إلي أن أصبح الذي يحكم تلك الأجور ويحددها هو اسم البطل السوبر في بورصة النجوم وشعبيته فقط والترويج له في الإعلانات، وليس كما ينبغي أن يكون طبقًا للعرض والطلب وحجم الإيرادات التي يحققها العمل، مما جعل النجم هو مايسترو العمل وليس المخرج وسيناريو العمل، وهذا ما يتسبب في إخلال العملية الإنتاجية ويؤثر بالسلب في جودة وقيمة الأعمال الفنية. يقول الكاتب والسيناريست أسامة أنور عكاشة أن ارتفاع أجور الممثلين الجنوني يؤدي إلي اختلال الأنظمة الإنتاجية التي أصبحت تعتمد علي نجوم معينين في تسويق منتجها الفني وليس المضمون، خلافاً للسنوات السابقة التي كان المضمون فيها هو الأساس في الاختيار وفي الحكم علي أي عمل، كما أن الممثل أصبح يتدخل في مهام المخرج والمؤلف ويحذف ويشترط وفقاً لرؤيته الخاصة كمايسترو العمل، مشيرًا إلي أن الإعلانات التي تنهال علي النجوم ساهمت في رفع أجورهم، وأن فصل الإعلانات عن الدراما بات أمرًا ضروريا حتي لا نري مزيداً من الأعمال الهابطة ونرتقي بمستوي الرسالة الفنية المقدمة التي تحترم عقلية الجمهور. ويؤكد السيناريست مصطفي محرّم، ضرورة إعادة التنظيم من المنتجين الذين كانوا في أساس هذه الأزمة التي أضعفت العملية الإنتاجية، وساهمت في ظهور أعمال رديئة وتراجع الجودة الفنية، وبات الأمر مرهوناً بحسابات أخري تجارية، مشيرًا إلي اختلال معايير الاختيار لدي الجهات الإنتاجية التي تبحث عن ممثل من شأنه تحقيق إيرادات عالية علي حساب قيمة العمل الفني وجودته. ويستغرب محرم من استعانة جهات الإنتاج بمؤلفين ومخرجين غير مصريين ومنحهم أضعاف الأجور التي يتقاضونها في بلادهم، وعدم مساواة أجور المؤلفين المصريين والمخرجين بهم، مما أحدث خللًا واضحًا، ولم تعد المسألة مقتصرة علي ارتفاع أجور النجوم، بل امتدت إلي عناصر العمل الفني الأخري. كما يعتبر المخرج وائل إحسان أن الأمر لا يتعلق بمقارنة أجر المخرج بأجر النجم، إنما يرتبط بالإيرادات التي يجنيها النجوم وتعود بالنفع علي العمل الفني، " النجم له الحق في رفع أجره، طالما أنه يحقق إيرادات كبيرة ". فكل فنان له أجره الذي يستحقه، والأمر نفسه ينطبق علي المخرجين، فثمة مخرجون يتقاضون أجوراً مرتفعة ما يعني أن الكل يأخذ ما يستحقه والمسألة عرض وطلب في النهاية، ويرتبط التقييم بحجم النجوم وشعبيتهم. ويؤكد المخرج سامح عبد العزيز أن ارتفاع أجور الفنانين أدي إلي خلل في العملية الإنتاجية وإلي تقلص الأعمال الفنية الجيدة، "وهذا ما يمكن تلمسه في الأفلام التي نشاهدها والتي لا تليق بالسينما المصرية ولا تستحقّ أن تصنف كعمل فني". حيث يتهم سامح جهات الإنتاج بأنها السبب الحقيقي في ارتفاع أجور النجوم المُبالغ فيه، وبالتالي أصبحت تحكّمهم في آليات العمل مسألة منطقية بحجة أن الأعمال تباع بأسمائهم، " مع أن هذا النجم، من دون سيناريو جيد ومخرج متميز يملك أدواته، لن يستطيع تحقيق التميز، وهذا ما يؤكد ضرورة المساواة بين مختلف عناصر العملية الإبداعية لأن كل عنصر فيها مهم". أخيراً، يري المنتج كامل أبو علي أن الممثل سلعة، أي يخضع لمنطق العرض والطلب، وثمة عوامل تتداخل في تقييمه وتحديد أجره، من بينها النجاح والجماهيرية، متهمًا الاعلام بالترويج لهم بالأجور الخيالية المبالغ فيها، فجهات الإنتاج تعي متي وكيف تقيم الفنان، وتمنحه أجره حسب الإيرادات.