انقسم المشهد السياسي في مصر حول قرار محكمة القضاء الإداري بوقف إجراءات الانتخابات وإحالة قانون انتخابات مجلس النواب إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستوريته من عدمها، وأنه في حالة ثبوت سلامته سيتم نظرها كدعوى دستورية مقدمة لها تدخل في حوزتها وولايتها، ولا يجوز لأي جهة حتى المحكمة الإدارية العليا أن تطلب عودته إليها إلا بعد الفصل في مدى دستورية القانون ، حتى تباينت الآراء السياسية والحزبية حول هذه القرار بين التأييد الليبرالي والمعارض الذي وصف هذا القرار بالمنقذ الأخير من هيمنة الفصيل الواحد على الحكم وإضاعة الديمقراطية وحقوق الأحزاب الأخري خاصة التي ظهرت عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير وحرمانها من المشاركة السياسية ، وبين الرفض الإسلامي الذي وصف هذا الحكم بالباطل والمعطل لمسيرة البناء والنهوض بالوطن ..وبين تلك الدعوات أكدت مؤسسة الرئاسة احترامها لأحكام القضاء الإداري وامتنعت عن الطعن على هذا لحكم أو التلويح بالمعارضة له ؛إلا أن فوجئ الجميع بتقديم مؤسسة الرئاسة قرار إلى القضاء الإداري للطعن على وقف الانتخابات البرلمانية التي كانت مقررة في الثاني والعشرين من شهر أبريل المقبل، والإبقاء علي حكومة د. هشام قنديل لحين الانتهاء من انتخابات مجلس النواب ، الأمر الذي أثارة موجة من الغضب والاستياء الواسعة بين المعارضة التي اعتبرت هذا القرار انتهاء لما تبقي من مصداقية الرئاسة. د. محمد أبو الغار رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي وعضو جبهة الإنقاذ الوطني ، أكد أن طعن الرئيس محمد مرسي على حكم محكمة القضاء الإداري بوقف الانتخابات البرلمانية ، كشفت عن حقيقة منصبه داخل مكتب الإرشاد العام لجماعة الإخوان المسلمين واعتباره الألية التي تم اختيارها من البداية لتحقيق مأرب الجماعة التي توسمت فيه من البداية التزامه بمبدأ السمع والطاعة العمياء على طول الطريق ، لافتاً إلى أن جميع تصرفات الرئيس مرس خلال الفترة الأخيرة من الحكم أثبتت أنه لن يكون رئيساً لكل المصريين وإنما حاكماً على الشعب المصري لصالح حماية أهداف ومخطط الإرشاد في الاستيلاء على الحكم والهيمنة الكاملة على مؤسسات الدولة وهيئاتها . مضيفاً أن قرار الطعن أنهي خلافة الرئيس مرسي على الحكم ، لأنه ليس رئيساً للشعب وإنما عبد المأمور على حد تعبيره . واتفق معه رئيس الحزب الناصري سامح عاشور ، بأن قرار الطعن على حكم القضاء الإداري بوقف الانتخابات تم صدوره من داخل مكتب الإرشاد وقام بتنفيذه الرئيس مرسي باعتبارها الجماعة التي ينتمي إليها فبها أهله وعشيرته ولا يمكنه الخروج عن هذا الإطار لذا كان اختياره من البداية ظلماً للمصريين لآنه لن يكون رئيساً لهم كما يزعم . وأضاف في الوقت أن الطعون على الأحكام القضائية من الطرق القانونية ، ولمؤسسة الرئاسة الحق في إصدار تلك الطعون للاعتراض على الحكم، وتمثلها أيضاً أمام المحكمة هيئة قضايا الدولة . وأضاف د. كمال زاخر الناشط السياسي بأن لمؤسسة الرئاسة التقدم بطعن علي قرار وقف الانتخابات البرلمانية وفق لأحكام القانون ؛ ولكن المشكلة الرئيسية التي تكمن خلف هذا الطعن ليس لعدم دستوريته وإنما لتناقض مؤسسة الرئاسة وتلاعبها بالقرارات المصرية للدولة وذلك بتأكيدها على عدم اعتراضها على قرار التأجيل والدعوة للحوار الوطني بين كافة الأحزاب والقوي السياسية وتأكيده على احترامه لهذا القرار ، أضاف إثارة أزمة جديدة بين السلطة التنفيذية والقضائية والتشريعية تكاد تشعل فتيل أخر لانهيار الدولة والقانون .
وأشار د. وحيد عبد المجيد عضو اللجنة السياسية بجبهة الإنقاذ الوطني، لتراجع موقف الرئاسة إلى الوراء كثيراً بإصداره هذا الطعن الذي يؤكد عدم اعتراف الرئيس مرسي بمبدأ الفصل بين السلطات وعدم التدخل في شئون السلطات الأخري وطغيان السلطة التنفيذية على مهام واختصاصات السلطة القضائية الأمر الذي يعود بالذاكرة إلى الخلف إلي حيث وصول محمد مرسي إلى كرسي الحكم وأدائه اليمين الدستورية بعدم انتهاك الدستور واحترام القانون ؛ إلا أن فوجئ الشعب بانتقاضه لهذا اليمين والمطالبة بعودة مجلس الشعب السابق رغم قرار المحكمة الدستورية العليا ببطلان هذا لا مجلس لبطلان قانون الانتخابات الذي تم من خلاله اختيار أعضائه ، إلا أن يعيد المشهد نفسه مرة أخري بعد أن تأكيد مؤسسة الرئاسة على مواقفها بعدم الطعن علي قرار الإدارية العليا بتأجيل الانتخابات للعوار القانونية التي تحيط قانون الانتخابات إلا أن نقضت الرئاسة نفسها . وانتقد د. عبد المجيد، موقف اللجنة العليا للانتخابات والطعن الذي تقدمت به بشأن الاعتراض علي قرار الإدارية العليا ، والزج بنفسها طرفاً فى تلك القضية، في حين أنها لا صلة لها بأي نزاعات قضائية أو صراعات سياسية بين أشخاص أو مؤسسات، وبالتالي أصبح الموقف مشوشاً للغاية يكاد يعصف بالقضاء وهيبته أمام الشعب المصري الذي تشتت بين موقف اللجنة العليا للانتخابات ،التي طعنت على حكم الإدارية ، لكونها اللجنة المشرفة على تلك الانتخابات وليست مالكة لها . أما د. رفعت السعيد رئيس حزب التجمع السابق والقيادي بجبهة الإنقاذ الوطني ،فأكد أن طعن كلاَ من مؤسسة الرئاسة ومجلس الشوري على قرار المحكمة الإدارية تأجيل الانتخابات البرلمانية القادمة يعد كارثة حقيقية اعتادت الرئاسة ارتكابها وهي عدم احترام الأحكام القضائية من جانب ، وعدم الوفاء بالتصريحات التي تصدرها وما تلبث أن تنقضها، مؤكداً أن هذا الطعن يعكس حالة من التحايل يتبعها النظام الحاكم وجماعته في إصدار القرار التي تتفق مع أهدافهم ومطامعهم والتي تكمن في المقام الأول إجراء الانتخابات البرلمانية في ظل القانون المشوه الذي يتيح لأحزاب الجماعة وكذلك التيار الإسلامي ككل الاستحواذ على الأغلبية الساحقة من المجلس وأيضًا تشكيل الحكومة الإخوانية . وتابع السعيد ، أن قرار التأجيل الذي أصدرته المحكمة الإدارية كان بمثابة الحلقة الأخيرة من إعادة هيكلة المنظومة السياسية بشكل أكثر تكافؤ يتيتح لجمع الأحزاب المشاركة في مواجهة تلك المؤسسة التي تعاني حالة من الاضطراب في القرارات التي تصدرها وتتراجع عنها سريعاً بدون سابق مبرر لذلك . وتابع السعيد، أن قرار التأجيل الذي أصدرته المحكمة الإدارية كان بمثابة الحلقة الأخيرة من إعادة هيكلة المنظومة السياسية بشكل أكثر تكافؤ يتيتح لجمع الأحزاب المشاركة في مواجهة تلك المؤسسة التي تعاني حالة من الاضطراب في القرارات التي تصدرها وتتراجع عنها سريعاً بدون سابق مبرر لذلك . ومن جانبه أكد د. أحمد سعيد رئيس حزب المصريين الأحرار، أن القرار الذي أتخذته مؤسسة الرئاسة ومجلس الشوري في الطعن على القرار الذي أصدرته محكمة القضاء الإداري بوقف الانتخابات ، وتفويض هيئة قضايا الدولة بالطعن على القرار يكشف حقيقة الخلل التنظيمي والتخبط الخطير الذي يعانيه النظام الحاكم ، بعد أن كشف عن تناقض الرئيس محمد مرسي وعدم إدراكه لقيمة التصريح الذي يدلي به أمام الشعب وهو باحترامه لأحكام القضاء وعدم التدخل ألا الاعتراض من أجل التأثير على ذلك ، لافتاً إلى أن هذا التراجع يرجع لمدي ممارسات الضغط التي يقوم بها مكتب الإرشاد العام لجماعة الإخوان المسلمين في التأثير على الرئيس وإصداره القرارات التي تتفق مع خطة وهدف الجماعة دون الاكتراث بهيبة الدولة والقضاء الذي بات يعاني من إهانة الرئيس مرسي منذ صعوده لكرسي الحكم . وطالب المحكمة الإدارية العليا بعدم قبول هذا الطعن الذي يعترض على العوار القانونية التي صدر بها قرار الانتخابات دون عودة القانون للمحكمة الدستورية مرة أخرى وهو ما يؤكد صحة قرار وقف الانتخابات ، خاصة وأن وقف الانتخابات يتعارض مع مصلحة التيار الإسلامى في المقام الأول بعد تراجع شعبيته لدى المواطن المصري . ومن جانبها أكدت د. كريمة الحفناوي أمين عام الحزب الاشتراكي المصري، عضو جبهة الإنقاذ الوطنى ، على رفض المحكمة الإدارية العليا الطعن المقدم إليها من قبل إن قيام مؤسسة الرئاسة بشأن الحكم بوقف إجراء الانتخابات البرلمانية لمجلس النواب وإحالة قانون الانتخابات للمحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستوريته، بعد أن أعلنت مراراً أنها لن تطعن عليه يدل على مدى التخبط والتضارب فيما يصدر عنها من تصريحات ، مؤكداً أن هذه الدعوة سوف تدفع البلاد إلى مزيد من العنف والفوضى، باعتدائه على دولة القانون، وبالتالي يصبح رئيس الجمهورية الذى يدعى إدانته للعنف، هو من يمارس سياسة العنف، التي ستؤدي إلى تفكيك الدولة، باعتدائه على دولة القانون. بينما وصف د . خالد الشريف المستشار الإعلامي لحزب البناء والتنمية الذارع السياسية للجماعة الإسلامية ، هذا القرار ب " الخطوة الصائبة " ، لإنهاء العنف والانهيار السياسي والاقتصادي الذي تواجهه مصر في ظل غلبة النزعة الشخصية والهيمنة الحزبية على الموقف والبعد عن مصلحة الوطن من قبل عدد من الأحزاب المعارضة والإسلامية التي تتحد مع جبهة الإنقاذ الوطني من اجل تصفية الحسابات ، متفقاً مع فكرة التغيير الوزاري لبعض الوزارات لحين الانتهاء من الانتخابات البرلمانية ، خاصة وان تأجيل الانتخابات من مجري الأحداث وسيزيد الأوضاع تأزماً واضطراباً.