فقد ارتدت المرأة ملابس الرجال ووضعت لها شاربا يقف عليه الصقر وادت دور الرجل ببراعة لتزاحم الرجال وتثبت المساواة بين الرجل والمرأة في العمل. أجمل جميلات الشاشة خضن هذه التجربة من عزيزة أمير وآسيا داغر ونعيمة عاكف وسعاد حسني ونادية لطفي ونجلاء فتحي ويسرا وسهير رمزي وبوسي وإلهام شاهين الي معالي زايد وميرفت أمين ودلال عبد العزيز ولبلبة وحنان ترك. لكن الأمر كان أكثر صعوبة بكل تأكيد بالنسبة للمرأة، فالممثل الرجل الذي يقرر التحول الي امرأة لا يخسر شيئا إذ لا يضطر الي التنازل عن أي من مقومات جاذبيته علي الشاشة، بينما تكون المرأة في موقف لا تحسد عليه في حال أخذ الاتجاه المعاكس إذ يصبح لزاما عليها التخلي عن أهم أسباب جاذبيتها. ها هي الفنانة عزيزة أمير مؤسسة فن صناعة السينما في مصر في فيلم "الورشة" عام 1940 للمخرج استفان روستي ترتدي ملابس الرجال لكي تتولي إدارة الورشة التي ورثتها عن زوجها الذي اختفي في ظروف غامضة، وها هي أيضا سيدة الانتاج الرفيع آسيا داغر تتقمص شخصية رجل في فيلم "بنت الباشا المدير" عام 1938 للمخرج أحمد جلال وذلك لكي تحصل علي وظيفة مدرسة لأولاد أحد الباشوات الأثرياء، والشيء نفسه فعلته نعيمة عاكف في فيلم "لهاليبو" عام 1950 للمخرج حسين فوزي فقد ارتدت ملابس الرجال لكي تكسب عطف جدها الباشا الذي كان شديد الكراهية للنساء، وكذلك الفنانة عايدة هلال عام 1964 في فيلم "لو كنت رجلا" امام شكري سرحان واخراج أحمد ضياء الدين، ولكن الدافع كان هذه المرة اثبات المساواة مع الرجل، وعلي ذكر المساواة فإن كلا من سعاد حسني ونادية لطفي قد حولتا نفسيهما الي رجلين عام 1964 في فيلم أخرجه محمود ذو الفقار كان اسمه "للرجال فقط " حتي تتمكنا من القيام بمهمة مقصورة علي الرجال فقط دون النساء، ثم تتحول سعاد حسني الي رجل مرة أخري ولعدة مشاهد في فيلم "شباب مجنون جدا" الذي أخرجه نيازي مصطفي عام 1967. وقد عرفت السينما المصرية تحولا جماعيا من قمة الأنوثة الي قمة الرجولة، هذا التحول شهده فيلم "أصعب جواز" الذي أخرجه محمد نبيه عام 1970 حيث قررت ميرفت أمين ومديحة كامل ورجاء الجداوي التنكر في زي الرجال لكي يتمكن من الهرب من أسرتهن التي ترغب في تزويجهن من أولاد عمهن دون رغبة الطرفين. وفي عام 1975 يقدم المخرج نيازي مصطفي فيلما عنوانه "بنت اسمها محمود" تخدع فيه سهير رمزي أباها المعلم محمد رضا وتقنعه بأنها قد تحولت الي رجل وذلك من أجل السماح لها بدخول الجامعة، أما لبلبة فقد لعبت أدوار الرجال في عدة أفلام، منها فيلم "امرأة تحت الاختبار" عام 1986، و"لهيب الانتقام" عام 1992. وفي عام 1986 أيضا تخوض شهيرة المغامرة نفسها حيث تقرر في الفيلم البوليسي "القناص" التنكر في زي رجل لتكشف غموض جريمة القتل المتهمة فيها. وتضطر بوسي ودلال عبد العزيز والهام شاهين في فيلم "بنات حارتنا" عام 1987 وبدافع بوليسي أيضا الي ارتداء ملابس الرجال للكشف عن عصابة كبيرة لتهريب المخدرات. وفي عام 1994 قدمت يسرا الشخصية نفسها في فيلم "حرب الفراولة" حيث تقمصت دور شاب مغامر، وقدمت واحدا من أجمل مشاهد التقمص في السينما المصرية. وإذا كان فيلم "الآنسة حنفي" الذي أخرجه فطين عبد الوهاب عام 1954 هو الانضج من بين أفلام الرجال الذين لعبوا أدوارا نسائية فإن تجربة المخرج رأفت الميهي عام 1987 في فيلم "السادة الرجال" ستظل الأكثر جرأة والأفضل تناولا بين كل التجارب المشابهة التي تحولت فيها النساء الي رجال علي شاشة السينما إذ يذهب رأفت الميهي، بعد أن حول بطلته معالي زايد الي رجل عن طريق عملية جراحية، الي زعزعة بعض المفاهيم الراسخة في الأذهان من قبيل المقولة الخاطئة بأن المرأة أقل أهمية وقيمة من الرجل. وفي فيلم "رضا بوند" قدمت الفنانة شويكار مشهدا لفرقة استعراضية تقمصت فيه دور شاب يعمل لحساب إحدي العصابات، حيث راح يقاتل ويضرب، ويفعل كل شيء في الملهي، وكان هذا المشهد هو أجمل مشاهد الفيلم عام 1970. ويبدو أن تقمص النساء لأدوار الرجال لم يعد يقتصر علي مشهد أو عدة مشاهد في الفيلم، بل أصبحت هذه "التيمة" تنتظم العمل كله، ففي العام 1971 قدمت صفاء أبو السعود فيلما كاملا هو "المتعة والعذاب"، لعبت فيه دور شاب يعاني كراهية الرجال، ورغم غرابة الشخصية، وصعوبة الدور، فإن صفاء أبو السعود نجحت في تقديمه بشكل رائع الي حد أن الأمر قد اختلط علي الكثيرين. وفي عام 1991 قدمت هالة صدقي فيلما كاملا تقمصت فيه أدوار الرجال، وهو فيلم "مجرم رغم أنفه"، حيث لعبت دور رجل وذلك للبحث عن اللص الذي قام بسرقة مجوهراتها. وحتي الفنانة لبلبة، فإن أنجح أفلامها كان فيلم "امرأة تحت الاختبار" الذي جسدت فيه شخصية شاب صعيدي يريد أن يأخذ بثأر أسرته بأكثر من وسيلة.