تعليم القاهرة ترفع درجة الاستعداد للعام الدراسي الجديد    شعبة المستوردين: مبادرة تخفيض الأسعار تخفف الأعباء عن كاهل المواطنين    الأونروا: يجب تغيير سياسة المنع الكامل لادخال المساعدات الإنسانية إلى غزة    الخارجية الفلسطينية: استباحة الاحتلال والمستوطنين للضفة الغربية انتهاك صارخ وتكريس لمخططات التهويد والضم    الشوط الأول| بايرن ميونخ يضرب لايبزج في افتتاح الدوري الألماني    تشكيل تشيلسي أمام وست هام في الدوري الإنجليزي    إبراهيم مدكور يكتب: الرئيس يصدق.. والرياضة تنطلق    ضبط وكر لتجارة المخدرات بكلابشة والقبض على عنصرين شديدي الخطورة بأسوان    الداخلية تكشف حقيقة تعرض سيدة للضرب وتحطيم شقتها بالدقهلية    توافد جمهور «ويجز» في العلمين.. قواعد وإرشادات الحفل    أهلها يحجروا عليها| جمهور السوشيال ميديا يرد على أنباء عودة «حسام وشيرين»    ترامب: الوضع الراهن في غزة يجب أن ينتهي    عميد تجارة القاهرة الأسبق: الجامعات الحكومية ما زالت الأفضل    ليس بطلًا.. بل «مجرم حرب»    كندا تتراجع عن الرسوم الجمركية العقابية على السلع الأمريكية    التعادل السلبي يحسم مباراة السكة الحديد مع الترسانة في دوري المحترفين    خسارة سيدات الطائرة أمام صاحب الأرض ببطولة العالم بتايلاند    كرة طائرة - منتخب مصر يخسر أمام تايلاند في افتتاح بطولة العالم سيدات    ثورة جديدة بتطوير المناهج «2»    موعد إجازة المولد النبوي 2025 للقطاعين الحكومي والخاص (رسميًا)    رواية مختلقة.. وزارة الداخلية تكشف حقيقة تعدي شخص على جارته    موقف بطولي على قضبان السكة الحديد.. إنقاذ شاب من الموت تحت عجلات القطار بمزلقان الغمراوي ببني سويف    الإيجار القديم والبكالوريا والأحزاب.. وزير الشؤون النيابية يوضح مواقف الحكومة    إسلام عفيفى يكتب: الصفقات المرفوضة وتحالفات الضرورة    مدرب توتنهام: لا مكان لمن لا يريد ارتداء شعارنا    الوادي الجديد تطلق منصة إلكترونية للترويج السياحي والحرف اليدوية    صراع الخير والشر في عرض مدينة الأحلام بالمهرجان الختامي لشرائح ونوادي مسرح الطفل    هل يجوز شرعًا معاقبة تارك صلاة الجمعة بالسجن؟.. أحمد كريمة يجيب    هل إفشاء السر بدون قصد خيانة أمانة وما حكمه؟ أمين الفتوى يجيب    خدعوك فقالوا: «الرزق مال»    الماتشا تخفض الكوليسترول الضار - حقيقة أم خرافة؟    لغة لا تساوى وزنها علفًا    بعد مداهمة وكر التسول.. حملات مكثفة لغلق فتحات الكباري بالجيزة| صور    «التنظيم والإدارة» يعلن توقف الامتحانات بمركز تقييم القدرات.. لهذا السبب    شنوان.. القرية التي جعلت من القلقاس جواز سفر إلى العالم| صور    محمود فوزي: الحكومة جادة في تطبيق قانون الإيجار القديم وحماية الفئات الضعيفة    خطيب الجامع الأزهر: أعداء الأمة يحاولون تزييف التاريخ ونشر اليأس    المجاعة تهدد نصف مليون في غزة.. كيف يضغط المجتمع الدولي على إسرائيل؟    نجاح عملية دقيقة لاستئصال ورم بالمخ وقاع الجمجمة بمستشفى العامرية العام بالإسكندرية    عميد طب القصر العيني يتابع جاهزية البنية التحتية استعدادًا لانطلاق العام الدراسي    لمرضى السكري - اعتاد على تناول زبدة الفول السوداني في هذا التوقيت    محافظ مطروح ورئيس جامعة الأزهر يفتتحان كلية البنات الأزهرية بالمحافظة    "درويش" يحقق قفزة كبيرة ويتخطى 20 مليون جنيه في 9 أيام    الكشف الطبى على 276 مريضا من أهالى قرى البنجر فى قافلة مجانية بالإسكندرية    المقاومة العراقية تطالب بالانسحاب الحقيقي للقوات الأمريكية من العراق    إمام مسجد بكفر الشيخ: لابد أن نقتدى بالرسول بلغة الحوار والتفكير المنضبط.. فيديو    بنسبة تخفيض تصل 30%.. افتتاح سوق اليوم الواحد فى مدينة دهب    ضبط ورشة بها 196 قطعة سلاح في الشرابية    المرور يضبط 120 ألف مخالفة و162 متعاطيًا للمخدرات خلال 24 ساعة    الاقتصاد المصرى يتعافى    مصلحة الضرائب تنفي وجود خلاف بين الحكومة وشركات البترول حول ضريبة القيمة المضافة    وزارة التخطيط ووكالة جايكا تطلقان تقريرا مشتركا حول 70 عاما من الصداقة والثقة المصرية اليابانية    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    وزير الثقافة يستقبل وفد الموهوبين ببرنامج «اكتشاف الأبطال» من قرى «حياة كريمة»    محافظ أسيوط يسلم جهاز عروسة لابنة إحدى المستفيدات من مشروعات تمكين المرأة    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    أزمة وتعدى.. صابر الرباعى يوجه رسالة لأنغام عبر تليفزيون اليوم السابع    نجم الأهلي السابق: أفضل تواجد عبد الله السعيد على مقاعد البدلاء ومشاركته في آخر نصف ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وودي ألن ينتكس و «اشتباك» لا يتهم أحداً
نشر في صوت البلد يوم 08 - 06 - 2016

الحُظْوَة التي أسبغتها الدورة ال69 (11 22 أيار 2016) لمهرجان «كان» السينمائي على جديد الأميركي وودي ألن «كافيه سوسايتي» كفيلم افتتاح، وهو الثالث له ضمن هذا التكريم، لم تنجز فرحة مشاهدة مأمولة من صاحب «آني هول» (1977) و «مانهاتن» (1979)، إذ فاجأ الجميع بنصّ ثرثار وميلودرامي فاقع ومتقشف بنكاته وتحاملاته وغمزاته الفارقة، التي زيّن مشهدياتها الباذخة المعلّم الإيطالي ومدير التصوير فيتوريو ستورارو بلون ذهبيّ، محتفياً بالثراء البصريّ لفترة الثلاثينيات الهوليوودية. ولولا جهده لبدا شريط ألن فارغاً من متعة الزهو بحكاية ابن حي «برونكس» اليافع بوبي (جيسي آيزنبيرغ)، الذي ترسله والدته الى خاله المنتج النافذ في هوليوود فيل (الممثل الكوميدي ستيف كاريل) ليدعمه بعمل ما، ويحقق له مستقبلاً أفضل من العمل تحت سطوة والده اليهودي اللجوج. يكشف «بوبي» من تحت طلّة خجله وارتباكات غفلته واحترازات رومانسيته، عن شخصية قيادية ورجل علاقات عامة، يشرع في الارتقاء من مساعد هامشي الى كاتب سيناريو مطلوب من مدراء الإستوديوهات، قبل أن ينتهي مالكاً لناد نخبوي يحمل عنوان الشريط. يمتزج بين عروضه الراقصة والموسيقية، الثراء بالدسائس والذنوب بالخيانات والتصفيات بالجبروت. فيما تصبح البهرجة الطبقية عنواناً لرفاهيات أميركية، تكون السينما وكواليسها ونجومها خلفية درامية للمكائد والمداهنات. تبدأ مع الحسناء فوني (كريستين ستيوارت)، وهي السكرتيرة والعشيقة الخفيّة للخال، التي تجد في «بوبي» ملاذاً لعواطف حقيقية، قبل أن ينكشف سرّها ضمن سلسلة من هفوات جولات سياحية لهما بين أحياء لوس أنجيليس وقصور المشاهير وأرباب السينما، وتنتهي بتصفية شقيقه الأكبر «بن» الذي سقط تحت بلطجة عصابات أحياء ومافيات إيطالية.
لن ينهار عالم البطل بعجالة، فهو حسب راوي الشريط ابن وسط مكافح، عانى من الضيق لكنه ربح رهاناته بسبب عناده و «يهوديته المباركة» بالعقل والمال وشراء الذمم. ضخ المخرج ألن أغلب عناصر سينماه ومحاورها حول بطله الشاب. فالكاريكاتورية لا تتشخصن بالحركات بل عبر لكنات ثقيلة وجمل تحمل تأويلاتها العرقية الواضحة، فيما تصبح الأناقة وسيلة أيديولوجية تجعل من «بوبي» رمزاً لمتحد لا يقبل بالخسران. فهو المحظوظ والمحصّن على الدوام ضد كبواته. فما ان تعود «فوبي» الى حضن الخال، حتى يجد البطل حبه الأسري في شخصية امرأة جذابة تدعى فيرونيكا (بليك لايفلي) التي تقوده نحو تبرير كينونته كأب ورجل أعمال ناجح. إن شريط ألن هو سلسلة حكايات لا ترغب في منع تدفقها على الشاشة، مشكلتها أنها بلا روح فَكِهة، كما حال فيلمه «رصاص فوق برودواي»(1994)، الأقرب الى روح «كافيه سوسايتي» من حيث احتفاءاته بعوالم تصطنعها السينما أمام كاميراتها والمسرح فوق خشباته. وتداور مقالب خيانات زوجية وعصابات ضحاياها شخصيات شديدة المثالية والمراوغة.
اشتباك
لم يخف المصري محمد دياب من أفلمة حدث تاريخي كبير في جديده «اشتباك» الذي افتتح تظاهرة «نظرة ما»، لكنه لم يسع الى توثيق كل منعطفاته ومواجهاته ودمائه وشهدائه وخرائبه، بل اختزل فصلاً واحداً من فعل عنيف، وولفه على شكل حكايات قصيرة تبنيها شخصيات بتؤدة مدروسة، تتوالى على شاشة خانقة واستفزازية ومرعبة. استبعد دياب اللعب خارج شاحنة مدججة لنقل معتقلي الأمن المركزي المصري، محولاً إياها الى صرّة جماعية لغبن اجتماعي، وعسف سلطوي، ومرارات شخصية، وهلع شارع، تختلط فيها كينونات هامشية تنتمي الى طرفي صراع، غمز فيلم «اشتباك» الى أنه دهري، بسبب استحكام سلطة توتاليتارية وقمعية على طبقات، تتردى حيواتها ومصائرها ومواردها وقوتها وخدماتها يوماً إثر يوم. ركز دياب على يوم حاسم (3 تموز) تصاعدت فيه حدّة المواجهات عام 2013، قبل أن يتم تنحية حكومة محمد مرسي وإزاحة سلطة «الإخوان المسلمين»، وعودة «الدولة الوصية» مع عساكرها الى واجهة الحكم.
فيلم دياب ليس عن ثورة وتفاصيلها وأبطالها. وهو ليس نعوة سينمائية لمآلات سياسات قلبت كل شيء، بل اختار بحصافة درامية تصوير معاناة بشر عاديين، وجدوا أنفسهم سجناء مساحة صغيرة. كل منهم متهم بظروف وجوده، شابان مصوران يعملان لوكالة أنباء غربية، أحدهما أميركي الجنسية، ينظّر في بداية الفيلم أن «الصورة ممكن تصبح قضية»، يعتقلان ل «مسّهما بالأمن»، تنذر صرخاتهما آخرين متوجهين الى ميدان التحرير بينهما السيدة نجوى (نيللي كريم) وعائلتها، ليضافوا الى «خزان» الاعتقال الذي يُذكّر بنظيره في رواية الفلسطيني غسان كنفاني «رجال في الشمس». يتعجل الشريط إضافة آخرين بسرعة قياسية، تماما كما فعل دياب في شريطه السابق «القاهرة 678»، حيث تصبح فيه حافلة النقل العمومي اختزالا حكيما لسياسة ترويض مؤسساتي. فيما تكون «شاحنة دياب» الجديدة مرجلاً جماعياً لاحتقان غير متوازن، حيث قوة قاهرة ضد محتجين ومعارضين. بعضهم يصرخ خلف لحاهم بنداء «القصاص بالرصاص»، مقابل آخرين يرددون «الشرطة والشعب إيد وحدة»، فيما تحمل جدران الشاحنة شعار «منكو لله يا ظلمة»، لتختزل العداوات بين أطراف مسرح مغلق، تتبعت فيه كاميرا مدير التصوير المميز أحمد جابر انحطاطات لحظاتهم الإنسانية، وسعيهم للانتقام أوالفرار أوالانعتاق أو الإعلان عن مروءاتهم كما تجلت في خيار رجل الأمن (القبطي) عويس (محمد السويسي)
الحاسم لدى دياب أن شريطه لن يُجرّم طرفاً ضد آخر. ولم يتهم قوة ضد ثانية، فعنوان «اشتباك» هو همزة معنوية بين فهمين وانتماءين وحركتين شعبيتين سعتا، كل حسب أجنداتها، للمشاركة في تحقيق انقلاب كبير لم يجر كما أرادوه أو خططوا له، وإنما جاءهم مباغتاً من سلطان ماحق خشي موت "دولته العميقة".
الحُظْوَة التي أسبغتها الدورة ال69 (11 22 أيار 2016) لمهرجان «كان» السينمائي على جديد الأميركي وودي ألن «كافيه سوسايتي» كفيلم افتتاح، وهو الثالث له ضمن هذا التكريم، لم تنجز فرحة مشاهدة مأمولة من صاحب «آني هول» (1977) و «مانهاتن» (1979)، إذ فاجأ الجميع بنصّ ثرثار وميلودرامي فاقع ومتقشف بنكاته وتحاملاته وغمزاته الفارقة، التي زيّن مشهدياتها الباذخة المعلّم الإيطالي ومدير التصوير فيتوريو ستورارو بلون ذهبيّ، محتفياً بالثراء البصريّ لفترة الثلاثينيات الهوليوودية. ولولا جهده لبدا شريط ألن فارغاً من متعة الزهو بحكاية ابن حي «برونكس» اليافع بوبي (جيسي آيزنبيرغ)، الذي ترسله والدته الى خاله المنتج النافذ في هوليوود فيل (الممثل الكوميدي ستيف كاريل) ليدعمه بعمل ما، ويحقق له مستقبلاً أفضل من العمل تحت سطوة والده اليهودي اللجوج. يكشف «بوبي» من تحت طلّة خجله وارتباكات غفلته واحترازات رومانسيته، عن شخصية قيادية ورجل علاقات عامة، يشرع في الارتقاء من مساعد هامشي الى كاتب سيناريو مطلوب من مدراء الإستوديوهات، قبل أن ينتهي مالكاً لناد نخبوي يحمل عنوان الشريط. يمتزج بين عروضه الراقصة والموسيقية، الثراء بالدسائس والذنوب بالخيانات والتصفيات بالجبروت. فيما تصبح البهرجة الطبقية عنواناً لرفاهيات أميركية، تكون السينما وكواليسها ونجومها خلفية درامية للمكائد والمداهنات. تبدأ مع الحسناء فوني (كريستين ستيوارت)، وهي السكرتيرة والعشيقة الخفيّة للخال، التي تجد في «بوبي» ملاذاً لعواطف حقيقية، قبل أن ينكشف سرّها ضمن سلسلة من هفوات جولات سياحية لهما بين أحياء لوس أنجيليس وقصور المشاهير وأرباب السينما، وتنتهي بتصفية شقيقه الأكبر «بن» الذي سقط تحت بلطجة عصابات أحياء ومافيات إيطالية.
لن ينهار عالم البطل بعجالة، فهو حسب راوي الشريط ابن وسط مكافح، عانى من الضيق لكنه ربح رهاناته بسبب عناده و «يهوديته المباركة» بالعقل والمال وشراء الذمم. ضخ المخرج ألن أغلب عناصر سينماه ومحاورها حول بطله الشاب. فالكاريكاتورية لا تتشخصن بالحركات بل عبر لكنات ثقيلة وجمل تحمل تأويلاتها العرقية الواضحة، فيما تصبح الأناقة وسيلة أيديولوجية تجعل من «بوبي» رمزاً لمتحد لا يقبل بالخسران. فهو المحظوظ والمحصّن على الدوام ضد كبواته. فما ان تعود «فوبي» الى حضن الخال، حتى يجد البطل حبه الأسري في شخصية امرأة جذابة تدعى فيرونيكا (بليك لايفلي) التي تقوده نحو تبرير كينونته كأب ورجل أعمال ناجح. إن شريط ألن هو سلسلة حكايات لا ترغب في منع تدفقها على الشاشة، مشكلتها أنها بلا روح فَكِهة، كما حال فيلمه «رصاص فوق برودواي»(1994)، الأقرب الى روح «كافيه سوسايتي» من حيث احتفاءاته بعوالم تصطنعها السينما أمام كاميراتها والمسرح فوق خشباته. وتداور مقالب خيانات زوجية وعصابات ضحاياها شخصيات شديدة المثالية والمراوغة.
اشتباك
لم يخف المصري محمد دياب من أفلمة حدث تاريخي كبير في جديده «اشتباك» الذي افتتح تظاهرة «نظرة ما»، لكنه لم يسع الى توثيق كل منعطفاته ومواجهاته ودمائه وشهدائه وخرائبه، بل اختزل فصلاً واحداً من فعل عنيف، وولفه على شكل حكايات قصيرة تبنيها شخصيات بتؤدة مدروسة، تتوالى على شاشة خانقة واستفزازية ومرعبة. استبعد دياب اللعب خارج شاحنة مدججة لنقل معتقلي الأمن المركزي المصري، محولاً إياها الى صرّة جماعية لغبن اجتماعي، وعسف سلطوي، ومرارات شخصية، وهلع شارع، تختلط فيها كينونات هامشية تنتمي الى طرفي صراع، غمز فيلم «اشتباك» الى أنه دهري، بسبب استحكام سلطة توتاليتارية وقمعية على طبقات، تتردى حيواتها ومصائرها ومواردها وقوتها وخدماتها يوماً إثر يوم. ركز دياب على يوم حاسم (3 تموز) تصاعدت فيه حدّة المواجهات عام 2013، قبل أن يتم تنحية حكومة محمد مرسي وإزاحة سلطة «الإخوان المسلمين»، وعودة «الدولة الوصية» مع عساكرها الى واجهة الحكم.
فيلم دياب ليس عن ثورة وتفاصيلها وأبطالها. وهو ليس نعوة سينمائية لمآلات سياسات قلبت كل شيء، بل اختار بحصافة درامية تصوير معاناة بشر عاديين، وجدوا أنفسهم سجناء مساحة صغيرة. كل منهم متهم بظروف وجوده، شابان مصوران يعملان لوكالة أنباء غربية، أحدهما أميركي الجنسية، ينظّر في بداية الفيلم أن «الصورة ممكن تصبح قضية»، يعتقلان ل «مسّهما بالأمن»، تنذر صرخاتهما آخرين متوجهين الى ميدان التحرير بينهما السيدة نجوى (نيللي كريم) وعائلتها، ليضافوا الى «خزان» الاعتقال الذي يُذكّر بنظيره في رواية الفلسطيني غسان كنفاني «رجال في الشمس». يتعجل الشريط إضافة آخرين بسرعة قياسية، تماما كما فعل دياب في شريطه السابق «القاهرة 678»، حيث تصبح فيه حافلة النقل العمومي اختزالا حكيما لسياسة ترويض مؤسساتي. فيما تكون «شاحنة دياب» الجديدة مرجلاً جماعياً لاحتقان غير متوازن، حيث قوة قاهرة ضد محتجين ومعارضين. بعضهم يصرخ خلف لحاهم بنداء «القصاص بالرصاص»، مقابل آخرين يرددون «الشرطة والشعب إيد وحدة»، فيما تحمل جدران الشاحنة شعار «منكو لله يا ظلمة»، لتختزل العداوات بين أطراف مسرح مغلق، تتبعت فيه كاميرا مدير التصوير المميز أحمد جابر انحطاطات لحظاتهم الإنسانية، وسعيهم للانتقام أوالفرار أوالانعتاق أو الإعلان عن مروءاتهم كما تجلت في خيار رجل الأمن (القبطي) عويس (محمد السويسي)
الحاسم لدى دياب أن شريطه لن يُجرّم طرفاً ضد آخر. ولم يتهم قوة ضد ثانية، فعنوان «اشتباك» هو همزة معنوية بين فهمين وانتماءين وحركتين شعبيتين سعتا، كل حسب أجنداتها، للمشاركة في تحقيق انقلاب كبير لم يجر كما أرادوه أو خططوا له، وإنما جاءهم مباغتاً من سلطان ماحق خشي موت "دولته العميقة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.