المستقلين، خلال كل ذلك تحتفظ الحكومة بردودها الرتيبة التي ترددها في كل مناسبة، فتظل تلح علي خلط الناس بين التغيير والفوضي، وضرورة استقرار الدستور، وتمن علي الشعب بالتعديلات الدستورية التي قامت بها عام 2005. وتنتقد الأحزاب السياسية بفقدانها للبرامج الوطنية الحقيقية، وأنها ترفع شعارات لا تسمن ولا تغني من جوع كانت تلك رؤية الحكومة.. فما رد المعارضة الحزبية والمستقلة علي ذلك؟ هذا ما نحاول أن نوضحه في التقرير التالي. يقول عبد الغفار شكر القيادي بحزب التجمع إن التوجه الذي تتبناه الحكومة الذكية توجه تقليدي حيث التأكيد علي الاستقرار في مواجهة احتمالات الفوضي، والتحذير من أن أي تعديلات تسبق احتياجات المجتمع قد تأتي بنتائج عكسية. وأضاف: إن هذا الخطاب هو استمرار لنهجها في التعامل مع قضية التغيير، مؤكدا أنها ترفض التغيير وتحبذ الاستقرار من منطلق "اللي نعرفه أحسن من اللي منعرفوش". وأشار إلي أن النظام السياسي هو الذي خلق حالة الركود لدي الشعب المصري، مشيرا إلي وجود عدد من الدلالات تؤكد أن الناس غير راضين عن أوضاعهم وأنهم يريدون التغيير فعلاً. وعن وعود الرئيس في خطابه بأن تكون الانتخابات القادمة بشقيها حرة ونزيهة وأن الشعب سيكون حكما في هذه الانتخابات وصندوق الاقتراع سيحسم النتائج قال عبد الغفار إن الانتخابات تكون حرة ونزيهة في الدول الديمقراطية التي تتوافر فيها ضمانات وضوابط النزاهة لهذه العملية، من أهمها إجراء الانتخابات تحت إشراف هيئة مستقلة ومحايدة غير قابلة للعزل تقوم بالإشراف علي العملية الانتخابية في جميع مراحلها، ابتداء من إعداد الجداوظ ناخبين إلي إعلان النتائج، مشيرا إلي أن هذا غير موجود في مصر وان من يدير الانتخابات عمليا هو وزارة الداخلية علي حد قوله. وأكد علي ضرورة حيادية الإعلام الحكومي بحيث يعطي فرصا متساوية لكل المرشحين للتعبير عن برامجهم الانتخابية القادمة التي سوف يتم تزويرها أكثر من أي انتخابات سابقة. وعن الشعارات التي تتحدث عنها الحكومة طالب من يرفعونها بأن يكفوا عن ذلك ويقدموا برامج وسياسات لمختلف القضايا المجتمعية لحل المشكلات، وأوضح عبد الغفار أن القوي السياسية التي تدعو للتغيير تمتلك برامج ورؤي سياسية متكاملة، وأن النقاط السبع التي طرحتها الجمعية الوطنية للتغيير تمثل برامج واقعية وحقيقية وتعبر عن انتقاد لأوضاع قائمة، بحيث إذا تم تنفيذ هذه النقاط يمكنها أن تفتح الباب أمام تطور ديمقراطي في مصر، وأنها ليست مجرد شعارات. وأشار إلي أن الحكومة دائما ما تنكر برامج الأحزاب وسياساتها مثلما أنكرت من قبل برنامج التجمع الذي أطلق عليه "بناء مجتمع المشاركة الشعبية" الذي كان يستعرض بشكل محدد الخطوات المطلوبة في كل مجال من المجالات في مصر. وأضاف أن النظام الانتخابي الفردي يقف عائقا أمام البرامج الانتخابية للأحزاب، وأن رفض النظام لإجراء الانتخابات وفق نظام القائمة النسبية يجعل برامج الأحزاب كأن شيئاً لم يكن. ويقول محمد سرحان نائب رئيس حزب الوفد: تصريحات المسئولين حول الفوضي لا يقصد بها الأحزاب السياسية وإنما الحراك غير المؤسسي الذي تتبناه حركات غير شرعية ظهرت حينما رأت دور الأحزاب يتراجع. وتساءل سرحان عن وعود الرئيس مبارك السابقة والخاصة بإتاحة الفرصة أمام الأحزاب لمزيد من المشاركة السياسية عن طريق تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية لتكون الانتخابات بنظام القائمة النسبية التي تمكن الأحزاب من التمثيل في البرلمان وفقا لنسبة التصويت في الشارع السياسي؟..مؤكدا أن هذا التعديل سيقضي علي التخوف من الفوضي التي قد تحدثها الحركات غير الشرعية. وطالب الرئيس بالتدخل لإجراء هذه التعديلات لصالح الحراك السياسي الذي يقود إلي الأمام وأضاف أن كلام الحكومة عن انتخابات حرة ونزيهة ليس له اعتبار في ظل العمل بنظام الانتخاب الفردي، قائلا حتي يكون هذا الكلام محل توافق وطني فلا بد من إجراء الانتخابات بنظام القائمة النسبية. وأكد د. عبد الحليم قنديل المنسق العام السابق لحركة كفاية أن هذه الرؤية تتضمن إنذارا أو تحذيرا لحركات التغيير خاصة التي تلجأ إلي التحرك في الشارع للتظاهر أو الاعتصام السلمي . وقال إن هذا التحذير يعبر عن نسبة عالية جدا من الفزغ الداخلي للنظام من إمكانية تطور هذه التحركات في الشارع، لافتا إلي أن هناك من عبر عن هذا الفزع ولكن بطريقة غير رصينة مثل النائب نشأت القصاص حينما طالب الحكومة بضرب المتظاهرين بالرصاص، ولفت قنديل إلي أن هذا النائب كان مكلفا بأن يقول هذا الكلام ليكون بالونة اختبار. وأشار إلي أن المسئول الأول عن أي فوضي يمكن أن تحدث هو نظام الرئيس مبارك علي حد قوله، مؤكداً أن النظام لم يدع إمكانية للإصلاح السياسي أو التغيير السلمي، وأنه هو الذي ألجأ هذه القوي إلي الشارع للمطالبة بالتغيير رغم خطورة هذا الطريق الذي ينطوي علي صدام ظاهر أو باطن مع قوات الأمن .. مطالبا الرئيس مبارك بالتنحي عن الحكم. وقال د. عمرو الشوبكي الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إن الحكومة عندما تحدث عن الفوضي كانت تقصد الحركات السياسية غير الشرعية، وأن مطالبته للأحزاب بأن تقدم برامج للأوضاع الموجودة في مصر هو أمر مطلوب من هذه الأحزاب ومن الحزب الوطني علي حد سواء، مؤكدا أن الحزب الوطني لا يمتلك برنامجا أيضا مثله في ذلك مثل بقية الأحزاب. وقال: الحزب الوطني يدير البلد "بالبركة" وبعشوائية وليست لديه رؤية سياسية واضحة للإصلاح. إن الحديث عن انتخابات حرة نزيهة ربما تكون نوايا الرئيس مبارك، مشيرا إلي أن المشكلة ليست في نوايا الرئيس وإنما في المنظومة السياسية والقانونية التي تجري فيها الانتخابات. وأوضح أن هذه المنظومة تشجع علي التزوير الفاضح والتدخلات الأمنية في ظل غياب الإشراف القضائي بعدما حكم الرئيس بإجراء الانتخابات القادمة دون أي تعديلات دستورية. وتساءل د. حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة وعضو الجمعية الوطنية للتغيير: لماذا لم تتحدث الحكومة مطلقا عن الحد الأدني للأجور بحجة ضرورة ربط الأجر بالإنتاج؟! وأكد أن هذه الفوضي التي تلوح في الأفق في مصر سيتسبب فيها عناد الحزب الحاكم وليس حمق قوي المعارض. وتساءل نافعة قائلاً: أين استقرار الدستور الذي يتحدث عنه الرئيس؟ هل نس أن حزبه الحاكم عدل مواد في الدستور مرتين خلال 3 أعوام فقط، بهدف التمهيد للتوريث؟!