حزب الوفد يحيي ذكرى رحيل سعد زغلول ومصطفى النحاس (صور)    عمدة "هوداك" برومانيا يكرم طلاب جامعة سيناء الفائزين بالجائزة الذهبية في مهرجان الفلكلور الدولي    اتحاد المقاولين يطالب بوقف تصدير الأسمنت لإنقاذ القطاع من التعثر    الخارجية الجزائرية: المجاعة بقطاع غزة خيار سياسي ونتاج تخطيط وتدبير الكيان الصهيوني    نهائي السوبر السعودي، الأهلي والنصر يتعادلان 2-2 بالوقت الأصلي ويحتكمان لركلات الترجيح (صور)    بمشاركة فريق مصري.. تعرف على المشاركين في البطولة العربية للأندية لليد    محافظ سوهاج يتابع حادث غرق الطالبات ب شاطئ العجمى في الإسكندرية    نائب وزير السياحة وأمين المجلس الأعلى للآثار يتفقدان أعمال ترميم المواقع بالإسكندرية    بدون أنظمة ريجيم قاسية، 10 نصائح لإنقاص الوزن الزائد    الإتجار في السموم وحيازة خرطوش.. جنايات شبرا تقضي بسجن متهمين 6 سنوات    وزير الصحة الفلسطيني: فقدنا 1500 كادر طبي.. وأطباء غزة يعالجون المرضى وهم يعانون من الجوع والإرهاق    مذكرة تفاهم بين جامعتي الأزهر ومطروح تتضمن التعاون العلمي والأكاديمي وتبادل الخبرات    إسلام جابر: لم أتوقع انتقال إمام عاشور للأهلي.. ولا أعرف موقف مصطفى محمد من الانتقال إليه    إسلام جابر: تجربة الزمالك الأفضل في مسيرتي.. ولست نادما على عدم الانتقال للأهلي    تفعيل البريد الموحد لموجهي اللغة العربية والدراسات الاجتماعية بالفيوم    مصر القومي: الاعتداء على السفارات المصرية امتداد لمخططات الإخوان لتشويه صورة الدولة    إزالة لمزرعة سمكية مخالفة بجوار "محور 30" على مساحة 10 أفدنة بمركز الحسينية    استقالات جماعية للأطباء ووفيات وهجرة الكفاءات..المنظومة الصحية تنهار فى زمن العصابة    صور.. 771 مستفيدًا من قافلة جامعة القاهرة في الحوامدية    وزير العمل يتفقد وحدتي تدريب متنقلتين قبل تشغيلهما غدا بالغربية    «المركزي لمتبقيات المبيدات» ينظم ورشة عمل لمنتجي ومصدري الطماطم بالشرقية    50 ألف مشجع لمباراة مصر وإثيوبيا في تصفيات كأس العالم    "قصص متفوتكش".. رسالة غامضة من زوجة النني الأولى.. ومقاضاة مدرب الأهلي السابق بسبب العمولات    مصر ترحب بخارطة الطريق الأممية لتسوية الأزمة الليبية    وزير الدفاع الأمريكي يجيز ل2000 من الحرس الوطني حمل السلاح.. ما الهدف؟    وزارة النقل تناشد المواطنين عدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه أثناء غلقها    «لازم إشارات وتحاليل للسائقين».. تامر حسني يناشد المسؤولين بعد حادث طريق الضبعة    وزير خارجية باكستان يبدأ زيارة إلى بنجلاديش    وفاة سهير مجدي .. وفيفي عبده تنعيها    مؤسسة فاروق حسني تطلق الدورة ال7 لجوائز الفنون لعام 2026    قلق داخلي بشأن صديق بعيد.. برج الجدي اليوم 23 أغسطس    غدا.. قصور الثقافة تطلق ملتقى دهب العربي الأول للرسم والتصوير بمشاركة 20 فنانا    تم تصويره بالأهرامات.. قصة فيلم Fountain of Youth بعد ترشحه لجوائز LMGI 2025    تكريم الفنانة شيرين في مهرجان الإسكندرية السينمائي بدورته ال41    موعد إجازة المولد النبوي 2025.. أجندة الإجازات الرسمية المتبقية للموظفين    كيف تكون مستجابا للدعاء؟.. واعظة بالأزهر توضح    الغربية: حملات نظافة مستمرة ليلا ونهارا في 12 مركزا ومدينة لضمان بيئة نظيفة وحضارية    "التنمية المحلية": انطلاق الأسبوع الثالث من الخطة التدريبية بسقارة غدًا -تفاصيل    رئيس «الرعاية الصحية»: تقديم أكثر من 2.5 مليون خدمة طبية بمستشفيات الهيئة في جنوب سيناء    الصحة: حملة «100 يوم صحة» قدّمت 59 مليون خدمة طبية مجانية خلال 38 يوما    فحص وصرف العلاج ل247 مواطنا ضمن قافلة بقرية البرث في شمال سيناء    رغم تبرئة ساحة ترامب جزئيا.. جارديان: تصريحات ماكسويل تفشل فى تهدئة مؤيديه    نور القلوب يضىء المنصورة.. 4 من ذوى البصيرة يبدعون فى مسابقة دولة التلاوة    محاضرة فنية وتدريبات خططية في مران الأهلي استعدادًا للمحلة    طقس الإمارات اليوم.. غيوم جزئية ورياح مثيرة للغبار على هذه المناطق    ضبط وتحرير 18 محضرا فى حملة إشغالات بمركز البلينا فى سوهاج    محافظ أسوان يتابع معدلات الإنجاز بمشروع محطة النصراب بإدفو    8 وفيات نتيجة المجاعة وسوء التغذية في قطاع غزة خلال ال24 ساعة الماضية    مصر تستضيف النسخة الأولى من قمة ومعرض "عالم الذكاء الاصطناعي" فبراير المقبل    تحرير 125 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    إعلام فلسطينى: مصابون من منتظرى المساعدات شمال رفح الفلسطينية    حسن الخاتمة.. وفاة معتمر أقصري أثناء أدائه مناسك الحج    تنسيق الجامعات 2025| مواعيد فتح موقع التنسيق لطلاب الشهادات المعادلة    كأس السوبر السعودي.. هونج كونج ترغب في استضافة النسخة المقبلة    «مياه الأقصر» تسيطر على بقعة زيت فى مياه النيل دون تأثر المواطنين أو إنقطاع الخدمة    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم السبت 23 أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفتى الجمهورية يوضح الحكم الشرعى لاختلاط الشباب والفتيات فى الحدائق العامة
نشر في صوت البلد يوم 18 - 06 - 2016

تلقى الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، سؤالاً نصه: ما الحكم الشرعى حول اختلاط الشباب بالفتيات فى الحدائق العامة وارتكابهم لبعض الأفعال التى تخدش الحياء، فماذا يفعل الإنسان تجاه هذه الصور، خاصة أن الشريعة الإسلامية تؤكد أن من رأى منكرًا فليغيره؟.
وجاء جواب مفتى الجمهورية: إن الصورة التى يصورها السائل فى سؤاله لا يرضاها الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، وهى مما يسبب نزول الغضب من الله تعالى على فاعليها وعلى الساكتين على ذلك بغير نكر وهم يستطيعون الإنكار الشرعى، وعلى المساعدين على هذا، قال تعالى: "وَٱتَّقُواْ فِتۡنَةٗ لَّا تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمۡ خَآصَّةٗۖ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ"، وقال تعالى: "وَإِذۡ قَالَتۡ أُمَّةٞ مِّنۡهُمۡ لِمَ تَعِظُونَ قَوۡمًا ٱللَّهُ مُهۡلِكُهُمۡ أَوۡ مُعَذِّبُهُمۡ عَذَابٗا شَدِيدٗاۖ قَالُواْ مَعۡذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَلَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ 164 فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِۦٓ أَنجَيۡنَا ٱلَّذِينَ يَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلسُّوٓءِ وَأَخَذۡنَا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابِۢ بَٔيسِۢ بِمَا كَانُواْ يَفۡسُقُونَ".
وتابع: فضرر هذه المعاصى إنما يقع على الجميع ما لم ينكروا المنكر ويحاولوا إزالته بالطرق الشرعية، ولخطورة هذا الأمر يمثله النبى صلى الله عليه وسلم بمن يتسبب بمعاصيه هذه فى إفساد المجتمع كله وأن الساكتين على ذلك إنما هم مشاركون له فى هذا الإثم الكبير، وكما ورد فى الحديث عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْمُدْهِنِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فِى الْبَحْرِ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاهَا وَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا فَكَانَ الَّذِينَ فى أَسْفَلِهَا يَصْعَدُونَ فَيَسْتَقُونَ الْمَاءَ فَيَصُبُّونَ عَلَى الَّذِينَ فِى أَعْلاهَا فَقَالَ الَّذِينَ فى أَعْلاهَا لا نَدَعُكُمْ تَصْعَدُونَ فَتُؤْذُونَنَا فَقَالَ الَّذِينَ فى أَسْفَلِهَا فَإِنَّا نَنْقُبُهَا مِنْ أَسْفَلِهَا فَنَسْتَقِى فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ فَمَنَعُوهُمْ نَجَوْا جَمِيعًا وَإِنْ تَرَكُوهُمْ غَرِقُوا جَمِيعًا" رواه البخارى.
وأضاف القائم فى حدود الله معناه: المنكر لها القائم فى دفعها وإزالتها، والمراد بالحدود: ما نهى الله تعالى عنه. ولخطر وأهمية التناصح والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، والفساد المترتب على إهمالهما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ بَنِى إِسْرَائِيلَ لَمَّا وَقَعَ فِيهِمُ النَّقْصُ كَانَ الرَّجُلُ يَرَى أَخَاهُ عَلَى الذَّنْبِ فَيَنْهَاهُ عَنْهُ فَإِذَا كَانَ الْغَدُ لَمْ يَمْنَعْهُ مَا رَأَى مِنْهُ أَنْ يَكُونَ أَكِيلَهُ وَشَرِيبَهُ وَخَلِيطَهُ فَضَرَبَ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ وَنَزَلَ فِيهِمُ الْقُرْآنُ فَقَالَ: {لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۢ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُۥدَ وَعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَ} حَتَّى بَلَغَ {وَلَوۡ كَانُواْ يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلنَّبِى وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ مَا ٱتَّخَذُوهُمۡ أَوۡلِيَآءَ وَلَٰكِنَّ كَثِيرٗا مِّنۡهُمۡ فَٰسِقُونَ}، قَالَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مُتَّكِئًا فَجَلَسَ وَقَالَ: لَا حَتَّى تَأْخُذُوا عَلَى يدى الظَّالِمِ فَتَأْطِرُوهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا". وتابع: ومثل هذه السلوكيات المحرمة شرعًا فيها خيانة لله تعالى ولرسوله ولأولياء هذه النساء والبنات وقد قال الله تعالى: "يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوٓاْ أَمَٰنَٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ".
وفيها أيضًا استجابة للشيطان الذى حذرنا الله تعالى من تتبع خطواته، حيث قال عز من قائل: "يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ وَمَن يَتَّبِعۡ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَإِنَّهُۥ يَأۡمُرُ بِٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِۚ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنۡ أَحَدٍ أَبَدٗا وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّى مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم"، وهو الذى أمرنا الله تعالى بأن نجعله عدوًّا لنا؛ لأنه هو فى الحقيقة كذلك: "إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لَكُمۡ عَدُوّٞ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّاۚ إِنَّمَا يَدۡعُواْ حِزۡبَهُۥ لِيَكُونُواْ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ" "فاطر:6"، وهو مدخل مباشر لفاحشة الزنا: "وَلَا تَقۡرَبُواْ ٱلزِّنَىٰٓۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةٗ وَسَآءَ سَبِيلٗا" "الإسراء: 32". وفى الحديث الشريف قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النبى- صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لا مَحَالَةَ، فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِى، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ وَيُكَذِّبُهُ". ولهذه السلوكيات ضرر ماحق على المجتمع، فهو يفكك الأسر، وينشر الرذيلة فى المجتمع، ويفسد الروابط العائلية، ويفسد على الناس أعراضهم وأخلاقهم، وهو بيئة خصبة لانحرافات أخرى جانبية، كالسرقة وشرب المخدرات والزنا والدعارة وغير ذلك مما هو مشاهد ومعروف، لكن معالجة هذه الظواهر تحتاج من المنكر عليها إلى علم ورحمة وحكمة، فلا بد أن تكون فى قلبه شفقة على هؤلاء الذين غرر بهم الشيطان، وينكر عليهم كما ينكر الأب المشفق والأم الحنون على ولدها وهو يتقطع عليه ويخشى عليه من الضياع، بلا تكبر عليهم ولا ترفع؛ فالله تعالى يقول لنبيه {لَعَلَّكَ بَٰخِعٞ نَّفۡسَكَ أَلَّا يَكُونُواْ مُؤۡمِنِينَ}[الشعراء: 3] أى أن الرسول صلى الله عليه وسلم كاد يموت وتزهق روحه الشريفة حزنًا وألمًا وشفقة على قومه الذين انحرفوا عن طريق الله تعالى، ولا بد للمنكر على هذه الظواهر أن يكون إنكاره برفق مع شدته فى الحق؛ لأن الله تعالى يقول: {ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِى هِى أَحۡسَنُۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ} [النحل: 125.]
وكما فى الحديث الذى رواه مسلم وأبو داوود وأحمد عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِى -صلى الله عليه وسلم- عَنِ النبى -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِنَّ الرِّفْقَ لا يَكُونُ فى شيء إِلَّا زَانَهُ وَلا يُنْزَعُ مِنْ شيء إِلا شَانَهُ".
ولا بد للمنكر أن يدل من وقع فى هذه المنكرات إلى السبل المشروعة لتفريغ هذه الطاقات الإنسانية الطبيعية؛ ليكون كالطبيب مع مرضاه، فيكون أمره بالمعروف بمعروف، ويكون نهيه عن المنكر ليس منكرًا.
وعلى المنكر على هذه الانحرافات أن يتدرج فى الإنكار، ولا يلجأ للمرحلة التالية من مراحل الإنكار إلا إذا انتهى من المرحلة التى قبلها، فلا يبحث عن إيذاء الناس وعقوبتهم بالقانون والشرطة قبل أن يعظهم بالحسنى ويحذرهم من عين الله تعالى التى تراهم قبل أن يراهم الناس، بل وترى ما فى نفوسهم. وفى الجملة على المنكر على هذه الانحرافات ألا يقع بسبب إنكاره هذا فى منكر آخر مساوٍ أو أشد مما يريد إنكاره، بل يدخل فى هذا الأمر وهو يخلص النية وينوى إزالة المنكر أو تقليله.
ودار الإفتاء إذ تهيب بالمسلمين الالتزام بحدود الله تعالى ومراقبته تبارك وتعالى فى أنفسهم وفى دين الله تعالى وفى أعراض المسلمين وفى سلامة البلاد والعباد لترجو أن تقوم السلطات المعنية بمراقبة هذه السلوكيات المرفوضة، ومنع وجود الأجواء التى تسمح بنموها وانتشارها، والأخذ على يد من يريدون إشاعة الفاحشة فى المؤمنين {إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلۡفَٰحِشَةُ فِى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ فِى ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} "النور: 19".
وعلى كل مسئول فى مجاله المساعدة فى القضاء على هذه الظواهر، المدرس فى المدرسة، الإعلامى فى جهاز الإعلام، والأئمة والوعاظ فى منابرهم، والآباء والأمهات فى بيوتهم، ففى الحديث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضى الله عنهما- «أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِه،ِ وَالرَّجُلُ فى أَهْلِهِ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْئولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فى بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهْى مَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فى مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» رواه الشيخان وغيرهما.
تلقى الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، سؤالاً نصه: ما الحكم الشرعى حول اختلاط الشباب بالفتيات فى الحدائق العامة وارتكابهم لبعض الأفعال التى تخدش الحياء، فماذا يفعل الإنسان تجاه هذه الصور، خاصة أن الشريعة الإسلامية تؤكد أن من رأى منكرًا فليغيره؟.
وجاء جواب مفتى الجمهورية: إن الصورة التى يصورها السائل فى سؤاله لا يرضاها الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، وهى مما يسبب نزول الغضب من الله تعالى على فاعليها وعلى الساكتين على ذلك بغير نكر وهم يستطيعون الإنكار الشرعى، وعلى المساعدين على هذا، قال تعالى: "وَٱتَّقُواْ فِتۡنَةٗ لَّا تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمۡ خَآصَّةٗۖ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ"، وقال تعالى: "وَإِذۡ قَالَتۡ أُمَّةٞ مِّنۡهُمۡ لِمَ تَعِظُونَ قَوۡمًا ٱللَّهُ مُهۡلِكُهُمۡ أَوۡ مُعَذِّبُهُمۡ عَذَابٗا شَدِيدٗاۖ قَالُواْ مَعۡذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَلَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ 164 فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِۦٓ أَنجَيۡنَا ٱلَّذِينَ يَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلسُّوٓءِ وَأَخَذۡنَا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابِۢ بَٔيسِۢ بِمَا كَانُواْ يَفۡسُقُونَ".
وتابع: فضرر هذه المعاصى إنما يقع على الجميع ما لم ينكروا المنكر ويحاولوا إزالته بالطرق الشرعية، ولخطورة هذا الأمر يمثله النبى صلى الله عليه وسلم بمن يتسبب بمعاصيه هذه فى إفساد المجتمع كله وأن الساكتين على ذلك إنما هم مشاركون له فى هذا الإثم الكبير، وكما ورد فى الحديث عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْمُدْهِنِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فِى الْبَحْرِ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاهَا وَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا فَكَانَ الَّذِينَ فى أَسْفَلِهَا يَصْعَدُونَ فَيَسْتَقُونَ الْمَاءَ فَيَصُبُّونَ عَلَى الَّذِينَ فِى أَعْلاهَا فَقَالَ الَّذِينَ فى أَعْلاهَا لا نَدَعُكُمْ تَصْعَدُونَ فَتُؤْذُونَنَا فَقَالَ الَّذِينَ فى أَسْفَلِهَا فَإِنَّا نَنْقُبُهَا مِنْ أَسْفَلِهَا فَنَسْتَقِى فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ فَمَنَعُوهُمْ نَجَوْا جَمِيعًا وَإِنْ تَرَكُوهُمْ غَرِقُوا جَمِيعًا" رواه البخارى.
وأضاف القائم فى حدود الله معناه: المنكر لها القائم فى دفعها وإزالتها، والمراد بالحدود: ما نهى الله تعالى عنه. ولخطر وأهمية التناصح والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، والفساد المترتب على إهمالهما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ بَنِى إِسْرَائِيلَ لَمَّا وَقَعَ فِيهِمُ النَّقْصُ كَانَ الرَّجُلُ يَرَى أَخَاهُ عَلَى الذَّنْبِ فَيَنْهَاهُ عَنْهُ فَإِذَا كَانَ الْغَدُ لَمْ يَمْنَعْهُ مَا رَأَى مِنْهُ أَنْ يَكُونَ أَكِيلَهُ وَشَرِيبَهُ وَخَلِيطَهُ فَضَرَبَ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ وَنَزَلَ فِيهِمُ الْقُرْآنُ فَقَالَ: {لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۢ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُۥدَ وَعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَ} حَتَّى بَلَغَ {وَلَوۡ كَانُواْ يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلنَّبِى وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ مَا ٱتَّخَذُوهُمۡ أَوۡلِيَآءَ وَلَٰكِنَّ كَثِيرٗا مِّنۡهُمۡ فَٰسِقُونَ}، قَالَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مُتَّكِئًا فَجَلَسَ وَقَالَ: لَا حَتَّى تَأْخُذُوا عَلَى يدى الظَّالِمِ فَتَأْطِرُوهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا". وتابع: ومثل هذه السلوكيات المحرمة شرعًا فيها خيانة لله تعالى ولرسوله ولأولياء هذه النساء والبنات وقد قال الله تعالى: "يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوٓاْ أَمَٰنَٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ".
وفيها أيضًا استجابة للشيطان الذى حذرنا الله تعالى من تتبع خطواته، حيث قال عز من قائل: "يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ وَمَن يَتَّبِعۡ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَإِنَّهُۥ يَأۡمُرُ بِٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِۚ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنۡ أَحَدٍ أَبَدٗا وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّى مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم"، وهو الذى أمرنا الله تعالى بأن نجعله عدوًّا لنا؛ لأنه هو فى الحقيقة كذلك: "إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لَكُمۡ عَدُوّٞ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّاۚ إِنَّمَا يَدۡعُواْ حِزۡبَهُۥ لِيَكُونُواْ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ" "فاطر:6"، وهو مدخل مباشر لفاحشة الزنا: "وَلَا تَقۡرَبُواْ ٱلزِّنَىٰٓۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةٗ وَسَآءَ سَبِيلٗا" "الإسراء: 32". وفى الحديث الشريف قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النبى- صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لا مَحَالَةَ، فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِى، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ وَيُكَذِّبُهُ". ولهذه السلوكيات ضرر ماحق على المجتمع، فهو يفكك الأسر، وينشر الرذيلة فى المجتمع، ويفسد الروابط العائلية، ويفسد على الناس أعراضهم وأخلاقهم، وهو بيئة خصبة لانحرافات أخرى جانبية، كالسرقة وشرب المخدرات والزنا والدعارة وغير ذلك مما هو مشاهد ومعروف، لكن معالجة هذه الظواهر تحتاج من المنكر عليها إلى علم ورحمة وحكمة، فلا بد أن تكون فى قلبه شفقة على هؤلاء الذين غرر بهم الشيطان، وينكر عليهم كما ينكر الأب المشفق والأم الحنون على ولدها وهو يتقطع عليه ويخشى عليه من الضياع، بلا تكبر عليهم ولا ترفع؛ فالله تعالى يقول لنبيه {لَعَلَّكَ بَٰخِعٞ نَّفۡسَكَ أَلَّا يَكُونُواْ مُؤۡمِنِينَ}[الشعراء: 3] أى أن الرسول صلى الله عليه وسلم كاد يموت وتزهق روحه الشريفة حزنًا وألمًا وشفقة على قومه الذين انحرفوا عن طريق الله تعالى، ولا بد للمنكر على هذه الظواهر أن يكون إنكاره برفق مع شدته فى الحق؛ لأن الله تعالى يقول: {ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِى هِى أَحۡسَنُۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ} [النحل: 125.]
وكما فى الحديث الذى رواه مسلم وأبو داوود وأحمد عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِى -صلى الله عليه وسلم- عَنِ النبى -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِنَّ الرِّفْقَ لا يَكُونُ فى شيء إِلَّا زَانَهُ وَلا يُنْزَعُ مِنْ شيء إِلا شَانَهُ".
ولا بد للمنكر أن يدل من وقع فى هذه المنكرات إلى السبل المشروعة لتفريغ هذه الطاقات الإنسانية الطبيعية؛ ليكون كالطبيب مع مرضاه، فيكون أمره بالمعروف بمعروف، ويكون نهيه عن المنكر ليس منكرًا.
وعلى المنكر على هذه الانحرافات أن يتدرج فى الإنكار، ولا يلجأ للمرحلة التالية من مراحل الإنكار إلا إذا انتهى من المرحلة التى قبلها، فلا يبحث عن إيذاء الناس وعقوبتهم بالقانون والشرطة قبل أن يعظهم بالحسنى ويحذرهم من عين الله تعالى التى تراهم قبل أن يراهم الناس، بل وترى ما فى نفوسهم. وفى الجملة على المنكر على هذه الانحرافات ألا يقع بسبب إنكاره هذا فى منكر آخر مساوٍ أو أشد مما يريد إنكاره، بل يدخل فى هذا الأمر وهو يخلص النية وينوى إزالة المنكر أو تقليله.
ودار الإفتاء إذ تهيب بالمسلمين الالتزام بحدود الله تعالى ومراقبته تبارك وتعالى فى أنفسهم وفى دين الله تعالى وفى أعراض المسلمين وفى سلامة البلاد والعباد لترجو أن تقوم السلطات المعنية بمراقبة هذه السلوكيات المرفوضة، ومنع وجود الأجواء التى تسمح بنموها وانتشارها، والأخذ على يد من يريدون إشاعة الفاحشة فى المؤمنين {إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلۡفَٰحِشَةُ فِى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ فِى ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} "النور: 19".
وعلى كل مسئول فى مجاله المساعدة فى القضاء على هذه الظواهر، المدرس فى المدرسة، الإعلامى فى جهاز الإعلام، والأئمة والوعاظ فى منابرهم، والآباء والأمهات فى بيوتهم، ففى الحديث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضى الله عنهما- «أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِه،ِ وَالرَّجُلُ فى أَهْلِهِ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْئولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فى بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهْى مَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فى مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» رواه الشيخان وغيرهما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.