مرشح الجبهة الوطنية: تمكين الشباب رسالة ثقة من القيادة السياسية    تحت عنوان «إتقان العمل».. أوقاف قنا تعقد 126 قافلة دعوية    نشرة التوك شو| الوطنية للانتخابات تعلن جاهزيتها لانتخابات الشيوخ وحقيقة فرض رسوم على الهواتف بأثر رجعي    سكان الجيزة بعد عودة انقطاع الكهرباء والمياه: الحكومة بتعذبنا والقصة مش قصة كابلات جديدة    هولندا تمنع الوزيرين المتطرفين سموتريتش وبن غفير من دخول البلاد وتستدعي السفير الإسرائيلي    بسبب حسن شحاتة.. اتحاد الكرة يشكر الرئيس السيسي    6 صور لشيما صابر مع زوجها في المصيف    "الحصول على 500 مليون".. مصدر يكشف حقيقة طلب إمام عاشور تعديل عقده في الأهلي    علاء عبد الغني: على نجوم الزمالك دعم جون إدوارد.. ومشكلة فتوح يجب حلها    تشييع جثماني طبيبين من الشرقية لقيا مصرعهما في حادث بالقاهرة    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الثلاثاء 29-7-2025    السيطرة على حريق بمولدات كهرباء بالوادي الجديد.. والمحافظة: عودة الخدمة في أقرب وقت- صور    وزير الثقافة يشهد العرض المسرحي «حواديت» على مسرح سيد درويش بالإسكندرية    سميرة صدقي تكشف حقيقة زواجها من معمر القذافي (فيديو)    تغيير في قيادة «إجيماك».. أكرم إبراهيم رئيسًا لمجلس الإدارة خلفًا لأسامة عبد الله    لجنة للمرور على اللجان الانتخابية بالدقهلية لبحث جاهزيتها لانتخابات الشيوخ    الاندبندنت: ترامب يمنح ستارمر "الضوء الأخضر" للاعتراف بدولة فلسطينية    الرئيس الفلسطيني يثمن نداء الرئيس السيسي للرئيس الأمريكي من أجل وقف الحرب في غزة    وزير الخارجية السعودي: لا مصداقية لحديث التطبيع وسط معاناة غزة    3 شهداء جراء استهداف الاحتلال خيمة نازحين في مواصي خان يونس    وزير الخارجية السعودي: لن نفيم علاقات مع إسرائيل دون إعلان دولة فلسطين    عبور قافلة مساعدات إنسانية إلى السويداء جنوب سوريا    تعرّضت للسرقة المنظمة بمحور "موراج".. معظم المساعدات المصرية لم تصل إلى قطاع غزة    «طنطاوي» مديرًا و «مروة» وكيلاً ل «صحة المنيا»    سوبر ماركت التعليم    في عامها الدراسي الأول.. جامعة الفيوم الأهلية تعلن المصروفات الدراسية للعام الجامعي 2025/2026    تنسيق الجامعات 2025.. موقع التنسيق يفتح باب التقديم بالمرحلة الأولى    الأهلي يضغط على نجمه من أجل الرحيل.. إبراهيم عبدالجواد يكشف    أحمد فتوح يتسبب بأزمة جديدة في الزمالك.. وفيريرا يرفض التعامل معه (تفاصيل)    قرار مفاجئ من أحمد عبدالقادر بشأن مسيرته مع الأهلي.. إعلامي يكشف التفاصيل    أسعار الفاكهة والموز والمانجو بالأسواق اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025    سعر الذهب اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025 بالصاغة.. وعيار 21 الآن بعد الانخفاض الكبير    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الثلاثاء 29 يوليو 2025    النجاح له ألف أب!    «قد تُستخدم ضدك في المحكمة».. 7 أشياء لا تُخبر بها الذكاء الاصطناعي بعد تحذير مؤسس «ChatGPT»    6 مصابين في حريق شقة سكنية بالمريوطية بينهم شرطي (تفاصيل)    ضبط 400 علبة سجائر مجهولة المصدر بمركز المنشاة فى سوهاج    محمد معيط: العام المقبل سيشهد صرف شريحتين متبقيتين بقيمة تقارب 1.2 مليار دولار لكل شريحة    أخبار 24 ساعة.. انطلاق القطار الثانى لتيسير العودة الطوعية للأشقاء السودانيين    صراع على السلطة في مكان العمل.. حظ برج الدلو اليوم 29 يوليو    نوسة وإحسان وجميلة    تعرف على برجك اليوم 2025/7/29.. «الحمل»: تبدو عمليًا وواقعيًا.. و«الثور»: تراجع معنوي وشعور بالملل    أحمد صيام: محبة الناس واحترامهم هي الرزق الحقيقي.. والمال آخر ما يُذكر    أهم الأخبار الفنية على مدار الساعة.. الرئيس اللبنانى يمنح زياد الرحبانى وسام الأرز الوطنى رتبة كومندور.. وفاة شقيق المخرج خالد جلال.. منح ذوى القدرات الخاصة المشاركة بمهرجان الإسكندرية مجانا    محافظ سوهاج يوجه بتوفير فرصة عمل لسيدة كفيفة بقرية الصلعا تحفظ القرآن بأحكامه    للحماية من التهاب المرارة.. تعرف على علامات حصوات المرارة المبكرة    من تنظيم مستويات السكر لتحسين الهضم.. تعرف على فوائد القرنفل الصحية    لها مفعول السحر.. رشة «سماق» على السلطة يوميًا تقضي على التهاب المفاصل وتخفض الكوليسترول.    جامعة الإسماعيلية الجديدة الأهلية تُقدم خدماتها الطبية ل 476 مواطناً    حزب مستقبل وطن بالبحيرة يدعم المستشفيات بأجهزة طبية    حرائق الكهرباء عرض مستمر، اشتعال النيران بعمود إنارة بالبدرشين (صور)    16 ميدالية، حصاد البعثة المصرية في اليوم الثاني من دورة الألعاب الأفريقية للمدارس    مي كساب بإطلالة جديدة باللون الأصفر.. تصميم جذاب يبرز قوامها    ما الوقت المناسب بين الأذان والإقامة؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس الوزراء يتابع مع وزيرة التخطيط استعدادات إطلاق السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية    هل "الماكياج" عذر يبيح التيمم للنساء؟.. أمينة الفتوى تُجيب    إلقاء بقايا الطعام في القمامة.. هل يجوز شرعًا؟ دار الإفتاء توضح    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إبراهيم عبدالمجيد: أكتب رواية أبطالها أحصنة مُجنَّحة
نشر في صوت البلد يوم 10 - 07 - 2016

للكاتب المصري إبراهيم عبد المجيد الكثير من الأعمال الأدبية التي تستحق التقدير، تُرجم عددٌ منها إلى لغات مختلفة، وحاز بعضها على جوائز، من مصر وخارجها، وتحول بعضها إلى أعمال سينمائية وتلفزيونية. وأخيراً، حصل صاحب رواية «لا أحد ينام في الإسكندرية»، على جائزة الشيخ زايد عن كتابه «ما وراء الكتابة، تجربتي مع الإبداع». كان معه هذا الحوار:
- ماذا تُقدم الجوائز للكاتب؟
للجوائز قيمة مادية تساعد الكاتب على استكمال الحياة، وأخرى معنوية. فأنت تشعر ككاتب أن هناك من يقدر عملك فعلاً. ومن جهة أخرى تساعد على ترويج الكتاب وتقديمه للقارئ.
- البعض يرى للجوائز حسابات أخرى، فيشكك في مانحها وفي الحاصلين عليها، وهذا حدث معك عند حصولك على جائزة كتارا... كيف ترى هذا الأمر؟
تلك مراهقة سياسية، فعندما حصلت على جائزة كتارا عن رواية «أداجيو»، اعتبرني البعض خائناً، ولا أعرف ما الخيانة في أن تشترك في مسابقة أدبية ضمَّت أكثر من مئتي كاتب عربي. وكان السؤال الذي يجول في بالي وقتها: هل للعمل أي علاقة بسياسة دولة قطر؟ إنه عمل فني في الأساس، كتبته في رثاء زوجتي، أي أنه شأن في غاية الخصوصية. ثم إنها ليست المرة الأولى التي أُهاجم فيها بسبب جائزة، فعندما حصلت «لا أحد ينام في الأسكندرية» على جائزة نجيب محفوظ، من قسم النشر في الجامعة الأميركية في القاهرة، ثار بعض الكتاب بدعوى أن أميركا تمول تلك الجائزة. وأذكر أن نجيب محفوظ نفسه صرح وقتها بأن الاعتراض على جائزة تحمل اسمه هو هلوسة.
- قبل الكتابة والجوائز، كانت هناك نشأة مختلفة سحبتك إلى العالم القصصي، فهل تحدثنا عنها؟
والدي، رحمه الله، كان من حفظة القرآن الكريم، وهذا أعفاه من التجنيد، وفقاً لما كان معمولاً به في ذلك الوقت. وهو أيضاً كان قارئاً جيداً لحكايات التراث، وكثيراً ما كنا نلتف حوله ليلاً لسماع القصص. ومن حسن حظي أنني التحقت بمدرسة القباري التي كانت تهتم بالشعر والموسيقى والمسرح ورحلات الكشَّافة والجوَّالة، وكان المعلمون على درجة عالية من الثقافة والوعي، وأتذكر أن المعلم في نهاية حصة المطالعة كان يقرأ علينا مقالاً من إحدى الصحف ويناقشنا فيه. هكذا تعملت حب القصص من والدي ونشأ وعيي المبكر بالصحافة من طريق المدرسة الابتدائية. ولكن السينما زادت تعلقي بالفن، وكانت المدرسة تنظم لنا كل يوم جمعة زيارة إلى سينما فريال في الإسكندرية. وفي المرحلة الإعدادية (المتوسطة) كانت المدرسة تعرض لنا أفلاماً، وتتيح لنا مكتبتها مطالعة ما نشاء من الكتب. قرأتُ رواية «شمس الخريف» للكاتب محمد عبدالحليم عبدالله، وقررت أن أكتب رواية مثلها! فأحضرت ورقة وقلماً ورحتُ أحاكي الرواية متصوراً أنني بذلك أخلق عملاً. وقتها كنت أكتب لنفسي، حتى عرضت يوماً ما أكتبه على أحد أصدقائي، وكان يكبرني ببضعة أعوام، فأخبرني أن الرواية لها قواعد خاصة، وأنه يدرسها في كتاب المطالعة – كان وقتها في الصف الثاني الثانوي- فقرأت الكتاب. بعدها حضرت ندوة في قصر ثقافة الحرية، كان يديرها الناقد محمد مندور، فعرفت أن الحكاية ليست كما تخيلت. وانتقلت لقراءة علم النفس والاجتماع والتاريخ وعشقت الفلسفة في شكل خاص.
- دراستك الفلسفة أثَّرت في أعمالك الروائية؟
حين اجتزت مرحلة الدراسة الثانوية، قررت دراسة الفلسفة، باعتبارها العلم الذي يهتم بالإنسان وقضاياه وهمومه وأفكاره، وقد أعجبتُ بالفلسفة الوجودية في شكل خاص، وهي ما أثرت على كتاباتي في ما بعد. موقف الإنسان من العالم وضياع الإنسان في هذا العالم! إن الرواية الحقيقية لا بد أن تكون لها خلفية فلسفية، ولكن من دون السقوط في المباشرة. هناك مثلاً رواية «الطريق» لنجيب محفوظ التي تحكي معاناة «صابر الرحيمي» في بحثه عن الأب من جهة، وصراعه مع الروح والمادة من جهة أخرى. هي رواية تعبر عن أفكار الإنسان العظيمة في شكل فني. وكذلك رواية «صحراء التتار» لدينو بوتزاتي، وهي تدور حول جندي يقضي عمره كله داخل قلعة منتظراً التتار، وهنا نرى أن القضية والمكان أكبر من الإنسان نفسه. لذلك، أنا أحب الإنسان عند ألبير كامو الباحث عن المطلق وغير المفهوم! ولعل ذلك ما جعل روايتي الأولى «المسافات» تتسم بهذا الهمّ، الأبطال في انتظار قطار لن يأتي، فينصرف كل واحد إلى حلمه الخاص.
- سبق أن قلت إن الكتابة لعبة، فمتى تبدأ اللعبة، وكيف تلعبها؟
الرواية لعبة، غير أنك الطرف الأضعف فيها، أو يمكن أن تقول إنها لعبة وأنت مجرد جزء منها، فهي التي تحدد ميعاد اللعب ومعاييره، وما عليك سوى أن تتبع اللعبة. أنا لا أقوم للكتابة إلا عندما أسمع العمل يقول لي: اكتبني. نحن في الكتابة لسنا فاعلين إلى أن تنتهي المخطوطة الأولى، بعدها يمكنني أن ألعب في ما تم إنتاجه كيفما أشاء. ففي رواية «أداجيو» مثلاً، كانت اللعبة قائمة على الموسيقى واللغة، ولا أنسي بالطبع خفة دم السائق (عثمان)، بطل العمل. أما في رواية «في كل أسبوع يوم جمعة»، فكانت اللعبة في غاية الصعوبة، فأنا لديَّ 19 شخصية لكل شخصية صوتها الخاص وظروفها وتباين في صفاتها، لذا كانت رواية مرهقة جداً. «لا أحد ينام في الأسكندرية»، ظلت داخلي لمدة عشرين عاماً، كتبتُ خلالها عشر روايات. كانت بذرتها قصة قصيرة بعنوان «كان يعرف أسماء البلاد»، وهي تحكي عن عابر سبيل توقف ليشرب الشاي مع اثنين، أحدهما قبطي والآخر مسلم. تلك البذرة لم تثمر إلا بعد عشرين سنة. بعدها فكرت في أن استكمل الثلاثية، فكتبتُ «طيور العنبر»، و «الإسكندرية في غيمة».
- رغم عشقك للسينما والدراما لا نجد لك أعمالاً كثيرة في هذا الجانب، فما السبب؟
الأداة في السينما والدراما تختلف بالتأكيد عن الرواية. فالأولى تحكي بالصورة والثانية تعتمد كلياً على اللغة. فمثلاً فيلم «صياد اليمام» المأخوذ عن روايتي التي تحمل الاسم نفسه كانت له تركيبة صعبة على المشاهد الذي اعتاد على الأفلام الخفيفة. ولكن أعتقد أن الفيلم عندما عُرض على الشاشة الصغيرة وجد من يفهمه ويتقبله. أما عن الدراما فقد كتبت مسلسل «بين شطين»، وأخرجه عمر عبدالعزيز، وهو العمل الذي اعتز به جداً لحرص المخرج على تقديم ما كتبتُه، على عكس ما حدث مع مسلسلي «لا أحد ينام في الاسكندرية»، و «قناديل البحر». في الرواية أنت السيد، صاحب العمل والمسؤول الأول والأخير عنه. أما الدراما فهي رؤية المخرج، ولعل ذلك ما جعلني أتوقف عن كتابة السيناريو وأتفرغ تماماً لكتابة الرواية.
- كيف ترى الحركة الأدبية في مصر في الوقت الراهن؟
كل يوم تظهر مئات الإصدارات، وهذا جيد، فالجميع، وفي ظل الحراك السياسي والاجتماعي العنيف، يريد أن يعبر عن رأيه، وعن رؤيته لما يدور حوله. ولكن الأعمال التي تتسم بالفن الحقيقي أقل من ذلك بكثير، وهنا يأتي دور النقد، النقد الحقيقي الواعي القادر على تمييز الفن عن التعبير اللحظي. والزمن ناقد أيضاً، يغربل فيُبقي على الموهوبين ويتخلص من الموهومين. والكتاب الموهبون بالعشرات، وإن كنت لا أريد أن أذكر أسماء محددة حتى لا أظلم بذاكرتي الضعيفة أسماء أخرى.
- ماذا عن عملك المقبل؟
أنهيت رواية جديدة، ولكن لم أختر لها اسماً بعد. وهي تدور حول ثورة يناير ولكن يحكمها خيال من نوع خاص جداً فأبطالها ديدان وثعابين وأحصنة مجنحة، وقد تبدو كرواية من العصور الوسطى.
للكاتب المصري إبراهيم عبد المجيد الكثير من الأعمال الأدبية التي تستحق التقدير، تُرجم عددٌ منها إلى لغات مختلفة، وحاز بعضها على جوائز، من مصر وخارجها، وتحول بعضها إلى أعمال سينمائية وتلفزيونية. وأخيراً، حصل صاحب رواية «لا أحد ينام في الإسكندرية»، على جائزة الشيخ زايد عن كتابه «ما وراء الكتابة، تجربتي مع الإبداع». كان معه هذا الحوار:
- ماذا تُقدم الجوائز للكاتب؟
للجوائز قيمة مادية تساعد الكاتب على استكمال الحياة، وأخرى معنوية. فأنت تشعر ككاتب أن هناك من يقدر عملك فعلاً. ومن جهة أخرى تساعد على ترويج الكتاب وتقديمه للقارئ.
- البعض يرى للجوائز حسابات أخرى، فيشكك في مانحها وفي الحاصلين عليها، وهذا حدث معك عند حصولك على جائزة كتارا... كيف ترى هذا الأمر؟
تلك مراهقة سياسية، فعندما حصلت على جائزة كتارا عن رواية «أداجيو»، اعتبرني البعض خائناً، ولا أعرف ما الخيانة في أن تشترك في مسابقة أدبية ضمَّت أكثر من مئتي كاتب عربي. وكان السؤال الذي يجول في بالي وقتها: هل للعمل أي علاقة بسياسة دولة قطر؟ إنه عمل فني في الأساس، كتبته في رثاء زوجتي، أي أنه شأن في غاية الخصوصية. ثم إنها ليست المرة الأولى التي أُهاجم فيها بسبب جائزة، فعندما حصلت «لا أحد ينام في الأسكندرية» على جائزة نجيب محفوظ، من قسم النشر في الجامعة الأميركية في القاهرة، ثار بعض الكتاب بدعوى أن أميركا تمول تلك الجائزة. وأذكر أن نجيب محفوظ نفسه صرح وقتها بأن الاعتراض على جائزة تحمل اسمه هو هلوسة.
- قبل الكتابة والجوائز، كانت هناك نشأة مختلفة سحبتك إلى العالم القصصي، فهل تحدثنا عنها؟
والدي، رحمه الله، كان من حفظة القرآن الكريم، وهذا أعفاه من التجنيد، وفقاً لما كان معمولاً به في ذلك الوقت. وهو أيضاً كان قارئاً جيداً لحكايات التراث، وكثيراً ما كنا نلتف حوله ليلاً لسماع القصص. ومن حسن حظي أنني التحقت بمدرسة القباري التي كانت تهتم بالشعر والموسيقى والمسرح ورحلات الكشَّافة والجوَّالة، وكان المعلمون على درجة عالية من الثقافة والوعي، وأتذكر أن المعلم في نهاية حصة المطالعة كان يقرأ علينا مقالاً من إحدى الصحف ويناقشنا فيه. هكذا تعملت حب القصص من والدي ونشأ وعيي المبكر بالصحافة من طريق المدرسة الابتدائية. ولكن السينما زادت تعلقي بالفن، وكانت المدرسة تنظم لنا كل يوم جمعة زيارة إلى سينما فريال في الإسكندرية. وفي المرحلة الإعدادية (المتوسطة) كانت المدرسة تعرض لنا أفلاماً، وتتيح لنا مكتبتها مطالعة ما نشاء من الكتب. قرأتُ رواية «شمس الخريف» للكاتب محمد عبدالحليم عبدالله، وقررت أن أكتب رواية مثلها! فأحضرت ورقة وقلماً ورحتُ أحاكي الرواية متصوراً أنني بذلك أخلق عملاً. وقتها كنت أكتب لنفسي، حتى عرضت يوماً ما أكتبه على أحد أصدقائي، وكان يكبرني ببضعة أعوام، فأخبرني أن الرواية لها قواعد خاصة، وأنه يدرسها في كتاب المطالعة – كان وقتها في الصف الثاني الثانوي- فقرأت الكتاب. بعدها حضرت ندوة في قصر ثقافة الحرية، كان يديرها الناقد محمد مندور، فعرفت أن الحكاية ليست كما تخيلت. وانتقلت لقراءة علم النفس والاجتماع والتاريخ وعشقت الفلسفة في شكل خاص.
- دراستك الفلسفة أثَّرت في أعمالك الروائية؟
حين اجتزت مرحلة الدراسة الثانوية، قررت دراسة الفلسفة، باعتبارها العلم الذي يهتم بالإنسان وقضاياه وهمومه وأفكاره، وقد أعجبتُ بالفلسفة الوجودية في شكل خاص، وهي ما أثرت على كتاباتي في ما بعد. موقف الإنسان من العالم وضياع الإنسان في هذا العالم! إن الرواية الحقيقية لا بد أن تكون لها خلفية فلسفية، ولكن من دون السقوط في المباشرة. هناك مثلاً رواية «الطريق» لنجيب محفوظ التي تحكي معاناة «صابر الرحيمي» في بحثه عن الأب من جهة، وصراعه مع الروح والمادة من جهة أخرى. هي رواية تعبر عن أفكار الإنسان العظيمة في شكل فني. وكذلك رواية «صحراء التتار» لدينو بوتزاتي، وهي تدور حول جندي يقضي عمره كله داخل قلعة منتظراً التتار، وهنا نرى أن القضية والمكان أكبر من الإنسان نفسه. لذلك، أنا أحب الإنسان عند ألبير كامو الباحث عن المطلق وغير المفهوم! ولعل ذلك ما جعل روايتي الأولى «المسافات» تتسم بهذا الهمّ، الأبطال في انتظار قطار لن يأتي، فينصرف كل واحد إلى حلمه الخاص.
- سبق أن قلت إن الكتابة لعبة، فمتى تبدأ اللعبة، وكيف تلعبها؟
الرواية لعبة، غير أنك الطرف الأضعف فيها، أو يمكن أن تقول إنها لعبة وأنت مجرد جزء منها، فهي التي تحدد ميعاد اللعب ومعاييره، وما عليك سوى أن تتبع اللعبة. أنا لا أقوم للكتابة إلا عندما أسمع العمل يقول لي: اكتبني. نحن في الكتابة لسنا فاعلين إلى أن تنتهي المخطوطة الأولى، بعدها يمكنني أن ألعب في ما تم إنتاجه كيفما أشاء. ففي رواية «أداجيو» مثلاً، كانت اللعبة قائمة على الموسيقى واللغة، ولا أنسي بالطبع خفة دم السائق (عثمان)، بطل العمل. أما في رواية «في كل أسبوع يوم جمعة»، فكانت اللعبة في غاية الصعوبة، فأنا لديَّ 19 شخصية لكل شخصية صوتها الخاص وظروفها وتباين في صفاتها، لذا كانت رواية مرهقة جداً. «لا أحد ينام في الأسكندرية»، ظلت داخلي لمدة عشرين عاماً، كتبتُ خلالها عشر روايات. كانت بذرتها قصة قصيرة بعنوان «كان يعرف أسماء البلاد»، وهي تحكي عن عابر سبيل توقف ليشرب الشاي مع اثنين، أحدهما قبطي والآخر مسلم. تلك البذرة لم تثمر إلا بعد عشرين سنة. بعدها فكرت في أن استكمل الثلاثية، فكتبتُ «طيور العنبر»، و «الإسكندرية في غيمة».
- رغم عشقك للسينما والدراما لا نجد لك أعمالاً كثيرة في هذا الجانب، فما السبب؟
الأداة في السينما والدراما تختلف بالتأكيد عن الرواية. فالأولى تحكي بالصورة والثانية تعتمد كلياً على اللغة. فمثلاً فيلم «صياد اليمام» المأخوذ عن روايتي التي تحمل الاسم نفسه كانت له تركيبة صعبة على المشاهد الذي اعتاد على الأفلام الخفيفة. ولكن أعتقد أن الفيلم عندما عُرض على الشاشة الصغيرة وجد من يفهمه ويتقبله. أما عن الدراما فقد كتبت مسلسل «بين شطين»، وأخرجه عمر عبدالعزيز، وهو العمل الذي اعتز به جداً لحرص المخرج على تقديم ما كتبتُه، على عكس ما حدث مع مسلسلي «لا أحد ينام في الاسكندرية»، و «قناديل البحر». في الرواية أنت السيد، صاحب العمل والمسؤول الأول والأخير عنه. أما الدراما فهي رؤية المخرج، ولعل ذلك ما جعلني أتوقف عن كتابة السيناريو وأتفرغ تماماً لكتابة الرواية.
- كيف ترى الحركة الأدبية في مصر في الوقت الراهن؟
كل يوم تظهر مئات الإصدارات، وهذا جيد، فالجميع، وفي ظل الحراك السياسي والاجتماعي العنيف، يريد أن يعبر عن رأيه، وعن رؤيته لما يدور حوله. ولكن الأعمال التي تتسم بالفن الحقيقي أقل من ذلك بكثير، وهنا يأتي دور النقد، النقد الحقيقي الواعي القادر على تمييز الفن عن التعبير اللحظي. والزمن ناقد أيضاً، يغربل فيُبقي على الموهوبين ويتخلص من الموهومين. والكتاب الموهبون بالعشرات، وإن كنت لا أريد أن أذكر أسماء محددة حتى لا أظلم بذاكرتي الضعيفة أسماء أخرى.
- ماذا عن عملك المقبل؟
أنهيت رواية جديدة، ولكن لم أختر لها اسماً بعد. وهي تدور حول ثورة يناير ولكن يحكمها خيال من نوع خاص جداً فأبطالها ديدان وثعابين وأحصنة مجنحة، وقد تبدو كرواية من العصور الوسطى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.