شهدت مصر في الشهور الماضية ظاهرة جديدة للدعاية ودعم مرشحي الرئاسة خلال الإنترنت، وسط تكهنات بعدم ترشح الرئيس مبارك لفترة رئاسية جديدة، فكان من أبرز الأسماء التي ظهرت علي مواقع الإنترنت "جمال مبارك" ود.محمد البرادعي، حيث بدا الأمر في تنافس شعبي لتأييد كليهما علي الشبكة الإلكترونية وجمع أكبر عدد من التوقيعات لتأييد أحدهما بالترشح. وكانت الحملة المؤيدة لجمال مبارك تحت شعار "مصر تتطلع لبداية جديدة" قد أعدت بياناً يشمل الاسم رباعي والرقم القومي والفئة العمرية والبريد الإلكتروني ورقم الهاتف والمحافظة والموافقة علي النص "انني أؤيد السيد جمال محمد حسني مبارك لتولي منصب رئيس جمهورية مصر العربية لعام 1102 في حالة عدم اعلان السيد الرئيس حسني مبارك الترشيح لفترة رئاسية قادمة". وقد بلغ عدد الموقعين علي هذا البيان 29142، وعلي الجانب الآخر كان عدد الموافقين علي بيان حملة البرادعي التي تحمل شعار "معاً سنغير" 908311 من خلال الموافقة علي سبعة مطالب جاءت في البيان.. وأمام هذه الصراعات التي شهدتها حملات التأييد لكل من جمال مبارك والبرادعي رأت "صوت البلد"، ضرورة إلقاء نظرة علي هذه الظاهرة الجديدة لعلنا نصل إلي ملامح الفترة القادمة من تاريخ مصر. أكد منير فخري نائب رئيس حزب الوفد أن الإنترنت وسيلة للاتصال المباشر بين المواطنين الذين يمثلون عينة من الرأي العام، هذا الاتصال ليس في حاجة لشرعية من الدستور لانه كالاتصال التليفوني والمقابلة بين الاشخاص علي القهوة فهي وسائل للاتصال الشخصي، لكن من الناحية الواقعية فإن مستخدمي الإنترنت عينة غير ممثلة للرأي العام لتعبيرها عن مرحلة عمرية محدودة وطبقة اجتماعية مثقفة ومميزة وبالتالي فمن السهل وقوع التزوير في التوقيعات التي تتم من خلال مستخدمي الانترنت. من جهة اخري اكد أن د. البرادعي علي الرغم من عدم تبعيته لجهة سياسية إلا ان نجاحاته وجوائزه الحاصل عليها كجائزة نوبل ووسام النيل كفيلة بجعله شخص مميز يختلف عن غيره ولا يستطيع شخص عادي ان يقلده في الترشيح للرئاسة والحصول علي كل هذه التوقيعات التي تؤيده. وقال حلمي سالم رئيس حزب الأحرار إن إعلان الحزب الوطني عن ترشيح مبارك للانتخابات القادمة بدلا من جمال مبارك اصبحت المعركة بين الرئيس مبارك والقيادات الحزبية فقط، فالبرادعي فرصته في الترشح مستقلا بعيدا عن الأحزاب منعدمة فليست هناك أي نية للتغيير او التعديل الدستوري وبالتالي فالموقف حسم وليس في حاجة للتوقعيات. وتساءلت مارجريت عازر الأمين العام لحزب الجبهة عن حملات التوقيعات التي تتم عن طريق الانترنت قائلة: متي كانت ترشيحات الرئاسة بتوقيعات مع التزامنا بالقوانين؟! فإن الانترنت عالم افتراضي لا يعطي مصداقية ولا بيانات حقيقة وبالتالي فالنتائج غير معلومة، فهذه التوقيعات ما هي إلا أمل وتفريغ لارادة الشعب الذي لا يستطيع التصريح بما يدور بداخله علانية فيعبر بوسيلة الانترنت من مكان غير مرئي. وذكر حسين عبدالرازق امين عام حزب التجمع أن ظاهرة الانترنت عموما جديدة في المجتمع المصري خاصة في القطاع المجتمعي المتعامل معها ولكن بالمقارنة بدول أخري سنجد انها محدودة للغاية لدينا، فشبكة الانترنت استطاعت تدعيم اوباما في الانتخابات الرئاسية بأمريكا وما يجري الان خاصة مع د. البرادعي شيء مشابه، لكن مع وجود فوارق كبيرة. وقال فاروق العشري عضو الاتحاد القومي والاتحاد الاشتراكي أن هذه التوقيعات توضح اتجاهات بعض القطاعات من الرأي العام المثقف ولا يمكن انكار وجهة نظرهم، لكن لا تفرض علي العامة فمستخدمو الكمبيوتر والفيس بوك لا يمثلون الشعب المصري وقد يمكن تزويرها فالأحزاب مثلا لجأت للمقاطعة الانتخابية لعدم ثقتها في أن الحكومة قادرة علي اجراء انتخابات حرة ونزيهة. وأوضح د. عاطف سالم استاذ القانون الدستوري أن قانون التوقيع الالكتروني الصادر عام 4002 وضع حالات يتم فيها المساواة بين التوقيع الالكتروني والخطي، فحملات التوقيعات التي تتم عن طريق الانترنت صحيحة من الناحية القانونية وليست الواقعية، اننا لم نصل للوعي والنزاهة التي تمكنا من استخدام وسيلة الانترنت بدون تزوير.