عقب الممارسات السيئة والمؤسفة التي صدرت من جهاز الشرطة المصرية منذ قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير حتى تولى الرئيس المنتخب المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين ومرور أكثر من ثمانية أشهر على توليه، ومع تدافع المواقف والاشتباكات بين القوات الأمنية والمتظاهرين، التي كان من أهم سماتها تغيير وزير الداخلية أكثر من أربع مرات؛ نظرًا لتعاملهم بقسوة مع الثوار، ومحاولات البعض اقتحام مبنى الوزارة، فقد تعالت أصوات عدد من الحقوقيين والحركات الاحتجاجية وبعض خبراء الأمن مطالبة بأن يكون وزير الداخلية مدنيًّا بعيدًا عن جهاز الشرطة، مؤكدين أن وزير الداخلية مدني من شأنه كشف فساد الشرطة وإعادة توازن العلاقة بين الشعب والشرطة خاصة بعد فساد العلاقة بينهما، وما زاد الأمر صعوبة هو إضراب عدد كبير من مديريات الأمن ومراكز الشرطة.. فما يضع علامة استفهام حول مصير الجهاز الذي سقط بين براثن الغضب، ومستقبل العملية الأمنية في الدولة. وأكد عدد من خبراء الأمن ونشطاء حقوق الإنسان، أن هناك عددًا كبيرًا من وزراء الداخلية في تاريخ الوزارة كانوا مدنيين واستطاعوا العبور بدفة الأمور والأمن إلى الأفضل. وعدد آخر من الخبراء رأوا أنه رغم الصعوبات التي تواجه فكرة وزير داخلية «مدني» بداية من رفض ضباط الشرط الخضوع لشخص مدني مرورًا بآليات تفعيل هذه الفكرة انتهاء بدور المؤسسة العسكرية أن منصب وزير الداخلية هو منصب سياسي وإداري وليس شرطيًّا. حقوقيون قالوا: إنه لابد من إعادة وتأهيل ضباط الشرطة فضلًا عن إعادة هيكلة الجهاز لتصحيح المنظومة بالكامل، كما في تجارب دول العالم المتقدم؛ وذلك لعودة الثقة بين الشعب والشرطة. وقد اتفقت معظم الحركات الاحتجاجية على ضرورة أن يتولى منصب وزير الداخلية شخص مدني لديه خلفية سياسية وقادر على التعامل بروح القانون، منوهين أن وزارة الداخلية في أمس الحاجة لإعادة هيكلة وتأهيل الوزارة والوزراء الذين سيتولون على مقاليدها لإيجاد جهاز شرطة قادر على حفظ الأمن داخل الشارع المصري، والقضاء على الأعداد الكبيرة للبلطجية المنتشرين في الشوارع وإعادة روابط الثقة بين الشرطة والشعب. فوزير الداخلية شرطي أم مدني أيهما الأجدر على إعادة الثقة في الجهاز؟. عماد رمضان، المدير التنفيذي للمعهد الديمقراطي المصري، يرى أن مطلب الحركات الاحتجاجية بوجود وزير داخلية مدني مطلب بديهي، حيث إن وظيفة الوزير تعتمد على وضع السياسات لإدارة الوزارة بالكامل، وبالتالي تحتاج إلى شخص مدني أكثر من الشرطي أو العسكري واختيار وزير الداخلية من قطاع الشرطة يعتبر من الأخطاء الجسيمة التي حوتها الفكرة السابقة، وفكرة وجود وزير داخلية مدني ليست ضارة وقد تحقق المطلوب، ولكن لابد من وجود جهاز شرطة يضم مساعدين يعملون على وضع خطة جديدة توفر أمن المواطن. من جانب آخر رفض وليد فاروق، مدير الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات وجود وزير داخلية مدني؛ لأن الشخص المدني ليس لديه أي فكرة عن الحياة العسكرية والشرطية ومتطلباتها وآليات عملها، ولا عن وضع آليات جيدة لإدارة مؤسسة الداخلية دون الرجوع لأي شخص مدني، هذا بالإضافة إلى البحث عن كفاءات جيدة من الشرطة لإدارة هذه المؤسسة التي تكفل أمن مصر، وإذا أردنا إدارة جهاز الشرطة بطريقة مدنية فلابد من دراسة آليات هذه الفكرة جيدًا.