عاصم الجزار: لا مكان للمال السياسي في اختيار مرشحينا    نقابة البترول تنظم ندوة تثقيفية حول قانون العمل الجديد    وزارة الطيران: انقطاع الكهرباء عن مطار القاهرة كان لحظيا ولن يؤثر على حركة التشغيل    موعد صرف مرتبات شهر أغسطس 2025.. صرف المتأخرات وزيادة الأجور للمعلمين «احسب قبضك كام»    جوتيريش: المساعدات يجب أن تتدفق كالسيل على غزة.. "الكابوس يجب أن ينتهي الآن"    رئيس وزراء بريطانيا: سنعترف بدولة فلسطين في سبتمبر في هذه الحالة    الاعتراف بدولة فلسطين.. ماكرون عاد من القاهرة برؤية جديدة| فيديو    مسيرات إسرائيلية تستهدف قوات رديفة لوزارة الدفاع السورية في ريف السويداء الغربي    ألمانيا ترسل طائرتين إلى الأردن لإرسال مساعدات إلى غزة    11 ميدالية| حصيلة منتخب السباحة في ثاني أيام منافساته بدورة الألعاب الأفريقية للمدارس    النقض تؤيد إلزام النادي الأهلي ب2 مليون دولار لصالح عبدالله السعيد    الأهلي يهزم إنبي وديا استعدادًا للموسم الجديد    إصابة 10 أشخاص في حادث انقلاب سيارة بكفر الشيخ    الدش أنهى حياته.. تفاصيل مصرع عامل من أعلى عقار في القليوبية    عودة الأمطار وانخفاض درجات الحرارة غدًا.. بيان هام يكشف طقس الساعات المقبلة    أزمة مياه الشرب تضرب قرى دمياط.. أهالي «العنانية»: مش عارفين نعيش وبقالنا سنين على نفس الحال    أنغام بعد رحلتها لألمانيا.. محمود سعد يكشف تفاصيل حالتها الصحية    مي فاروق تكشف موعد طرح أحدث أغانيها«أنا اللي مشيت»    قائد الذئاب غير الصبور.. نقاط القوة والضعف لبرج الجوزاء    خبير ل ستوديو إكسترا : مصر مركز المقاومة الحقيقي وهناك محاولة متعمدة لإضعاف الدور المصري    النوم المفرط قد يرفع خطر الوفاة بنسبة تصل إلى 34%    وزير الصحة: 500 مليون دولار تكلفة العلاج الذي قدمته مصر لأهالي غزة    خالد الجندي : الذكاء الاصطناعي لا يصلح لإصدار الفتاوى ويفتقر لتقييم المواقف    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر يرد في هذه الحالة    ما الذي يُفِيدُه حديث النبي: (أفضل الأعمال الصلاة على وقتها)؟.. الإفتاء توضح    هل يُحاسب الطفل على الحسنات والسيئات قبل البلوغ؟.. واعظة تجيب    إصابة 3 أشخاص بطلقات نارية فى مشاجرة بمدينة إدفو بأسوان    «السياحة والآثار»: المتحف القومي للحضارة شهد زيادة في الإيرادات بنسبة 28%    وزير الصحة يستقبل رئيس اتحاد الصناعات الدوائية بإيطاليا.. تفاصيل    الغندور: صفقة تاريخية على وشك الانضمام للزمالك في انتقال حر    سعر ومواصفات 5 طرازات من شيرى منهم طراز كهرباء يطرح لأول مرة فى مصر    رئيس جامعة برج العرب في زيارة رسمية لوكالة الفضاء المصرية    نصائح للاستفادة من عطلات نهاية الأسبوع في أغسطس    حكم الرضاعة من الخالة وما يترتب عليه من أحكام؟.. محمد علي يوضح    محافظ الدقهلية يهنئ مدير الأمن الجديد عقب توليه منصبه    من أجل قيد الصفقة الجديدة.. الزمالك يستقر على إعارة محترفه (خاص)    قبل الصمت الانتخابي.. أضخم مؤتمر لمرشحي مستقبل وطن في استاد القاهرة (20 صورة)    تأجيل محاكمة المتهم بإنهاء حياة شاب بمقابر الزرزمون بالشرقية    بدء انتخابات التجديد النصفى على عضوية مجلس نقابة المهن الموسيقية    وزارة الأوقاف تعقد (684) ندوة علمية بعنوان: "خيرُكم خيرُكم لأهله وأنا خيرُكم لأهلي"    تكريم دينا الشربيني في أمريكا كأيقونة عربية ناجحة    حتى لا تسقط حكومته.. كيف استغل نتنياهو عطلة الكنيست لتمرير قرارات غزة؟    وزير العمل: مدرسة السويدي للتكنولوجيا تمثل تجربة فريدة وناجحة    خاص.. الزمالك يفتح الباب أمام رحيل حارسه لنادي بيراميدز    "ياعم حرام عليك".. تعليق ناري من شوبير على زيارة صلاح للمعبد البوذي    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    38 قتيلا حصيلة ضحايا الأمطار الغزيرة والفيضانات العارمة فى الصين    وزير الدفاع يلتقي رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستانية - تفاصيل المناقشات    برلمانية تطالب بإصدار قرار وزاري يُلزم بلم شمل الأشقاء في مدرسة واحدة    20% من صادرات العالم.. مصر تتصدر المركز الأول عالميًا في تصدير بودرة الخبز المُحضَّرة في 2024    الأمراض المتوطنة.. مذكرة تفاهم بين معهد تيودور بلهارس وجامعة ووهان الصينية    مقتل وإصابة خمسة أشخاص في إطلاق نار بولاية نيفادا الأمريكية    منال عوض: تمويل 16 مشروعا للتنمية بمصر ب500 مليون دولار    جولة مفاجئة لمحافظ الدقهلية للوقوف على أعمال تطوير شارع الجلاء بالمنصورة    أُسدل الستار.. حُكم نهائي في نزاع قضائي طويل بين الأهلي وعبدالله السعيد    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025 في شمال سيناء    الكهرباء: الانتهاء من الأعمال بمحطة جزيرة الذهب مساء اليوم    السيطرة على حريق بمولد كهرباء بقرية الثمانين في الوادي الجديد وتوفير البديل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يحيى يخلف: إذا توقفنا عن الحلم سنشطب من الخارطة
نشر في صوت البلد يوم 09 - 01 - 2016

حينما التقيت الروائي الصديق والكاتب الفلسطيني يحيى يخلف في باريس وعانقته بعد غياب طويل، عانقت فيه رائحة الزعتر والحبق والنعناع وأصوات العصافير وحقول البرتقال ببلدة سمخ، مولده وموطنه الأصلي، وبحيرة طبرية وأزقة الخليل وشوارع القدس.
يحيى يخلف الذي يعتبر من القامات الأدبية الفلسطينية، خيّر أن يتميّز منذ بداياته ويحلق خارج السرب فركب سرج النثر والقصة والرواية عكس أغلب أبناء جيله مثل فدوى طوقان ومحمود درويش وسميح القاسم ومريد البرغوثي ومعين بسيسو الذين اختاروا الشعر.
ومنذ كتابة مجموعته القصصية الأولى “المُهرة” عام 1972 طور يحيى يخلف تجربته الإبداعية شيئا فشيئا، وراكم إنتاجه الأدبي، فقرأنا له في القصة “نورما والثلج” و“تلك المرأة الوردة” وفي الرواية “تفاح المجانين” و“نشيد الحياة” و“ماء السماء” و“جنّة ونار” و“نهر يستحم بالبحيرة” و“تلك الليلة الطويلة” و“بحيرة وراء الريح”، التي فازت بجائزة دولة فلسطين التقديرية للآداب عام 2000، دون أن ننسى روايته “نجران تحت الصفر”، التي خرجت حديثا في طبعة جديدة وأعيد اكتشافها واكتشاف أحداثها بعد التفجير الأخير الذي استهدف مسجدا في منطقة نجران السعودية. وقد ترجمت معظم هذه الأعمال القصصية والروائية إلى الإنكليزية والفرنسية والروسية.
الثقافة وفلسطين
في عودتنا مع يحيى يخلف إلى فترة البدايات والمنشأ يقول ضيفنا: بدأت القراءة كهواية منذ صغري، وأول كتاب قرأته وأنا في الثانية عشرة من العمر كتاب “دمعة وابتسامة” لجبران خليل جبران، وقد شدّني الكتاب بلغته الساحرة، وبعد ذلك كنت أستعير الكتب المتاحة في مكتبة المدرسة وأغلبها كتب إرشادية وتربوية، لكن عندما صرت في المرحلة الثانوية قرأت للعقّاد وطه حسين وسلامة موسى ويحيى حقّي وعلي الراعي ومي زيادة ونجيب محفوظ ويوسف السباعي وغيرهم، كما بدأت أقرأ الروايات المترجمة لتشيخوف ومكسيم غوركي وأرنست همنغواي ودوستويفسكي وسومرست موم، وشتاينبك وسواهم. إضافة إلى كتب من التراث كالأغاني، وحين بدأت الكتابة كانت تهب علينا رياح الغرب الثقافية، وخصوصا وجودية سارتر وسان سيمون، واطّلعت على الكثير من التيارات التي يتعيّن الاطلاع عليها، لكني لم أتأثر بها أو أقلّدها، فنحن الفلسطينيين لنا قضية يجب أن نعبّر عنها، ولنا ثقافة يجب أن نعمّق مجراها، وهي ثقافة الحريّة وثقافة المقاومة.
على خلاف أغلب أبناء جيله الذين توجهوا إلى الشعر واشتهروا به وعرّفوا بالقضية الفلسطينية توجّه يحيى يخلف إلى النثر والقصص والرواية، يعلق على ذلك قائلا: عندما بدأت الكتابة في النصف الثاني من القرن الماضي كنت أكتب الشعر وأكتب أيضا القصة، ونشرت قصصي وقصائدي في مجلة ثقافية كانت تصدر في مدينة القدس اسمها “الأفق الجديد” وفي بعض الصحف المحليّة.
وقد نصحني الكاتب والقاص والروائي محمود شقير أن أتخصص في لون واحد، فاقتنعت برأيه واخترت القصة وتوقفت عن كتابة الشعر. وهكذا كان الأمر بالصدفة، فعكفت على كتابة القصص القصيرة وأصدرت مجموعتين، ثمّ في النصف الثاني من السبعينات توقفت عن كتابة القصة وتوجهت إلى الرواية، وبقيت لغة الشعر حاضرة في رواياتي، وقد قدمت دراسات حول ذلك، منها كتاب للناقدة عالية أمور الصفدي عنوانه “شعرية الأمكنة في روايات يحيى يخلف”.
يعتقد يحيى يخلف أنه إلى اليوم مازال طفلا ورجلا حالما، فالفلسطينيون إذا توقفوا عن الأحلام سيشطبون من الخارطة في رأيه.
لقد عُرفت القضية الفلسطينية منذ البداية بقيمة مثقفيها ودورهم الريادي على غرار غسان كنفاني وفدوى طوقان وسميح القاسم ومحمود درويش، ولكن اليوم هناك من يقول إن المثقف الفلسطيني خفت دوره وتراجع لصالح السياسي.
يعتبر يخلف أن المثقف الفلسطيني يبدع في مجالات تخصصه، في الشعر والرواية والقصة والدراسات والسينما والمسرح والفن التشكيلي والموسيقى، وبهذا المعنى فهو موجود، والحياة الثقافية في فلسطين ثريّة وهي تنمو في ظل التحدّي ورغم أنف الاحتلال، بحسب رأيه، مشيرا إلى أن الكثير من المبدعين الفلسطينيين نالوا جوائز دولية في مجالات المسرح والسينما والشعر والرواية.
والمثقفون، بالنسبة إلى ضيفنا، ليسوا حزبا سياسيا ليلعبوا أدوارا سياسية، بل هم ينتمون إلى مختلف التيارات، وإذا كان منهم من ينتمي إلى فصيل سياسي يعبّر عن مواقفه من خلال حزبه، وبشكل عام، فإن الثقافة الفلسطينية شاء السياسي أم أبى هي جزء من المشروع الوطني، وتاريخ الشعوب ليس هو تاريخ رؤساء دولها وإنما تاريخ ثقافتها وتراثها الحضاري والإنساني.
عن الإبداع وعلاقته بالكائن الفلسطيني المحاصر والمحتل، يقول يحيى يخلف: إذا نظرنا إلى المشروع الصهيوني كما نظر إليه غسان كنفاني نقول إنّ الصهيونية الثقافية هي التي استولدت الصهيونية السياسية، وإن الحركة الصهيونيّة وظّفت السينما الهوليوودية لخدمة مشروعها في استيطان فلسطين، والآن فإنّ المثقف اليهودي يضبط خطواته على إيقاع خطوات المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.
يضيف: لقد مرّ زمن طويل والعالم لا يسمع إلاّ الرواية الإسرائيلية، لكن بعد تأسيس منظمة التحرير واندلاع الثورة الفلسطينية فإن العالم بدأ يسمع روايتنا، ولقد لعب الكثير من الأعمال الأدبية والفنيّة الفلسطينية دورا كبيرا في هذا المجال، ومنها شعر محمود درويش، وروايات غسان كنفاني وجبرا إبراهيم جبرا، وما قدّمه إدوارد سعيد في مجال الدراسات وغيرهم.
جسر الأدب
عن تأثير تجربة الغربة والمنفى في كتاباته، يشير يحيى يخلف إلى أنه لم يختر المنفى، يقول: جزء كبير منا وجد نفسه لاجئا بعد حرب 1948 وأنا من الجيل الثاني للنكبة، وإسرائيل كانت تقول يموت الكبار وينسى الصغار، لكن كل جيل يحمل الراية، والنضال متواصل بتعاقب الأجيال. أنا تعلّمت الوطنية في مدرسة الأهل، وعندما نضج وعيي الثقافي كتبت مجموعة من الروايات عن بلدتي سمخ التي تقع على الشاطئ الجنوبي لبحيرة طبرية، والتي هدمها وأزالها الاحتلال، لكني أعدت بناءها بمعمار فني، وعندما عدت إلى الوطن واصلت الكتابة، وليس صائبا أن الكاتب بحاجة إلى منفى لكي يبدع. فنحن نكتب من على أرض فلسطين، ففلسطين وطننا ولا وطن لنا سواه.
وهو يعتبر أن ترجمة بعض أعماله الأدبية توصل عدالة القضية إلى الضمير الإنساني. ويلفت إلى أن الكثير من الأدباء الأجانب الذين يعرفهم أبلغوه أنهم يفهمون القضية الفلسطينية من خلال القصة والرواية أكثر مما يفهمونها من الدعاية السياسية المباشرة.
يجيب المفكر نعوم تشومسكي عن سؤال: ما هي مهمة المثقف؟ “أن يقول الصدق ويفضح الأكاذيب”، يعلق يخلف على ذلك قائلا: دور المثقف أن يقف بقوة إلى جانب الإنسان، وأن يعبر عن القيم الإنسانية بشكل مبدع وخلاّق، وقيم العدل والحرية والمساواة والتسامح وحوار الثقافات، وأن ينحاز إلى الأمل في مواجهة اليأس، وإلى التفاؤل في مواجهة الإحباط، وإلى ثقافة الحياة في مواجهة ثقافة الموت، أي على المثقف أن ينشر ويعمّم ثقافة التنوير، وثقافة تجليّات الحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.