعت بعض روايات محفوظ إلى الإعداد المسرحي، وأبرزها «زقاق المدق» التي قدمت على خشبة المسرح الحر في دار الأوبرا في أكتوبر عام 1958، وأيضاً: "بين القصرين" و«بداية ونهاية» التي قدمت على خشبة المسرح القومي عام 1960.. وغيرها الكثير من الأعمال الروائية التي وجدت سبيلها إلى خشبة المسرح المصري؛ لنجاحها في التعبير عن الواقع المصري وترجمة هوية الإنسان المصري الأصيل، إضافة إلى البعد الحداثي الذي تمتاز به.
«غواية» لم ينجُ منها سيد الرواية العربية
أسهم نجيب محفوظ في تهميش نصوصه المسرحية بوضعها ضمن مجموعاته القصصية، من دون تنبه واضح أو إعلان عن وجودها، وتبعه في ذلك نقاد الأدب الذين قتلوا رواياته وقصصه بحثاً، لا سيما بعد حصوله على جائزة نوبل في عام 1988، ذلك بينما تجاهلوا نصوص مسرحياته، رغم تميزها في الشكل والمضمون، إذ وصلت ببراعتها إلى مستوى كتاباته القصصية والروائية.
وكتب محفوظ ثماني مسرحيات، حملت توقيعه ككاتب درامي وأكدت وجوده ككاتب مسرحي أعدت بعض نصوصه القصصية والروائية للمسرح. كتاب د. محمود كحيلة الجديد «نجيب محفوظ كاتباً مسرحياً»، الصادر أخيرا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، يمثل دراسة شافية لمسرح محفوظ في ثلاثة فصول.
13 مقالة
يأتي الفصل الأول بعنوان «نجيب محفوظ وتجربة المسرح»، ويناقش الموضوعات المتصلة بتراكم الخبرات الفنية التي ساهمت في دعم وتشكيل بنية النص المسرحي القصير عند محفوظ، ويتطرق المؤلف في هذا الفصل إلى حصيلة مسرح محفوظ موضحاً أنها كانت محدودة، ليس فقط في العدد وإنما في منهج كتابة المسرحية..
حيث ركز محفوظ على كتابة المسرحية ذات الفصل الواحد، علما أن جميع أعماله المسرحية، لم تلق القدر ذاته من الحفاوة والحضور الإعلامي كما الرواية.. ويشير المؤلف إلى أنه بدأت علاقة محفوظ بالمسرح من خلال والده الذي كان يصطحبه إلى مسرحيات الريحاني وعلي الكسار.
كما يبين كحيلة في كتابه دوافع محفوظ للتوجه نحو المسرح، أحيانا، شارحاً أن ذلك كان ولوجاً من باب الرواية أيضا، إذ أقدم محفوظ على كتابة المسرح بعد أن قدم إعداداً مسرحياً لبعض مؤلفاته الروائية، منها: "بداية ونهاية". ثم يعرف المؤلف بتوظيف التقنية المسرحية في صياغة الرواية عند محفوظ، متطرقاً إلى التباين الذي قدمه محفوظ، فمن الرواية مسهبة التفاصيل إلى المسرحية ذات الفصل الواحد التي تمتاز بالتكثيف والإيجاز، مؤكداً إتقانه للشكلين في الكتابة.
أما الفصل الثاني «النقد التكويني بين النظرية والتطبيق»، فيحلل مسرح محفوظ عبر توجه نقدي يهتم بالفكر والتنظير. وفي الثالث يناقش المؤلف المسرحيات التي كتبها محفوظ على مدار مسيرته الأدبية، من خلال تقسيمها إلى 3 مراحل:
الأولى ممثلة في المسرحيات الخمس التي نشرها عقب النكسة في 1967 ضمن المجموعة القصصية «تحت المظلة» وامتازت بالعبث والفانتازيا والجموح كرد فعل. فيما جاءت المرحلة الثانية تحت مظلة «التنوير الفلسفي» في مجموعته «الجريمة» التي صدرت عام 1973، وكانت مسرحية واحدة تحمل اسم «المطاردة".
وفي المقابل، تقدم المرحلة الثالثة وداع محفوظ عالم المسرح من خلال مسرحيتين ضمن المجموعة القصصية «الشيطان يعظ» الصادرة عام 1979، وهما: «الجبل» و«الشيطان يعظ".
Ⅶ ربطته ب «أبو الفنون» علاقة وثيقة كما أنه عاصر أبرز مبدعيه كالريحاني
Ⅶ استهل إبداعه المسرحي بعد النكسة مع «تحت المظلة»
Ⅶ أنجز ثماني مسرحيات غنية بالرمزية تتفرد بمعالجاتها ومضامينها
Ⅶ أعمال مهمة ثاوية بين قصصه القصيرة لم تنل حقها من القراءة والنقد
Ⅶ كان لدى محفوظ انطباع بأنه يطأ أرضاً لا ينتمي إليها مليئة بالقامات المبرزة
يظل نجيب محفوظ رمزاً بارزاً في تاريخ الأدب المصري والعربي، إذ إنه أسهم في نقل مفردات ودقائق الحياة المصرية من خلال كتاباته إلى الغرب.. ورغم مرور نحو 10 سنوات على رحيله، تتهافت دور نشر عديدة وكثير من الكُتّاب، لكن يبقى لافتاً من بين هذا الكم كتاب جديد صدر أخيراً «نجيب محفوظ كاتباً مسرحياً» للدكتور محمود كحيلة، الذي أكد في حواره مع «بيان الكتب» أن نتائج أبحاثه وتعمقه كشفت له أن محفوظ تعمد فعلياً تهميش أعماله المسرحية.
- نجيب محفوظ كاتباً مسرحياً». هذا هو أحدث مؤلفاتك عن أديب نوبل نجيب محفوظ. ما سر اختيارك هذا الموضوع تحديداً؟
اخترتُ موضوع الكتاب انطلاقاً من حبي للمسرح وشغفي به، فضلاً عن عملي باحثاً مسرحياً، وتخصصي الأول البحث والتنقيب عن خفايا المسرح. والبارز في الأمر أن يكون ذلك حول شخصية فريدة من نوعها، بوزن نجيب محفوظ، شخصية أدبية رفيعة وملهمة، لا يعرف كثيرون أنها أبدعت أيضاً في عوالم المسرح..
وبذا كان لا بد أن توضع تجربته المسرحية تحت عدسات الميكروسكوب للدراسة والبحث. وهكذا بدأتُ رحلتي مع نجيب محفوظ من خلال عمل روائي كنت قد اطلعت عليه منذ الصغر، بعنوان «بداية ونهاية» في الصغر وكنت أظن أنه مسرحية..منذ ذلك الحين وأنا أعشق أدب وإبداع هذا الرجل بأنواعه المتفرقة.
- كيف بدأت الإعداد للكتاب؟
بدأ إعدادي للكتاب في اللحظة التي قررت فيها قراءة أعمال نجيب المسرحية، التي لم تتجاوز ثماني مسرحيات، ووجدت فيها مادة بحثية متميزة تختلف في عرضها ومضمونها عن أي كتابات مسرحية أخرى، وقررت أن أقدم ورقة بحثية عنها استعداداً لتحويلها إلى مقال.. ولم أكن أعرف أن المقال سيتحول إلى كتاب مع البحث. وبالنظر إلى مسرح نجيب محفوظ، نجد أنه استهله بعد النكسة في 1967 من خلال مجموعته القصصية «تحت المظلة»، وهو ما يضفي على المسرحيات طابعاً خاصاً.
وقرأت لمحفوظ حواراً نشر في مجلة «المسرح» في نوفمبر 1979، يتحدث فيه عن علاقته القديمة بالمسرح كمشاهد عاصر أقطاب الفنانين، مثل: نجيب الريحاني وعلي الكسار. كما عرف الطريق إلى دور المسرح المصري في ثلاثينيات القرن الماضي. فشاهد يوسف وهبي وفاطمة رشدي وعزيز عيد.. وغيرهم، ووجدت أن قراءاته في المسرح وعنه لا تنقطع، وكذا فإنه قرأ عن الإغريق ومسرحهم والرومان وشكسبير.
ويتابع محمود كحيلة: مما استنتجته في خلاصات تعمقي في التفتيش بالخصوص، أن محفوظ كان يهمش كتاباته المسرحية ولا يعتبرها ذات أهمية؛ فلم يكتب على مسرحياته التي كتبها أنها مسرحيات، بل كانت تائهة وسط قصصه القصيرة التي كانت تحتل جزءاً من أدبه. وبالمتابعة، وجدت أن مسرحياته الثماني لم تخضع إلى الوقت الحالي لأي قراءة نقدية أو تحليل وافٍ؛ بسبب انتماء الكاتب إلى عالم الرواية الذي كرس جهده للعمل فيه.
أنا، وفي تلك المرحلة ومع تلك الخلاصات، بدأتُ أقرأ أعماله المسرحية بتمعن، وأعددت بعضاً منها للمسرح، ثم عكفت على تحليلها ودراستها، وكتابي هذا هو الدراسة الأولى عن مسرح هذا المبدع الذي طالما وصف نفسه بأنه ليس كاتباً مسرحياً، وأن المسرح ليس مجاله أو عالمه الإبداعي.
وفي تقديري، فإن ما عزز تهميش إبداعه المسرحي مجالسته قامات رفيعة في المسرح، مثل: توفيق الحكيم الذي تسوّد المسرح، وكانت له إبداعات عديدة فيه، وهو ما أعطى انطباعاً لمحفوظ بأنه يطأ أرضاً لا ينتمي إليها. مع هذا، أرى أن مسرح محفوظ كنز مدفون لايزال غائباً عن أعين الباحثين.
- ما الذي يميز مسرح محفوظ؟
أبرز ما يميز مسرح محفوظ أنه يمثل بكامل براعة مقولة «السهل الممتنع»؛ إذ يقدم محفوظ في الحقل عملاً بسيط المظهر عميق التكوين، وكذا يعتمد على مسرح العبث الذي ظهر في خمسينيات القرن الماضي إثر الحرب العالمية الثانية. وانطلاقاً من هذا الفكر جاء مسرح محفوظ الذي كتبه في أعقاب هزيمة 1967 متأثراً بثيمة العبث وسمات هذا المسرح الذي يعتمد على اللامعقول في طرحه، لذا جاءت مسرحياته فلسفية تعتمد على الرموز والمعاني الخفية.. إذ يرصد فيها الصراع الحداثي الذي يخرج من أعماق الإنسان ويتنازع فيها مع نفسه، ذاك كما الحال في مسرحية "المطاردة".
ملامح
- هل وظف أديب نوبل المسرح في خدمة فنه الأول: الرواية؟
أرى أنه استفاد كثيراً من ثقافته وكتاباته المسرحية في أعماله الأدبية الأخرى، خاصة فن الرواية؛ حيث توجد لديه واحدة باسم «أفراح القبة» صدرت عام 1987 تتناول عالم المسرح من خلال ما وراء الكواليس، ونجد الرواية تتسم بملامح مسرحية.
- إلى أين تخطط وتعتزم الوصول في هذه الطريق، أستتابع بمؤلفات أخرى عن أعمال محفوظ المسرحية؟
بالطبع، لدي استعداد للكتابة مجدداً عن مسرحه الذي وقعت في غرامه، لا سيما بعد قراءة مسرحيته «الشيطان يعظ»، التي صدرت 1979. وحالياً أواصل أبحاثي عن مسرح محفوظ، ويمكن تناولها في كتب أخرى مقبلة.
- أي سبب إضافي، بجانب كون محفوظ أسهم في تهميش إبداعه المسرحي، أبعد الأنظار عن عطائه في الحقل؟
مسرح محفوظ لم يكن الساحة البحثية لغالبية الباحثين. وفي المقابل، كان الاهتمام الأكبر من نصيب رواياته، إذ ركز الباحثون عليها وكانت ساحته الأدبية الأبرز.. وأنا هنا أدعو الباحثين المسرحيين إلى الالتفات إلى مسرح محفوظ؛ لما يحويه من إبداعات وأفكار عبر عنها ببراعة.
وأشير إلى أنه خضعت بعض روايات محفوظ إلى الإعداد المسرحي، وأبرزها «زقاق المدق» التي قدمت على خشبة المسرح الحر في دار الأوبرا في أكتوبر عام 1958، وأيضاً: "بين القصرين" و«بداية ونهاية» التي قدمت على خشبة المسرح القومي عام 1960.. وغيرها الكثير من الأعمال الروائية التي وجدت سبيلها إلى خشبة المسرح المصري؛ لنجاحها في التعبير عن الواقع المصري وترجمة هوية الإنسان المصري الأصيل، إضافة إلى البعد الحداثي الذي تمتاز به.
«غواية» لم ينجُ منها سيد الرواية العربية
أسهم نجيب محفوظ في تهميش نصوصه المسرحية بوضعها ضمن مجموعاته القصصية، من دون تنبه واضح أو إعلان عن وجودها، وتبعه في ذلك نقاد الأدب الذين قتلوا رواياته وقصصه بحثاً، لا سيما بعد حصوله على جائزة نوبل في عام 1988، ذلك بينما تجاهلوا نصوص مسرحياته، رغم تميزها في الشكل والمضمون، إذ وصلت ببراعتها إلى مستوى كتاباته القصصية والروائية.
وكتب محفوظ ثماني مسرحيات، حملت توقيعه ككاتب درامي وأكدت وجوده ككاتب مسرحي أعدت بعض نصوصه القصصية والروائية للمسرح. كتاب د. محمود كحيلة الجديد «نجيب محفوظ كاتباً مسرحياً»، الصادر أخيرا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، يمثل دراسة شافية لمسرح محفوظ في ثلاثة فصول.
13 مقالة
يأتي الفصل الأول بعنوان «نجيب محفوظ وتجربة المسرح»، ويناقش الموضوعات المتصلة بتراكم الخبرات الفنية التي ساهمت في دعم وتشكيل بنية النص المسرحي القصير عند محفوظ، ويتطرق المؤلف في هذا الفصل إلى حصيلة مسرح محفوظ موضحاً أنها كانت محدودة، ليس فقط في العدد وإنما في منهج كتابة المسرحية..
حيث ركز محفوظ على كتابة المسرحية ذات الفصل الواحد، علما أن جميع أعماله المسرحية، لم تلق القدر ذاته من الحفاوة والحضور الإعلامي كما الرواية.. ويشير المؤلف إلى أنه بدأت علاقة محفوظ بالمسرح من خلال والده الذي كان يصطحبه إلى مسرحيات الريحاني وعلي الكسار.
كما يبين كحيلة في كتابه دوافع محفوظ للتوجه نحو المسرح، أحيانا، شارحاً أن ذلك كان ولوجاً من باب الرواية أيضا، إذ أقدم محفوظ على كتابة المسرح بعد أن قدم إعداداً مسرحياً لبعض مؤلفاته الروائية، منها: "بداية ونهاية". ثم يعرف المؤلف بتوظيف التقنية المسرحية في صياغة الرواية عند محفوظ، متطرقاً إلى التباين الذي قدمه محفوظ، فمن الرواية مسهبة التفاصيل إلى المسرحية ذات الفصل الواحد التي تمتاز بالتكثيف والإيجاز، مؤكداً إتقانه للشكلين في الكتابة.
أما الفصل الثاني «النقد التكويني بين النظرية والتطبيق»، فيحلل مسرح محفوظ عبر توجه نقدي يهتم بالفكر والتنظير. وفي الثالث يناقش المؤلف المسرحيات التي كتبها محفوظ على مدار مسيرته الأدبية، من خلال تقسيمها إلى 3 مراحل:
الأولى ممثلة في المسرحيات الخمس التي نشرها عقب النكسة في 1967 ضمن المجموعة القصصية «تحت المظلة» وامتازت بالعبث والفانتازيا والجموح كرد فعل. فيما جاءت المرحلة الثانية تحت مظلة «التنوير الفلسفي» في مجموعته «الجريمة» التي صدرت عام 1973، وكانت مسرحية واحدة تحمل اسم «المطاردة".
وفي المقابل، تقدم المرحلة الثالثة وداع محفوظ عالم المسرح من خلال مسرحيتين ضمن المجموعة القصصية «الشيطان يعظ» الصادرة عام 1979، وهما: «الجبل» و«الشيطان يعظ".
Ⅶ ربطته ب «أبو الفنون» علاقة وثيقة كما أنه عاصر أبرز مبدعيه كالريحاني
Ⅶ استهل إبداعه المسرحي بعد النكسة مع «تحت المظلة»
Ⅶ أنجز ثماني مسرحيات غنية بالرمزية تتفرد بمعالجاتها ومضامينها
Ⅶ أعمال مهمة ثاوية بين قصصه القصيرة لم تنل حقها من القراءة والنقد
Ⅶ كان لدى محفوظ انطباع بأنه يطأ أرضاً لا ينتمي إليها مليئة بالقامات المبرزة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.