بات واضحًا بما لا يدع مجالًا للشك أن المبادرة التي أعلن عنها الاتحاد العام لنقابات عمال مصر بشأن وقف الإضرابات العمالية لمدة عام مهددة بالفشل، في ظل الحديث عن وجود أيادٍ خفية، تلعب بمهارة فائقة في الملف العمالي، وهو ما ظهر بوضوح في تكرار الإضرابات المفتعلة داخل قطاعات بعينها، سبق ترضيتها بمنحها جزءًا من مطالبها. سيد أبو المجد، رئيس النقابة العامة للعاملين بالتعليم يحمل مسئولية فشل مبادرة الاتحاد بعمل هدنة لمدة عام للحكومة، مشيرًا إلى أن كل وزير يسعى لاتخاذ قرارات تثبت أنه موجود ويعمل دون دراسة تأثير تلك القرارات على باقي القطاعات.وهو ما حدث عندما قام وزير التعليم العالي بأخذ موافقة رئيس الجمهورية على تخصيص حافز لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات تبدأ ب 1000 جنيه للمعيد، وتنتهي ب 3500 جنيه للأساتذة، وهو الأمر الذي أثار غضب الإداريين والموظفين العاملين بالجامعات؛ لأنهم شعروا أنهم خارج دائرة الاهتمام، وأحسوا بوقوع ظلم وتجاوز في حقوقهم. وبالتالي حدث إضراب موظفي الجامعات المصرية في بداية العام الدراسي، مع العلم أن متوسط الأجر الأساسي للإداريين يبلغ 350 جنيهًا، فكيف لهم بالصبر؟ وتكرر ذلك مع المعلمين، وهو ما دفع وزير التعليم للإعلان عن موافقة الحكومة عن صرف 100% من الأجر الأساسي لكل المعلمين على دفعتين بواقع 50% بداية أكتوبر الجاري و50% في بداية يناير القادم. ولم يلتفت أحد للإداريين والموظفين العاملين بالوزارة والمديريات والإدارات التعليمية والمدارس. وهو ما أدى لحدوث حالة احتقان وغضب شديد في للقطاع التعليمي، خاصة وأن هذا الأمر قد تكرر في قطاعات عديدة حتى سمعنا الفترة الماضية ما قاله أحد أمناء الشرطة "اشمعنا الضابط"، وهو نفس ما قاله الممرض "اشمعنا الطبيب"، والإداري "اشمعنا الأستاذ". وأضاف : إن الحكومة على هذا النحو في وادٍ، واتحاد عمال مصر في وادٍ آخر، فالاتحاد يطلق مبادرة لوقف الاعتصامات، والحكومة - بدون دراسة جيدة، وبدون حوار مسبق مع القيادات العمالية - تأخذ قرارات تشعل الموقف وتثير من غضب العمال في الوقت الذي كان يجب على الحكومة أن تضع في الاعتبار ما أغفلته من وضع حدين أدنى وأقصى للأجور وتطبيقهما فورًا، فهذا الإجراء من شأنه أن يقلل الفجوة بين الأجور ويحدث نوعًا من العدالة الاجتماعية ويذيب حالة الاحتقان في الشارع العمالي ووقتها يمكن للعمال الالتزام بالهدنة. ضغوط مستمرة فيما يرى إسماعيل فهمي، وزير القوى العاملة الأسبق، ورئيس النقابة العامة للعاملين بالنقل الجوي أنه يجب احترام القانون، وعدم اتباع سياسة الضغط لتحقيق مكاسب عاجلة لفئة معينة على حساب فئة أخرى، مثلما حدث في اعتصام المضيفين الجويين الذي أدى لتعطيل رحلات مصر للطيران وألحق خسائر كبيرة تجاوزت 20 مليون جنيه خلال 48 ساعة. وأشار كذلك إلى أن قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 ووضع شروط وقواعد لتنظيم الاعتصامات الإضرابات العمالية، ويأتي على رأسها قيام العمال الراغبين في الاعتصام بإبلاغ لجنتهم النقابية التي تقوم بدورها بإبلاغ النقابة العامة والاتحاد العام لنقابات عمال مصر، والجهة الإدارية المتمثلة في وزارة القوى العاملة وإبلاغ الشركة وصاحب العمل بموعد الإضراب ومدته والغرض منه، وذلك قبل تنظيمه بفترة مناسبة على أن لا يتسبب ذلك في تعطيل العمل. وأضاف أن الاعتصامات والإضرابات الأخيرة لم تراعِ أيًا من تلك الخطوات التي يجب أن تسبقها جميعًا، ووفقًا لنص القانون عقد جولات من المفاوضة والحوارات وصولًا لعقد اتفاقيات عمل جماعية وانتهاءً باللجوء للتحكيم، مؤكدًا أن سعي من أطلقوا على أنفسهم رؤساء نقابات مستقلة للفوز في الانتخابات العمالية المقبلة بأي ثمن هو السبب الرئيس وراء تلك الاعتصامات. ويقول محمد عبد الحليم، رئيس النقابة العامة للعاملين بالزراعة والري: إنه بقراءة المشهد الحالي في الشارع العمالي تكتشف ومن الوهلة الأولى أن كل الاعتصامات العمالية التي وقعت جاءت في القطاعات التي شهدت تأسيس نقابات مستقلة، وأنهم طرف رئيس فيها، مستغلين في ذلك الظروف الاقتصادية الحالية التي تمر بها البلاد.