في أي لحظة نتيجة غياب ثقافة الوعي بحقوق الاخر و التي تفرض بدورها في ضوء ذلك تنمية الذاتية التي قد تغذيها هذه المنشآت التعليمية في نفوس النشء لذلك يحذر خبراء التربية وعلماء الاجتماع من تلك الظاهرة الخطيرة مؤكدين أن الأنظمة التعليمية في حاجة ملحة لتعديل وتطوير لضمان جودة التعليم وجودة التربية والسلوكيات داخل المدارس. تناقش صوت البلد هذه القضية الشائكة وتناقش خطورتها علي المجتمع في هذه السطور. بداية يقول د. علي المليجي عميد كلية التربية النوعية السابق ان ملف المدارس الدينية في مصر شائك وخطير وللاسف فان كثيرا من المقررات الدراسية لا تسهم بشكل ايجابي في اقامة اسس سليمة للمواطنة التي تنفي التمييز خاصة في مقررات اللغة العربية لا نطالب بتنقيح هذه المقررات وحذف الحشو بداخلها في جميع مراحل التعليم وحمل تخاذل وزارة التعليم والازهر عن القيام بدورهما في الرقابة الي خلق جيل متطرف مسيحي ومسلم مشيرا إلي أنه: اذا كان المسيحيون يأخذون علي الازهر ومعاهده انه لا يقبل الا المسلمين في اشارة منهم الي التمييز ضدهم فأنا اقول انه لا مانع من قبول المسيحيين في الازهر بشرط اعلان اسلامهم لا ان يدرسوا في الازهر لمجرد القدح في دين الاسلام وهو ما يريدونه وهذا هو التطرف.. وعن اقبال عدد من المسلمين علي الحاق ابنائهم بمدارس تابعة للكنيسة يقول هذا نابع من ان هذه المدارس يراها البعض تخضع لنظام دقيق بالاضافة الي ان احدا من الطلبة المسلمين لا يمكن التأثير عليه في هذه المدارس حتي يتنصر. وفي السياق نفسه يؤكد المفكر السياسي جمال اسعد ان اسلمة النظام التعليمي في مصر حقيقة لا يمكن انكارها يتضح ذلك من خلال المناهج الدراسية التي تحمل معلومات زائفة سواء كانت تاريخية او غيرها بالاضافة الي ان جامعة الازهر ومؤسساتها لا تقبل غير المسلمين بها علما بان الاقباط يدفعون ضرائب يذهب جزء منها الي هذه المؤسسات وعندما يطلب قبطي الدراسة بالازهر كطالب يقال له عندكم معاهد قبطية لتلتحقوا بها مع العلم ان الحكومة تعلم تمام العلم ان خريجي المعاهد القبطية لا يعترف بهم ولا يمكنهم الحصول علي وظائف في المصالح الحكومية المصرية. ويضيف أسعد ان حال التعليم في مصر خاصة بعد تعدد انواع هذا التعليم ما بين الدولية والحكومية والخاصة وبين الدينية سواء المسيحية او الاسلامية احدث شرخا في الانتماء للوطن وافرغ التعليم من هدفه اذ هو الاداة لتحديد الانتماء الوطني تجاه مصر وهذه المدارس تعدد الانتماءات ليس للانتماء الديني ولكن للانتماء الطائفي الواقع الآن بين المسيحيين والمسلمين .. في ظل ما يغلف هذا التعليم من بث الاحقاد والكراهية ونبذ الآخر.. مؤكدا أنه ضد التعددية في التعليم ومع التعليم المصري الذي يخلق أجيالا وطنية. فيما أكد المندوه الحسيني عضو مجلس الشعب ورئيس لجنة التعليم ورئيس جمعية المدارس الخاصة انه يؤيد التوسع في انشاء المدارس الاسلامية والمعاهد الدينية الازهرية شرط الا يكون هذا الاسم مجرد مسمي والعبرة بما يقدم داخل هذه المدارس من سلوكيات نابعة من صميم الدين الاسلامي الصحيح ومع تعديل المناهج التي اصبحت مدارسنا في حاجة ملحة اليها يمكن ان نضمن جودة للتعليم وجودة للتربية والسلوكيات داخل مدارسنا. ويوضح علي لبن عضو لجنة التعليم بمجلس الشعب أن ظاهرة تنامي المدارس الدينية في مصر سيكون لها تأثير وخيم في المجتمع المصري في المرحلة المقبلة اذا لم تتدارك الحكومة ما يحدث من حولها لهدم ما تبقي من هويتنا الثقافية بفعل فاعل.. وقال ان الحرب مستعرة علي التعليم الديني في مصر بغية تهميشه ورغم ذلك يزداد التمسك بهذه النوعية من التعليم وبدأت هذه الحرب بضغوط خارجية مرتبطة بالمعونة الامريكية تهدف الي تقليص المناهج الدراسية وتخريبها وارجع ما يعانيه النظام التعليمي من خلل الي غياب استراتيجية حاكمة للمنظومة التعليمية تحدد اولويات المجتمع وتنطلق من قيمه وهو الدور الذي تتخاذل الدولة عن ادائه. وأخيراً يقول د. رأفت حسين استاذ القانون العام بجامعة عين شمس: لم تظهر تلك المدارس الطائفية في التعليم المصري الا مؤخرا وقوبلت المحاولات السابقة بالرفض الشعبي قبل الرفض الرسمي كما أن تجربة الاخوان في انشاء المدارس قد فشلت ولم تلق اي صدي لها والغيت بعد كشف امرها وتوجهاتها التي انشئت من أجله وهي غرس مفاهيم وقيم الجماعة لكن بدأت هذه المدارس تطل علينا من جديد في الآونة الاخيرة لتعيد الينا هاجس الخوف من بوادر فتنة طائفية ولا ينتبه لها احد مشيرا إلي ان المدارس الاجنبية التي تدرس مناهج وتمارس انشطة وتسودها ثقافة مغايرة لثقافتنا وهويتنا العربية وهو ما تؤكده الدراسات العلمية ورغم ذلك فاننا نسمع ان هذه المدارس خاضعة للرقابة والاشراف الوزاري وشدد علي ضرورة ان تكون هناك وقفة جريئة من قبل وزارة التربية والتعليم ضد هذه المدارس بشقيها الاسلامي والمسيحي وتنقيحها حتي لا تكون مصائر ابنائنا ضحية هذا التخلف والجمود.