من ثمار انتصار أكتوبر أنه أرسي قواعد انطلاق الاقتصاد المصري الذي فتح الباب لجذب الاستثمارات العربية في قطاعات السياحة والتشييد والإنتاج والتصدير وقد التقينا مع بعض رجال الأعمال المصريين والعرب ليقولوا شهاداتهم عن مكاسب هذا الانتصار في مجالات الاقتصاد المصري والعربي. في البداية يقول غياث الرفاعي رجل أعمال لبناني يقيم مشروعات استثمارية في مصر. إن انتصار أكتوبر الذي حققه الجيش المصري للأمة العربية وشعوب العالم العربي أسهم في زيادة معدل النمو الاقتصادي في سائر بلاد العرب وساعد في نهضة عمرانية وصناعية وإنتاجية كبيرة خاصة بعد الطفرة الكبيرة في أسعار البترول.. أما مصر فقد دخلت مرحلة جديدة اقتصاديا وسياسياً ووضعت القوانين التي حررت الاقتصاد المصري من مرحلة الانغلاق وتغيير مناخ الاستثمار في مصر وجذب كثيراً من المستثمرين العرب الذين وجدوا الأمن والاستقرار والتشجيع من جميع المسئولين في مصر. أما بدران كامل مستثمر في مجال السياحة ورئيس جمعية الصداقة المصرية اللبنانية لرجال الأعمال فيقول : إن انتصار أكتوبر هو الذي أدي إلي هذه الطفرة الهائلة في الاقتصاد المصري والعربي مشيراً إلي أنه كمستثمر سياحي عاش الأيام الصعبة قبل نصر أكتوبر 1973 وشهد التصورات الهائلة بعد النصر وبعد جو السلام الذي ساد المنطقة مما كان له أثركبير علي زيادة معدلات النمو السياحي واستحوذت مصر علي نصيب الأسد من التدفق السياحي إلي منطقة الشرق الأوسط. ويتفق معه المهندس فوزي توفيق رئيس مجلس إدارة إحدي شركات الاستثمار العقاري والسياحي ويوضح تأثير انتصار أكتوبر علي حركة البناء والعمران والمجتمعات الجديدة فيقول: انتصار أكتوبر كان بداية لانطلاق الانتصار المصري الذي نعيشه الآن وإذا ما حاولنا أن نحصر تأثير هذا الانتصار الكبير علي حركة البناء والتعمير لوجدنا أنفسنا أمام تحول وطفرة كبيرة في هذا المجال فبعد أن خربت الحروب السابقة التي خاضتها مصر مدنا كثيرة كان هناك تعطش للبناء والتعمير بعد نصر أكتوبر خاصة بعد أن خيمت أجواء السلام علي المنطقة وفتحت الأبواب أمام المستثمرين والقطاع الخاص لمشاركة الدولة في عملية البناء والتعمير فانطلقت حركة عمرانية كبيرة جداً كان لها تأثيرها البالغ في عملية التنمية وعادت الأموال المهاجرة وتوجه المستثمرون إلي المجتمعات العمرانية الجديدة في سيناء والبحر الأحمر فارتفعت مداخن آلاف المصانع في العاشر من رمضان والسادس من أكتوبر و15 مايو ومدينة السلام وبرج العرب وكل هذه المدن من ثمار نصر أكتوبر العظيم كان لها تأثيرها الكبير في توفير فرص عمل جديدة وتوسيع قاعدة الإنتاج والتصدير واستيعاب جزء كبير من الزيادة السكانية.. إذا أردنا أن نرصد بموضوعية وصودق آثار نصر أكتوبر علي الاقتصاد والصناعة المصرية فيجب أن ننظر إلي الأمر علي أن مرحلة ما بعد أكتوبر 1973 تمثل عهداً جديداً ومفاهيم جديدة علي مختلف الأبعاد.. فعلي المستوي النفسي استرد المواطن المصري ثقته في نفسه وإيمانه بالمستقبل. وعلي مستوي الإنجازات فإن هذه الروح دفعت القيادات المصرية المسئولة عن التخطيط والتنفيذ إلي إعادة تقويم بيئة الاقتصاد والاستثمار فصدرت قوانين وتشريعات جديدة أضفت الشرعية علي عملية التحول الكبري في الاقتصاد المصري وتبع ذلك بدء عملية بناء وتجديد للبنية الأساسية والخدمات والمرافق كانت ضخمة فعلاً، وتلك هي التي وضعت أسس البنية التحتية لانطلاق الاقتصاد المصري وتهيئة مناخ الاستثمار لاستقبال التدفقات الرأسمالية العربية والأجنبية.